الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهيام بسنوات حكم صدام ...مؤشر جهل ام معرفة ؟

احمد عبدول

2019 / 9 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


قلت في مقال سابق نشرته في موقع الحوار المتمدن قبل اشهر ان التاريخ وكما هو معروف يكتبه المنتصرون وهو ما يتمثل بالحكام والانظمة السياسية ولا شك ان التاريخ الذي تخطه الاقلام المأجورة لهذا الحاكم المنتصر أو ذاك قد تُشوه فيه كثير من الحقائق وتطمس فيه الكثير من المعالم وبالتالي نكون ازاء تاريخ مزور الا ان الغريب في الحالة العراقية ان قطاعات واسعة من الشعب العراقي اليوم هي من تقوم بأكبرعملية تزوير شهدها تاريخه القديم والمعاصر .

لقد انفرد العراقيون اليوم بممارسة اخطر عملية تزوير عندما ذهبوا الى ان سنوات حكم (صدام حسين ) لم تكن سنوات عجافا بل كانت سنوات سمانا، أكل فيهن العراقيون من فوقهم ومن تحت ارجلهم كما يقال .
المتتبع لصفحات التواصل الاجتماعي هذه الايام يجد ان عملية التزوير التي اشيرإليها هنا آخذة بالتصعيد والاتساع يوما بعد اخر فهناك المئات من الصفحات والمواقع التي تضع صورا لـ (صدام حسين ) وتخط تحت صورته عبارات التمجيد والترحم وضرورة الالتحاق بركب انصاره ومحبيه ولا شك ان الكثير من تلك الصفحات والمواقع تقف من ورائها جهات سياسية فاعلة ينضوي تحت لوائها عدد من القوى والشخصيات السياسية والعسكرية ممن كانوا يحسبون على النظام البائد حتى اذا ملئت جيوبهم وثقلت مراكبهم من اموال العراقيين فروا هاربين وولوا مدبرين الى البلاد المجاورة بعد ان اعطوا اعظم المواثيق واغلظها ان يصمدوا امام الزحف الاميركي وان يُقتلوا دون عاصمة الرشيد فكان ان تبخروا بين ليلة وضحاها تاركين البلاد والعباد في ظلام حالك ومشهد شائك .
ومع كل ما تقدم فأننا نجد اليوم ان هناك اذانا صاغية وعقولا مؤيدة لما تقوم بنشره تلك الصفحات وما تبثه تلك المواقع .

اما التعليقات فانك تجد ان اغلب المعلقين يتوزعون على كافة محافظات العراق من جنوبه لشماله وهو مؤشر يبعث على الاسى ويدعو للتوقف والتأمل وضرورة معرفة اهم دوافعه واسبابه ومبرراته .
ان مبررات هؤلاء الذين يترحمون على (صدام حسين ) وسنوات حكمه التي ابتداها بحرب كونية واختتمها بحرب كونية اخرى سلمت العراق بيد الاحتلال الاميركي تتلخص في ان من يحكمنا اليوم ممن استبشرنا بهم خيرا صاروا اسوأ من (صدام ) فقد فاقوه في الظلم وزادوا عليه في الجرم وبالتالي فلا مناص من الحنين الى أيامه وسنوات حكمه ولا شك ان هكذا مبرر لا يصمد اطلاقا بوجه الحقائق التي عشناها خلال ثلاثة عقود من الزمن فلو سملنا ان من يحكمنا اليوم هو اشد قبحا من صدام فما هو المبرر لتجميل صورته وتبييض صفحته وان قلنا بان من يحكما اليوم اقل قبحا من صدام فما هو المبرر للحنين الى سطوته وجبروته وفق هكذا معادلة وهكذا رؤية يجب ان نعالج تلك الاشكالية الافتراضية والمتخيلة.

ان اغرب ما في تلك الاشكالية المتوهمة هو وجه المقاربة والمقارنة بين صدام وبين من اتى من بعده ففساد من يحكمنا اليوم او صلاحهم لا يتعلق بصدام ومسألة تقييمه التي حسمها التاريخ وقال فيها كلمته بكل وضوح وصراحة .

ان تبييض سيرة حاكم مستبد - كون من يحكمنا اليوم ليس مؤهلا للحكم وصالحا للقيادة - مؤشر على وجود خلل ثقافي وفكري وحتى نفسي في نفوس وعقول هؤلاء الذين يسعون جاهدين ان يجعلوا من جمهورية الخوف جمهورية الحب والود والسلام .
لا شك ان حملة التزوير الآخذة بالاتساع والتمدد من ناحية اخرى تعكس مزاج الشخصية العراقية المتقلب الذي عرفت به على امتداد التاريخ حتى كانت اهم وابرز عوامل نكوصهم وتفرقهم عن افضل من صادفوه من الحكام واصلح من جربوه من الولاة على قلتهم .
لقد قال التاريخ كلمته في (صدام ) وسنوات حكمه كما قال كلمته في من يحكمنا اليوم عندما وصفهم بحيتان الفساد وآفات الخراب لذلك فلا مبرر ان يأتي كائن من يكون ليدس انفه ويقحم ذاته فيحاول ان يجمل صور النظام البائد على قباحتها ، كون من يمارس الحكم اليوم ليس جميلا وليس صالحا .

اخيرا علينا دائما ان نتذكر ان من اتى بمن يحكمنا اليوم هو صدام نفسه من خلال حروبه الداخلية والخارجية وسياساته الحمقاء التي استعْدت القريب والبعيد والشريف والوضيع فكان ان اجتمعت الارادة الدولية والاقليمية على الاطاحة به فاندفعت تلك القوى الى العراق على اختلاف توجهاتها وتباين طروحاتها وضعف تجربتها في مزاولة العمل السياسي والدبلوماسي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل