الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام الابوي كبنية تحتية لفكر اليمين والفاشية

قصي الصافي

2019 / 9 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


تعاني جميع ثقافات الشعوب من تأثيرات النظام البطرياركي ( الأبوي) وان - بنسب مختلفة -، ولا تقتصر بصماته في نزعة الاستعلاء الذكوري وتهميش المرأة في عقول وقلوب الرجال فقط، بل تتعداه الى ضحاياه من النساء، فالام الصينية هي من تربط قدمي ابنتها برباط سميك يمنع نموهما ويسبب لها آلاماً لا تحتمل حتى سن البلوغ، وذلك لأغراء الرجل الصيني الذي يعشق في المرأة أقدامها الصغيرة و مشيتها التي تشبه الدحرجة، والام الانجيلية المحافظة في الغرب تشاطر نظيرتها الشرقية في تلقين بناتها على ان طاعة الرجل دون شروط أمر مقدس، والامر لا يقتصر على غير المتعلمات من النساء، فالمحاميه والكاتبة الامريكية فيليس شليفلي قد أمضت القرون الاربعة الماضية ناشطة في حركة سياسية معادية للمرأة نجحت في السبعينات بعرقلة تمرير التعديل الدستوري الذي يضمن مساواة الرجل بالمرأة، ولا جديد في الاشارة الى حملة تشويه برلمانياتنا في العراق لزميلاتهن المدنيات وحماسهن لمبدأ قوامة الرجال على النساء.

لم ينتقد صدام حسين مارغريت تاتشر لنزعاتها الامبريالية، بل خاطبها بلهجة ذكورية متخلفة قائلاً عودي الى بيتك للعناية باولادك. تلك النزعة الذكورية الاستعلائية منبثه في جميع الثقافات بنسب مختلفة، حتى اننا ننسب نجاح المرأة الى امتلاكها خصالاً رجولية، ففي الدول العربية ندعوها ( اخت رجال ) مثلاً ، وفي بريطانيا لم يجد احد البرلمانيين صفة مديح لتاتشر بعد خطابها في البرلمان إلا بقوله انها الرجل الوحيد في القاعة.

في حواراتنا و كتاباتنا عادة ما نختزل النظام البطرياركي بالاشارة الى اشكالية العلاقة بين الجنسين وتسلط الرجل والحط من قيمة المرأة، إلا أن النظام الابوي باعتقادي نسق فكري متكامل يمثل بنية ثقافية و نفسية تؤسس لمنظومة افكار ومفاهيم اليمين و الحركات الفاشيه وشبه الفاشية. مستشار ترامب السابق ستيف بانون يعبر في كتابه ( صفقة الشيطان) عن رعبه من اتساع جماهيرية الحركات النسوية قائلاً : لقد اقترب الزمان الذي تحكم فيه النساء العالم، و حين سئل عن سر عداءه للحركات النسوية كان جوابه: لانها تعمل على هدم النظام البطرياركي ( الأبوي ) الذي قامت عليه حضارة المجتمع الانساني منذ عشرة آلاف عام. فما سر تمسك اليمين وخاصة البيض المتطرفين بالنظام الابوي بصيغته التقليدية البالية ؟. هذا ما سيحاول المقال الاحاطة ببعض جوانبه :

الأب القائد:

