الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا:الشرخ الوطني الكبير

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2019 / 8 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لم يعد الكلام عن لجنة دستورية، ولا عن تشريع دستور جديد، أو نهاية هذه المعركة أو تلك الموقعة يجدي ويفيد، أو يعول عليه الكثير نظراً لما أصاب الجسد السوري من جراح وما حفرت فيه الحرب الطاحنة من ندوب وأخاديد وأخرجت كل ما فيه من قيء وصديد.
ليست الغاية البتة، هنا، تشخيص مرض ظاهر وتفصيل وضع متأزم تاريخياً، بات مرئياً بشفافية للجميع حول انفصام وفصام تاريخي مع انعدام الثقة بين المعارضة والموالاة، ووصول العلاقة بين الفريقين إلى حالة من القطيعة التاريخية وتساجل وتجاذب المزمن الطويل، قدر ما هو الاهتمام منصب حول الشرخ الذي أصاب ويصيب بمنهجية واضحة أصحاب ذات الموقع والخندق والفريق، وهناك عملية خلخلة في البني التقليدية القائمة وفرز واضح وإعادة تخندق وتموضع يحصل على أكثر من صعيد، ونوبات من التلاسن الحاد الحاصل المقيت يشي بحالة من الـتأزم الشديد...
وتشهد ميادين ومنابر وملاعب ومضارب عدة، عملية تقاذف وتعارك وترامي العيارات اللفظية والفيسبوكية شديدة الانفجار ذات تركيزة إشعاع العدواني وتنابز بالألقاب وتطاحن وتخوين جماعي وشتائم دونية مقذعة وتبادل اتهامات بين سوريين كثر على خلفيات ومصالح متباينة ومستويات نخبوية وشعبوية وفيسبوكية شائعة ومقاطعات وقطع علاقات تنسف أي كلام وهذر عن وحدة وطنية حتى ضمن الخندق الواحد المفترض، ومن كانوا حتى عهد قريب رفق سلاح وفي خندق قتال واحد، سواء كانوا معارضين أو موالين، من جهة وبين التيارات الرئيسية الأخرى، والفرعية، وحتى الهامشية والمنسية والشخصيات الكبيرة والصغيرة والفقيرة ومن ضمنها تلك التي لا وزن يحتسب لها، حتى يبدو أن كل سوري هو جبهة قائمة بحد ذاتها، فالصراعات التي تحكم المشهد معارضة موالاة وحياديين وتيار ثالث ورابع مقيمين ومهجرين وضائعين بين هذا وذاك إسلامويين ومتأسلمين وجهاديين وفصائل متناحرة ومتناكحة ومتشاجرة و"متخانقة" فيما بينها لا يمكن حلحلتها وتذويبها بين فرقاء الصراع المتناحرين متعددي المرجعيات داخلياً وخارجياً ولكل حساباته الخاصة به.. سجالات فيما بينهم وفيما بين أطياف أخرى كالعلمانيين والتنويريين أنفسهم وهؤلاء أيضا "المهرجين" أقصد العلمانيين المفترضين التي تحول جبالا وموانع فيما بينها أين منها موانع سيد الجميع طرامب الله الكبير ولا يمكن حتى تشبهيها بحواجزه التي يقيمها مع المكسيك، وتستغرب من كان هنا ذات يوم قريب من "عظام رقبة" هذا الفريق الموالي أو المعارض، العلماني، أو الإسلامي إئتلاف وهيئة تفاوض أو إخوان مسلمين وحتى مجلس "لا وطني"، وقد أمسى خصماً وعدوّاً مبين (ضرورة التسكين الشعري)، وحسرة من هذا، وزفرة هنا، وندم من ذاك، وتوبة من هناك، ومراجعة من ذاك الثوري، وانشقاق هذا المسؤول البعثي، (ما حدا طايق حدا بالسوري الفصيح)، ولا أحد يعرف ما يريد، فالكل هنا منهمك في حرب ضروس مع الجميع، ويستعمل كل ما لديه من طاقة وقوة وقسوة للإيقاع بخصومه اللدودين وجندلتهم صرعى، فيما تنتاب الجميع هواجس وشكوك وارتياب من الجميع وكلها تنبئ بوجود شرخ مروع فظيع أصاب الجسد الوطني وضعضعة وخلخلة بنيوية حادة شاقولية وأفقية أصابت الترسبات الكلاسيكية القائمة تاريخيا وسقوط مروع وانهيار وتمزيق وتشريخ للنسيج الداخلي واستحالة العودة والتشافي والتعافي السريع والعودة للوضع الطبيعي في وقت قريب... الأهم من كل شيء ...لا يعتقدن أحد أن الأمر محض تصادف وأمر عابر عرضي بل متعوب ومشغول عليه على أكثر من لوبي وتكتل وعصبة وصعيد بما فيه الإقليمي والدولي....
لا أحد يعلم متى وكيف ستنتهي هذه المعمعة ومسلسل التباكس والتباغض والتكاره والتشابك المكسيكي الطويل وبكل أنواع الأسلحة المحرمة أخلاقياً وغير المعهودة مجتمعياً، أو المقبولة وطنياً ومتى سيصمت ويعود لرشده ووعيه الجميع، وما هي تلك الكلمة السحرية والمصلحة التي سيلتف حولها الجميع، المهم فالكل بات يخدم مخطط التمزيق والتشريخ والتفسيخ عن جهل أو علم يقين وأكيد....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رأي.. على مسؤوليتي
غسان صابور ( 2019 / 8 / 26 - 10:21 )
كتابات نضال نعيسة وتحليلاته السياسية عن البلدان العربية والمشرقية.. والسورية خاصة.. والتي تأخذ دوما الطابع الانتقادي الكاريكاتوري... ولكنها تبقى أقوى وأصح الانتقادات والتحليلات السياسية الصريحة المباشرة الآنية.. وخاصة الحقيقية... وكلي أســف أن هذا الإنسان اللامع.. رغم تاريخه المضطرب.. يبقى معزولا بغالب وسائل الإعلام المعروفة... لأنني على ثــقــة تامة أن وطنية هذا الإنسان وحبه لسوريا.. ورغبته بوحدتها وأمانها وإصلاحها من الداخل.. تبقى ألف مرة أصدق من الشخصيات المحترفة من أية موالاة أو معارضة... وإني أستغرب لماذا لا يستقبل -الحوار المتمدن- كتاباته بلائحة - كاتبات وكتاب التمدن - أو - مختارات التمدن -...
إني أقدم له تحياتي وتأييدي ـ الفولتيري ـ رغم بعض خلافاتي المبدأية البسيطة معه.. من وقت لآخر...
وحتى نلتقي...
غـسـان صـابـور ــ لـيـون فــرنــســا


2 - الاستاذ الكبير والمخضرم والمحترم غسان صابور
نضال نعيسة ( 2019 / 8 / 26 - 11:15 )
مع كل التفهم والاحترام لكل كلمة تنضح بالحق والصدق فيما علقت وكتبت وكلمات نابعة من ثنيايا القلب
بالنسبة للاعلام الترللي والهمالالي فأمره مفهوم اعلام عصابات ومافيات ولصوص وليس بإعلام مهني وأما صنوه الظلامي الداعشي فلا حاجة للحديث عنه
بالنسبة للحوارنعم لديه تقييمات جاهزة وتصنيفات مسبقة ووضع تراتبية معينة أبدية ولديه على ما يبدو قناعة راسخة ويقين بهمروجة ربيع الاخوان وصدقها فعلا ووقف مع دعاتها وهذا ما افقده الكثير من مهنيته مصداقيته للأسف وجعل كثيرين ممن اعرفهم من كتاب سوريا في الداخل يهجرونه نعم موقفه يستدعي الاهتمام رغم اننا كنا منذ البداية مع من ساهم بوجدانية وفعالية بموقع الحوار دون الالتفات والتوقف عند هذه الملاحظات

اخر الافلام

.. تصعيد إسرائيل في شمال قطاع غزة هو الأعنف منذ إعلان خفض القوا


.. طفل فلسطيني برفح يعبر عن سعادته بعد تناوله -ساندويتش شاورما-




.. السيناتور ساندرز: نحن متواطئون فيما يحدث في غزة والحرب ليست


.. البنتاغون: لدينا بعض المخاوف بشأن مختلف مسارات الخطط الإسرائ




.. تظاهرة مؤيدة لفلسطين في بروكلين للمطالبة بوقف تسليح إسرائيل