الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليوم العالمي للإختفاء القسري وحقوق الإنسان!

صبحي مبارك مال الله

2019 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


اليوم العالمي للإختفاء القسري وحقوق الإنسان!
لفترة طويلة من تأريخ الأمم، أصبحت ظاهرة الإختفاء القسري والتغييب للأفراد، حالة عامة ومنتشرة لها تداعياتها المؤذية والمؤثرة في المجتمعات خصوصاً في الدول التي سادت فيها النظم الدكتاتورية وملحقاتها من الأجهزة القمعية السرية والعلنية والتي أفرزت ضحايا بأعداد كبيرة ومفقودين ومغيبين وتغيير في الديموغرافيا(علم السكان أو الدراسات السكانية من بينها التحول السكاني ) بإستخدام وسائل متعددة من التعذيب والقمع والإرهاب والقتل دون محاكمات قانونية وإبادة جماعية وتمييز عنصري أو طائفي. في هذا المقال سوف نسلط الضوء على الإختفاء القسري ومعالجات الأمم المتحدة وتقييم الأوضاع والإجراءات، من خلال لجان الأمم المتحدة والقوانين الدولية وحقوق الإنسان فضلاً عن مساهمة منظمات المجتمع المدني التي تخصصت في هذا الموضوع.
إتخذت الجمعية العامة قراراً رقم 209/65 المؤرخ في 21 كانون الأول -ديسمبر/2010 بأن يكون يوم 30 آب يوماً دولياً للتضامن مع ضحايا الإختفاء القسري إعتباراً من عام 2011 ومناسبة لتسليط الضوء على عمل المؤسسات الحقوقية والإغاثية في مكافحة هذه الظاهرة.
تعريف الإختفاء القسري :- في القانون الدولي لحقوق الإنسان يحدث الإختفاء القسري عندما يتم إختطاف شخص ما أو سجنه من قبل دولة، أو منظمة سياسية، ومن قبل طرف ثالث بتفويص أو دعم أو موافقة من دولة أو منظمة سياسية . يتبعه من خلال رفض الإعتراف بمصير شخص ومكان وجوده، بقصد وضع الضحية خارج نطاق القانون .(الموسوعة -ويكيبيديا) ووفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي دخل حيز التنفيذ في الأول من تموز -يوليو /2002 عندما ارتكب كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد سكان مدنيين فإن (الإختفاء القسري) يعتبر جريمة ضد الإنسانية وبالتالي لايخضع لقانون التقادم. تتضمن الأفعال التي وردت في نظام روما هي القتل العمد، الإبادة، الإغتصاب، العبودية الجنسية، الإبعاد أو النقل القسري للسكان وجريمة التفرقة العنصرية وغيرها. فالإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية عرضة للعقاب بصرف النظر عن إرتكابها وقت الحرب أو السلام ويشمل الإضطهاد والتمييز في المعاملة بقصد الإضرار المتعمد ضد الطرف الآخر . إقتراف هذه الجرائم ضد مدنيين يختلفون عنهم من حيث الإنتماء الفكري أو الديني أو العرقي أو الوطني أو الاجتماعي أو لآية أسباب أخرى ترتكب هذه الأفعال ضمن تعليمات يصدرّها القائمون على مُجريات السلطة في الدولة أو الجماعة المسيطرة ولكن ينفذها الأفراد (الباحث وليم نجيب جورج نصار)
الإختفاء القسري والمتغيبين في العراق، لقد مرت على العراق عهود من الإضطهاد خصوصاً في العهد الدكتاتوري السابق والذي تسبب من خلال سياسته العنيفة -في غياب الديمقراطية- تجاه المعارضين والتصفيات المستمرة بدءاً من الإغتيالات لإقرب الناس للدكتاتور وصولاً لإبعدهم وزج الآلاف في غياهب السجون وإستخدام وسائل حديثة وبشعة في تعذيب الضحايا، وإشتد الإضطهاد في زمن الحروب العبثية حيث كان الشعب العراقي يعاني من الحصار والفقر وتأزم الأوضاع الاقتصادية والمجتمعية وهدر حقوق الإنسان وعسكرة المجتمع وبعد الاحتلال الأمريكي وإستباحة كل شيئ، إستمرت الأزمات وظهرت الطائفية على أشد قوتها والتي من مظاهرها، القتل على الهوية والخطف والإغتيالات وبعد أن برزت المليشيات المسلحة في فترة الشحن الطائفي والمذهبي وتقسيم المناطق حسب الطائفة والمذهب وبدرت مؤشرات لحرب أهلية وتدخلات إقليمية ودولية، وكلما إشتدت الخلافات بين الكتل السياسية تعمق التوجه نحو الطائفية والمحاصصة خلافاً لمواد الدستور الدائم وكانت مؤسسات الدولة تعمل وسط شائك من الصراع والفساد وعدم الثقة، مما أدى ذلك إلى إنفلات القانون وسيطرة المليشيات على إدارة الملفات الأمنية و مصادرة القانون في الكثير من الجوانب حيث أشرت على وجود سجون ومعتقلات سرية تدار من قبل أحزاب ومليشيات أو أجهزة أمنية تسببت في تغييب وفقدان المئات من الضحايا دون عرضهم على القضاء العادل في سنوات 2006-2007، 2008. وإشتدت هذه الظاهرة بعد إحتلال داعش ثلث أراضي العراق عام 2014. لقد عملت داعش على تغييب الآلاف من المواطنين وإعدام أعداد كبيرة من الناس وتغيير البناء السكاني، ثلاثة سنوات من القهر والظلم والإبادة والقتل وإلغاء القوانين والعمل بموجب التعاليم الدينية المتطرفة ومصادرة الأموال الخاصة وإغتصاب النساء وإستباحة الطائفة الإيزيدية وبيع نسائهم في سوق النخاسة وقتل رجالهم وتدمير دور عباداتهم وكذلك المكونات الأخرى.
تقرير المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق والخاص بتنفيذ الإتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الإختفاء القسري : تأسست المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق بموجب القانون رقم (53)لسنة 2008 المعدل تنفيذاً لنص المادة (102) من الدستور العراقي الدائم الصادر عام 2005وجرى التصويت على أعضاء المفوضية في مجلس النواب بتأريخ 9/4/2012 ولهذا تعتبر المفوضية أول مؤسسة وطنية في العراق، وبعد تثبيت صلاحيات المفوضية فقد خصصت المفوضية ملفاً خاصاً بالاختفاء القسري في العراق. لقد أوردت المفوضية ملاحظات بشأن تطبيق الإتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الإختفاء القسري في العراق وكانت عشرة ملاحظات حيث ذكرت في الفقرة 4 حول الجرائم والإنتهاكات المرتكبة من قبل الجماعات الإرهابية (داعش) تود المفوضية ان تشير إلى صعوبة ممارسة إجراءات التحقيق والتحري للجرائم المرتكبة من قبل هذه العصابات نظراً لأن المناطق التي شهدت هذه الجرائم لازالت مناطق عمليات عسكرية (في وقتها) تتسم بالخطورة ...الخ في القانون الدولي لحقوق الإنسان يذكررغم تدوين حالات الإختفاء على أيدي الدولة على أنها (قسرية )أو إختفاء قسري يُعرف نظام روما الأساسي المُنشئ للمحكمة الجنائية الدولية الإختفاء القسري بأنه جريمة ضد الإنسانية. وفي شباط 1980 أنشأت الأمم المتحدة الفريق العامل المعني بحالات الإختفاء القسري أو غير الطوعي ومساعدة الأسر على تحديد مصير أو مكان وجود أفراد أسرهم الذين بُزعم أنهم أختفوا وفي آب 2014 أبلغ الفريق العامل عن حدوث 52250 حالة من حالات الإختفاء دون حل في 88دولة. فمن خلال البحث والتدقيق فأن الإختفاء القسري للأشخاص شمل دول كثيرة غير ملتزمة بحقوق الإنسان ،موزعة بين دول أمريكا اللاتينية وآسيا وافريقيا وفي بعض دول أوربا.
مواد دستورية : ورد في الدستور العراقي الدائم في الباب الأول /المبادئ الأساسية المادة (9) أولاً (ب) – يحظر تكوين مليشيات عسكرية خارج اطار القوات المسلحة .
والباب الثاني / الحقوق والحريات /الفصل الأول / الحقوق المدنية والسياسية المادة (14) العراقيون متساوون أمام القانون ....المادة (19) ثاني عشر (ا) -يحظر الحجز (ب) لايجوز الحبس أو التوقيف في غير الأماكن المخصصة لذلك وفقاً لقوانين السجون المشمولة بالرعاية الصحية والإجتماعية والخاضعة لسلطة الدولة .
والفصل الثاني /الحريات /المادة (37) (ا) -حرية الإنسان وكرامته مصونة (ب) لايجوز توقيف أحد أو التحقيق معه إلا بموجب قرار قضائي (ج) يحرم جميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية ، ولا عبرة بأي أعتراف انتزع بالإكراه أو التهديد أو التعذيب ، وللمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصابه وفقاً للقانون . هذه المواد الدستورية المهمة ملزمة التطبيق من قبل السلطة التنفيذية ولكن هناك عشرات ومئات المخالفات لهذه المواد الدستورية . كما لابد من تشريع قانون يحظر التغييب السري ملحق بالمواد الدستورية أعلاه .
الذين يقومون بأعمال الإختفاء القسري يمارسون مايلي
1- إقتحام دور السكن 2- لايفصحون عن هوياتهم 3- مسلحين 4-دون إبداء أي أسباب للإقتحام 5- أو إبراز أي أمر بالقبض أو تسمية الجهة التي يأتمرون بأمرها 6- إنتهاك شنيع لحقوق الإنسان . ووفقاً للإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الإختفاء القسري فالجمعية العامة للأمم المتحدة اتخذت القرار المرقم 133/47 المؤرخ في 18 كانون الأول -ديسمبر 1992 بوصفه مجموعة مبادئ واجبة التطبيق على جميع الدول. فإن الإختفاء القسري يحدث عن (القبض على الأشخاص وإحتجازهم أو إختطافهم رغماً عنهم أو حرمانهم من حريتهم ) وقرار الجمعية العامة رقم 209/65 المؤرخ في 21 كانون الأول 2010أعربت الجمعية العامة عن قلقها بصفة خاصة إزاء إزدياد حالات الإختفاء القسري أو غير الطوعي في مناطق مختلفة من العالم بما في ذلك الإعتقال والإحتجاز والإختطاف، كما تعرّض الشهود على حالات الإختفاء أو أقارب الأشخاص المختفين للمضايقة وسوء المعاملة أو التخويف، وإعتماد الإتفاقية الدولية لحماية الأشخاص.كما هناك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والإجتماعية والثقافية وعدم إستعمال الإختفاء القسري لمعاقبة المعارضين ....وتوفير المعلومات للعائلات عن مكان وجود الضحايا وإحترام الإلتزامات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وحرية التعبير. وفتح تحقيق مستقل وعادل في حالات التعذيب وسوء المعاملة التي صارت أثناء الإختفاء القسري ومحاكمة كل متورط مع التكفل بإعطاء تعويضات لضحايا الإختفاء القسري .
أثناء عملية الإختفاء القسري يمكن ان تنتهك الحقوق المدنية أو السياسية وهي
1- حق الفرد في الإعتراف بشخصيته القانونية 2- حق الفرد في الحرية والأمن على شخصه 3- الحق في عدم التعرض للتعذيب أو لأي ضرب آخر من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة 4- الحق في الحياة في الحالات التي يقتل شخص المختفي 5- الحق في الهوية 6- الحق في محاكمة عادلة وفي الضمانات القضائية 7- الحق في معرفة الحقيقة فيما يخص ظروف الإختفاء 8- الحق في توفير الحماية والمساعدة للأسرة 9- الحق في مستوى معيشي مناسب 10- الحق في الصحة 11-الحق في التعليم .
والخلاصة : الإختفاء القسري مشكلة عالمية ولم يعد حكراً على منطقة معينة من العالم وهو إختراق واضح للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهود والمواثيق الدولية . كما يستهدف الإختفاء القسري الناشطين المدنيين والتظاهرات الشعبية والمعارضين بأساليب لايقرها الدستور والقانون. كما تبرز هذه المشكلة وإمتهان حقوق الإنسان في النظم الدكتاتورية والعسكرية والثيوقراطية والطائفية ، من واجب الشعوب النضال من أجل الحرية والديمقراطية وكشف كافة الأساليب التي تنتهك حقوق الإنسان .
وبحلول الثلاثين من آب القادم لابدّ من إستذكار ضحايا العنف وإنتهاك حقوق الإنسان وإستذكار ضحايا المقابر الجماعية والإبادات البشرية في كل العهود والحروب الدامية كما سيكون مناسب لإستذكار ضحايا الإختفاء القسري والمغيبين والذين لايعرف عنهم شيئ لحد الآن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقطاب طلابي في الجامعات الأمريكية بين مؤيد لغزة ومناهض لمع


.. العملية البرية الإسرائيلية في رفح قد تستغرق 6 أسابيع ومسؤولو




.. حزب الله اللبناني استهداف مبنى يتواجد فيه جنود إسرائيليون في


.. مجلس الجامعة العربية يبحث الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والض




.. أوكرانيا.. انفراجة في الدعم الغربي | #الظهيرة