يتم التركيز على بنية العائلة التقليدية كمؤسسة اجتماعية مقدسة في الخطاب اليميني عامة وفي الخطاب الفاشي على وجه الخصوص، و تبتلع قواعدهم الطعم الأخلاقي على اعتبار ان تقديس القيم العائلية من الفضائل، وفي بعض الاحيان ليست الفضيلة سوى رذيلة متنكرة بثياب القدسية.
في العائلة التقليدية يمتلك الاب السلطة المطلقة وله وحده القرار الحاسم في ادارة شؤون البيت، والعائلة نواة مصغرة للمجتمع الكبير، ولذا فالمجتمع أو الامة بحاجة الى أب قائد يمتلك الكريزما والشخصية الصارمة، تلتف حوله الجماهير وتؤدي فروض الطاعة والولاء والامتثال لقراراته، كي ينهض بالامة ويحقق ازدهارها. من وحي تلك الرؤية ينتقد هتلر النظام الديمقراطي لأن المسؤوليات تتوزع على عدد كبير من السياسيين المنتخبين، وبالتالي يلتبس على الشعب على من سيلقي اللوم في حالات القصور، ويرى ان الحل الامثل بقيادة القائد القوي، المتفرد بمواهبه وقدراته، والذي يحمل أعباء الامة ويتحمل المسؤولية بالكامل، وما على الشعب سوى اتباعه والثقة بقدراته المتميزة !!، وقد عبر ترامب عن اعجابه بدكتاتور شمال كوريا بقوله إن شعبه يحترمه كثيراً، فبأشارة من يده يقف له الجميع وبأشارة يجلسون. ومن المثير للانتباه ان ترامب الذي تعيقه محددات الديمقراطية الليبرالية أن يحكم كدكتاتور، يعبر عن اعجابه بحكام سلطوبين أو فاشيين جدد مثل مودي ، ديتورتي، بولسينارو، اوربان، السيسي و كثيرين غيرهم ، مما يشير الى وجود نزعة دفينة أو حلم مهزوم ديمقراطياً للتحول الى أب قائد.

سمو الذات العرقية ودونية الآخر:

يقوم النظام البطرياركي على أساس رابطة الدم التي تمتد من العائلة الى القبيلة الى العرق، ويشكل نقاء الدم وهوية العرق الابيض محوراً اساسياً في الحركات الفاشية وشبه الفاشية، تلتئم به وتتحمس حوله قواعدهم، وبهذا يصبح اللون والعرق شرطاً للمواطنة، ولابد من ابادة أو - في افضل الاحوال - رحيل الآخر المختلف من الملونين. كان نقاء الدم والاستعلاء العرقي يشكل هاجساً للشعوب الاوربية انتعشت خلاله الدارونية الاجتماعية، بل سنت قوانين تمنع الزيجات من الملونين، بقيت في بعض الولايات الامريكية نافذة الى ازمان متأخرة، وقد عبر هتلر في كتابه الشهير ( كفاحي ) عن اعجابه بقانون الهجرة الامريكي الصادر عام 1924 أو ما يسمى قانون جونسن - ريد، والذي حصر الهجرة بالبيض من اوربا الغربية ، مانعاً هجرة الاسيويين و السولاف والايطاليين واليهود . و في الآونة الاخيرة تضخمت الذات العرقية لدى قواعد اليمين الاوربي من جراء التغيرات الديموغرافية والتزايد المتسارع للملونين، لا بسبب الهجرة فقط بل لنسب المواليد العالية بين معظم الاثنيات غير البيضاء، و قد يكون هذا ما جعل جيف سيشن وزير العدل السابق في ادارة ترامب ان يخرج عن لياقته قائلاً: ثقافتنا انكلو سكسونية و يجب ان تبقى كذلك، متجاهلاً ان اميركا ومنذ تأسيسها بلد متعدد الثقافات. من السهولة اتساع قائمة المختلف المنبوذ، طالما ان للعرق الابيض ثقافته الخاصة فلا مكان للتنوع الديني أو الثقافي، ولذا يشن المحافظون والفاشيون حملتهم ضد المجتمع المتعدد الثقافات الذي يدافع عنه الليبراليون واليساريون، على اعتبار ان المواطنة هي شراكة بالوطن لا بالهوية الفرعية الثقافية أو الدينية.

العنف كفعل رجولي :

