الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خيانة البرجوازية الصغرى للاستقلال الحقيقي للمغرب

عبد السلام أديب

2019 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


بعد أن أصبح التواجد المباشر لفرنسا في مستعمراتها أمرا مكلفا، خصوصا بعد هزيمة الجيش الفرنسي في معركة ديان بيان فو في مايو 1955، وإعلان الكفاح المسلح بقيادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية ابتداء من 1954، وتزايد الغضب الشعبي بالمغرب الذي بدا جليا في عدة مناسبات أبرزها 20 أغسطس 1955، سارعت فرنسا إلى فتح مفاوضات بخصوص استقلال المغرب. واعتمدت باريس خطة تقضي بفتح مفاوضات في كل من تونس والمغرب مع حلفاء محليين لبناء نظام سياسي يحفظ مصالحها ونفوذها هناك، لتركيز قوتها العسكرية بالجزائر. فاقترح رئيس الحكومة الاشتراكي "بيير مونديس فرانس" الاستقلال الذاتي على تونس وقبلت. ولإجهاض تنامي خلايا المقاومة وحرب التحرير الشعبية لجيش التحرير المغربي جهز الاستعمار الفرنسي مفاوضات "اكس ليبان" مع سياسيين من البرجوازية الصغرى المغربية بشروط فرنسية وضدا على المقاومة المسلحة التي كانت ستنتصر حتما وتفرض استقلال البلاد فرضا على فرنسا.

لم يكن جيش التحرير والمقاومة المسلحة راضيين عن مفاوضات إيكس ليبان التي اعتبروها غير متكافئة بسبب الحضور القوي للجانب الفرنسي في المفاوضات من خلال البرجوازية الصغرى المغربية المتعاونة مع سلطات الحماية، واعتبارها مفاوضات في صالح فرنسا وعلى مقاسها. وفي اليوم الذي تمت فيه المفاوضات وصفها الدكتور المهدي المنجرة ب"الخيانة"، وصرّح بذلك في مكان غير بعيد عن جامعة السوربون.

فعقب مسرحية هذه المفاوضات سيظل المغرب البلد الوحيد في العالم الذي لم تنتزع فيه المقاومة المسلحة استقلالها بشروطها. وتم فرض استقلالا شكليا على المغرب الذي ظل تابعا سياسيا واقتصاديا للمتروبول الفرنسي الامبريالي الى اليوم.

وقد تمت مسرحية مفاوضات إيكس ليبان بمدينة إيكس ليبان، بمنطقة رون - ألب الفرنسية، بين ما سمي بممثلي الحركة الوطنية المغربية والسلطات الفرنسية خلال الفترة الممتدة ما بين 20 و30 أغسطس 1955م، إِبّان نهاية عقد الحماية الفرنسية على المغرب. وقد دامت هذه المفاوضات خمسة أيام تزعم خلالها الوفد الفرنسي المفوض كل من رئيس الحكومة إدغار فور والسيد بيناي، وزير الشؤون الخارجية والجنرال كوينغ وزير الدفاع وروبيرت شومان وبيير جولي. بينما كان الوفد المغربي يتشكل من 37 شخصية من اختيار فرنسي كان من بينهم مبارك البكاي والفاطمي بن سليمان ومحمد المقري إضافة إلى ممثلي الأحزاب: عبد الرحيم بوعبيد ومحمد اليازيدي وعمر بنعبد الجليل والمهدي بن بركة من جانب حزب الاستقلال، وعبد القادر بن جلون وأحمد بن سودة وعبد الهادي بوطالب ومحمد الشرقاوي من طرف حزب الشورى والاستقلال، بالإضافة إلى بعض الفقهاء والقياد.

ويظهر جليا من خلال محضر جلسات مسرحية مفاوضات ايكس ليبان، حجم خيانة الوفد المغربي المفاوض لروح المقاومة المغربية وللكفاح المسلح لجيش التحرير الذي سيتم اغتيال زعيمه عباس مساعدية سنة 1956 وتتم محاولة تصفية جيش التحرير في معركة أوكافيون بالصحراء.



من محضر جلسات "المفاوضات" حسب بيير جولي.

شكلت مفاوضات ایكس ليبان" حول استقلال المغرب منعطفا أساسيا في المسار التاريخي لبلادنا خلال العصر الراهن. ورغم مرور ربع قرن على هذا الحدث، فلا تزال ظروفه وملابساته غامضة مبهمة، وللأسف، فان الشباب المغربي بشكل عام، لا يجد ای مستند جدی صادر عن الأوساط الوطنية، يمكن الاعتماد عليه لفهم وتحليل هذا الحدث وغيره من الاحداث الأساسية التي طبعت مسيرة شعبنا خلال نضاله الطويل من أجل الاستقلال والتحرر.

والحالة هذه، فإن المستندات المتوفرة حاليا هي تلك الصادرة عن الأوساط الاستعمارية. لكن، ورغم التوجه الاستعماري المفضوح لهذا النوع من الوثائق، فإن استقرائها يمكنه أن يلقي بعض الأضواء على تلك الأحداث التاريخية.

في هذا الإطار، نضع بين أيدي القارئ بعض المقتطفات المتعلقة بمفاوضات "ایکس ليبان" من كتاب نشره "بيير جولي" تحت عنوان "جمهورية من أجل ملك " دار النشر فایار - باريس - 1974)، وبيير جولي هذا، شغل منصب كاتب الدولة لدی رئاسة الحكومة الفرنسية (1953) ثم عين وزيرا للشؤون المغربية في حكومة "اید غار فور" سنة 1955، ومن المعروف أن "ادغار فور " هو من أبرز أقطاب نظرية الاستعمار الجديد الذين خاضوا صراعات ضارية ضد أنصار الاستعمار العتيق، وذلك للحفاظ على المصالح الجوهرية للاستعمار وصيانتها على المدى البعيد. أما بيير جولي - صاحب الكتاب - الذي يتبنى نفس النظرية الاستعمارية الجديدة، فانه يعتبر الرجل العملي والمنفذ الاساسي لتلك النظرية على الساحة العربية، والساعد الأيمن لادغار فور " خلال مفاوضات "ایکس لیبان" بالذات.

أما الوثيقة التي نشرها، فهي عبارة عن مقتطفات من حصر جلسات مفاوضات ایكس ليبان"، ولا يفوتنا هنا على أن نواكد أن كل ما يرد فيها هو من مسؤولية صاحب الكتاب السيد "بیبر جولي".. ويبقى من مسوولية المعنيين بالأمر تزكية أو تكذيب ما ورد في المحاضر المذكورة، أو تزويد الرأي العام بالحقيقة كما پرونها ...

يقول "بيير جولي ":

"لقد استدعينا (للمفاوضات) ممثلين عن مختلف الاتجاهات يبلغ عددهم 37 شخصية من بينهم 18 من التقلیديین، و10 من اتجاه الكلاوی، و8 وطنيين معتدلين ، و9 وطنيين ضمنهم 5 أعضاء من حزب الاستقلال و نقابيين اثنين.

وكان البروتوكول يحدد لنا ترتيبا معينا بالنسبة للقاءات التمهيدية، إد كان من اللازم أن تستقبل أولا المخزن، ثم تركت لنا الحرية الكاملة في ترتيب اللقاءات اللاحقة".

مقابلات يوم الاثنين 22 غشت 1955.

وبالفعل، استقبلنا يوم الاثنين 22 غشت، وفد المخزن برئاسة الوزير الحاج محمد بن عبد السلام المقری ... يساعده ولده التهامي المقري، وهذا الأخير، الذى ازداد سنة 1899، وكان أول مغربي تحصل على شهادة البكالوريا، وتخرج كمهندس زراعي من جامعة "مونبوليي، كان يعتبر ألمع وأرقي شخصية مخزنية. وهو في نفس الوقت رجل أعمال منفتح على كل مظاهر العصرنة، وعضو في نادي الروتاري: وكان المسمى التهامي متمسكا بشكل شديد بضرورة الحفاظ على علاقات وثيقة بين المغرب وفرنسا، وبالنسبة لهما معا (الوزير وابنه)، فإن محاولة ترميم سلطة أبن عرفة هي محاولة عديمة الجدوى، ولقد صرح لي السي التهامي المقری بما يلي :

إن ابن عرفة، الرجل المسن والمريض والبشع والاعور، لم يكن ابدا الرجل المناسب. أما گرانفال" (المقيم العام)، فان الخطأ الذي ارتكبه هو معاملته الحسنة للوطنيين وإهمال اصدقاء فرنسا... إن کرانفال" كان ينظر للأمور بأعین حزب الاستقلال الذي هو حزب يساری متطرف، وبنبركة الذي يغازل الشيوعيين هو المسؤول عن قسط وافر من الأحداث الراهنة. ويتوجب أيضا معاملة الكلاوي بمرونة، والأخذ بعين الاعتبار تعنته البربري وحقده على بن يوسف، وبالتالي، تجنب مواجهته، أن يكون من الأفضل استلطافه بدل ارغامه على الالتجاء إلى منطقة تالوين وتجنيد الف فارس.

ولقد برزت ضمن مجموعة المخزن، شخصية غريبة سيكثر الحديث عنها فيما بعد : الحاج عبد الرحمان الحجوي، مدير البروتوكول ورئیس فدرالية الغرف التجارية المغربية، الذي حصل على وسام الشرف" (الفرنسي). والحجوی هذا، المزداد سنة 1910، كان عدوا لدودا للوطنيين الذين كانوا يهددونه دوريا بالتصفية. وهو يعتبر حارسا للسلطان وخادما له، ومفكرا للكلاوى في نفس الوقت.

ولقد تولى سنة 1952، ادارة جريدة "الوداد " الممولة من طرف الاقامة العامة والتي شرعت في محاربة حزب الاستقلال والدفاع عن قضية التعاون المغربي الفرنسي من الزاوية التقليدية. ولقد لعب الحجوي ورقة بن عرفة، وربط مصيره بمصير هذا السلطان.

وفيما بعد، استمعنا الى السي برادة نائب الوزير المكلف بالشؤون الاقتصادية الذي أظهر تفضيلا لحل يقضي بتكوين خلافة في المغرب بإشراف بن يوسف.

ولاختتام هذا اليوم الاول، استمعنا الى محمد الخلطي، مثل فكرة الدمج بين السكان الفرنسيين والمغاربة، ومحمد الخلطي الذي تخرج من باریس، كان متزوجا بمعلمة فرنسية ابنة نقيب متقاعد، ولقد عبر هو أيضا عن رغبته في تنحية بن عرفة".

مقابلات يوم الاربعاء 24 غشت 1955

ابتدأت مقابلات يوم الاربعاء 24 غشت "بقطعة مختارة"، الا وهي مقابلة الكلاوى. لقد عم الصمت في القاعة، وقام الکلاوی، ورتب هندامه، ثم قال :

أيها السادة، ابتدأ بالمؤاخذة التالية: لو تم القيام بالإصلاحات الضرورية بعد ذهاب بن يوسف، لما كانت الحالة على ما هي عليه الان"..

هذا ما كنا نعرفه، ولهذا السبب نظمنا هذه المفاوضات ... ثم أضاف الكلاوی قال: "يتوجب على فرنسا أن تعلن رسميا ان بن يوسف ولا أولاده لن يصعدوا أبدا فوق العرش. وهذا يعني رسميا، أيها السادة، أن فرنسا تلتزم باحترام كلمتها ... وإنكم تدركون اننا في بلادنا لا نتسامح مع مبدأ العهد. وتحت هذا الشرط، وهذا الشرط وحده، سأنفذ تعليمات فرنسا ...

وبعد هذا جاء دور الاخوين الناصري: السي محمد مندوب عن الشؤون الادارية، والسي جعفر مندوب الوزير في الاشغال العمومية. والسي محمد المزداد سنة 1895، تحصل على شهادات في اللغة العربية، وشهادات عليا في الشؤون الاسلامية والقضائية والإدارية، اضافة الى ليسانس في الحقوق من كلية بوردو ولقد تبوا سنة 1922، مسؤوليات أساسية في ديوان المارشال ليوطي، كما أنه تعرض سنة 1955، لمحاولة اغتيال أصيب على إثرها بجروح بليغة. والناصري الموشح بوسام الشرف من درجة "قائد "، كان هو المستشار القانوني لابن يوسف، قال الناصري:

"انني قد احترمت القرارات التي تم اتخاذها، لكنه كان من اللازم مباشرة بعد ذلك، اجراء الاصلاحات الضرورية، وابن يوسف يعتبر مند أن تم نفيه ضحية وبطلا في نفس الوقت. أما بن عرفة، فيجب أن يذهب الى حال سبيله، ويجب ترتيب كل هذا باتفاق مع اسبانيا، لان العديد من مشاكلنا يأتي من المنطقة الاسبانية".

وكان آخر متدخل خلال هذا اليوم هو الكاتب العام لحزب الشورى والاستقلال. هذا الحزب اللائيکي ذي الاتجاه الجمهوري، والذي كان قريبا للغرب أكثر من منافسه حزب الاستقلال، وكان عبد القادر ولد جميلة بن جلون محاميا مرنا وذكيا متاثرا بالثقافة الفرنسية. لقد تزوج امرأة فرنسية ابوها الماني، وكان موقفه متذبذب اتجاه بلادنا، خاصة خلال الحرب الأخيرة. لكنه غیر موقفه منذ أن استقر بباريس سنة 1953، ثم بسويسرا بعد ذلك. وكان معاديا لاعمال العنف، ومؤيدا للتعاون بين المغرب وفرنسا، ولقد أدلى لنا بما يلي:

"إن ابن پوسف هو رمز السيادة المغربية. وما تعلقنا بشخصه سوی احتجاجا على انتهاك الشخصية الشريفة، وأن حزب الشورى والاستقلال الذي يعبر عن المقاومة المغربية والمناضل من أجل سيادة المغرب واستقلاله، يرى أن السلطان هو، ضمن هذه الآفاق، رمز للدولة المغربية وحارسها.
وبعد هذا، قابلنا الوطنيين المعتدلين، ومن بينهم السيد الفاطمي بن سليمان الباشا السابق لمدينة فاس، والحاج عباس التازي، والمنصوري قائد الرحامنة الذين أخذوا الكلمة... قال الفاطمي بن سليمان :

"ان الحكومة الحالية هي حكومة مكونة من أناس شكليين، والذي نحن بحاجة إليه، هو حكومة ائتلاف وطني بموافقة بن يوسف، الذي ليست له أية نية في الصعود من جديد فوق العرش. وانني أريد في النهاية أن أتوجه بعبارات التقدير للسيد گرانفال. اذ ان اي مقیم عام لم يتمكن من كسب ثقة المغاربة أكثر منه، وذلك منذ عهد ليوطي :.

مقابلات يوم الخمس 25غشت 1955

اما يوم الخميس 25 غشت 1955، فلقد خصصناه لاستقبال باشوات الدار البيضاء وأزمور ومكناس وایت عیاش وزعير وأكادير. ولم نكن ننتظر منهم أن يطالبوا بعودة بن يوسف. ان هؤلاء الرجال الاغنياء والفقهاء، أكدوا كلهم من جديد وفائهم لفرنسا. ولقد عبر باسمهم السي المدني باشا مدينة أكادير، عن قناعته بأن المغرب لم يكن ناضجا ننيل الاستقلال كما يطالب بذلك حزب الاستقلال، وأنه يتعين على فرنسا فرض بن عرفة ومساندته وحمايته.

أما التدخل الثاني، فلقد كان لعبد الرحيم بوعبيد الذي قال: "ان بن يوسف بجسد المغرب بالنسبة للشباب والنساء. ولا يمكنكم ان تغيروا شيئا من هذا، وحزب الاستقلال لن يقبل بمبدأ تكوين مجلس العرش إلا إذا كان مرفوقا باتفاق بن یوسف، لكن المشكل الأساسي ليس هو هذا أيها السادة. المشكل الأساسي هو العلاقات الفرنسية المغربية. إن الحماية الفرنسية قد جعلتنا على صلة بالعالم بعد أربعة عشر قرنا من الانعزالية المتوحشة حتى اتجاه الإسلام. وبفضل فرنسا تأكدت شخصيتنا. وهذه الشخصية لا تطالب إلا بأن تتبلور، دائما بفضل فرنسا. وبمساعدة فرنسا، فإننا نريد أن نصبح دولة حرة وذات سيادة، لكننا مستعدون لاحترام المراحل التي تتطلبها الظروف، والاستقلال لن يتم بكل تأكيد اليوم، ولا حتى غدا. أن الهدف النهائي لكفاحنا هو الاستقلال، لكن إذا كان من المستحيل منحنا اياه فيتوجب على فرنسا أن تعترف رسميا على الأقل بهوية المغرب في هذا الاستقلال.

ولقد هز هذا الكلام الموزون مشاعر السيد أنطوان بيني الذي كان يعارض فيما قبل مقابلة المجرمين واعداء فرنسا"، فأجاب على بوعبيد قائلا:

"ان فرنسا ليست لها أهداف أخرى سوى تلك التي عبرتم عنها، ولا يتعلق الأمر إلا بضبط مراحلها وتحديد وسائلها"

مقابلات يوم الجمعة 26 غشت 1955

لقد ابتدأ يوم الجمعة 26 غشت باستقبال الشريف الكتاني المنحدر من سلالة مولاي ادريس، وهو كثير الذكاء وفقيه مشهور في كل العالم الإسلامي، وشيخ الزاوية الكتانية التي لها أنصار في شمال أفريقيا كلها، فال الشريف الكتاني:

"إننا نعيش منعرجا تاريخيا هاما. فبرلين الشرقية محتلة من طرف قوات هائلة، وإذا ما فقدت فرنسا إفريقيا الشمالية، فلن یبقى لها سوى الارتماء في أحضان الروس، ولقد لعب بيتان دورا سيئا تجاه هتلر عندما حافظ على أفريقيا الشمالية وادخل الامريكان إليها. إن علی هؤلاء البدء پتحرير السود الموجودين عندهم قبل التفكير في إعطاء الدروس لفرنسا (۰۰۰) ان الوطنية تأتي من روسيا، وتنضج في القاهرة، ثم تتبلور في تطوان" -...

وكجواب عليه، اعطاه "ادغار فور" الضمانة على ان فرنسا ستظل بأي ثمن في افريقيا الشمالية، وإنها ستعمل على حماية اصدقائها مثله ومثل الكلاوی ...

وبعد هذا جاء دور الجالية اليهودية، وكان جاك دحان - خريج في الفلسفة والعلوم الدينية - هو أبرز شخصية ضمنها (...) ولقد طرح هذا الأخير أنه سيكون من الخطير الإعلان رسميا عن عدم عودة بن يوسف، كما انتقد القادة الوطنيين ووصفهم بأنهم تنقصهم الشجاعة، ثم عبر عن اتفاقه مع مبدأ تكوين مجلس العرش مع التطبيق الفوري للإصلاحات دون انتظار أن يعود الأمن للبلاد (۰۰۰)

يوم السبت 27 غشت 1955

لقد بقي لنا يوم واحد لإجراء آخر اللقاءات، وهو يوم السبت 27 غشت. وعلى الساعة العاشرة صباحا، التقينا الوزير (الصدر الأعظم) وولده السي التهامي بهدف تحديد مسطرة خلع بن عرفة (...) وقد اكد لنا استعدادهما لمساعدتنا کما أكدا من جديد أن بن عرفة مستعد للذهاب الى طنجة. ولقد صرح لهما هدا الأخير أن الله لا يمكن أن يكون معي وحدي ضد شعب بأكمله...

وكنا نرغب في الالتقاء بعد الظهر مع ممثلي حزب الاستقلال ثم حزب الشورى والاستقلال للبحث معا على حل مقبول من طرف الجميع للمسالة المغربية، وكان وفد حزب الاستقلال يضم اضافة الى بوعبيد الذي استقبلناه يوم 25، كلا من بنعبد الجليل وبنبركة (...)، لقد نعاطى بنعبد الجليل السياسة منذ بلوغه سن الرشد، وأصدر مجلة "المغرب " وساهم في جريدة "نضال الشعب"، وقد نال مكانة بارزة داخل حزب الاستقلال منذ سنة 1941، حيث كان يعتبر الخليفة المحتمل لأحمد بلافريج الكاتب العام للحزب.

أما بنبركة الذي عرف أكثر بعد موته، فقد كانت له علاقة بالحزب الشيوعي بعد أن انهى دراسته بشكل لامع، ثم أصبح من أبرز قادة حزب الاستقلال، حيث كان يثير الانتباه بأسلوبه العنيد (...).

ورغم هذا فقد عبر الرجال الثلاثة عن الرغبة في الاعتدال، وكان "جاك دو هاميل" - الذي كان لا يعرف الراحة وكان إصراره يثير اعجابنا - يحاول نيل موافقتهم على مخططنا، وحتى مطالبة بنبركة ب"الحصول على تصريح من طرفنا يؤکد وحدة المغرب وسيادته"، لم نلبث أن لبيناها (...).

إن مجمل هذه المقابلات لم تزودنا في الواقع بمعطيات جديدة، لكنها أكدت لنا أن هناك حدا ممكنا. وكان بإمكاننا حصر خمس نقاط تتفق عليها جميع الوفود، وهي: ذهاب بن عرفة في ظروف مشرفة ودون تنازل عن العرش، تكوين حكومة تسيير ومفاوضة مع فرنسا، ضرورة الحصول على تزكية بن پوسف ورجوعه الى فرنسا (...).

أن هذه النقاشات وامتداداتها في الكواليس قد تمت بلباقة عالية، وهؤلاء الرجال الذين كانوا بالأمس، يتقاتلون في أزقة الدار البيضاء، يتناقشون الآن بهدوء وبشكل يكاد يكون وديا.

لقد استرجعت فرنسا دورها كوسيط، وغادرنا "ایكس ليبان" بقناعة، أو على الاقل بأمل، على أن الحوار سيستمر في جو تمت تهدئته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عبد الكريم الخطابي يحذر من مسرحية ايكس ليبان
عبد السلام أديب ( 2019 / 8 / 27 - 20:50 )
في 7 يناير 1956 نشرت صحيفة -كفاح المغرب العربي-، الصادرة باسم أنصار جيش التحرير في المغرب العربي من دمشق، رسالة للزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي تحت عنوان: -بطل الريف يحذر المتخاذلين ويدعو الشعب لمتابعة النضال-: - وقد اقتدت جماعة الرباط بجماعة تونس المستسلمة فأبرزت اتفاقية إكس ليبان إلى حيز العمل والتنفيذ، وأخذت تناور وتدلس وتغري الشعب المغربي بالكلام المعسول. وهي سائرة في نفس طريق اتفاقية تونس وستطالب المناضلين بإلقاء السلاح، بعدما طلبت منهم الهدوء بحجة أن المفاوضة لا تكون إلا في الهدوء، والهدوء لا يكون إلا بإلقاء السلاح وتسليمه لهذه الجماعة الرباطية الجالسة على عروشها حين يتفرغ الأعداء للقضاء على الجزائر. فحذار من السقوط في الفخ المنصوب،


2 - عبد الكريم الخطابي يحذر من مسرحية ايكس ليبان تابع
عبد السلام أديب ( 2019 / 8 / 27 - 20:53 )
وإننا على يقين من أن الشعب المغربي سوف يستمر في الكفاح والنضال إلى أن يخرج من بلاد المغرب بل من شمال إفريقيا كلها آخر جندي فرنسي يحمل السلاح من جماعة المستعمرين. أيها الإخوان دعاة الهزيمة موجودون في الأقطار الثلاثة من بلادنا، فلا يجوز بأي حال من الأحوال بأن يسمح لهم أن يثبطوا من عزائمنا أو يوهنوا من عقيدتنا في الكفاح الشريف. فالنصر حليف المناضلين في سبيل الحق-. عبد الكريم الخطابي

اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث