الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد شاكر وقضية الحوار المتمدن

سعد سلوم

2006 / 5 / 15
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن


تتمثل قضية الحوار المتمدن في "حرية الرأي" في العراق و العالم العربي الذي أصابته لعنة الغاء الاخر والسعي لمحقه.في يوم يعتقل أحد كتاب الحوار المتمدن وفي يوم أخر يتم تصفية الحساب مع كاتب اخر.هذه المرة تلطخ وجه حرية الرأي بدماء زميلنا وصديقنا عبد شاكر.وهذه المناسبة الآليمة فرصة امام كتاب الحوار المتمدن لمراجعة الذات وادراك ان لكل شيء ثمن في عالمنا.وللحرية في هذا السياق ثمن غال،فشبح الارهاب الصاخب الذي يعيث فسادا في ارض بلاد ما بين الرافدين خطف روح أحد اصدقائنا،في وقت توزعت فيه دمائنا بين أصناف القتل وانواع القتلة :منا من يقتل على أيدي المسلحين اوالميلشيات ومنا من يسحبه سوء الحظ الى اماكن الانفجارات ومنا من يقع بنيران القوات الامريكية وهكذا فإن مهرجان القتل الدائم في العراق يطالنا جميعا من قبل جميع الاطراف المتنازعة .و على الرغم من كون ماكنة القتل والخطف التي تطال اصدقائنا من الصحفيين والاعلاميين ضمن موجة التقتيل والارهاب التي تطال المدنيين العراقيين دونما ادنى اعتبار للمواثيق الدولية او الشرائع السماوية أكبر من قدرة الدولة على الحماية لكنها أضعف من قدرتنا على التحدي والبقاء.
أكتب هذه الكلمات وأنا اتذكر يوم تعرض موقع الحوار المتمدن لعمل تخريبي من قبل جهة معادية لحرية الرأي، وقتها تلقيت أتصالات عديدة من قبل كتاب ومثقفين عراقيين ينتمون الى جميع محافظات العراق دون أستثناء.وكان الهم الوحيد للجميع المشاركة في أرجاع نافذة الرأي المتمدنة الى مكانها فقد كانت رئة الحوار المتمدن تجذب الكثير من كتاب الرأي على الرغم من تناقض وجهات النظر وعدم انطلاق الجميع من مرجعيات واحدة أو مسلمات جاهزة،فقد كانت قضية حرية الرأي
تجمعنا على صفحة الحوار المتمدن بما يعنيه ذلك من كشف الزيف وأزالة ورقة التوت عن عورات الساسة والسياسية ونقد ما هو قائم.
في وقتها تلقيت أتصالا من عبد شاكر تلاه أخر حتى أصبح سياقا جمعنا على جناح الصداقة.وبعد أن رجع الموقع لعمله انقطعت الاتصالات من قبل الكثيرين ونسيني الجميع في ظل الفرحة بعودة الاوكسجين الى رئاتنا برجوع الموقع. لكن عبد شاكر ظل يحفر في السؤال الانساني وأبدا الرجل استعداده لتخصيص مبلغ لدعم الموقع يصل تباعا مع تعاقب فصول السنة.
مع اغتيال هذا الرجل أصبت بصدمة مضافة لما اتعرضه له يوميا في بغداد.
أمتد جرحي من هابيل وقابيل ليمر ببغداد ويصل الى البصرة!.
اغتيال عبد شاكر يثير السؤال مجددا حول عراق ما بعد التغيير وكذبة التحول الديمقراطي.ما قيمة حرية الرأي في ظل مثل هذا التحول الجنوني الى ثقب العنف الاسود الذي يمتص جميع الحريات؟!.
يمثل الحق في حرية الرأي والتعبير أحد حقوق الإنسان الأساسية التي لا تقوم قائمة أي نظام ديمقراطي بدونه.واذا رسمنا مثلثا توضيحيا لعناصر هذا الحق الاساسية فان احد اضلعه يمثل الحق في اعتناق الآراء والأفكار والتوجهات التي يريدها الفرد،دون تعرضه لأي ضغط أو إكراه، إضافة لقدرته على التعبير عن هذه الأفكار والتوجهات، باستخدام شتى الوسائل، ودون وجود أي تهديد خارجي، يحد من حرية التعبير ونقل الأفكار والمعلومات بكل حرية. في حين يمثل ضلعه الثاني الحق في الوصول الى المعلومة ذلك ان الحق في حرية الرأي والتعبير في ارتباطه الصميمي والجوهري بالحق في الوصول للمعلومات ونشرها، واعتماده الاساسي عليه يجعل من المستحيل التمتع به وممارسته بكل حرية، دون أن يكون هناك تداول وتبادل للمعلومات، بحيث يتمكن المواطنون من الحصول على مختلف المعلومات التي يريدون، والمتعلقة بقضية معينة،من مصادرها المختلفة،وبلورة الآراء الخاصة بهم والتعبير عنها، لاسيما حين يتعلق هذا الحق بمصير حياتهم وهندسة مستقبلهم كما يحدث في العراق.كما يمتثل الضلع الثالث في عنصر الحماية اللازمة للحق فدون توفر جو يسوده الاستقرار والأمن فان هذا الحق يبقى مهددا ومهدورا في ظل فوضى العنف التي تفرغ كل الحقوق من مضمونها وتحيلها الى محض كلمات مطبوعة على صفحات مواثيق جامدة.
في بلد تعمه الفوضى ويسيطر عليه شبح العنف وتمارس فيه الميليشيات والجماعات المسلحة رقابة الحكم الواقع تبدو كفالة الدولة للحقوق وفي مقدمتها حق الرأي والتعبير محض افتراض لا سند له في الواقع ،مما يجعل من الحقوق كافة مجرد أيقونات في متحف الدستور المكتوب.بل ان القيود والرقابة الموضوعة على حق التعبير وهي من قبيل القيود والرقابة الواقعية تمسخ هذا الحق من مضمونه وتنزل بمستوى المهنية وممارسة الرأي الى لعبة التصنيف الطائفية والجهوية الى حد يصبح فيه انتهاج الحياد والموضوعية والقراءة العقلانية للاشياء والاحداث نوعا من المروق يجعل من حرية الرأي و التعبير ممارسة انتحارية.وقد ذهب أحد الفقهاء الدستوريين الفرنسيين الى ان الدستور لايعد دستورا ما لم تضعه في الجيب،وذلك للدلالة على قوة الدولة الضامنة لعلوية الدستور وانك بالامكان ان تخرجه من جيبك متى تشاء لتحاجج أي ممثل للسلطة عند انتهاك حقوقك.وما يحدث في الواقع هو ان أي خارج على القانون في الشارع يستطيع ان يدوس الدستور بقدميه دون عقاب.مثلما يستطيع أي خارج عن القانون اغتيال زميل وصديق لنا مثل عبد شاكر ويوجه ضربة الى قلب قضية حرية الرأي.
أرفع هذه الكلمات الى جميع زملائي في الحوار المتمدن:
من أجل ذكرى عبد شاكر لن نتوقف عن الكلام
سنظل ندافع عن حرية لن يكون سقفها سوى السماء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE