الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتحار في عيد الأضحى ....قصة قصيرة

خالد الصلعي

2019 / 8 / 19
الادب والفن



خرج من بيته مهرولا دون أن ينتعل أي شيئ ، أو يلبس فوق الشورط سروالا يغطي ما تبقى من رجليه . صرخة لطيفة كانت كالصاعقة " ألعادوا عتقو الروح " ، طرق الباب بشدة ، قبل أن تفتح لطيفة الباب وهي منهارة عن آخرها ، اجتمع سكان الحي أمام الباب ومنهم من تجرأ ودخل .
تصرخ بأعلى صوتها ، عبد العزيز انتحر ، عبد العزيز انتحر .
تبعها نورد الدين نحو فناء البيت ، ووقف مشدوها وهو يرى جثة عبد العزيز مدلاة ، كشاة معلقة ، لسانه مدلى وقد صار أزرقا قانيا ، عيناه تكادان تنطان من محجرهما وقد غطاهما لون احمر فاقع. لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم . قالها ثم تقدم نحو الجثة بعد أن عدل الكرسي المقلوب ومد يديه نحو الحبل الذي يلف عنق عبد العزيز .
اكتظ الفناء بالناس . كلهم مصدومون مما يرونه ، ربما لأنهم لم يشاهدوا قبل اليوم جثة رجل منتحر .
أنزل نورد الدين الجثة وطلب منهم أن يوسعوا الفضاء ، بينما عويل لطيفة يملأ المكان ، وبكاء طفليه يقطع القلب .
حمل الجثة وأخرجها باحثا عن غرفة النوم ، التي لم تكن بعيدة عن الفناء ، فالمنزل ضيق ولا تتعدى مساحته ثلاثين مترا مربعا . غطى الجثة بملاءة خفيفة ، رخرج ليطلب من الناس مغادرة البيت بهدوء ، وترك المرأة مع ابنيها الصغيرين . في هذه الأثناء تقدمت عائشة وهي جارتها الملاصقة لها ، تواسيها وهي تبكي بحرارة ، تربت على رأس الطفلين الصغيرين .
سأل نورد الدين جاره مصطفى هل اتصل أحدهم بالشرطة ، لكن مصطفى بدا وكأنه لم يسمعه ، ربما لم يستفق بعد من هول الفاجعة . اقترب منه وكرر سؤاله ، فأجاب بالنفي .
سأله ان كان يتوفر على هاتف نقال ، فمده اليه دون أن يلفظ بكلمة ، وعيناه مسمرتان في الحبل المربوط بشباك الفناء الصغير الذي لا يتجاوز مترا واحدا .
ضغط على رقم 160 ، مدهم بالمعلومات اللازمة . ثم جلس واضعا يديه على رأسه .
انتبه أنه لايزال بسترته الداخلية وبشورطه القصير وقدماه حافيتان . قصد منزله ، وجد الباب مفتوحا ، تذكر انه لم يغلقه أثناء خروجه المندفع . وعندما ولج غرفة نومه اكتشف ان التلفزة مفقودة وكذا هاتفه الجوال ، وسرواله مرمي في ركن قرب الفراش .
لم يتفاجأ ولم يصدم ، وقف في مكانه يتأمل المكان وكأنه مصلوب . لم يفكر في شيئ آخر ، توجه نحو الدولاب اخرج جاكيته وارتدى سرواله ، وخرج نحو بيت لطيفة . في هذه الأثناء سمع صوت سيارة ينطفئ محركها ، خمن انه صوت سيارة الشرطة ، لكنه حين خرج كان صوت سيارة أحد الجيران الذي يركنها عادة أمام بيته .
بعد ساعة تقريبا حضر رجال الشرطة بمعية وكيل الملك ، عاينوا الجثة وطرحوا بعض الأسئلة على لطيفة وعلى نورالدين ، وانتظروا قليلا قبل أن تصل سيارة الاسعاف ، فأمر وكيل الملك بنقل الجثة للمستشفى قصد تشريحها .
نورد الدين نفسه كان يجهل أسباب الانتحار قبل أن تجيب لطيفة على وكيل الملك ان السبب هو الخروف.
لم يكن قد بقي على مناسبة عيد الأضحى الا يومين ، وعبد العزيز لم يعثر على فرصة عمل منذ ستة أشهر ، كان بالكاد يوفر لقمة العيش لطفليه وزوجته .
بعدما شاع خبر الوفاة بين الجيران ، وسرعة تداوله في الجرائد الالكترونية وعلم الناس بالخبر ، بدأت الأكباش تتقاطر على بيت لطيفة من كل حدب وصوب ، أكثر من عشرين كبشا تقدم به المحسنون للعائلة . الى درجة أن نورالدين تطوع لاستضافة ستة أكباش في سطح بيته ، اما سطح لطيفة فقد امتلأ بالأكباش .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في


.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/




.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي