الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكيان ، تركيا ، إيران: مشاريع في الميزان؟!...(1)

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2019 / 9 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


على ساحاتنا العربية تنتشر اليوم دعاوى دينية وسياسية وفكرية كثيرة ، وبجوارنا مشاريع قومية وامبراطورية تتبنى بعض هذه الدعاوى ، وكل منها يريد أن يثبت صحة دعوته وأهليته لقيادة الآخرين ، أو لقيادة هذا الإقليم الملتهب دائماً!

لكن دعونا من كل ما تزوق به هذه الدعاوى والمشاريع من ألوان جميلة وبراقة تسوق بها ، وتعالوا معنا إلى منطقة حرة ومحايدة لنطل منها على هذه الدعاوى والمشاريع ، لنرى من خلالها جميع تلك القوى المحيطة بنا بدعاويها ومشاريعها القومية والإمبراطورية المختلفة ، عَلّنا نعرف أين نحن من كل هذه الدعاوى وهذه المشاريع ومخاطرها ، القائمة والمحتملة علينا وعلى مستقبل أجيالنا!!
*****
ومنذ البداية وقبل كل شيء ، علينا أن نتفق ونسلم بوجود هذه (المشاريع القومية/الامبراطورية) المجاورة لنا والمحيطة بنا ونتأكد .. بأن :
 للكيان الصهيونـــي مشروعه القومــــي الإمبراطوري :
الممثل بشعاره المعروف: ((أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل)) وبسلوكه العملي على أرض فلسطين وجوارها العربي ، وحتى أبعد منه!!
 ولتركيا مشروعها القومــــي الإمبراطوري :
متمثلاً بسعيها الحثيث لإعادة الحياة في أوصال (الإمبراطورية العثمانية البائدة) وحسب خرائطها القديمة (كما يقول هذا ويعتقده البعض)!
 ولإيران مشروعها القومــي الإمبراطوري :
متمثلاً أيضاً بإعادة الحياة في أوصال (الإمبراطورية الصفوية البائدة) وبأكبر من خرائطها القديمة (وأيضاً كما يقول هذا ويعتقده البعض)!
 وحتى لأثيوبيا مشروعها القومــي :
المرتبط أساساً بالمشاريع الدولية ـ والصهيونية تحديداً ـ وذلك بإقامتها لسدود مائية كبيرة ، يمكنها أن تقطع كل شرايين الحياة عن مصر وربما عن السودان أيضاً ، إذا ما تم تنفيذها!!

وطبعاً الشعب الوحيد ، من بين جميع شعوب ما يسمى بــ "منطقة الشرق الأوسط" ، الذي لا يمتلك مشروعاً قومياً خاص به ـ وسط كل هذه المشاريع الخطيرة ـ هـــــــــــــو:

الــشـــعـــــب الــعـــــربـــــــــي وحـــــده!!

وما دام الوضع العربي وجواره هكذا ، فمن الطبيعي :
أن تأتي كل هذه المشاريع القومية الإمبراطورية المجاورة له والمحيطة به على حسابه ، وحتماً سيكون هو ووطنه وأرضه ، الساحة التي يلعب بها ويتنافس عليها كل هئولاء!!
ومعهم وقبلهم وحتى بعدهم جميعهم ، القوى الخارجية والإمبريالية العالمية!!
*****
وإذا ما سلمنا بوجود هذه المشاريع القومية الإمبراطورية حولنا ، علينا أن نتفق ونسلم أيضاً :
بأن هذه المشاريع المجاورة لنا والمحيطة بنا ليست متساوية في خطورتها علينا :
 لا بالنوع!
 ولا بالدرجة!
 ولا بالمستوى!
 ولا حتى بالتوقيت الزمنــي!
فبعضها: آنـــي خطر جداً وقائم على الأرض فعلاً وقد نفذت معظم حلقاته ، ويزحف كل يوم باتجاهنا منتقصاً من أرضنا ووجودنا الواقعي والأدبي عليها . ولهذا يستوجب اعطائه الأولوية على ما عداه ، والوقوف الفوري بوجهه وحشد الطاقات لدحره ، أو لوأده إن أمكن!
وبعضها: ينفذ على مراحل بدت مقدماتها الأولية ، وتستوجب الانتباه الشديد لها ومحاربتها بقوة إن أمكن!
وبعضها الآخر: مؤجل إلى حين ، ويمكن التعايش معه إلى حين أيضاً ، من الناحية التكتيكية!
*****
وإذا ما اعترفنا وسلمنا بكل هذا ، واعترفنا أيضاً بوجود (مشاريع قومية/امبراطورية) محيطة بنا ، وبعضها لأمم اسلامية كبيرة مجاورة لنا هما: تــركــيــا وإيـــران ، واللتين تجمعنا وإياهما مشتركات الثقافة والقيم الدينية وتاريخ مشترك أيضاً!

وكذلك علينا أن نسلم ، بأن لكل من هذه الدول وهذه المشاريع أنصاره ودعاته المخلصون من بيننا ، ويعيشون معنا وفي مجتمعاتنا!
وأن هئولاء الأنصار والدعاة قد تبنوا تلك الدعاوى والمشاريع الأجنبية ، لأسباب كثيرة :
فبعضهم تبناها عن جهل!
وبعضهم عن إيمان طائفي ومذهبي!
وبعضهم الأخطر عن وعي وتصميم مسبق في تبنيه لتلك المشاريع ، والمشاركة الفعالة فيها والعمل على إنجاحها!.. لأسباب قد تكون :
 دينية!
 أو مذهبية!
 أو عرقية أو أقلوية!
 أو لأسباب شخصية ونفعية!
 أو بفعل فاعل!
*****
ومع كل هذا علينا أن نسلم ونتفق أيضاً :
بأن الجارتين تركيا وإيران : ومهما بلغت خطورة مشاريعهما القومية علينا ، يبقيان :
(خــصــوم) لنا وليسوا (أعداء تاريخيين)!
أي ليسوا أعداء : بمعنى الضد والأخر والنافي الموضوعي لوجودنا كبشر وهوية!
فحتى إن وقعت حروب بيننا وبينهم ـ وكما حدثت في الماضي كثيراً ـ فإنها لن تغير من هذه الحقيقة شيئاً!
لأن الحروب معهم ومهما كانت نتائجها ، سوف لن تهدد وجودنا ومصيرنا وبقائنا كعرب في أوطاننا!

وهذا لموانع موضوعية :

أولها : لأننا نحن وهم قد وجدنا هنا ـ في هذه المنطقة من العالم ـ منذ الأزل ، وسنبقى فيها سوية إلى الأبد!
وقد حدثت بيننا وبينهم ـ خلال جوارنا الأبدي هذا معهم ـ حروب كثيرة :
 بأشكال مختلفة!
 ونوعيات متفاوتة!
 وصور وتواريخ متعددة!
لكن لم يستطع أي منا نفي الآخر أو القضاء عليه أو ترحيله وتهجيره من هذه المنطقة ، ولن يستطع أي منا أن يفعل هذا في المستقبل!

وما صح في التاريخ دائماً ، يصح الآن ودائماً أيضاً!
لأن للتاريخ قوانين تاريخية تحكمه ، وليست السياسات والإرادات وحدها!
والقوانين التاريخية : تفرز وقائع وحقائق دائمة تتكرر في كل مرة!
وفي كل مرة يعبر عنها بصيغة : "التاريخ يكرر نفسه"!
وسيكرر التاريخ نفسه هنا مرة ومرات ، وربما مرات كثيرة!

وثانيها : نحن وهم باقون في هذه المنطقة من العالم إلى الأبد ، ولن يستطيع أي منا ـ كما لم يستطع في الماضي ـ زحزحة الآخر أو نفيه منها ، أو القضاء على وجوده فيها!

 وثالثها : تجمعنا وإياهم مشتركات كثيرة :
 في الدين!
 وفي الثقافة!
 وفي التاريخ والحضارة!
 وحتى في النسب للبعض في المناطق الحدودية ، بحكم تداخل مجتمعات الجوار الجغرافي!

فلكل هذه الموانع الموضوعية :
يصبح أي صراع عدائي بيننا وبين الجارتين المسلمتين تركيا وإيران بدون أفق!
ولا يؤدي إلا إلى كوارث مدمرة للطرفين!

وحقيقة ما حدث بيننا وبينهم في الماضي وما يحدث الآن ، وما قد يحدث مستقبلاً .. في حقيقته :
عبارة عن حالات احتكاك طبيعية ، تحدث بين الشعوب المتجاورة دائماً وليس هو صراعاً تاريخياً ، يستوجب أن يفنى فيه أحد الطرفين ، كشرط موضوعي لبقاء الاخر!
وحالات الاحتكاك الدائمة هذه تولد دائماً حوادث ، وربما نتائج وأراء وحكايات سلبية لكل شعب بالآخر المجاور له ، وأعلى درجات حالات الاحتكاك هذه ، تؤدي إلى (خصــومــة/ أو شبه خصومة) بين الشعبين المتجاورين ، وليس إلى (عـــداء تــاريــخـــي)!

وعليه يمكن القول : إن أقصى ما بيننا وبين الجارتين المسلمتين تركيا وإيران ، هو (حالات الاحتكاك) الطويلة هذه ، فأدت بيننا إلى نوع من (الــخصــومــة) وليس إلى (عـــداء تــاريـــخــي) بيننا وبينهم!
وأن كل من يريد أن يُصَعِدْ هذه (الــخصــومــة) بين العرب والجارتين المسلمتين تركيا وإيران ، إلى مستوى (الــعـداء الــتــاريـخـي) هو عدو للطرفين :
وهو (عبد مأمور) أو أنه (مشارك فعال) فـــي المشاريع الإمبريالية والصهيونية المعدة للهيمنة ، على المنطقة وعلى الطرفين وعلى ثرواتهما معاً!
*****
وإذا لم نتعلم ـ نحن وهم ـ من تجاربنا وتاريخنا المشترك الطويل معهم :
 لسبعة آلاف من السنين مع الإيرانيين!
 ولثلاثة عشر قرناً مع الأتراك!
علينا أن نتعلم من تاريخ وتجارب الآخرين: كفرنسا وألمانيا أو فرنسا وبريطانيا مثلاً :
 فرغم بحار الدم بين هذه الاطراف ، وحروبهم التي استمرت لقرون طويلة من تاريخهم!
 اقتنعوا أخيراً بأن صراعهم الدموي هذا بدون أفق ، إلا أفق الكوارث المستمرة والدمار الشامل والضياع في دهاليز التاريخ وزواياه المظلمة!
 واقتنعوا أيضاً بأن الأفق الوحيد المفتوح أمامهم ، هو انهاء هذا الصراع الدموي ، واستبداله بالصراع والتنافس الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي ، والتعاون التام في كل هذه المجالات وفي غيرها ، اقتنعوا أن هذا هو الحل الأمثل لصراعاتهم الدموية الطويلة تلك!
وبهذا فعلاً تمكنوا من انهاء تلك الصراعات العنيفة ، وتحقيق المعجزات الاقتصادية والعلمية والتكنلوجية والريادة العالمية في مختلف العلوم والصناعات ، والهيمنة من خلالها على العالم كله!

ونحن العرب واخواننا المسلمون في تركيا وإيران ، ليس أمامنا من افق مفتوح إلا هذا الافق المجرب:
 افق المصالح الاقتصادية والمنافع المادية المتبادلة!
 وافق حماية المنطقة وأمنها من الغرباء عنها!
 وافق جعل هذه المنطقة واحة للخير والسلام والرفاه المادي لشعوبها جميعها!
 وليس بجعلها افقاً للبوارج الحربية والطائرات النفاثة والاساطيل الحربية والقواعد الأجنبية ـ كما هو حاصل الآن ـ والتي تزرع الموت الذي يترصد مواطنينا وشعوبنا جميعها ، في كل مكان من منطقتنا التعيسة هذه!
*****
فبيننا وبين اخواننا الاتراك والإيرانيين ، بالإضافة إلى المشتركات الكثيرة التي عددنا بعضاً منها :
تجمعنا وإياهم أيضاً ، مصالح ومشتركات مادية كثيرة ، بالإضافة إلى مشتركات :
الدين والثقافة والحضارة والتاريخ المشترك!
وهي مصالح مادية كبيرة وكثيره لا تعد ولا تحصى ويمكن تنميتها ، والوصول بها إلى درجة من الاتساع والشمول والمنافع المتبادلة ، التي تجعلها مانعة موضوعية لكل أشكال العنف أو التضحية بها عند كل الاطراف ، لأنها في هذه الحالة ستتسبب لكل طرف منهم ، خسائر لا قبل له بتحملها!

ويمكن بهذا ، تحويل كل أشكال الصراع والتنافس الحالي بين جميع الأطراف الى :
 صراعاً اقتصادياً!
 وتنافساً علمياً وتكنلوجياً!
 ومحاولات للسبق في جميع أنواع العلوم القائمة ، والعلوم المستقبلية كتكنولوجيات النانو مثلاً!
 والاصرار والاستمرار بخلق مصالح مشتركة جديدة تنتفع بها جميع الاطراف!
على أن تؤطر جميعها:
 بتعاون وانفتاح سياسي واقتصادي واجتماعي وحدودي داخلي وخارجي (عند/ وبين) جميع الاطراف ، وجعلها سياسة رسمية جماعية ولغة وحيدة للتفاهم بينهم!
 ترك لغة التهديد والوعيد وجميع أشكال العنف ومحاولات الهيمنة والضم القسري!
 التفاهم حول جميع الادعاءات والحقوق المغتصبة لجميع الاطراف ، وتسويتها وحلها حلاً سلمياً وأخوياً!
 ترك سياسة المحاور والاستعانة بالأجنبي ، واحلال مفهوم الأخوة والمصالح المشتركة والأمن الجماعي محلها!
*****
وعلينا جميعنا أن نقتنع بأننا أخوان ، ولسنا أعداء تاريخيين لبعضنا:

وإن (الــعـــدو الــتــاريــخــي) الأوحد والوحيد للعرب ـ وحتى للمسلمين ـ هو الكيان العنصري الصهيوني المسمى بــ "إســـرائــيــل" والمقام على أرض فلسطين ، والذي أقامته الحركة الصهيونية العالمية ـ أوربية الأصول والنشأة والتوجهات ـ والتي نشأت مترادفة مع :
 الظاهرة الاستعمارية!
 والرأسمالية العالمية!
 والاحتكارات الدولية!
 ومرتبطة بها جميعها عضوياً وقيادياً!!

وبناءً على هذه الحقائق التي يمكنها أن ترقى إلى مستوى البديهيات المفروغ منها ، علينا أن نتفق ونسلم :
على أن هذا الكيان يمثل (العدو التاريخي الوحيد) والخطر الأكبر والوجودي :
 على العرب أولاً!
 وعلى المسلمين ثانياً!
 وعلى الإنسانية كلها ثالثاً!
لأن أهداف هذا الكيان النهائية هي أهداف عالمية ـ وليست محلية أو شرق أوسطية فقط ـ تتمثل بإقامة امبراطورية عالمية عاصمتها الــقــدس ، وتنصب عليها "ملك من نسل داود" كملك لكل العالم ، وليس لليهود وحدهم!
وهذا ما تقول :
"بروتوكولات حكماء صهيون" بصراحة ، ويقوله "الــتــلــمــود" وتقوله "الــتـــوراة" بصيغ مختلفة ، ومموهة في أغلب الأحيان!!

( وتأكيداً لهذه الأهداف ، يضع المسؤولون "الإسرائيليون" شـــعـــار ["مملكة داود / "King David] هذه دائماً ، كخلفية ـ باللون الأزرق والأبيض ـ وراء ظهورهم ، عند عقدهم لمؤتمرات صحفية مع ضيوفهم أو غيرها من النشاطات!
والشعار الصهيوني هذا ، عبارة عن تاج ملكي موشح بالحرفيين الإنكليزيين (KD) اللذان يرمزان لمملكة داود العالمية المفترضة!!
*****
وفي الختام نقول :
رغم كل الذي قلناه وتمنيناه وكتبناه عن تركيا وإيران كشعوب اسلامية شقيقة مجاورة لنا ، يبقى كل ما قلناه وتمنيناه وكتبناه في حدود الآمال التي نتمناها ، ونتمنى أن تتحقق وتتحول إلى حقائق ووقائع ـ وأخوة وعمل مشترك ـ ومتجسدة كلها على أرض الواقع ، لكن إلى أن يحين ذلك العصر الأخوي وتتحقق تلك الأمنيات ، علينا التعامل مع دعاواهم ومشاريعهم تلك ـ بما يشاع عنها ـ ونعاملها بما تستحق اعمال مضادة لها ، اتقاءً لشرورها!

وبهذا المعنى سنأخذ كل مشروع من تلك المشاريع القومية الثلاثة ـ الصهيونية/التركية/الإيرانية ـ كل على حده ونحقق في خطورته ، سنجد أن لكل منها مخاطره القاتلة على العرب ، لكن يبقى المشروع الصهيوني هو أخطر هذه المشاريع جميعها ، وبما لا يقاس مع غيره من المشاريع القومية الامبراطورية الأخرى ، لأنه يمثل خطراً وجــوديــاً ـ وليس توسعياً فقط ـ على الــعــرب جميهم!!

إذاً لنبدأ بأخطر هذه المشاريع أولاً ـ أي ـ بالــمــشــروع الــصــهــيــونــــــي!
[يتبع]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط