الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنا والأنت والمشهد الأردني

رولا حسينات
(Rula Hessinat)

2019 / 9 / 15
المجتمع المدني


تنفس بعمق ربت على صدره بكلتا يديه...
تنفس بعمق، شد صدره، ومد يديه، وقفز من أعلى التلة محلقًا كالطيور، وغاب.
أي والله غاب محلقاً.
ظلت أعين الحاضرين ترمقه ولسان حالها لا بد أن الفتى مخبول أو قد جن أو قد أصابه مس ما...
-لا لا أخذ يحرك يديه بجنون وهو يقفز بين الحاضرين محاولا أن يشرح لكل واحد منهم على حدا ما رآه وهو يعيد تمثيلها ربما أكثر من عشر مرات ولكنه لم يفلح غيروا حديثهم وتجنبوا النظر إليه.
- ما الأمر؟
ربما تكون هذه بداية قصة أو رواية في قادم الأيام لكنها بالفعل ما يحدث في الشارع الأردني اليوم...
من يقود المشهد؟
ومن يدير الملف؟
الحقيقة التي لا بد أن نتفق عليها أن الذي يدير الأحداث أو يوجه بأوامره وتوجيهاته هذه الأحداث بنفس الأسلوب والإحداثيات التي قاد فيها مشاهد أخرى وأثبتت فشلها ويحسب أن ينجح لا بد أنه يعاني من أمر ما...ربما أشبه بباصور في عقله.
لنفكر بالقضية بطريقة عقلانية...القضية التي يمكن اختصارها بأن المعلمين وهم وقطاع الصحة يشكلان الشريحة الأكبر من المجتمع، حيث يبلغ عدد المعلمين أزيد من مئة وخمسين ألف معلم، لهم مطلب واحد وهو ببساطة الموافقة على صرف علاوة الخمسين بالمئة، وهو مطلب تم الاتفاق عليه في عام 2014 ليس اليوم وتم عرض جدولة لإمكانية توفير هذا المبلغ دون إحداث عجز بالموازنة العامة من قبل نقيب المعلمين الذي وافته المنية قبل شهر تقريبا، لأن المعلم مواطن وجزء من المنظومة ويعلم ما تعانيه الدولة الأردنية من معاضل اقتصادية...ويتحمل ويصبر ولكن مع المسلسلات المكسيكية والتركية من الفساد وأبطاله الخارقون وبعد المشاريع بالملايين وبعد المساعدات والمنح وبعد وبعد...والتي بالمناسبة لم ينل منها المواطن الأردني شيئا وأصبحت أنباء الاتفاقيات والمساعدات تصيبنا بفوبيا فرض مزيد للضرائب..
في وضع أشبه بقلعة من ورق الشدة لا تعني بمستقبل مشرق...يخرج المعلم بمطالباته التي تعتبر حقا له...
ما حدث السيناريو الآتي: منع المعلمون من الوصول إلى الدوار الرابع واستخدم مع فض الاعتصام أعلى أساليب فض الشغب وهو الذي شكل بداية الأزمة الحقيقية ...من اعتصام لمدة ساعتين إلى اضراب مفتوح، لم يتوقف المشهد إلى هنا بل عرضت الحكومة كافة أسلحتها عن طريق أبواقها والمأجورين والمندسين والمرتزقة لسيادة المشهد من الرابع هو رابعة بالإشارة إلى مجزرة رابعة في مصر وهي بالمناسبة ليست عيبا على من قتل فيها بل كانت جريمة بحق الإنسانية وانتهاكا صريحا لحقوق المعتصمين، ثم اتهامات من أجندة خارجية ومن ثم اتهامات بانضمام للإخوان والغريب أن المطالبات واضحة لم تحتمل حرقا لأوراق الحكومة دفعة واحدة...ثم تصريحات اتسمت بهزالة الحكومة...الرزاز وزيرا كان أفضل حالا منه رئيسا للوزراء...
وربما فوضى التصريحات ولكل حادث حديث والشكر على الاستجابة دون تقديم أي تطمينات على الأقل من الحكومة تعني أمرين: إما غيابا عن المشهد وإما استهزاء بالمشهد!
وهذا غريب عن شخصية الرزاز! فما الذي حدث؟ ومن الذي يأزم المشهد قاصدا؟ ولمصلحة من؟ ومن الذي سيدفع الثمن؟
أعجبني تعليق أحدهم على مواقع التواصل الاجتماعي بأن يوقف المعلمون اعتصامهم والالتفات إلى الحجرة الصفية معلنين مناهج جديدة وآلية تدريس جديدة بإعادة للمنهج الإسلامي والقرآني واللغة العربية كما يقول كل على أصوله...وفي ذلك كما يقول حل جذري ليس من الحكومة الأردنية بل من حكومات العالم أجمع!
وكلامه يندرج تحت من يحكم الغرفة الصفية...هل هو من يدير المشهد الآن أم المعلم؟ من تراه أقوى في توجيه العقول ؟ والسيطرة عليها وبقدرته أن يجعل من الأطفال تنظيمات تحت أي تصور كان؟
الحلول التي تضعها الحكومة تحمل الآليات طويلة الأمد والخطط المستقبلية ولكن القضية آنية...فالاتفاق على المسار المهني يعني تطبيقا ضمن خطط مستقبلية ويعني كافة قطاعات الدولة.
وتحسين الأداء لا يعني نتائج حالية والسؤال: هل النتائج حقيقية؟ بمعنى آخر هل تحكمها أسس تقيم أداء عادلة ومعايير منطقية وليست تعجيزية، وهل المقيم موضوعي ومرجعيته تحكمها العدالة والشفافية؟ وسواء هذه أم تلك فهي ليست آنية كما أسلفت.
الغريب في الأمر أن ما قيمته مائتان وخمسون دينارا هي التي سينالها المعلم بعد تسع سنوات...ومن يدري ربما لن ينالها...
برواتب هزيلة لا تفي للوصول لحياة الكفاف بل لا تصل لمستوى الفقر قاعدة الاستهزاء والسخرية في معالجتها واللجوء إلى أسالب تميزت بالعنجهية والتشدق بالأنا الوطن...ونسي أن الأنت أيضا هو وطن.
فالوطن نحن جميعا...وهو أكبر من شخص أو رعونة أداء أو ضيق أفق وقصر نظر.
ما نحتاجه بالفعل إرادة حقيقية للخروج بالوطن من منطق الأنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة


.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟




.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط