الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكتلة البشرية

سربست مصطفى رشيد اميدي

2019 / 9 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


الكتلة البشرية
اثارت دعوة النائب في برلمان كوردستان السيد (هيفيدار أحمد) للعوائل الكردستانية بزيادة الانجاب، تعليقات معارضة واستهجان من قبل شرائح عديدة برزت في وسائل التواصل الاجتماعي. ويذكرنا السيد النائب بلقاءاته عندما كان إعلاميا نشطا، وأيضا نتذكر انهمار دموعه مع دموع عدد من افراد البيشمركة يوم انسحابهم من جنوب وأطراف مدينة كركوك أمام تقدم قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي عشية احداث 16 أكتوبر 2017. لكن يبدو ان دعوته هذه قد ولدت عنه انطباعا مختلفا.
والحقيقة ان بعض الأوساط يسمون استخدام الكتلة البشرية او السكانية في قضايا الاقتصاد والتنمية وقضايا استراتيجية ب (القنبلة البشرية)، لانها تعتبر بمثابة سلاح استراتيجي بيد بعض الشعوب والاقوام والأديان أمام قوة السياسة والاقتصاد والسلطة والسلاح. فالكل يعرف ان الاتراك العثمانيون ومن بعدهم الكماليون عندما كانوا يرحلون العوائل الكردية من وسط وشرق وجنوب تركيا الحالية الى غرب البلاد وأطراف مدينة إسطنبول، لم يفكروا في حينها أن القوة العددية لابناء واحفاد تلك العوائل سيكونون سببا في تغيير ميزان القوة بين مرشح الاخواني (بن يلدرم) وبين السيد (امام اوغلو) مرشح الحزب الجمهوري (حزب كمال أتاتورك) لدى منافستهم على منصب رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، حيث كان لتاثير أصواتهم أعطت الغلبة للسيد (امام أوغلو) مما كان سببا في فوزه بالمنصب. فزيادة الانجاب لدى العوائل الكردية على عكس العوائل التركية وخاصة في مراكز المدن الكبرى، أصبح (سلاحا) بيد الكرد حيث انه بعد سنين ستصبح لهذة القوة السكانية وزنها الاقتصادي والسياسي على نطاق تركيا بكاملها، وسيصبحون رقما مهما في المدن التركية الكبرى كاسطنبول وازمير وانقرة وانتاليا وغيرها، وبوادر ذلك واضحة للعيان.
وفي إسرائيل فان زيادة الانجاب لدى العوائل العربية تشكل باستمرار هاجس خوف لدى القيادة الاسرائلية من زيادة نسبة العرب (عرب 48) قياسا باليهود اللذين يلجأون للحد من الانجاب، علما ان القائمة الانتخابية للعرب (القائمة العربية المشتركة) قد حصلوا على 13 مقعدا في الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) المكون من 120 مقعدا. ومن المفيد الإشارة الى ان تحديد النسب من قبل العوائل الأوروبية مقابل الهجرة المتزايدة اليها لابناء الديانة الإسلامية وزيادة نسبة الانجاب لديهم، سيؤدي بعد عقود من الزمن بان تصبح عددا من الأعراق الأوروبية أقليات في موطنهم، وهذه المشكلة ستهدد دولا مثل السويد وفرنسا وبلجيكا على سبيل المثال. أما في روسيا فانه أيضا بسبب زيادة الانجاب لدى العوائل المسلمة في الاتحاد الروسي سيؤدي الى ان يصبح الإسلام الديانة الأولى في البلاد ربما بعد خمسين سنة.
لهذا فان للكتلة البشرية تاثير حيوي ومهم في الاقتصاد والسياسة وبالاستناد على مخرجاتها في بناء خطط المستقبل. عليه فان ما أشار اليها السيد النائب يعتبر صائبا، لكن لم يكن السيد النائب هو من ينتبه اليها لأول مرة، حيث كان يتم التطرق الى هذا الموضوع والزيادة المضطردة لنسبة الناخبين في محافظات الجنوب من قبل الأحزاب الكردية عند اجراء انتخابات دورات مجلس النواب، وأيضا كان يشار الى منح الجنسية العراقية لعشرات الالاف من العوائل الإيرانية والباكستانية خاصة في محافظات البصرة وكربلاء والنجف وبغداد، لكن يبدو انه لم يتم إيلاء الاهتمام اللازم بهذا الموضوع من قبل القيادة الكردستانية والعمل الجدي لايجاد حلول ومعالجات له لحد الان.
لكن التخطيط المستقبلي وليس بالضرورة للسبب الذي استهدفه السيد النائب وانما لاهداف تنموية واقتصادية وسياسية أو لاستراتيجيات قومية كان يفترض وضع العديد من الخطط والبرامج الهادفة في قطاع الزراعة والصناعة والتربية والتعليم، وبناء برجوازية وطنية لغرض دعم وبناء الطبقة الوسطى لتكون أساسا يمكن الاعتماد عليها في تنفيذ هذه الخطط وبناء اقتصاد متين يعتمد على الكتلة البشرية لغرض رفدها بالموارد البشرية والايدي العاملة الكفوءة. لكن ماحدث كان العكس فالانتاج الزراعي تم تدمير ما تبقى منه نتيجة تدمير الريف الكردستاني من قبل النظام السابق وترحيلهم الى مجممعات سكنية يعتمد سكانها على (الارتزاق) كقوات عسكرية نظامية او شبه نظامية. حيث تم فتح الحدود بمصراعيه امام البضائع والسلع الزراعية الأجنبية وخاصة من تركيا وإيران، ولم يتم وضع سياسة كمرية لحماية المنتج الزراعي المحلي.بالاضافة الى سياسة الكسب الحزبي من قبل الحزبين الحاكمين أدت الى (توظيف) مئات الالاف في دوائر الدولة ومؤسساتها دون ان تكون هنالك حاجة حقيقية لخدماتهم، لكن فقط لاجل كسبهم الحزبي كون الكثيرين منهم كانو مستقلين او موالين لاحزاب أخرى. ولم يتم الاهتمام بالقطاع الخاص للاقتصاد الوطني حيث أصبحت اجازات الاستراد والتصدير وإحالة المقاولات العامة تمنح حسب الولاء الحزبي والعشائري وليست حسب الكفائة والخبرة والتصنيف لابل ان مؤسسات عديدة (بيعت) دون مزاد علني. والانكى من ذلك ان هنالك موظفين في دوائر حكومية يعملون لصالح (شركات) وتعطى نسبة زهيدة من نتاج هذا العمل لتلك الدوائر. مما أدت الى ولادة وازدهار طبقة برجوازية طفيلية تنمو وتتغذى على جسد الدولة ولا يمكن ان تعيش وان تستمر بدونها. اما بالنسبة لقطاع الصناعة فقد أغلقت عشرات المعامل في محافظات الإقليم وان عمالها وموظفيها لازالوا يستلمون رواتبهم وهم في بيوتهم بدون انتاج، اما مكائن ومعدات تلك المعامل فقط أصبحت (خردة) وتحتاج الى تخصيص مبالغ للتخلص منها أو ان تلك المعدات قد تم الاستلاء عليها من قبل البعض. لهذا فان بناء اقتصاد قوي يعتمد على القوى البشرية المحلية هو الطريق لاستخدام الكتلة البشرية في الاستراتيجية الوطنية والقومية (ان وجدت)، وليست استخدامها فقط في المنافسة الانتخابية او لزيادة نسبة حصة الإقليم من الموازنة العامة، لان هذا الموضوع لوحده يحتاج الى دراسات وبيانات ومقارنات وتدقيق حسابات نحن الان لسنا بصددها.
والان فان القيادة الكردستانية والحكومة العراقية يشيرون دائما بان الدستور العراقي يجب ان يكون المظلة والسند الذي يعتمد عليه في حل المشاكل العالقة بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم. عليه واستنادا الى الدستور وحسب الفقرة (أولا) من المادة (49) منه فانه يخصص مقعد واحد لكل (100,000) مائة ألف نسمة من العراقيين، وحيث انه لا دستور للإقليم لحد الان فيفترض ان يكون دستور العراق النافذ هو الذي يعتمد عليه في تحديد عدد مقاعد برلمان الإقليم. وحسب بيانات السيد النائب فان عدد سكان محافظات إقليم كردستان يتجاوز خمسة ملايين وثمانمائة ألف مواطن، وحسب المادة الدستورية أعلاه فيفترض ان يكون عدد مقاعد برلمان كردستان هو (59) مقعدا فقط. وبإضافة المقاعد المخصصة للمكونات اليه وبفرض تخصيص مقعد لابناء الديانة الايزيدية أيضا سيصبح عدد مقاعد المكونات (12) مقعدا، لذا يفترض ان يكون مجموع مقاعد برلمان الإقليم هو (71) مقعدا فقط، اما في الدورات السابقة فان هذا العدد كان يفترض ان يكون اقل لان عدد السكان كان اقل. لذلك نقدم (مقترح) وهو ان يتم تشريع قانون جديد لبرلمان كردستان يتضمن بالإضافة الى الية انتخابه بتحديد عدد مقاعده أيضا وان يكون عددها (71) مقعدا فقط. ويخصص المبالغ المرصودة لرواتب ومكافأت ونفقات (40) نائبا الاضافيين حسب القانون الحالي (111) مقعدا، وتوضع في صندوق خاص يؤسس لغرض صرفها ودعمها لارباب العوائل الذين لديهم أكثر من خمسة أطفال او ان يكون لهم خمسة أطفال فقط.
بإضافة هذا (المقترح) البسيط لدعوة السيد النائب نعتقد انه قد تكون دعوة وجيهة، وقد لا تلقى هذا الاستهجان من قبل البعض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قميص -بركان- .. جدل بين المغاربة والجزائريين


.. مراد منتظمي يقدم الفن العربي الحديث في أهم متاحف باريس • فرا




.. وزير الخارجية الأردني: يجب منع الجيش الإسرائيلي من شن هجوم ع


.. أ ف ب: إيران تقلص وجودها العسكري في سوريا بعد الضربات الإسرا




.. توقعات بأن يدفع بلينكن خلال زيارته للرياض بمسار التطبيع السع