الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهادة امير علوي عن تاريخ العبيد البيض في القصور السلطانية

محمد مقنع

2019 / 9 / 9
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كان وجود العبيد الأوروبيون شائعا في شمال افريقيا أثناء سيطرة الفينيقيين الرومان والبيزنطيين على المنطقة، وبرز بشكل لافت خلال حكم المسلمين حتى أوائل القرن العشرين، وكانت تجارة العبيد البيض التي كانت تشمل الجواري والغلمان الصقالبة الذين كان الحكام الأوروبيين كهنري الأول ذا فاولر (Heinrich der Vogler، حاكم دوقية ساكسونيا، الذي انشا فيالق متخصصة في خطف النساء والاطفال السلاف -سكان أوروبا الشرقية- بغرض بيعهم لانهم لم يكونوا يدينون بالمسيحية)، يصدرونهم للمسلمين من اجل تغطية اسعار البضائع القادمة من المشرق، كثيرا ما تدعم بشن غارات على الاقاليم الأوروبية لسبي سكانها، أو أخذ الأطفال من عائلاتهم في شكل ضريبة لخدمة الدولة كجواري وجنود عبيد الخ. الا ان الكل يحاول اقبار والتعتيم على هذه الحقائق ويروج لخرافة تجارة الرقيق عبر الصحراء (The trans-saharan slave trade) التي ابتدعها الاوربيون لتقزيم جرائمهم في حق الافارقة، ولم أجد لها مصادر تاريخية تؤكدها. انا لا أنكر استرقاق بعض السود من طرف المسلمين، لكنني اشكك في الأرقام الضخمة التي تروج، لأنني لم أجد وثائق تاريخية تؤكدها، ولا حتى العقل يقبلها.

أولا: لم يكن هناك حاجة اقتصادية للعبيد في المنطقة كما هو الحال في "العالم الجديد" الذي كان يحتاج لقوة عاملة هائلة لسد الطلب العالمي على السكر القطن القهوة الخ، فقارة امريكا تتوفر على مؤهلات فلاحية كبيرة من مياه سهول شاسعة واراضي خصبة، عكس شمال افريقيا التي تغطي فيها الأراضي الصحراوية والجافة نسبة 92% من المساحة الاجمالية، كما ان سكانها لم يكونوا يملكون الإمكانيات حتى لشراء الطعام، فالمجاعات والاوبئة التي كانت تضرب المنطقة كل ثلاث او خمس سنوات كانت تحصد نصف سكانها، وتدفع المواطنين الى بيع أبنائهم للبرتغاليين والاسبانيين بابخس الاثمان.

ثانيا: نقل المستعبدين من دول الساحل وغرب افريقيا الى شمال القارة سيكلف التاجر مبالغ خالية ستؤدي الى كساد تجارته، فالرحلة المليئة بالمخاطر ستستغرق على الأقل ثمانية أشهر (سطروا جيدا على 8 أشهر)، يلزمه فيها تسديد ثمن شراء المستعبدين توفير الطعام والشراب لهم طوال مدة الرحلة الى جانب توظيف جنود لحراستهم ودفع الإتاوات للقبائل التي تحمي الطرق التجارية لتامين تجارته من اللصوص وقطاع الطرق. بينما العبد الأوروبي كانوا يأخذونه بالمجان بعد ان يهجموا على المدن الساحلية الأوروبية ويقتلوا الرجال ويسبوا الأطفال والنساء، ثم ينقلوهم في نفس اليوم الى المدن الشمال افريقية الساحلية، فكما قال الكاتب الاسباني المعروف ميغيل دي ثيربانتس (Miguel de Cervantes) الذي كان من بين ضحايا القراصنة الجزائريين: "الكثيرون شاهدوا الشمس تغرب في اسبانيا وتشرق في تطوان (مدينة في شمال المغرب)". لقد انتقلت مؤخرا برا من المغرب الى غرب افريقيا ومشيت على الكثبان الرملية تحت لهيب شمس الصحراء الحارقة للتأكد من صحة هذه الادعاءات، وأستطيع ان أؤكد لكم بانها مجرد خرافة وتوهم لا يرتكز على أسس تاريخية او علمية.

ثالثا: اعداد المستعبدين الذين جلبوا من غرب افريقيا الى الشمال لم يكونوا يتجاوزوا بضع عشرات ووصلوا كحد اقصى الى 1200 فرد، خلال الحملة التي اطلقها أحمد المنصور الذهبي على إمبراطورية سونغاي طمعا في الاستحواذ على مناجم الملح والذهب ورغبتا في ابعاد قادته العسكريين من العبيد الاوروبيين عن دائرة البلاط (جاءت هذه الحملة مباشرة بعد تمرد زواوة على احمد المنصور الذي سبق ان تكلمت عنه)، ووظف فيها 12000 من العلوج بقيادة قائد جيش الموالي المعلوجي محمود باشا زرقون، ابن أحد العبيد الإسبان الذي تربى في القصر السلطاني وتولى وظيفتي أمين الخزينة السلطانية وقائد الكتيبة الأندلسية، تم استعباد 1200 اسود (نساء رجال واطفال) وارسلوهم الى مراكش رفقة نصف الجيش والذهب الذي نهب، فيما بقي نصف الجيش الاخر في المنطقة بقيادة العبد الاسباني محمود باشا زرقون الذي عين باشا للمنطقة، ومنهم ينحدر الطوارق فاتحي البشرة والذين يطلقون على انفسهم البيضان المنتشرين في جنوبي المغرب والجزائر موريتانيا مالي والنيجر. وقد واجه جيش امبراطورية السونغاي الجيش المغربي المتكون من المرتزقة العبيد الأوروبيين والمجهز بأحدث الأسلحة النارية (المدافع والبنادق) بشجاعة منقطعة النظير، بحيث ربطوا أنفسهم ببعضهم البعض حتى لا يفروا مفضلين الموت دفاعا عن وطنهم رغم انهم كانوا مسلحين فقط بالسيوف والاقواس.

رابعا: استعباد الأوروبيين كان يدر على القراصنة الشمال افريقيين مبالغ مالية خيالية خاصة ان وقع في أيديهم ملوك امراء ارستقراطيين وكبار رجالات الدول الاوروبية، فمثلا عندما قبض قراصنة الجزائر على طاقم سفينتين امريكيتين مع بداية القرن التاسع عشر طالب داي الجزائر التركي من الامريكيين دفع 60000 دولار امريكي (ما يعادل حاليا 60 مليار دولار) مقابل إطلاق سراحهم مع التهديد بتحويلهم الى عبيد ان رفضت أمريكا الامتثال (راجعوا احداث Barbary Wars).

خامسا: المسلمون لم يغزو يوما دول الساحل وغرب وشرق افريقيا. في الحقيقة هم حاولوا غزو النوبة بجيش تعداده عشرين ألف مقاتل لكنهم فشلوا بعد ان اصطدموا برجال اشاوس، فقد أرسل إليهم عمرو بن العاص جيشا تعداده 20 ألف محارب بقيادة عقبة بن نافع الفهري سنة 641، ولكنه رجع يجر أذيال الخيبة والكثير من جنوده مفقوءة اعينهم، فقد كان اهل النوبة رماة مهرة، ولذلك أطلق عليهم المسلمون "رماة الحدق". جاء في كتاب فتوح البلدان للبلاذُري:
قال الواقدي: حدثنا ابراهيم بن جعفر عن عمر بن الحارث عن أبى قبيل حيى بن هاني المعافرى، عن شيخ من حمير قال: "شهدت النوبة مرتين في ولاية عمر بن الخطاب، فلم أر قومًا أحد في حرب منهم. لقد رأيت أحدهم يقول للمسلم: أين تحب أن أضع سهمي منك؟ فربما عبث الفتى منا فقال: في مكان كذا، فلا يخطئه، كانوا يكثرون الرمى بالنبل فما يكاد يرى من نبلهم في الأرض شيء. فخرجوا إلينا ذات يوم فصافونا ونحن نريد أن نجعلها حملة واحدة بالسيوف، فما قدرنا على معالجتهم. رمونا حتى ذهبت الأعين فعدت مئة وخمسون عينًا مفقوءة. فقلنا: ما لهؤلاء خير من الصلح، إن سلبهم لقليل وإن نكابتهم لشديدة".
وقد توالت محاولات المسلمين الدخول النوبة، لكنها استعصت عليهم وانتهى الامر بعقد صلح اليقط.

سادسا: لدينا الاف الوثائق التاريخية التي تثبت استعباد عشرات ملايين الأوروبيين من طرف المسلمين:
• غزو اسبانيا البرتغال إيطاليا فرنسا وجزر غرب المتوسط الذي امتد من 710 الى 1492 ميلادية، خلف أكثر من 10 ملايين عبد أوروبي.
• الاتجار بالعبيد الصقالبة شمل أكثر من خمسة ملايين شخص.
• الجهاد البحري خلف أكثر من ثلاثة ملايين عبد أوروبي غربي.
• العثمانيون استعبدوا أكثر من 15 مليون أوروبي من شرق ووسط أوروبا البلقان والقوقاز.

************

شهادة الأمير هشام العلوي عن الجواري الاوروبيات التي جاءت في سيرة امير مبعد:
هام: الجواري التركيات اللواتي تحدث عنهن لسن بتركيات، بل اوروبيات من البلقان شرق أوروبا والبحر الأسود كانت السلطات التركية تأخذهم من أهلهم كعبيد في إطار نظام الخمس في الأطفال (الدوشيرمة devshirme).

ولكن الحسن الثاني، يوم ان ولدت للاسكينة بنت ابنته للامريم وزوجها فؤاد الفيلالي، سحر بزرقة عينها وقال: "لقد ورثت هده الزرقة من ام جدتها التركية"، قاصدا والدة محمد الخامس، متناسيا ان والدة فؤاد الفيلالي، السيدة ان الفيلالي، إيطالية زرقاء العينين،...
ومن فتوحات بعض اجدادي، اقترانهم بايرلنديات وانجليزيات، لا يأتي التاريخ الرسمي على ذكرهن، ممن سباهن القراصنة، واهدوهن للملك. لم يفسح التاريخ الرسمي لهؤلاء النسوة محلا يذكر، حرصا على الحفاظ على صورة اصالة ثقافية لا تشوبها شائبة، اوقل على نقاء عرقي مصفى...
من نزلاء منزلنا أيضا مجموعة من الجواري التركيات اللواتي اهدادهن الخليفة العثماني الى عم جدي السلطان مولاي عبد العزيز. وصلت هؤلاء الجواري الى المغرب في صباهن وعشن في الحريم ولم يغادرنه ابدا، وقضين برفقتنا خريف اعمارهن. كانت هؤلاء النسوة المتقاعدات يشغلن أحد اجنحة المنزل، وكنا نشعر بهن كجزء من الاسرة. بطبيعة الحال، لم يعد افراد هذه المجموعة يشكلن حريما بالمعنى الحرفي للكلمة، ولكن والدي كان يحرص على راحة الجواري التركيات وغيرهن من النساء اللواتي كانت لهن علاقة ما مع محمد الخامس او اسلافه. لقد عرفت هؤلاء الجواري السلاطين عن كتب، ومن ثم فلقد كان اقل المودة ان تصان كرامتهن.
كان لهذا الحريم خدمه ومطبخه الخاص، وكان افراده لا يغادرن المنزل إلا لزيارة رفيقاتهن القاطنات في القصر، فيتقاسمن معهن الذكريات والحكايات القديمة. كذلك كان زوارهن يقتصرون على افراد قلائل من اقربائهن الالزم. كانت رعاية هؤلاء النسوة اشبه بإرادة عائلية لحمتها أولوية التماسك، أي نمد يد العون عند الحاجة بعضنا البعض، في إطار ميزان قوى يضع من هم وراء جدران القصر في مواجهة من هم خارج هذه الجدران. وكان الحفاظ على هذه "الكتلة الحرجة" كان يعطي سكان القصر الانطباع بالقدرة على التأثير في الخارج. بعبارة أخرى كان اهل القصر يحتاطون بالخارج خوف التماثل معه والذوبان فيه.
من افراد هذا الحريم، مازلت اذكر جيدا كلا من نجيبة وهاجر -ولاسيما الثانية من بينهما- التي تعلقت بها في طفولتي عاطفيا الى حد اسميت معه احدى بناتي هاجر. كنت في صغري أزور جناح الحريم وأحب مشاهدة صورهن القديمة مع الملك او السلطان العثماني. لقد كن يتحدثن اللغة التركية والعربية المغربية، أي الدارجة، ويعزفن ببراعة على البيانو...
انتهى

************

ومع ذلك تجد بعض الرعاع من احفاد العلوج يروجون لخرافة ان الحسن الثاني ابنا غير شرعي للباشا الكلاوي، مع ان الغالب في العلويين (وكل السلالات التي حكمت المغرب) هو السواد، وهو امر أكده كل المؤرخون والديبلوماسيون الأوروبيون الذين اشتغلوا في المغرب، او الذين أوكلت لهم مهمة إطلاق سراح العبيد الارستقراطيين الاوربيين الذين وقعوا في اسر القراصنة المغاربة، وهذه الصور تؤكد هذا الامر (سأعود لهدا الموضوع لاحقا بالتفصيل):

صورة السلطان رشيد المؤسس الفعلي للدولة العلوية رسمها التشيكي Wenceslaus Hollar في القرن السابع عشر:


صورة اخرى السلطان رشيد رسمها الفرنسي Nicolas II de Larmessin في القرن السابع عشر:


صورة للسلطان عبد الحفيظ العلوي:

وهذه الاشاعة أطلقها ضباط فرنسا البربر من اجل نزع الشرعية عن الحسن الثاني، الضباط ضعيفي التكوين الذين وضفتهم فرنسا كأعوان صغار، مترجمين او نُدُل لضباطها كرد جميل لإبائهم الذين اسدوا خدمات جليلة للمستعمر، قبل ان يجدوا أنفسهم بعد استقلال المغرب يرتدون قبعات أكبر من حجمهم بعد ترقيتهم بصفة صاروخية الى رتب عسكرية لم يكونوا مؤهلين لها لا اكاديميا ولا معرفيا ولا حتى نفسيا، بفعل تدخل المخابرات الفرنسية التي كانت ترغب في تدبير استقلال المغرب في إطار تبعيته التامة لباريس. ومنهم:

- الجنرال اوفقير، عبد فرنسا السفاك، ابن أحمد بن قدور أوفقير اللص الذي كان يسطو على القوافل التجارية المارة قرب الحدود المغربية الجزائرية، قبل ان يعينه المارشال ليوطي باشا على مدينة بوذنيب سنة 1910.
- الجنرال الخسيس محمد المذبوح، ابن قائد اكنول، النذل الذي قاتل تحت لواء ليوطي ضد قوات الخائن الاخر عبد الكريم الخطابي وذبح خلال المعارك، ولذلك أطلق على العائلة اسم المذبوح.
- امحمد عبابو، ابن محمد بن مسعود اعبابو، الذي كان متعاونا مع المستعمر ولقاء خدماته وضفوه كشيخ لدواره وادخلوا ابنائه محمد عبابو وامحمد عبابو وعبد العزيز اعبابو الى المدرسة الابتدائية الفرنسية بمدينة تازة، التي لم تفتح أبوابها الا في وجه أبناء المتعاونين الخونة والميسورين، ثم أكاديمية الدار البيضا العسكرية بمكناس (سيتغير اسمها لاحقا الى الأكاديمية الملكية العسكرية بمكناس بعد استقلال المغرب)، التي انشاتها سلطات الاحتلال من اجل تكوين اطر مخلصين لها وزرعهم في كل مفاصل الدولة لخدمتها، القتال في صفوف جيشها، وقمع أي حركة تحررية تهدد مصالحها سواء في المغرب أو في باقي المستعمرات. وقد تخرج منها الجنرال محمد أوفقير، الجنرال محمد المذبوح، الجنرال حمو بن عقا امحزون، الجنرال مصطفى أمحراش، الجنرال إدريس الخياري بوكرين، الجنرال عبد الرحمان حبيبي، الجنرال الحسين البوهالي، العقيد أمحمد أعبابو، والمحجوبي أحرضان. كلهم بربر سهل اباؤهم عملية احتلال المغرب بإخضاع القبائل التابعة لهم وقمع المعارضين، مما جعل ضباط الشؤون الأهلية يتكلفون بأبنائهم عبر تكوينهم كضباط لإعادة إنتاج نخب عسكرية تخلف نخب القواد والأعيان (الخيام الكبيرة) الذين وظفوا في تهدئة المغرب وإدارته تحت سلطة الحماية.

جاء في تقرير صادر عن وكالة المخابرات المركزية الامريكية بتاريخ 28 فبراير 1972 ورفعت عنه السرية سنة 2007، مايلي: "يتميز الجيش المغربي عن غيره من المؤسسات الرئيسية في البلاد بوجود نسبة عالية من البربر بين صفوف ضباطه الكبار. لم يكتمل زواج العناصر البربرية والعربية في المغرب؛ الفرنسيون شجعوا بشكل متعمد البربر على الانضمام الى المهن العسكرية كقوة معاكسة للأغلبية العربية التي هيمنت على المشهد السياسي... ويواصل قادة الجيش المغربي تفضيل الضباط البربر، وبالتالي قد يصبح للبربر أهمية كبيرة في التأثير على مواقف نخبة الجيش".
The Moroccan military is distinguished from the other key institutions in the country by the high percentage of Berbers among its senior members. The marriage of Berber and Arab elements in morocco has never been complete the French consciously encouraged Berbers to enter the military profession as a counter weight to the Arab majority which dominated the political scene….
The army leaders continue to favor Berber officers, and Berber clannishness thus may become increasingly important in influencing the attitudes of the officer corps.

رابط التقرير
https://www.cia.gov/library/readingroom/docs/CIA-RDP79R00967A000400030003-2.pdf

وهذه السياسة نهجتها فرنسا في كل مستعمراتها، اذ انها سلمت كل مراكز السلطة للأقليات (العلوج البربرابرة في المغرب والجزائر، الموارنة في لبنان، العلويين في سوريا، البيضان في موريتانيا، والتوتسي في روندا الذين اوهموهم بأنهم عرق أوروبي أسمى من الهوتو الخ)، وعندما تتمرد هده الأخيرة -الاقليات- على اسيادها الفرنسيين يحرضون عليها الأغلبية انتقاما كما حدث في روندا.

وعكس ما يروجه علوج البربر الاماعيز، الذين يلصقون تناقص اعدادهم بسياسة التعريب التي تبنتها دول المنطقة بعد الاستقلال، كل الاحصائيات التي اجرتها سلطات الاحتلال كانت تظهر بان نسبة الناطقين باللهجات البربرية كانت تتراوح بين 1% (في تونس) و23% (في الجزائر والمغرب)، وهنا كمثال نتائج احصاء سنة 1911 للسكان الذي أجرته فرنسا بالجزائر:

حقائق عن العبد اللقيط امحمد عبابو الذي ينفخ فيه علوج البربر، رغم ان احداث انقلاب الصخيرات اثبتت مدى غبائه وجهله بالتخطيط العسكري. هذه النوعية من الجيوش المنتشرة في المنطقة محكوم عليها بالفشل لان المستعمر الغربي لغمها بعناصر تفتقد للكفاءة والمهنية، وكلنا رأينا كيف انهارت جيوش مصر سوريا والاردن في حروب 1948 و1967 و1973، والجيش العراقي امام الدواعش رغم ان الحكومة تصرف عليه سنويا 5.6 مليارات دولار وتعداده يتجاوز ال 600 ألف مقاتل (لولا المليشيات الشيعية التي تقاتل من منطلق عقائدي لانهارت الدولة العراقية امام عصابة طائفية مكونة من النشالين والحشاشين وقطاع الطرق ومرتكبي الجنح الصغيرة في أوروبا. انا لحد الساعة لم استوعب كيف استطاع 800 داعشي مسلح برشاشات وسيارات مفخخة من هزم 80000 جندي وشرطي مجهزين بأحدث الأسلحة من دبابات مدرعات قاذفات ومقاتلات في معركة الموصل)، وكيف فشلت الأنظمة العسكرية في سوريا مصر العراق ليبيا والسودان الخ في تدبير شؤون بلدانها والنهوض بها اقتصاديا. لقت اثبت العسكر على مر العصور بأنهم اغبى المخلوقات التي تمشي على وجه الأرض، فقد قادوا كل الدول التي حكموها الى الفشل والخراب.

شهادة محمد الرايس في حق القن عبابو التي دونها في مذكراته: ذهاب واياب الى الجحيم
في حين ان عبابو لم يكن يحب اطلاقا البقاء في اهرمومو، كان يضجر كثيرا لهذا كان يرتاد فاس كثيرا، ومكناس أيضا من اجل الترفيه والبحث عن ملذات الحياة الجميلة، ورغم انه كان متزوجا وابا لأربعة أطفال فقد كانت له أربع عشيقات رسميات كن يأتين بالتناوب، للترفيه عنه ومنادمته وقضاء الليل معه عندما يكون مجبرا على ملازمة المدرسة.
فانه كان أيضا نذلا حقيقيا بما في الكلمة من معنى، فكل الوسائل في نظره صالحة ما دامت توصله الى هدفه، وفي هذا السياق، وبما ان القروض الممنوحة من طرف الدفاع الوطني لتغطية حاجيات المدرسة كانت غير كافية لتحقيق طموحاته العالية وسد ثغرات نفقاته التبذيرية فقد لجا الى الطريقة العنيفة "سيستيم دي". للقيام بهذه العملية غير الشريفة شكل فريقيا مكونا من جنود أقوياء وضباط متحمسين يقودهم عقة بمساعدة لاجودان فرخاتس (كلاهما خريج الجيش الفرنسي) للقيام بعمليات سرقة ليلية، كانوا يركبون السيارات ويتسلحوا بالرصاص غير القاتل لترهيب حراس الليل او الفضوليين، ثم يعيثون فسادا في المنطقة بسرقة عتاد الدولة مثل مواد البناء من لدن الاشغال العمومية واعمدة الهاتف والخشب من المياه والغابات، بل تجرأوا ذات يوم على سرقة الة خلاطة والة حفر من اجل استعمالهما في اقامته مسبحا لان الأرض كانت صخرية، كما كانوا يسرقون الأجور والرمل من عند الخواص واشياء أخرى اذا احتاجوها.
واعبابو الذي كان صاحب فراسة وصبورا صبر القط، كانت له الفطنة والطريقة الشيطانية والفنية لإرشاء أي كان وافساده، وقد كان بإمكانه ارشاء الشيطان نفسه.
لقد امتاز في بداية حياته المهنية بالحيوية والتبصر والإرادة والكفاءة، لكن توالي الأيام وتأثير المحيط ورفاق السوء والحياة الباذخة، كل هذا بدا شيئا فشيئا يلطخ سمعته والمس بنزاهته ولا شعوريا بدا يفقد ميزانه لما نسي الفضيلة ولطخ يده بالرشوة والفساد والتبذير والنفقات المجانية والتزوير الإداري والغش.
عندما رقي الى رتبة اعلى، نظم اعبابو حفلا باذخا في المدرسة. وجاء بشيخات يجدن الرقص والغناء بالبربرية والعربية معا. لان اغلب الأطر والطلبة كانوا من البربر، وامر بذبح 50 خروفا إضافة الى مئات الدجاجات وعدد مهم من الطواجين من مختلف الانواع، والمشروبات الكحولية والعصير والمونادا والفواكه والحلويات. بعد مرور أسبوع نظم الضباط حفلا بمطعم الجنود واستدعوا اليوتنان كولونيل امحمد عبابو واهدوه نياشين وقبعة ذهبية 18 قراطا، انشرح منتشيا لهذه الهدية وخطب في الحاضرين شاكر وختم كلمته بالعبارات التالية: لقد اهديتموني هدية ذهبية، واتمنى لكم صادقا، مسار مهنيا ذهبيا ولامعا مثل الهدية، وأتمنى أيضا ان تتحقق امانيكم حتى تكلل مجهوداتنا في يوم من الأيام بالنجاح والمجد.
لقد سقط الجنرال مذبوح رجل ثقة الملك بعد ان خانه، كما فعل والده الذي باع محمد بن عبد الكريم الخطابي للقوات الاستعمارية، لقد كان من عادة الجنرال الخيانة، وبما ان ذلك جزءا من كيانه، اذ سبق له في 1963 ان افشى في اخر لحظة سر المتآمرين الذي كان واحدا منهم، من اجل نيل تقدير وثقة الملك والارتقاء السريع، ولما وصل الى قمة السلم سقط منه ليس لأنه خان بل لأنه هو نفسه قد خانه مرؤوسه الذي استهان به لصغر سنه وانعدام تجربته، ورغم انهما ينحدران من نفس القبيلة "غزناية" وكانا شبه صديقين فان طباعهما كانت تختلف وما كان يربطهما يومئذ هو التآمر وحده.
كان اعبابو امحمد أحد الضباط الذين يظلهم ادريس بن عمر بظله. وكان أيضا أحد القادة المحظوظين في الجيش، يحصل على كل ما يريد ويقدم الهدايا الثمينة لرؤسائه المباشرين. وبمعنى اخر كان يدهن السير لكل من يزعجوه، وكان يقدم الأظرفة لهم وخصوصا منهم "د" الذي اشتهر بلعب البوكر والخسران فيه. ولم يكن لينتبه الى ان المال مال الجيش، وقد كان اعبابو يرشي أيضا المراقبين والمفتشين والمسؤولين عن المال العام، لقد كان يسرق الدولة أيضا سواء من حيث استنفاد القروض الممنوحة للمدرسة او عبر تزوير الفاتورات او تحويل العتاد وبتجويع الطلبة الضباط.
لقد قال اعبابو ذات يوم: "يجب ان تكون غنيا لفرض ارادتك، فالثروة تجعلك قويا ومتميزا ويمكنك الحصول على ما تريد شريطة ان تكون غنيا. ويكفي لاستمالة الجميع وترويض غير الفاسدين ان تعرف نقط الضعف".


شهادة محمد لومة في حق القن اعبابو
امحمد عبابو، والذي تميز مساره المهني بالعديد من الخروقات الفظيعة والممارسات اللا أخلاقية، والتي يمكن إيجازها فيما يلي:
أولا: للتجاوب مع طموحاته العسكرية الواسعة، سعى اعبابو، وهو لا يزال في رتبة رائد (كوماندان) إلى رفع تعداد التلاميذ في مدرسته من 300 إلى 1.000 ثم إلى 1.500 تلميذ، دون موافقة المكتب الثالث لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، والذي كان له حق الإشراف على كافة مؤسسات التكوين العسكري في البلاد، بتخصصاتها الجوية والبرية والبحرية. وللتغلب على المشاكل المادية الكثيرة المتعلقة برفع طاقة المؤسسة إلى أضعافها من حيث المرافق والتجهيزات والتغذية.. إلخ.. لجأ الرجل إلى تكوين (كوماندوهات)، خاصة من ضباط وضباط صف المؤسسة، تحت إشراف المساعد الأول أمهروش عقا.. فقد كانت هذه المجموعات تقوم – وهي بكامل أسلحتها وتجهيزاتها وشاحناتها - بالسطو ليلا على ممتلكات المواطنين من: مواد البناء وتجهيزاته ومعداته الغالية الثمن والمواد الغذائية والمواشي والأغنام ومواد التجهيز والسيارات والشاحنات والغلال.. إلخ. وبالتأكيد ساعدت أعمال "البَلْطَجَة" هذه في بناء مرافق جديدة بالمدرسة، والتزود بتجهيزات حديثة من مسابح وملاعب (...)، غير أن بعضها "صُبَّ" في حساب المدير، بحيث غدا في ظروف وجيزة مالكا لفيلا فخمة بمكناس ومؤسسة فندقية ومقهى بنفس المدينة، ولضيعة فلاحية مع عدد من القطع الأرضية، ناهيك عن سيارتين... إلخ ولم تمض على ذلك بعد خمسة عشر عاما على التحاقه بالجندية!!؟
ثانيا: أصبح الرجل عند تكوين "بطانة" من الأتباع الطيعين الذين لا يعصون له أمرا، يستغل الطابع العسكري الصرف لمؤسسته، وذلك في أفق الاستعانة بهم في تنفيذ "مشاريع" مستقبلية على مقاسه الخاص!!
ثالثا: درج كذلك، رغم أنه متزوج وله أبناء، على استقبال صديقاته داخل المدرسة وعلى تنظيم الولائم الباذخة للضباط الكبار بما لم يكن يتلاءم مطلقا مع مستوى عيش وتغذية تلاميذ المؤسسة آنذاك؟! كما أن أساليبه في "البَلْطَجَة" وصلت حد الاعتداء على المقابر، فحسب روايات بعض الضباط، أمر ذات مرة بهدم قبور اليهود في مدينة صفرو، للاستفادة من أخشابها في أعمال البناء بمدرسته!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تعتزم فرض عقوبات على النظام المصرفي الصيني بدعوى دعمه


.. توقيف مسؤول في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس- لحساب الصين




.. حادثة «كالسو» الغامضة.. الانفجار في معسكر الحشد الشعبي نجم ع


.. الأوروبيون يستفزون بوتين.. فكيف سيرد وأين قد يدور النزال الق




.. الجيش الإسرائيلي ينشر تسجيلا يوثق عملية استهداف سيارة جنوب ل