الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
خيانة القضية الفلسطينية برواية تحت عنوان عتبة ثقيلة الروح لما يا أبو الحيات
حسن ابراهيمي
2019 / 9 / 6اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
ما من شك في أن الرواية تعمد إلى الجمع بين المادة التاريخية وعنصر الخيال ,في إطار نسج أحداثها ,واختيار شخصيات تلعب أدوارا مختلفة في بناء الأحداث ضمن فضاء روائي يختلف باختلاف الكتاب أنفسهم ,وفقا لمواقفهم وأرائهم ,أيضا وفقا بالتالي للمرجعيات الفكرية ,والسياسية التي ينهلون منها .
وعليه تختلف الأعمال الروائية من حيث مواضيعها ,ومن حيث كيفية تناول الأحداث,والوقائع كما تختلف من حيث منظورها للزمن ,والحبكة ,والتبئير,كما تختلف من حيث طبيعة الحوارات الدائرة ضمن كل رواية .
ويندرج ذلك أيضا ضمن اختلاف الرؤى ووجهات النظر ,وفقا للمدارس النقدية التي يستعينون بمستجداتها , والتي يستقون منها فلسفتهم ,وتقنيات إبداعهم من اجل أن تأتي الأعمال جميلة ,تحمل رسائل وقيم فكرية ومواقف سياسية مختلفة ,أحيانا يتفق القارئ معها ,وأحيانا يختلف معها .
أحيانا تستفز أفق انتظار القارئ ,وتخلخل بنيته الثقافية ,والهدف هو دفعه لتغيير مواقفه تجاه الموضوع المتناول ,وأحيانا يتفق مع مضامينها .
وككل الروايات تأتي رواية تحت عنوان عتبة ثقيلة الروح لمايا أبو الحيات ضمن الأعمال الروائية التي تندرج ضمن إطار الرصد الرصين لواقع العلاقات السائدة بفلسطين في إطار حقبة من الزمان هذه العلاقات التي نشأت ,وتطورت ضمن تطور تاريخي معقد تدخلت فيه مجموعة من العوامل الداخلية ,والخارجية من اجل تاثيتها ,ذلك أن الرواية حاولت رصد التطور التاريخي لشبكة العلاقات السياسية ,والاجتماعية ,وغيرهما بفلسطين من خلال التركيز على علاقة تبدو أنها عاطفية ,لكن بمجرد استقصاء دوافعها ,خلفياتها ,وافقها كل ذلك يوضح بدون شك أنها تتجاوز ما هو عاطفي لتنصب في الحقل السياسي ,بما يفيد استدراج تأثير الاستعمار البريطاني لفلسطين ,وما خلفته مواقف هذا الاستعمار تجاه الشعب الفلسطيني ,من تمظهرات مست الحقل الاجتماعي ,والسياسي .الحقلان اللذان تشكلا ضمن البنيتين الثقافية ,والسياسية حيث حملتهما الذاكرة الفلسطينية ذاكرة المقاومة ,كما جاء على السن بعض الشخصيات الروائية .
ما من شك في ان السارد يود دفع القارئ إلى تفجير بعض الأسئلة لديه من خلال الانطلاق من علاقات تربط بين بعض الشخصيات ضمن الرواية ,وجعلها منطلقات وأسس لفهم مرحلة تاريخية يمكن تلخيصها بالانتداب البريطاني ,ونتائج استعمار بريطانيا لفلسطين ,وعليه فطبيعة العلاقات التي تربط الشخصيات الروائية تؤكد السيرورة التاريخية لتشكل الوعي الجمعي للشعب الفلسطيني تجاه قضيته الوطنية ,كما لعبت مختلف مصادر التربية أدوارا في ذلك من حيث علاقتها بمختلف المؤسسات بفلسطين وفي إطار تطورها التاريخي .
إن السيرورة التاريخية لتشكل الوعي الفلسطيني ,وما تلاه من مقاومة للاستعمار البريطاني في وما عرفته هذه القضية من انتكاسات ,وخيبات ,وتراجع بعض الفصائل بخصوص تبني المقاومة المسلحة ولتطايرها لهذه المقاومة وفقا لإستراتيجية الاحتجاجات السلمية ,ودفعها للمواجهة ,ورسم تكتيكاتها ,وإستراتيجيتها , كل ذلك تظهره الرواية مرحلة بمرحلة منذ إعطاء الصهاينة وعدا من اجل إقامة دولة لهم فوق الأرض الفلسطينية .
ان القراءة المسهبة للرواية تبرز هذه السيرورة التاريخية من خلال تيمات ,ودلالات سياسية تحملها بعض الكلمات ,وجمل تجاوز توظيفها بالرواية دلالتها المعجمية ,لتنصب في دلالات سياسية ,وبالتالي كان من بين أهداف توظيفها دفع القارئ الى البحث عن حلقات مفقودة ضمن الرواية بل يستهدف السارد من خلالها دفع القارئ الى طرح السؤال ,انه سؤال تحرر الشعب الفلسطيني من الاستعمار .
بعد الوقوف عند هذه الحقيقة التاريخية يتضح أن السارد يطمح إلى تأسيس رأي عام ,ولموقف هدفه معرفة حقيقة تاريخ الشعب الفلسطيني ,هذا التاريخ الذي يسعى الكيان الصهيوني إلى طمسه بكل الوسائل .
إذا كان الأمر كذلك بالنسبة للانتداب البريطاني ,فان الرواية لم تخل من أحداث تبين تأثير الامبريالية الأمريكية على علاقة الصهيونية بفلسطين ,بل استمرار ممارسة سياسات صهيونية توسعية عنصرية في حق الشعب الفلسطيني وتدفعنا هذه الأحداث إلى الكشف عن حقيقة الامبريالية نفسها ,ودورها الداعم للصهيونية ,والتستر على جرائمها تجاه الشعب الفلسطيني ,والتدخل لإلهاء الشعب الفلسطيني ,والتمويه من اجل ضمان استمرار سيطرة الصهيونية على الشعب الفلسطيني ,والعمل بشكل تدريجي على استعمار كل أراضيه ,بل وتنفيذ كل مخططات الصهيونية في الشرق الأوسط .
من هذا المنطلق تؤكد بعض الأحداث على ضرورة فضح هذه المخططات ,وفضح دور الامبريالية الأمريكية في الشرق الأوسط الذي يضمن للصهيونية الاستمرار في تنفيذ سياستها
في اطار العلاقات التي تربطها بكل الدول العربية الداعمة لها .
ان السارد يود ان يؤكد وفقا لما سبق على ضرورة النضال ضد الامبريالية ,وضد الصهيونية وضد كل القوى الرجعية الداعمة لهما التي تقف ضد تحرر الشعب الفلسطيني ,وبالتالي فمشروع تأسيس دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس يتطلب التأسيس لمشروع مجتمي قوامه النضال ضد كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني ,والنضال ضد كل القوى الرجعية التي تعرقل هذا المسار ,ايضا يتطلب ذلك النضال ضد الامبريالية الأمريكية التي ترعى هذه التحالفات حيث تتجدد الخيانة عبر مواقفها كما جاء بالرواية .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مقتل عنصر من حزب الله بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة جنوبي لب
.. حريق هائل يندلع في مبنى شاهق قيد الإنشاء في البرازيل
.. واشنطن ترفض تزويد إسرائيل بكل ما طلبته من أسلحة.. لماذا؟
.. الجيش الإسرائيلي يواصل ضرباته ضد أهداف تابعة لحماس في غزة
.. الأدميرال ميغويز: قدراتنا الدفاعية تسمح بالتصدي للأسلحة التي