الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع الايراني

خالد الصلعي

2019 / 8 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


الربيع الايراني
**************
يقال في علم الجريمة ، أن معرفة المجرم تتأسس على معرفة من له مصلحة في ارتكاب الجريمة . هي نظرية قد تكون صائبة في حالات ، وقد تكون خاطئة في أخرى . لكن الفكر النقدي يجرب دائما كل امكاناته للوقوف على مآلات الأمور واستخلاص الدروس .
يبدو أن الرابح الأكبر من الربيع العربي ، كان الجمهورية الاسلامية الايرانية . فباستقراء مجموع الأرباح التي اكتسبها جل المتدخلين في الربيع العربي والمحرفين لوجهته ، تبقى ايران المستفيد الأكبر من نتائج هذا الربيع الذي يجب النظر اليه من مختلف الأوجه والزوايا والجهات . كان ربحها أكثر من اسرائيل ومن الولايات المتحدة الأمريكية نفسها . وكأنها طبقت بحرفية عالية مقولة عراب حرب العصابات المجاهد محمد بنعبد الكريم الخطابي ، فكر بهدوء واضرب بقوة .
استطاعت ايران برغم الحصار الكبير الذي ضربته عليها الادارة الأمريكية ، أن تغرس مخالبها في دولتين عربيتين ، هما سوريا والعراق ، وامتدت الى اليمن ، في حين أنها لاتزال تحاول التجذر في البحرين . وهي في نفس الآن تخوض حروبا دولية شرسة على عدة مستويات ، اقتصادية وجيوستراتيجية ، ثقافية وسياسية . دون أن يبدو عليها أي فتور او تراجع . بل العكس هو الحاصل تزداد عنفوانا وتمددا وقوة . تواجه الغرب بكل جموحه الاستعماري القديم ، بدهاء سياسي منقطع النظير ، يشهد به أعداؤها قبل أصدقائها .
في خضم الربيع العربي استطاعت ايران أن تقلص من نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في العراق ، وتضع أشياعها وأتباعها في بؤر السلطة العراقية ، وتعقد اتفاقات اقتصادية كبيرة مع الدولتين ، ما يشكل متنفسا هائلا للحصار الشرس الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضدها . كما انها عززت من قوة حزب الله التنظيم المخيف لاسرائيل وحلفائها الغربيين .
وقد تعززت قدرات ايران التفاوضية مع الغرب قاطبة ، وأمدت حليفيها الرئيسيين ، روسيا والصين بقوة اضافية ، جعلت ايران تشكل موضوع فخر واعتزاز لهذا الاختيار الصائب لحليف قوي واستراتيجي . في حين أن كل الدول العربية شكلت عبئا ضخما على الولايات المتحدة الأمريكية التائهة في رؤيتها الاستعمارية البالية التي تعتمد على الاذعان التام واستنزاف الخيرات ، وعدم السماح بامتلاك قوة عسكرية ذاتية .
واذا كانت اسرائيل قد استفادت من الربيع العربي عبر فتح ابواب العواصم العربية المتهالكة ، وعقد علاقات مباشرة مع بعضها . فان هذا التحول السياسي لم يمنح اسرائيل أي اضافة نوعية ، أو قوة ذات تأثير كبير ، اللهم علاقات فوقية لاتؤسس لأي صميم تستطيع من خلاله فرض نفسها على شعوب المنطقة . عكس ما صنعته ايران التي اعتمدت نفس النهج الصيني في تعاملها مع دول المنطقة .
فماذا لو عادت الأمور الى ما تطمح اليه ايران ، واتفقت مع الادارة الأمريكية على ترتيبات تساعدها على تخفيف العقوبات ، وهذا ما تشير اليه آخر المعطيات بعد وساطة فرنسية يرى الخبراء انها قد تفضي الى لقاء مباشر بين الادارة الامريكية والنظام الايراني ؟ .
الى الآن تعتبر ايران الرابح الكبير من الربيع العربي بعكس ما تورده جميع الكتابات حول الموضوع . وهي حسب استقراء لنهجها التفاوضي ، وقدرتها على ترجمة اهدافها ، سواء بصناعات عسكرية متفوقة ، أو في مناوشاتها العسكرية في المنطقة ، أو عبر مفاوضاتها حول حاملة النفط "غريس1، تستطيع فرض نفسها كقوة اقليمية ودولية لا مجال لتقزيمها أو عرقلة طموحها المشروع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا