الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


*خرافة التوحيد والله الواحد الأحد(2)

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2019 / 9 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


*خرافة التوحيد والله الواحد الأحد(2)
الكاتب نضال نعيسة
الحوار المتمدن 13/09/2019
Lattakia 09:06GMT
من الصعب جدا، بل يبدو من الاستحالة بمكان بناء التصورات الواحدة وتشبيكها في نسيج مقدس، أو هندسة الرؤى وتوحيدها، ومطابقتها والاتفاق عليها والتوافق وإسقاطها على مفهوم واحد للإله أو العثور على إله نمط واحد موحد يحمل ذات الصفات الإلهية عند جميع البشر ومن هنا تسقط خرافة وكل كلام عن وحدانية الله التي كانت أحد أكبر السقطات الحضارات والفكرية للفراعنة والتي تمت بناء على دوافع اقتصادية تتعلق بميزانية الدولة حينها وضبط النفقات ليس إلا، نقول تسقط وسط هذه الركام المتباين من المفاهيم والأفكار ومع هذا التعدد للثقافات والشعوب وتنوعها الديمغرافي والجيني والعرقي والفلسفي وحتى تطلعاتها الوطنية كتلك التي لديها النزعات التبشيرية والمغرمة بالغزو والاحتلال وعولمة ثقافتها النابع من نزعتها الاستبدادية وهي عكس الفلسفات والنزعات الانكفائية غير التبشيرية كاليهودية رغم تبنيها لنفس فكرة التوحيد، ومصالحها وطرق حياتها ومعيشتها وعاداتها وتقاليدها المختلفة ونظرتها للحياة ومع اختلاف البيئات والمناخات والطبيعة وطرق العيش والطقوس اليومية وحتى الرغبات وتوفر الموارد البشرية والثروات الطبيعية فلا يمكن لإله حكيم مثلاً أن يقوم بتحريم لحم الخنزير قي بيئة تتكاثر فيها هذه الحيوانات وتعتبر مصدر عيش ودخل الناس وبالتالي وجود وديمومة الاقتصاد وحماية المجتمع، هذا في الوقت الذي يقوم فيه إله آخر في بيئة وطبيعة ومناخ ما بتقديس وتمجيد الإبل والبعير باعتبارها معجزة وجودية وخلقية يطلب منك الإله التمعن في كيفية خلقها للتدليل على عظمته وقدرته الخارقة في خلق حيوان ضخم بهذا الشكل يكابد ويتحدى العطش والقيظ والحر بالصحراء فيما يقوم أحد سكان هذه البيئة باعتبار بول هذه الحيوانات علاجاً شافياً فيه شيء من القداسة، فيما لا ضير عنده من تحريم لحم الخنزير لأنه لا أثر اقتصادياً البتة لذلك بسبب عدم وجود الخنازير في هذه البيئة، التي حرم فيها ‘نتاج وتعاطي الخمر لأنه ببساطة غير موجود أصلاً كمادة سلعية وإنتاجية وافتقار البيئة هناك والطبيعة للكروم والعنب والزراعة والخصوبة بشكل عام، وبالتالي لن يتأثر الوضع المعيشي للسكان بتحريم ومنع تداول الخمر فيما "الإبل" التي تعتبر مصدر عيش رئيسي للرعي واللبن والاتجار بها وتسمينها والغذاء والتنقل بالصحراء (لا يوجد أبقار مثلاً في البيئة الصحراوية ولا أغنام تتطلب خصوبة ومراع خضراء لذلك لم تهتم بعض الآلهة بها فيما أفردت موسوعاتها للحديث عن الإبل)..
الآلهة المتباينة والمختلفة في بيئاتها وأماكن تواجدها ونشوء مفاهيمها وتصوراتها تتباين أيضاً في مفاهيم العقاب والثواب وإغراء وإغواء البشر كي تتبع هذه الآلهة وتعبدها ففي المناطق الحارة يهدد الناس بالنار والحر الشديد، فيما سيكون "الطوفان" والمد المائي هو العقاب في بيئة دجلة والفرات حيث نشأت وتطورت مفاهيم وتصورات للآلهة التي تعاقب أتباعها بكثرة الماء وفيضها وإغراق البشر الذين يعانون أصلاً من الفيضانات المتتالية والغرق، فيما تعدهم آلهة الصحراء بأنهار تجري من تحتها الأنهار والسندس الأخضر والاستبرق (كلمة أعجمية فارسية)، حيث الجفاف والقحط وانعدام المطر والخصوبة كمكافأة لمن يتبع الإله الذي بني تصوره ونشأ مفهومه بالصحراء ولا يتورع إله آخر بالأسكيمو مثلاً بتهديد أتباعهم بالبرد والصقيع وإغرائهم ربما بالنار والدفء الشديد الذي هو عقوبة قاسية جداً عند الإله المختلف الذي نما وترعرع بالصحراء...
وأما ذاك التصور الإلهي الذي نشأ في بلاد الشبق والجوع الجنسي والنساء شديدات السمرة، ويقال بأن أم ابن العاص لقـّبت بالزرقاء لشدة سوادها وسمارها وكذا من عرفت بـ"الصهاك" (شدة السواد) وهي أم لأحد أشهر أتباع إله الصحراء ومن رفع لواء التوحيد والتبعية المطلقة لهذا الإله، فقد أغرى أتباعه بالحور العين شديدات البياض، وأغراهم، على البيعة، وكجوائز ترضية أصغر بالغلمان المخلدين في بيئة كان يمارس فيها اللواط وكانت تجري فيها طقوس لوطية مقدسة أمام الأوثان والحجارة باعتبارها مقدسة، وحلل هذا الإله كل أنماط وأشكال الدعارة والجنس والزنا وسبي النساء وحتى الزواج من الصغيرات وسفاح القربى أجازه رسمياً لأحد أتباعه عندما أصدر فرمانات ربانية بجواز زواج أحد أشهر أتباعه من زوجة ابنه أي "كنـّته"، باللهجة العامية، وحلل لهم السرقات والمغانم والسطو على أموال "الغوييم"، فيما إله آخر، وفي بيئة متطورة اجتماعياً وقيمياً وأخلاقياً ومدنياً فقد حرّم الزنا والسرقات وأصدر لأتباعه لائحة من عشر وصايا تتضمن الابتعاد عن هذه الشرور وأهمها الزنا والسرقة المحظورة ولكنه لم يحرم لهم لحم الخنزير وأوصاهم بالقليل من الخمر الذي يغضب جداً بعض الآلهة في بيئة مختلفة...
*مقتطف موجز من كتاب قيد الكتابة والإعداد لكاتب هذه السطور
في الفصل القادم: قوس قزحية الآلهة تعدد ألوان الآلهة: إله أبيض وآخر أسمر وواحد أصفر وآخر "منيـّل" بستين ألف نيلة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س