الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمصلحة من عقلنة الطقوس والحوادث الدينية؟

قاسم علي فنجان

2019 / 9 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تنهال علينا في كل عام الكثير من الكتابات التي تمجد وتشرح وتحلل وتقيم وتفسر وتؤّل وتفند و و و الخ، احداث العاشر من محرم، فهناك كتابات تختص بالحدث التاريخي، وتبدأ بتحميل الواقعة ما لا يمكن تصديقه، وتسرد لنا احداث غاية في المبالغة، وتصبح الواقعة حدثا اسطوريا، كصراع الالهة في الحضارات القديمة، وينجر مع تلك التفاسير والتأويلات الكثير من الكتاب والمثقفين، ويكونوا كلسان حال القوى الدينية ورجالات الدين "الملالي" الذين يجلسون على المنبر ويحدثون الناس ويستغبونهم من قبيل ان "السماء مطرت دما" او " ان قاتله تحول الى كلب اسود" او " ان دمه صعد الى السماء" الخ.
وهناك من الكتاب من يصف الحدث على انه "ثورة" ويجب علينا ان نقتدي بها، ويبدأ بشرح تفاصيل الثورة وما هي الثورة؟ وكيف تأتي الثورة؟ ولماذا ثار الحسين على يزيد؟ وما هي النتائج التي خرجت بها "الثورة"؟ وهل تركت انعكاسات على الواقع؟ اما اذا كان المثقف من تبعة العملية السياسية فسيقول "ان الحسين قد طالب بالإصلاح".
ايضا هناك من يكتب عن شخصية بطل الحدث "الحسين" وربطه بالماضي السحيق لحضارة وادي الرافدين، وبأن الحدث هو اعادة وتكرار لمأساة "دموزي"، الدراما التموزية امام دراما عاشوراء، وبأن الحسين في التاريخ هو "سيد الاحرار" و "ابو الثوار" و "نصير المضطهدين" و "إمام الحرية" الخ.
ويكتبون عن الطقوس التي انتجت بعد الحدث، ويبدأون بفلسفتها واعطائها ابعادا انثربولوجية، وان الحدث يحتوي على "بعد رمزي ودلالات عميقة"، كل ذلك لتضخيم وعملقة الحدث، ويبدأ احد هؤلاء الكتاب المثقفين بتسجيل مشاهد من الطقوس "تشابيه صينية القاسم"، ويعرضها على قرائه ويبدأ بتناولها من جانب انثربولوجي كما يقول، ولا نعرف قد يظهر آخر ليوضح لنا فلسفيا "ركضة طويريج"
كل تلك الكتابات والتي تصدع الرؤوس اكثر حتى من الطقوس نفسها، هذه الكتابات يجب ان لا نؤمن بأنها اعتباطية، وبأن الحدث الديني هذا قد شغل الجميع وبالتالي فأن المشاركة به اضحت جماعية. اذن هناك تساؤل مشروع، لمصلحة من هذا الكم من الكتابات؟ ولمصلحة من عقلنة الاساطير والطقوس والاحداث الدينية؟ ولمصلحة من عقلنة مشاهد العنف "التطبير" وضخ السادية داخل المجتمع؟
مشكلة هذه الكتابات انها لم –ولن- تأخذ البعد السياسي للأسطورة والطقس، ناهيك عن ابعادها الاقتصادية – العلاقة بين البطالة والطقوس-، وايضا فأن الطقوس وفي احد اهم وظائفها، والتي ترتكز عليها القوى الحاكمة، هو تثبيت هذه القوى "السلطة"، اذن هي ليست مجرد "حركات سلوكية متكررة يتفق عليها المجتمع" كما تشير المعاجم الاجتماعية والانثربولوجية، بل هي في صميم العمل السياسي.
عندما ترى رئيس وزراء او اعضاء مجلس النواب او الوزراء او رؤساء الكتل، يمارسون الطقوس بكل قوة، وينزلون الى الشارع ويشاركون المجتمع تلك الممارسات، حتما ستثار لديك تساؤلات كثيرة، لكن تلك الكتابات تغض النظر عنها، لماذا؟ تقول مع نفسك لماذا لا يتناول الكتاب تلك الممارسات الدينية "الطقوس" من جانب سياسي؟ لماذا تبقى الدراسات عليها فكرية وثقافية واجتماعية ونفسية؟ هل تفتقر هذه الطقوس للجانب السياسي؟ ولمصلحة من هذا التغاضي؟
يتشكل الحكم في العراق من عصابات نهب ومجموعة لصوص وقطاع طرق، تسندهم وتساندهم رجال الدين، الجميع متفق على ذلك، ومع ذلك فهذه العصابات يكادون يكونون متحدين خلف طقس ما، لماذا؟ هل نستطيع ان نكشف خيوط اللعبة الدينية التي يمارسونها على المجتمع؟ اليس جمهرة المثقفين والكتاب، بوعي منهم او بدون وعي هم منقادون لتلك السلطة؟ عندما تقول بأن "الحسين منهجنا في بناء الوطن والمواطن" ترى هل سيختلف معك احد من شخوص العملية السياسية؟ بالقطع كلا، او عندما يشيع استاذ جامعي "تنويري" صورا وهو يمسك قدور طبخ "القيمة" مبتسما ومتفاخرا، الا يساهم هذا بإعادة انتاج هذه الطقوس؟ عندما تعظم طقس معين، معناه انك تساهم في تثبيت هذه السلطة، لأن هناك رابطاً قوياً بين السلطة والطقس، فالسلطة تدعم بشكل قوي ممارسة الطقوس، وتبذخ الاموال وتعطل الحياة في سبيل اقامة الطقوس، "طقوس الدراما العاشورائية تستمر شهرين"، ومعروف ان الحياة خلال هذين الشهرين ميتة بالكامل، هذا من جانب، اما من جانب الطقس ذاته، فأنه اصلا يقوم على حدث لشخص طالب بالسلطة، اذن العلاقة قوية بين السلطة والطقس، احدهما مكمل للآخر، فالكتابة عن هذه الطقوس والاحداث الدينية هي لجعل الناس تدور ضمن الحلقة التي ترسمها لهم السلطة الدينية، اذن هي تثبيت للسلطة في شكل ما، والكتاب والمثقفون يلعبون هذا الدور "المناط بهم".
فلمصلحة من كتابات كهذه؟ الا تجعلنا تلك الكتابات نشكك بهؤلاء من انهم يدعمون السلطة القائمة، ليس فقط من خلال كتاباتهم، بل والاصرار على تلك الكتابات في كل عام، عندما يصرون على الكتابة عن الطقوس والاحداث الدينية فأنهم يساهمون اولا في استمرار تخلف المجتمع وتراجعه، وثانيا هم يدعمون السلطة القائمة، قد تكون هذه السلطة لبعض من هؤلاء الكتاب انها تحفظ وضعهم الاجتماعي والثقافي، وقد تكون لبعضهم الآخر تنفيس عن روحية طائفية مقيتة.
اننا مبهورون و مندهشون لكثرة تلك الكتابات، ما يجعل القدرة على التحليل مشلولة، وهذا الشلل سببه انزلاق بعض –ان لم نقل اغلبية- هؤلاء المثقفين والكتاب الى مواقع الفكر الديني البغيض، وتبحث عن سبب او تبرير لإخراجهم من تلك الحفرة، فلا تجد الى ذلك سبيلا، والذي يعزز لديك هذا التشكيك، ان اغلب هؤلاء المثقفين والكتاب لم يكتبوا يوما عن العاطلين عن العمل مثلا، او قضية المساواة، او احتجاجات العمال، واذا ما كتبوا فأنها لا تكون بمثل الروحية والحماس التي يكتبون بها عن الطقوس الدينية، وتعود لتسأل، لمصلحة من؟
بعض الكتابات عن عاشوراء:-
1-الحُسين بن عليّ دوام الحزن وتبدّل الشّعائِر------------ نصير عواد
2-لم يزل نهج الحسين وضاحا------ عباس عطيه
3-الحسين يقتل من جديد--------- نجاح سميسم
4- عاشوراء الحسين بين الرمزية الانسانية والاستغلال السايكوسياسي-------- عامر صالح
5-الحسين منهجنا في بناء المواطن والوطن-----قاسم حسين صالح
6-الحسين ثورة الفكر والنهضة المستدامة-----عبد الخالق الفلاح
7-إمام الحرية------ علي حسين
8- طقوس عاشوراء----------سعدون محسن ضمد
9- الحسين ملهم ثورات التحرر العالمية------- حميد الموسوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القبض على شاب هاجم أحد الأساقفة بسكين خلال الصلاة في كنيسة أ


.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا




.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل