الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غفلة القاذفين ، وحكمة المحصنين ..

محمد ليلو كريم

2019 / 8 / 22
الادب والفن


هذا مقال حول ما قاله الدكتور محمد عفيفي في الدكتور يوسف زيدان ..
غفلة القاذفين ، وحكمة المحصنين ..
.......................
خرجَ الدكتور محمد عفيفي ، المؤرخ ورئيس قسم التاريخ في جامعة القاهرة ، في برنامج تلفزيوني ونالَ من الدكتور يوسف زيدان وانتقص من قيمة نتاجه العلمي والأدبي وذلك لما للدكتور زيدان من رأي في مدونة التاريخ الاسلامي وبالخصوص شخصية صلاح الدين الأيوبي ، مع أن الدكتور عفيفي لم ينبس ببنت شفة ردًا على من تناول شخصية صلاح الدين الأيوبي بالنقد كالدكتور عدنان ابراهيم والدكتور جاسب الموسوي ، وفي هذه المناسبة ، المُحبِطة ، المزعجة ، لنا قول :
الكاتب ، والمؤرخ ، والفيلسوف ، والشاعر ، والروائي ، والمحاضر الاكاديمي ، هؤلاء وغيرهم نفوس بشرية ، ليسوا كائنات فضائية أو ملائكية وفدت للأرض لا شأن لهم بإرهاصات المشترك البايولوجي والذهني والاجتماعي ، فالهابط من سماء ما لن يشوب عفافه التقييمي انحياز أو لحظة انفعال ( انسانية ) ولهذا اعتقد أن النص الديني برر إرسال بشر الى البشر كنبي لوجود مشتركات في الفهم والعاطفة والحواس والنزعات مما لا يتوفر عند الملائكة وقد قرأنا في كُتب رجال الدين أن حادثة أو موقف يحصل للنبي يؤدي لنزول جبرائيل بآية سببها الحادثة أو الموقف الذي حصل مع النبي ، فالله لم يقمع خصوصيات ونزعات الناس بمُلكٍ عضوض سماوي ولا حتى ملائكي ، فالله أرادنا كما نحن مع إبداء النصح والتوجيه والارشاد ، فلا الملائكة ترأسوا العالم ولا الله أنهى ما نحن عليه بطفرة خَلقية خارقة ، ومازلنا نتأثر ونستشعر ونُجرح وجدانيًا ونسقط وننحرف وننجرف ونمر بلحظات انفعالية شديدة ونكره ونُحِب ونسب ونشتم ونلعن ، وكم ستكون كل هذه النزعات السلبية غاية في النُبل والرُقي أن صدرت كردة فعل انسانية ، ومن المفكرين والفلاسفة من حدثت له طفرة عقلية خارقة ، وها أنا اتطرف في الوصف .
يعيب الدكتور محمد عفيفي على الدكتور يوسف زيدان إنه استخدم الفعل ( أحقر ) واعتبر ان مجرد استخدام هذا التوصيف يُخرِج من دائرة المؤرخ ، ولكن ( الدكتور عفيفي ) قال التالي في توصيف الدكتور يوسف زيدان : (( يوسف زيدان .. ينتقل من مرحلة حكواتي الثقافة .. الى مرحلة عبادة الذات )) ولستُ أعلمُ حكواتيًا رفدَ المكتبات بنتاج غزير ورصين من مؤلفات متنوعة تناولت مواضيع كبيرة وعميقة ، فإذا قارنا بين اسهامات الدكتور يوسف زيدان والدكتور عفيفي الثقافية والعلمية فيا ترى من فيهم الأقرب لشخصية ودور ( الحكواتي ) وأقولها ( وبتحيز ) يا دكتور عفيفي : الدكتور يوسف زيدان أيقونة مليونية وعالمية ، فمن أنت ؟ .
هل ينم قول الدكتور عفيفي على غير التحيز حين وصف الدكتور يوسف زيدان بأنه ( ينتقل من مرحلة حكواتي الثقافة .. الى مرحلة عبادة الذات ) فهل نُبرأه من التحيز والخروج عن دائرة تخصصه لأنه ( نقل ) مؤلف ومتخصص وروائي ومفكر واستاذ جامعي ومؤرخ الى مرتبة ( حكواتي ) بتقييم وتوصيف وتصنيف خاطف ، ولكن الجبل يمكن نقله بلمح البصر وبمنتهى السهولة الى مكان آخر ( في التصور الذهني ) وإلا فإن هذا ( التصوراتي ) لن يطال ما يرمي اليه على أرض الواقع .
لمجرد إنك استخدمت مفردة ( فقاعة ) في توصيف كل نتاج الدكتور يوسف زيدان فأنت أبديتً تحاملًا ( وبتطرف ) تجاه الدكتور زيدان ، فالفقاعة يا دكتور عفيفي فراغ محاط بغلاف بسيط وهش ، فهل يجوز منطقيًا وعقليًا هذا التوصيف ، وهل هو توصيف واقعي ، وهل لمجرد إنك غير مُعجب بكتابات الدكتور يوسف زيدان ( مكانش تعجبني كتاباتو ) يُبيح لك ( احتقار ) كل نتاجه الثقافي والعلمي وأعتباره بلا قيمة ..
لماذا صدر من الدكتور عفيفي هذا القول والتحامل ؟
ينبغي أن نبحث في اسباب التحامل عند الشخصيات التي على شاكلة الدكتور محمد عفيفي ، الأسباب النفسية والسياسية ، ولهذا أجريت وفي وقت سابق مقارنة بين مفكر عراقي والدكتور يوسف زيدان وانتصرت للظاهرة التي يمثلها الدكتور زيدان وأبديتُ نفورًا وامتعاض من شخصية المفكر المتصلب فخرجَ ذلك المفكر والكاتب المُنفعل دومًا بعد ايام في لقاء متلفز ويطلب من المُقدِم التحول للحديث عن الجانب العاطفي والانساني الوجداني والحب ( لأن الجمهور يريد ذلك ) !
الحقيقة أن المسألة لا تتعلق بالحب والحديث الهادئ والرومانسية العاطفية بقدر ما تتعلق بموهبة الشخصية القريبة للنفوس ، فبعض الاشخاص حباهم الله بموهبة الكاريزما السلسة ، أي الجاذبية الخفيفة على النفس ، وبتطوير هذه الموهبة ينتج يوسف زيدان .
أما بخصوص صلاح الدين الأيوبي فنحن ننتفع بالدكتور يوسف زيدان أكثر من انتفاعنا بالأيوبي ، كما انتفاعنا بإبن الهيثم والبيروني وابن سينا ، وعدم انتفاعنا من الأيوبي وخالد بن الوليد والحجاج ومعاوية وسلسلة من عديمي الفائدة قد يصل الهوس ببعض العقول الى تقديسهم بدل تقديس العلماء والمفكرين وهِبات الله المبدعين .
للدكتور محمد عفيفي نتاج أكاديمي وتآليف في التاريخ ومواضيع أخرى ، ولكن العِبرة في التأسي بشخصية النبي التي تحدثت عنها المدونة الرحمانية ، فقد أوصل الرسالة بوجه صبوح ، وصوت مريح ، ومجالسة العامة والخاصة بسلاسة وجودة تواصل ، وأجاد التبيان والبيان ، وخاطب نفوس الناس وقلوبهم من خلال عقولهم وبمنتهى اللذة التعبيرية .
إنَ من البيان لسحرا .


محمد ليلو كريم
٢٢ آب ٢٠١٩








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با