الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كاسيات عاريات-حب عربي 9-

لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)

2019 / 8 / 25
الادب والفن



أهدتني إحدى صديقاتي هنا ثوباً من الحرير…
- جميل جداً.. شكراً غاليتي.. يبدو غالياً جداً، إن كان كذلك لا أريده.
- اشتريته من (المتاجر الخيرية) thrift store —قلت لي أنك تحبين هذه المتاجر، و لديكم مثلها في بلدان العرب…
- ليس مثلها تماماً عندنا تسمى( البالة) و لا يتبرع لها أحد، بل تجار يجلبون الملابس المستعملة و يبيعونها.. كما أن ريعها لا يذهب للجمعيات الخيّرية.. ليس من الغريب كونهم يتاجرون بملابس من المفترض أن تكون مجانيّة…
- احكِ لي عنها….
**************


في المجتمع:
بعض الدراسات تشير إلى أن عمر صناعة الملابس أو استخدمها هو أكثر من سبعين ألف عام…

يفرح الناس كالأطفال بالثياب الجديدة لكون فطرتهم تعلم أن الملبس يعطي جمالاً خارجياً.. لكن الأطفال بفطرتهم أيضاً يحاولون تعلم شيء جديد كل يوم، بينما يتوقف طلب العلم و حب عمل الخير لأسباب كثيرة.

أذكر أن زيارتي لمحلات البالة ( الألبسة المستعملة) في سوريا كانت من اللحظات السعيدة في حياتي، يشبه بحثك عن فستان جديد البحث عن وردة نادرة تجلب الحظ.
فخرتُ دوماً بانتمائي إلى الطبقة المتوسطة: طبقة تشتري الكتب قبل الثياب، لكنها أيضاً غير معقدة و تُعَرِّفُ الجمال كُلّاً..
و فيما درست ليل نهار لحلم كبير في مهنة نبيلة و عقل حر في بلد يحترم عقوله.. بقيتُ وفيّة لذكريات (البالة) و الصداقات الحقيقة التي جمعتني بناس حقيقيين يعرفون أن قيمة عقولهم و شهاداتهم يجب أن تفوق قيمة (الخروق) و الأقمشة فوق أجسادهم.

الاهتمام بالملبس أحد الأدلة البسيطة على حبك للجمال في هذه الحياة.. لكن ما الذي يحدث عندما تتحول ثيابك إلى رأس (مالك) و (عقلك)؟
لماذا تلجأ بعض النساء إلى شراء ما لا طاقة لهم به؟ لماذا يركز الرجال على ( ماركة) الحذاء و ربطة العنق؟
لماذا يعتقد الناس أن لباسهم أهم ما فيهم؟ كيف لا يقبلون أن يكرروا نفس اللباس في حفلتين، و يوافقون على تكرار معلوماتهم الضحلة دون أن يزيدوها من الاختلاف شيئاً…
كيف تقبل بأن تشتري قميصاً ما بمبلغ يكفي لإطعام مئة جائع سيموتون غداً؟

*************

في الطب النفسي:

يُعتبر المظهر أحد النطاقات الأساسية للفحص الطبيّ للحالة النفسيّة أو ما نسميه Mental Status Exam MSE
و نلاحظ كأطباء نفسيين أن اللباس- كجزء من المظهر- يشير بطرق كثيرة إلى الوضع النفسي لصاحبه، دوماً يعطي انطباعاً عن شخصيته، أحياناً يشير إلى طريقة تفكيره، و ممكن أن يفصح عن أفكار ، رغبات و آراء في اللاوعي.

و مع اعتبار التعميم دوماً خاطىء، وكل إنسان عالم بحد ذاته.. يحاول الفحص الطبي للحالة النفسيّة أن يكون عادلاً ما أمكن:
ننظر إلى كون اللباس ملائم للحالة الجوية أو لا.. مثلاً : نرى مرضى الهوس بلباس كاشف في عز البرد…
ملائم للمهنة: مثلاً أستاذة مدرسة ترتدي ملابس رسميّة، بينما في حالة اضطراب الشخصية الهيستريائي : نرى ملابس مبالغ بها…
مناسب للعمر، فما يمكن أن يلبسه عجوز بشكل عادي، يظهر و قد طرح استفسارات حول توجهات شاب ما…

من الناس من يفضّل التعريف عن دينه عبر لباسه، و منهم من يعرّف عن دينه بمعاملته و سلوكه Attitude.
هذا كله يُحتَرم و نتعامل معه لكونه جزء من الشخصية.
تظهر الاضطرابات عندما نرى عدم تناسب هائل بين الخارج و الداخل.. بين ما في الجيب و سعر اللباس.. بين ما في العقل و ما في القدم…
**********

في الغرب:

تظن بعض النساء أن النساء في الغرب يكررون نفس الملابس كنوع من توفير المال، أو لأنهن (عديمات ذوق) أو لكون الموضة هناك مختلفة…
في الحقيقة يعطي اللباس هنا انطباعاً عن شخصية عمليّة أو لا تصلح للعمل.. يشير اللباس الفاضح إلى رغبة جنسيّة، يستخدم لون اللباس أو طابعه لإعطاء انطباع عن فكر الشخص.

مع كون وقتهم لا يسمح بالتبديل في كثير من الأحيان، يشتري الناس الألبسة بكثرة- لأن الأسعار تنخفض إلى الأدنى و تصبح في متناول الجميع- بالإضافة إلى كون الملابس المستعملة أو مايسمى في بلدان العرب (البالة) و في الغرب (المتاجر الخيرية) thrift store

هذه المتاجر الخيرية تحصل على بضاعتها من تبرعات الناس.. مع ملاحظة أنهم يأخذون فقط الملابس الجيدة نوعاً و مادة.. تبدو كأنها جديدة جداً…

يميل كثير من الناس -و يتباهون بها- لهذه المتاجر ليس فقط لقلة التكلفة و جودة المنتج، بل أيضاً لكون ريع الملابس المستعملة في المتاجر الخيرية يذهب لأعراض خيرية أيضاً…
يوجد أيضاً محلات للكتب المستعملة، الألعاب المستعملة، الأثاث المستعمل.. نفس الفكرة …
يوجد منها من تستطيع أن تبيعهم أغراض رضيعك بعد أن يكبر المستعملة كلها، يعطوك نقاط (أو نقود) لتشتري من عندهم أغراض جديدة ملائمة لسن طفلك الآن…
**********

بدل أن نختلف حول الكاسيات العاريات.. لنتفق على أن العريّ فكري أولاً يمارسه الذكور قبل النساء.. و الإكساء بغرض النفاق عريّ أيضاً، و لا فرق فيه بين الجنسين…

اشتريتُ كثيراً من أغراض ألما دون أن أدفع شيئاً لمرات كثيرة من مكان يسمى “ أمهات الآخرين”
The Others Mothers
و فكرت دوماً : أن للآخرين أمهات أيضاً .
تمنيت أن يبدأ شبابنا بتطبيق هذه الفكرة في بلدان تحتاجها.. هذه الفكرة بعيدة كل البعد عن الإسراف و عن البخل..

البخيل المقرف هو من يفكر بنفسه فقط، و المسرف السفيه يشاركه هذا التعريف.


يتبع…








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ


.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ




.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني


.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق




.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع