الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التسويق يا غبي - مقالة في الشهرة الادبية

ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)

2019 / 9 / 6
كتابات ساخرة


طبق الأصل
التسويق يا غبي: مقالة في الشهرة الادبية
ماجد الحيدر

عذرا لأصدقائي القراء، وأخص منهم الأدباء والفنانين ومن في حكمهم ، المستَجِدّين منهم ممن يخطو خطواته الأولى ناشرا على صفحات الفيسبوك خواطره ومحاولاته الفجّة البسيطة التي يحسبها (وهذا من الطبيعي المعتاد) روائع قد لا يجود بها الزمان، والقدماء الذين قضوا عشرات السنين وهم يكتبون ويرسمون ويمثلون ويلحنون دون أن يحظوا بعُشر معشار ما كانوا يحلمون به من مجد وشهرة و.. فلوس!
عذرا لهم لأن كلمة "غبي" في عنوان هذه المقالة ليست موجهة لهم، بل هي مجرد استعارة (مع بعض التحوير) من عبارة شهيرة في التاريخ المعاصر للولايات المتحدة الأمريكية. العبارة الأصلية كما كنا نسمعها في أوائل التسعينات هي "إنه الاقتصاد، يا غبي" وبالانكليزية (It s the economy, stupid) وهي جملة شاعت كشعار انتخابي رفعه القائمون على حملة المرشح الرئاسي "بيل كلنتون" بوجه الرئيس "جورج بوش الأب". كان بوش هو المرشح الأقوى بسبب خبرته السياسية رئيسا لأمريكا ومعاصرته تطورات سياسية خارجية مثل انتهاء الحرب الباردة وحرب تحرير الكويت. لكن هذا الشعار كان يوحي إلى أن كلينتون هو الخيار الأفضل لرئاسة أمريكا لأن بوش لم يهتم بالاقتصاد اهتماما كافيا حيث شهد الاقتصاد الأمريكي في عهده موجة من الكساد الاقتصادي بسبب تركيزه على السياسة الخارجية وإهماله للسياسة الداخلية (مع انه عندو شوية سياسة داخلية... مادونية!) كما يقول الزعيم في مسرحية عادل إمام الشهيرة.
ولكن ما علاقة هذا الـ "شيءٌ من التاريخ" بالأدب والفن والشهرة والمجد؟
لا أظن الإجابة صعبة؛ فهؤلاء الذين يركزون جهودهم على البحث والدراسة وتطوير أدواتهم الفنية ويكرسون كل وقتهم لمشروعهم الابداعي دون الالتفات الى شروط وألاعيب "العملية الثقافية" في بلادنا المحروسة قلما يحظون بفرصة للشهرة والمجد أو نيل الجوائز أو الدراسات النقدية أو التواجد في الملتقيات والمحافل والمهرجانات (على ضحالة أغلبها وفقر دمها المزمن).
ورغم أنني واحد من أكثر الناس فشلا في الوصول الى شيء من تلك الشهرة والمجد (اللذين تبين لي في أواخر العمر بأنهما أتفه من أن يسعى اليهما المرء) فإنني سأخالف رأي الشاعر الذي تفضل بنصيحته الثمينة:
يا أيها الرجل المعلم غيره... هلا لنفسك كان ذا التعليم
وأتجرأ على تقديم بعض النصائح لمن ما زال يتطلع الى الشهرة الأدبية والله الموفق:
• إعلم يا أعزك الله أن من أوائل الاشتراطات أن تعرف السوق ومواسمه! نعم، فثمة مواسم للشعر الفصيح، وللشعر الشعبي، ولشعر التعبئة العسكرية، ولشعر التعبئة المذهبية أو القومية، وللرواية، وللقصة القصيرة، ولأدب المذكرات والاعترافات، وأدب الرحلات، وأدب التأوهات، وأدب المنابر، وللأدب المكشوف، ولأدب تمجيد الأوطان أو شتمها أو التبرؤ منها، وللأغنية "الوطنية" والأغنية الصالحة للردح، والأغنية البذيئة، وتماثيل الباذنجان، وتصاميم النافورات، و"دراما" التهريجات أو الرومانسقميات الى آخره من الأجناس والجنسيات، فاعرف ما يروج في السوق وما يتطلبه الموسم وسوف تتوفق بإذن الله!
• إشهار المعارضة السياسية قد يساعد في تعريف الناس ووسائل الاعلام بك، رغم أنه قد يعرضك الى مخاطر متفاوتة تتراوح بين بضع صفعات وركلات الى التصفية الجسدية (إن شعر أصحاب الشأن بأنك صرت تشكل خطرا حقيقيا)
• اعرف ما تريده لجان الجوائز والمسابقات العربية وهي في الغالب لا تتجاوز الخلطة المعروفة من شتم ايران وأمريكا واسرائيل والتغني بالمقاومة الشريفة وتصوير جحيم العيش في بلادك وعدم التطرق بسوء لأية أنظمة راعية للجوائز. أما لجان الجوائز المحلية فشروطها أسهل بكثير فابحث عنها بنفسك!
• زامل، جامل، إمتدح، تملق أكبر عدد من النقاد ومسؤولي الصفحات.
• من الأفضل أن تحتضنك جهة حكومية أو حزبية أو مؤسسة اعلامية تابعة لها، هذا سيوفر عليك الكثير من الجهد والمشقة.
• لا تترك مناسبة دون أن تتحدث عنها ولا حادثة دون أن تعلق عليها أو تساؤلا دون أن تدعي جوابه.
• إذا شعرت بأنك تعاني من "الإقصاء والتهميش" النقدي فكلف زميلا بالكتابة عنك ، ليس بدون مقابل بالطبع (نقود، جلسة، سهرة، ادراج في لجنة أو ترشيح لسفرة، مقالة مقابلة)
• تواجد على الدوام في المحافل والمقاهي والبارات التي يلتقي فيها ذوي الكلمة المسموعة. البعيد عن العين بعيد عن القلب. لا تتوقع أن تنال الشهرة وأنت قابع في مكتبك في مدينة نائية.
• الهجرة أو العيش خارج بلادك يمنحانك بضع نقاط إضافية. صفة الفنان أو الأديب المغترب أو المنفي أكثر فخامة وهيبة!
• أنفق ما يمكنك انفاقه على من تتوسم فيه إعانتك على صعود "درج" المجد وتجنُّب ابتلاعك من قبل "الحيّة". لا تجعل يدك مغلولة الى عنقك، والحسنة بعشرة أمثالها!
• المعارك والمشاكسات والفضائح والتصعلك وقذارة الملبس وبذاءة اللسان وسوء الخلق والسكر والعربدة قد تكون مفيدة جدا، بالعكس تماما مما يشيعه الفاشلون!
• إذا كنتِ امرأة على قدر (ولو بسيط) من الجمال وتعرفين كيفية الاستفادة من "مؤهلاتك" فلن تكوني بحاجة الى أغلب النصائح أعلاه، أما إذا اعتمدت فقط على مستوى ابداعكِ وثقافتك والتزامك الفكري والأخلاقي فامسحي يدك بالحائط!
• أخيراً فإنني لا أفهم، صدقني لا أفهم، سبب توقك للشهرة ما دمت ستموت- هل تعرف بأنك ستموت؟ أي والله العظيم ستموت ويلفك النسيان إلا إذا كنت واحدا من بين كل عشرة ملايين "مبدع" يبتسم له الحظ فينال المجد والخلود لا في حياته، بل ساعة يتعفن هو في قبره!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما