الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيوتنا مقابر !!

محمود الزهيري

2019 / 8 / 20
الادب والفن


بيوتنا مقابر مسكونة بالنحيب علي الذكريات ,
بيوتنا مسجونة في ماضي الحب والحرمان ,
فلأننا كنا صغاراًُ ونجد من يحمينا ويطعمنا ويسقينا ويطببنا ويشفينا ,
لأننا كنا نحتمي بمن يأوينا ويحرسنا ,
بلاتكاليف ,
وبلا مجهود منا ,
فأبناؤنا عالة ,
ونساؤنا عالة ,
ورجالنا أشد قسوة وفقراً وذلة وعالة ,
رجالنا يقهرون بناتنا , ونسائنا ,
ويستذلونهن ,
ويتخذونهن سراري وإماء وملك يمين,
رجالنا أقوياء وسادة ونافذي الأمر في مواجهة هؤلاء الضعيفات الفقيرات ,
فئران مذعورة في حضرة حكامهم ,
ورجال أديانهم ومعتقداتهم ومذاهبهم وطوائفهم اللعينة ,
رجالنا كلاب جربانة يتغذي عليها الخمل ,
والقمل والحشرات الملعونة ,
ولايستطيعوا حك جلدهم بأظفارهم المتسخة من العمل تحت رحمة حاكمهم اللعين ,
ورجال أدياينهم السفلة الأوساخ المعاتيه ,
رجالنا ؛ رجال في مواجهة نسائهم وبناتهم وفقط ,
وفي حضرة الحاكم وتهديده بقواته وسلاحه وسجنه أو مقاصل أو أحبال مشانقه ,
تراهم كما تريد أن تراهم ,
في الخسة والذلة والضعف والمهانة,
رجالنا ليسوا برجال ,
والرجال ؛ هن نساؤنا وبناتنا الضعيفات ,
فقد يكن أشرف عقلاً واخلاقاً ودوراً ووظيفة مجانية في حياة الإستذلال والقهر ,
بيوتنا مقابر؛
يقرأ فيها سكانها ويسمعون آيات وتراتيل وترانيم,
ويترددوا كثيراً علي المزارات والأضرحة ,
ويستشفعوا بالموتي كل حسب أديانهم وطوائفهم ومعتقداتهم ومذاهبهم ,
يزينون بيوتهم بالآيات والحكم والمواعظ ,
والصور المزركشة ,
والتماثيل المصنعة بأيادي بشر ,
وهم في واقعهم يظهروا الإيمان بها ,
وفي سرهم ينكرونها ,
يعلقونها علي حواطهم ومناضدهم أيقونات ,
ويتزينوا بها تمائم بمعاصمهم ورقابهم ,
آمنوا بأنها تدفع عن سكناهم , وعنهم الأذي ,
وبالطبع : السحر والحسد ,
وتجلب البركة والرزق المجاني ,
والخيرات لهم ,
وهذا فقط لأنها لديهم مقدسة !!
ولايحترم قداساتها كل من يتلونها بلا إستثناء ,
فهم يتلونها بأفواههم البكماء ,
ولاتسمعها آذانهم الصماء ,
يرددونها لهاثاً بألسنتهم تكراراً , تكراراً , تكراراً ,
أو يسمعونها ويشاهدونها عبر المذياع أو المسجل أو التلفاز ,
أو أجهزة الكومبيوتر التي ترفضهم في السر , وتقبلهم في العلن ,
تراتيلنا صارت تزعج البسطاء من الجيران ,
ممن ليس لهم شأن بصراعاتنا التافهة ,
ومعاركنا الحقيرة كشخوصنا المريضة ,
الباحثة عن الماضي وذكريات الطفولة التي لم تكن بريئة أبداً
الفقر لايعترف بالبراءة !!
الإحتياج لايعترف بالبراءة !!
المرض لايعترف بالبراءة !!
والجهل لايعترف بها كذلك ..
بيوتنا مقابر ..
لالا .. لن أرددها كثيراً ؛
فالمقابر تحوز إمتياز الصمت والسكينة ,
ولاتعرف الضوضاء والضغائن والغوغاء ,
ولاتسمع بها أصوات العراكات والصراعات علي كناسة بئر السلم ,
ونظافة المدخل المشترك ,
ومياه المجاري الطافحة بمساقط النور هملاً وبلا اهتمام..
فقط يتطهرون من جناباتهم الكبري و الصغري ,
ويدعوا أنهم يسبغوا مياه استحمامهم , ووضوئهم علي مكارههم ,
وهم ليسوا كذلك ,
فهم المكاره ذاتها!!
يذهبوا لدور عبادتهم كاذبين غشاشين مرآئين آلهتهم ,
منافقين لأهل سكناهم وجيرانهم..
لاتتعجبوا منهم ,
ولا تبتئسوا لهم ,
فهم لايسكنون المقابر,
ولن أكررها مرة ثانية أبداً,
لن أذكركم بالمقابر,
ففي المقابر سكون وسكينة ومازالت تمتاز بإمتياز الأدب والصمت الجليل ؛
الذي يشقه فقط صوت بومة جليلة مبهجة تسكن أشجار المقابر باحثة عن السكينة هي الأخري ..
أو ترانيم غراب أسود جميل نظيف مهندم ,
يعرف ماذا يريد ومتي يريد ,
وأين ستكون وجهته وسكناه ..
الغراب هو الاخر , بجلاله وبهائه إختار سكني المقابر ,
باحثاً عن آلة يقتل بها اللهاث من أجل طعام عفن أو ماء مسموم ,
فهو لايأكل غير حد الكفاية ,
ولايريد أن يتعلم شؤم فنون إدخار الطعام ..
لن أردد مفردة المقابر مرة أخري ,
صدقوني , هذه آخر مرة أصدققكم فيها ..
فبيوتنا لم تعد مقابر ,
ولكنها صارت خرابات منظمة ومرتبة ,
وصارت تكرهنا وترفضنا!!
صدقوني : بيوتنا صارت تلعننا !
كونوا صادقين مع الشيطان الذي حملتموه كافة جرائمكم في مواجهة عقلكم الهارب عمداً للسراب والخبال ..
كونوا كما يريدكم الشيطان ,
صادقين معه ,
فهو لم يعلمكم فنون النفاق والرياء والكراهية ,
وهو لم يدلكم علي درجات سلالم بيوت السحرة ,الذين لم يمتلكوا لأنفسهم ضراً ,
ولا يستطيعوا أن يجلبوا نفعاً ,
فقط أنتم التافهين المختلين عقلاً وسلوكاً ووجداناً ..
أنتم حولتم حياتكم إلي مجرد عيش ,
وآمنتم بالسحر والسحرة الكاذبين !
وها أنتم هؤلاء , وأولئك :
معذرة , معذرة : سأنتهي من كلماتي المملة , وعباراتي السمجة التي تبدو , وكأنها وعظ ..
فأنتم مرضي وأغبياء ..
وأنفسكم مقابر ..
وعقولكم خرابات منظمة !!
تتباهون وتتعالون برموزكم الدينية الطائفية في مواجهة كل الأغيار ,
وكأنكم تكايدونهم أو تعايرونهم بإيمانكم الذي هو لديكم مع الحق , وليس من الزيف ,
وكأن إيمان غيركم باطل ,
وضد الحقيقة , وضد الحق ,
والحق: الحق يكون ..
لايوجد حق إلا في الغيب ,
وحقاً حقاً لاتوجد حقيقة !!
حقاً حقاً : أين الحق في دنياكم ؟!
وأنتم هؤلاء وأولئك فقدتم ,
لا , لا ..!!
بل ضيعتم الحقيقة .. ,
فكيف تعرفون الحق أو تدعون إمتلاك الحقيقة !!
لاعذراً لكم , لا عذراً لكم ..
بل معذرة :
بيوتكم مقابر ..
عقولكم خرابات منظمة !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في