الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قيس سعيد مرة أخرى : جملوكية أو داعشية !!!!

محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)

2019 / 9 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


طيب لندع جانبا مسألة ناخبيه المفترضين من حزب التحرير ومن بعض انصار النهضة و المنتقمين من منظومة الحكم ( رغم أنها كلها امور جائزة ومشروعة ) ولنعتبر أن كل ناخبيه قدموا اصواتهم عن وعي وقناعة بطرحه ، ولنحاول نزع الغبار عن هذا الطرح بروية لنصل لنوعية جمهوره الناخب و مآلات هذه الظاهرة .
يؤسس قيس سعيد طرحه على رافعتين اساسيتين متناقضتين فهو من ناحية يقدّمُ طرحا يبدو في الظاهر لا مركزيا بشكل مطلق عبر الدعوة الى إعطاء كل المبادرة التشريعية و والتنفيذية للمجالس المحلية التي بدورها يتشكل منها مجلس وطني توليفي ( لا يقدم لنا تصورا لدوره !!! ) وهو بذلك يعتقد أنه يدفع في إتجاه إضمحلال الدولة كما نعرفها ، في حين يتمسَّكُ بالانتخاب الشعبي المباشر لرئيس الجمهورية بوصفه رمزا لسلطة مركزية ذات نفوذ تنفيذي وإداري مركزي بصلاحيات اوسع من الآن( لم يقدم لنا أيضا تصورا لدوره ) ، وهذا في حد ذاته تناقض بين فكرتي بناء السلطة من القاعدة و التصعيد من فوق .
يُبشّرُ قيس سعيد بموت الأحزاب ، بوصفها كيانات جامعة ، ويرفض التعامل معها بدعوى إطلاق حرية الفرد على المستوى القاعدي والمحلي ليتماهى مع الدولة "اللاحزبية" الجديدة التي سيكفُّ تعاليها على المجتمع "الشعب" المتكون من إرادات حرّة لجميع أفراده !! ولكنه يتمسَّكُ في نفس الوقت بعلوية القانون و الدستور الموضوع قبل تحرر هؤلاء الأفراد !! بل يعمل على مصادرة إرادتهم الدينية و ضمائرهم بأن يمنح هذه الدولة سلطة مطلقة في التدبر وفي تنفيذ مقاصد الشريعة ، ليجعل في النهاية من دولته حزبا واحدا شاملا و من الحزب دولة في كل ركن وفي كل بيت .
في العموم وبعد الاستماع إلى مجمل تدخلاته المتلفزة و قراءة حوار صحفي معه ، لا يحتكم على أي تصور إقتصادي واضح لا سطحي ولا جذري و يخفي هذا تحت غلاف شُعبوي ركيك من قبيل "الشعب" هو الذي يقرر دون أن يحدد لنا كيف سيقرر هذا الشعب وأين !! اللهم من خلال الأحزاب والجمعيات التي سيسعى لخنقها وقتلها أو عبر مجلس نواب الشعب الذي حسب رأيه تجاوزه التاريخ !! أو عبر الاستفتاء على شيئ قبل وجوده !!!! أكاد أجزم أن الرجل لا يدرك ما يقول وما يصنع ، وأنه سيتحطم مثل زجاج شباك بيت مهجور حالما تطأ قدمه قصر قرطاج ، سيصطدم بمنظومة حزبية قوية نسبية وقائمة وتمثل على الأقل 5 أضعاف أو أكثر من ناخبيه الحاليين !!!
للرجل ، وهو صادق فيما يقول ، تنظيم افقي يُسنده يرتكز على حلقات منفصلة ومتعددة المشارب والعلاقات لا تربطه بهم أي صلة تنظيمية أو أي سلطة إعتبارية خارج تقدمه لرئاسة الجمهورية بوصفه ظاهرة مختلفة ، وهو حسب تصريحاته لا يعرف الكثير منهم ولا يرغب في أي شكل من أشكال المركزة ( لا مدير حملة ولا ناطق رسمي ) ، كلهم بالنسبة له أصدقاء ولا يُحاسَبُ بالتالي الا على فكره هو وحده وعلى رأيه هو وحده ، فهل من تضخُّمٍ للذات أكثر من هذا ؟ الرجل فردٌ بكل بساطة يُلبسُ نفسه وحده بشكل مطلق جُبّّة دولته اللاحزبية واللامركزية التي يكون فيها الوحيد ذو سلطة مركزية !! وهو في هذا بطبيعة الحال لا يفوته أن يتشّبه بعمر إبن الخطاب الخليفة الراشد الثالث في دولة الإسلام الأولى!!
ويتساءل بعضهم عن مكامن التقارب بينه وبين حزب التحرير بكل براءة ؟ إنهما بكل بساطة يلتقيان أساسا في مسألة دك هذه الدولة دكّا ومثلهم الماركسيين ، ولكن بالقوة من فوق وليس ضمن صيرورة تاريخية تتجاوز شروط وجودها الطبقية ، إن سعيّد وحزب التحرير يتفقان رأسا على إنهاء هذه الدولة وهذه الأحزاب ( التعبيرات الطبقية المختلفة ) لصالح دولة "الشعب" ودولة "الأمة" ضمن نفس واقعها الطبقي البائس الحالي ولكن بهوية أخرى أو بالأحرى هوية ، هوية دولة الخلافة !! إنهم يتفقون فقط في تحطيم دولة "جمهورية" الاستقلال وليس تحطيم الدولة ، وهو التقاء موضوعي خارج أو بإرادة السيد "رئيس الجملوكية المقبلة"
رُبّما يكون لقيس سعيد مشروع راديكالي أصيل متماسك ، وربما يكون واعيا تمام الوعي بالاطروحة التي يقدمها ، رغم معاداتها الصريحة للحريات الفردية وحتى العامة ( إلغاء التمويل الداخلي للجمعيات !!!! ) و رفضه للمساواة وتعاطيه مع المواطنين المختلفين عن الجماعة والاقليات بخطاب قروسطي يعتبرهم ظاهرة إجتماعية لا مكان لها في دولته الا على الهامش وبسلطة القانون والدولة...الخ ، ولكن مشروعه هذا شقّ طريقه لنهايته السريعة لمّا دخل من الباب الواسع ضمن أطر الحياة السياسية الرسمية الحالية و من خلال أجهزة الدولة الحالية "المحتضرة" حسب رأيه ، حيث ستنتشر عنده بسرعة عالية بذور فناء تجربته ومشروعه ليتشضّى مثل المرزوقي أو أسوء وترثه مجموعات اخطر حتى من روابط حماية الثورة ، هو باختصار ليس شعبويا بسيطا وحسب مثل الهاشمي الحامدي أو بعض التيارات الصاعدة في أوروبا مثلا ! هو مشروع قلب شامل للمجتمع وردّة جذرية لن تتحقق باي إنتخابات في النهاية أو ضمن أي مؤسسات بل بالقلب "الثوري" العنيف للمجتمع واعمال العصيان وقد كانت داعش أيضا كذلك ، ولكنّ أستاذنا تنقصه بعض الصراحة وبعض الجرأة لقول ذلك بنصف مليون ناخب فقط !!
*جملوكية : مصطلح هزلي يرمز لخليط هجين بين الجمهورية والملكية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر




.. -يجب عليكم أن تخجلوا من أنفسكم- #حماس تنشر فيديو لرهينة ينتق


.. أنصار الله: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أمريكية




.. ??حديث إسرائيلي عن قرب تنفيذ عملية في رفح