الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرية ... مخلوعة الباب

محمد وجدي
كاتب، وشاعر، وباحث تاريخ

(Mohamed Wagdy)

2019 / 8 / 24
الادب والفن


كثيراً ما ندعي وندعو لحرية الفكر، ولكننا نكون واضعين القيود في عقولنا باسم الله والدين؛ لذا فنظرتنا للحرية تكون أحادية الجانب ولا تتناسب مع دعوة السيد له المجد الناطق بإعطاء الإطلاق للمسبيين والحرية للمأسورين . إننا لا نبتعد قيد أنملة عن الصنمية في الفكر التي ننتقدها عند غيرنا .
وأتذكر عندما عرضت اختباري لأول مرة على الانترنت في عام 2010 كان يتم معاملتي كخائن لأنني لم أتطرق للمسيحية بالانتقاد، في حين أنني أضع ملاحظات وأسئلة على معتقدات الإسلام الرافض والمفارق له؛ ويبرز في التو واللحظة سيف التهديد والوعيد بحد الردة الرهيب جزاء وفاقاً لما اقترفت يداي من الارتداد والكفر والافتراء على دين الإسلام المسالم المهادن الوديع البديع الفظيع .
أما المسيحي الذي قرأ اختباري فقد هلل لأنه رآني مستنيراً حررت عقلي من قيود الإرث الميلادي للدين ينظر لي البعض أني متفتح وأني أعملت العقل إعمالا يليق بوظيفته وأني لم أعش حياتي يوما تلو الآخر دون التفكير في معتقد موروث أبا عن جد، وهو مدح للحقيقة أحادي الجانب لا يقبل المثل من الجانب الآخر . فهو يرى دائماً فيمن يعكس " الآية " ضالاً مخدوعاً إما " بفلوس أو جنس " فلا تختلف نظرته في الحرية عن نظرة المسلم قيد أنملة .
والغريب في الأمر أنك تواجه نوعاً ثالثاُ " يكاد يوازي الجنس الثالث " فهو ملحد في ظاهره وقالبه وكتاباته وأطنان التبغ والورق المقوى التي يهلكها وقت كتاباته للتعليقات والمواضيع، وعندما يراك في منشور تنقد فكرة إسلامية فهو يؤازرك ويؤيدك ويصفق لك حتى تتشقق يداه وتنزف دماً من كثرة التصفيق، ويكون تعليقه أن لديك الفكر الواعي الناضج والمتحرر إذ خرجتَ من سجن الإسلام الذي هو ديني بالميلاد ولم أمتلك القرار الشجاع الذي أقدمت بجسارة الأبطال المحاربين الأشاوس وابتعدتَ عن مسير وطريق " العلوج الجبناء " .ولكن ما إن يجد في منشور آخر أنك تحولت عن الإسلام إلى المسيحية فهو يتحول كما يتحول " المقتول إلى زومبي "، ويعلنها بصراحة وبوقاحة أنك مخدوع منكوب فأنت لو اخترت الهندوسية أو اللا أدرية لكان اختيارك حكيما ً عظيماً كريماً، أما أن تتحول إلى المسيحية فهذا يثير العنصرية التي في داخلهم التي تشربوها في قلوبهم عبر القرون الإسلامية من منطق السيد الذي لا يحق لابنه أن يتحول لدين من كان عبداً عنده عبر تلك السنين الطوال تماماً كما تشرب بنو إسرائيل العجل في قلوبهم كما يعرضه القرآن في سورة البقرة .
إن الحرية كما أفهمها ويعرضها سيدي وربي له كل المجد هي حرية بلا حدود ما دمت لم أنتهك حرية غيري من البشر. فإن الأمر بيني وبينه، فمن أنت لأكون ملزما ً بسيري في قطيعك فأسجد ملزماً خلف كل شيخ سارقاً كان أو شريفاً، أو أردد " آمين " وراء صلاة نارية حارة مع قس في كنيسة ؟ .
لستُ إمعة ً لتؤمرني بدخول مسجدك لأنه الحل، ولست تابعاً ذليلاً لأسير وراءك بعد تخويفي بالجحيم حالة رفض موت المسيح على الصليب، ولكني إنسان على صورته خلقني الله مشابهاً له في عدة صور من حيث الحرية والتمييز بين الخير والشر، وقلبي يحن إليه في كل حين؛ لذا فأنا أفخر أنني من جنس الإنسان الكائن الوحيد الذي يسير رافعاً رأسه إلى علٍ متطلعاً حيث أشواق قلبي متعلقة بذاك الساكن النور الذي لا يُدْنَى منه .
إن مثالي في الحرية هو سيدنا حينما تركه من كانوا قبل لحيظة إلى جواره يستمعون إليه بانبهار ويأكلون خبزه بافتخار ويرجون ملكه الأرضي الآتي بوقار، فتركهم يسيرون كما أرادوا ولم يأمر تلاميذه ورسله الأطهار بسن السيف والسكين وإقامة حد الردة المتين؛ بل قال للرسل هم أيضاً في تخيير عجيب لم ير ولن يرى التاريخ له مثيلاً " ألعلكم أنتم أيضاً تريدون أن تمضوا ؟ " .
إن ما تعلمته تحت رجلي معلمنا الأب الموقر الراحل القس منيس عبد النور أن من حقي أن أبارك الله وأمجده ومن حقي كذلك أن أفارقه وألعنه . فالخيار خياري والحياة حياتي . إن اخترت الحياة فسأنجو وسأنجو وحدي، وقد ينجو غيري باستنارتي، ولكن لن يهلك بهلاكي إلا من كان ضعيف العقل فاسد القلب .
هكذا أرى الحرية في المسيح.إنها حرية لا باب لها ولا بواب. ليست حرية مفتوحة الباب، بل " مخلوعة الباب " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة


.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با




.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية