الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
إنقاذاً للبنان ... أفكار في تحييد لبنان إقليمياً و دولياً*ً
فراس سعد
2006 / 5 / 14مواضيع وابحاث سياسية
بعدما انسحب الفرنسيون من سورية و لبنان بدأ العد العكسي لوصول الديكتاتورية و تنامي الفكر الشمولي الألغائي في سورية . و منذ ذلك الخمسينيات لم تعرف العلاقة السورية اللبنانية الأستقرار لاسيما سياسياً و اقتصادياً , فلقد خضعت سورية لأنظمة حزبية متعصبة كانت تنظر شذراً بعين الريبة إلى لبنان , ومنذ تبنّت دمشق نظام الأقتصاد الموجّه و لاحقاً سياسة السياسة الموجّهة للشعب و أعلنت إلغاء العمل السياسي من المجتمع أواخر الخمسينيات في السنة الأولى للوحدة السورية المصرية بدأت دمشق طريقاً معاكساً لبيروت , و منذ ذلك الوقت تحوّلت دمشق إلى مشكلة مزمنة لبيروت , فأنماط الحياة و العمل و التطور اللبناني أصبحت مختلفة و مخالفة لنمط الحياة و العمل الأحادي الأتجاه في سورية .
II
في مقال سابق بعنوان "التكوين اللبناني لبنان ضحية موقعه و أطماع جيرانه" كتبت أن الخطر على لبنان من جهتين : داخلية تتمثّل في ثلاث نزعات هي السفر و الخصومة و التجارة , التي أدّت إلى تشرزم مكونات المجتمع اللبناني و غياب هويته الواضحة, و خارجية : تتمثل في موقع لبنان و ضعفه الذي يغري جيرانه باحتلاله أو الهيمنة عليه و تفتيته و إضعافه سياسياً و اقتصادياً و اجتماعياً .
لهذه الأسباب و غيرها كان لبنان على الدوام ضحية للصراعات الإقليمية التي لم تكن تجد مكاناً للتقاتل و التذابح و التنافس إلا على أراضيه و في أجوائه و مياهه مستخدمة طوائفه و أقلياته و أحزابه و وسائل إعلامه , فكان لبنان الساحة الخلفية و مسرحاً تستخدمه القوى الإقليمية كلما عنّ لها الأشتباك أو رغبت بكسب رضى القوى الكبرى بحيث تحول لبنان إلى مكان لتصفية الحسابات و مرتعاً لأجهزة المافيا و الأستخبارات .
و إذا كان الجبل العظيم لبنان حمى اللبنانيين في السابق من الغزاة فإنه اليوم لا يمنع الغزاة من الهبوط عليه من السماء او البحر كما أن هناك منافذ كثيرة في الجبال يستخدمها المهربون و المخربون للنفوذ منها إلى الداخل و تعكير الأجواء و ارتكاب أعمال إرهابية . و إذا كان الصينيون العظماء لم يستطيعوا أيقاف هجمات المغول إلا عبر بناء سور عظيم يخترق جبالهم و سهوبهم فإن لبنان لن يستطيع إيقاف تسلّل الطامعين إلا بأحد الخيارين : إما بناء سور عظيم يحيط به من كل الجهات وهو عمل مكلف و صعب و غير ذي جدوى في النهاية أو أن يتبع سياسة الحياد الإقليمي و الدولي بضمانات دولية مستلهماً بذلك تجربة الحياد السويسري مثلاً أو أي تجربة أخرى أو في ابتكار أسلوب جديد من الحياد يضمن فيه اللبنانيون استقرارهم و أمنهم .
III
طرح عدد من القادة اللبنانيون من الجانب المسيحي فكرة تحييد لبنان عن الصراع العربي الأسرائيلي , نذكر منهم بيير الجميّل على سبيل المثال لا الحصر , و قد عاد إلى هذا الطرح سمير جعجع منذ أيام قلائل , لكننا لم نتعرف على أحد طرح فكرة تحييد لبنان على المستوى الدولي و ليس فقط تحييده عن الصراع العربي الأسرائيلي بحيث يصبح أرضاً و كياناً محايداً في الصراعات الدولية السياسية و العسكرية و الإعلامية و إن كان تحييده أقتصادياً غير ممكن لطبيعة النمط الأقتصادي العالمي السائد و الذي تتجه إليه كل الدول و المؤسسات ....
في اعتقادنا أن الحل الوحيد الممكن لبقاء لبنان كياناً مستقلاً حراً سيداً هو ابتعاده عن كل الصراعات و المنافسات الإقليمية و الدولية عبر تحييده و تحويله إلى بلد خارج الصراعات و السياسات الدولية والإقليمية كما هو الحال في الأتحاد السويسري مثلاً , هذا هو الحل الوحيد الممكن الآن إلى أن يتم الأتفاق على هوية لبنانية واحدة تخفّف من الخصومة و التشرزم الطائفي السياسي الثقافي باتجاه إلغاء الطائفية السياسية و تعزيز الوطنية اللبنانية ليس كواجهة و نزعة سياسية لكن كهوية ثقافية عقائدية بعض دعاماتها القانون و المواطنية .
... لا نعتقد أن اللبنانيين يمكن أن يتخلوا عن نزعة الخصومة و النزعات العصبية الصغيرة , لاسيما عصبية الطائفة و الحزب و هي نزعات تمنع العصبية اللبنانية الجامعة لكل اللبنانيين , لهذا و كيلا تكون هذه النزعات ذريعة للدول المجاورة لاحتلال لبنان أو استخدام أحزابه و زعاماته ضد بعضها البعض لأهداف غير لبنانية لأي حجة كانت لاسيما بحجة العروبة و الأسلام و الصمود لا بد أن يبدأ العمل جدّياً لأيجاد صيغة ما للحياد اللبناني تكون مقبولة من اللبنانيين و ترعاها الأمم المتحدة و بضمانة الدول العظمى , تلتزم فيها و بها اعتبار لبنان محميّة دولية خارجة عن مناطق النزاع و تصفية الحسابات أياً كان نوعها .
IV
فكرة الحياد اللبناني لا تعني التخلي عن عروبة و لبنانية و فينيقية لبنان و لا تعني التخلي عن أديانه أو ثقافته التعددية , لكنها تعني حياداً سياسياً وأمنياً و عسكرياً , يمنع الدول الطامعة في تدميره أو شرزمته أو استخدامه مكاناً لتصفية حساباتها السياسية و العسكرية و المخابراتية , كما أن الحياد لا يعني قطع لبنان لعلاقاته الأقتصادية و الأجتماعية و الثقافية مع الدول العربية أو مع أي دولة يقيم معها علاقات .
فكرة الحياد تقوم أيضاً على منع دخول أي جيش إلى لبنان و منع تواجد أسلحة متوسطة أو ثقيلة على أراضيه باستثناء أسلحة الجيش الوطني اللبناني , أما سلاح حزب الله فهو مؤقت يجب أن يزال فور انتهاء مشكلة مزارع شبعا , فالطوائف و الأحزاب يجب أن تُمنع بنص القانون عن امتلاك السلاح , كما يمنع بنص القانون التربية و التعليم العسكري خارج الجيش اللبناني , و تمنع كذلك كل أشكال التحريض و التمييز العنصري , و لا خوف من اسرائيل بعدما يُعلن لبنان دولة محايدة بضمانات دولية من القوة العظمى و الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن . الحياد اللبناني افضل للسوريين من الوضع الحالي لأنه يغلق باب القلق السوري التاريخي من أن يكون لبنان مكاناً للمعارضة السورية او كما يقول و يدّعي النظام السوري منذ الخمسينات حتى اليوم من ان لبنان مكان محتمل للعمل ضد " سورية " ؟! مع ثقتنا أن لبنان لا يمكن أن يكون سوى مكان للعمل من أجل خير سورية لسبب جوهري و هو أن الكيان اللبناني قائم على الحريات و التعددية على خلاف الكيان السوري الذي ثبت حتى الآن أنه قائم على حكم الأنظمة البوليسية القمعية و هو مصدر قلق دائم للبنانيين .
دون الحياد أمام لبنان خيارين : أن يكون ساحة مفتوحة لصراعات الآخرين بما يعنيه ذلك من خطر الأحتلال المباشر أو الهيمنة السياسية و انعدام الأستقرار و تنامي التوتر الأجتماعي السياسي , أو أن يكون لبنان مستعمرة اسرائيلية أو سورية , باعتبار اسرائيل و سورية قوتا جذب اقتصادي سياسي عسكري , و من طبيعة الكيانات الصغيرة أنها تجد نفسها منجذبة تلقائياً و طبيعياً إلى فلك الكيانات الكبيرة القوية لتذوب فيها أو تدور في فلكها .
* إهداء إلى الشعبين اللبناني و السوري في الذكرى الأولى لانسحاب الجيش السوري من لبنان .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ألمانيا تسمح بالحشيش -للترفيه- ودول عربية -طمعانة- في أرباحه
.. بسبب حرب غزة..متظاهرون يقاطعون كلمة بايدن | الأخبار
.. قصف وحصار إسرائيلي على غزة.. الجوع يقتل الغزيين أيضا
.. لماذا قرر نتنياهو إعادة إرسال الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن؟
.. هيئة البث الإسرائيلية: أهالي الجنود المحتجزين في غزة يجتمعون