كانت المنظمات العنصرية والفاشية صغيرة ومتفرقة رغم كثرة عددها، ولم تثر عملياتها الارهابية شهية الاعلام الا قليلاً، إلا ان صعود الحركات اليمينية المتطرفة وفوزها بالسلطة في اميركا وعدد من دول العالم قد أعطى تلك المنظمات زخماً كبيرا،ً و شرعت في تكثيف نشاطاتها علنا،ً خاصة انها وجدت الكثير من المشتركات بين متبنياتها وتوجهات حكومات اليمين الجديد، وقد ساعدها تطور الانترنيت على توحيد نشاطاتها والتنسيق فيما بينها.
في متابعة لما ينشره اعضاء تلك المنظمات في Chan 4 و Chan 8 و البرايتبارت والفيس بوك وغيرها، يبدو واضحاً التركيز على العنف كفعل رجولي، واتهام الخصوم بالميوعة والضعف (الانثوي)، اوباما مثلاً يظهر على صورة مثلي جنسياً، ترامب يظهر على صورة مصارع مفتول العضلات يعتصر خصومه في الحلبة، أو يغتصب عضوات الكونغرس الديمقراطيات ( من غير العرق الابيض طبعاً ). المسيرات التي تجمعهم بشكل متكرر في اورغن، فرجينيا، بنسلفانيا وغيرها، تعكس صورة واضحة عن استعلاء ذكوري جامح وفهم متعجرف للرجولة. أعداد كبيرة من الرجال يحملون الاسلحة الثقيلة، وترصع أجسامهم أوشام لحيوانات مفترسه أو صلبان معقوفة، يتعمدون اصدار صرخات كالزئير لبث الرعب، أو ينشدون المارشالات العسكرية كاثبات لرجولتهم. ذلك الجموح الذكوري وربط الرجولة بالعنف والتحدي وروح الانتقام والاقتحام، يشكل باعتقادي الاساس الثقافي والنفسي الذي يستثمر باستثارته القادة الشعبويون لتسويق ايديولوجيتهم المتطرفة والترويج لمفردات قاموسهم السياسي، فمن الرجولة حسم المواقف بالقوة والقسوة أو الحرب والعنف دون اي حساب لما يترتب على ذلك من مآسي، أو انتهاكات قانونية وأخلاقية، وبالمقابل فان الدبلوماسية والعقلنة والتخطيط بعيد المدى والأخذ بنظر الاعتبار القيم الانسانية والاخلاقية، كل ذلك بطر وميوعة و ضعف انثوي.

التراجع عن الخطأ رذيلة! ! :

اذا كانت القوة والضعف مرادفان للرجولة والانوثة بعرف اليمين المتطرف والفاشست، فان التراجع عن الخطأ والاعتذار ليس فضيلة، بل علامة من علامات الضعف ( الانثوي ) المرفوض قطعاً، وقد كان هتلر - حسب تقرير تحليلي لل CIA عام 1940 - يوصى قادة حزبه ان التراجع عن الخطأ والاعتذار أمام الشعب الالماني سيظهرهم بصورة الضعفاء ويفقدهم ثقة الشعب، فاذا ما حوصر أحدهم باتهام مثبت، عليهم ان يتهموا به خصومهم وان جزافاً، وبهذا يظهرون أمام الجماهير ضحايا وأقوياء في ذات الوقت، مما يكسبهم تعاطف الشعب. من الواضح ان ذلك الاسلوب يقود الى سلسلة اكاذيب تتكرر على الدوام على طريقة غوبلز الشهيرة اكذب .. اكذب حتى يصدقك الجميع.
لقد لفت نظري أن تطابقاً مدهشاً بين بروباغاندا هتلر و قادة اليمين الشعبوي الجديد. لم يعترف أياً منهم أو يعتذر عن اي تجاوزات أو انتهاكات حتى وان كانت موثقة بالصوت والصورة، بل يردون السهام دوماً لخصومهم، وقد اضافوا اسلوباً ثعلبياً جديداً لعزل الجمهور عن الحقيقة، وذلك بادلاء التصريحات غير اللائقة يومياً أو اصدار قرارات مثيرة للجدل لأستدراج الاعلام للتعليق المستمر و توجيه الانتقادات لهم على الدوام، وهكذا يظهرون هم بصورة الضحية المستهدفة من قبل الاعلام، وبالطبع يرافق ذلك حملة تتهم الاعلام بترويج ( الاخبار الكاذبة)، مما يحدث ارباكاً للجمهور وشكوكاً بكل ما يتم تداوله من اخبار، وهنا يحقق القائد الشعبوي هدفين، الاول : ان يكون هو لا غير مصدر ( الحقيقة )، فيلفق ما يحلو له أو ما تصطلح عليه مستشارة ترامب ( الحقيقة البديلة )، والثاني : ان يكسب تعاطف الجمهور على اعتباره ضحية يستهدفها الاعلام بغير حق.

برصد المشتركات بين متبنيات وافكار الحركات الفاشية في الفرن العشرين، و بين ايديولوجيا اليمين المتطرف والفاشية الجديدة اليوم، يبدو واضحاً ان النظام البطريركي في الحالتين يشكل احد المصادر المهمة لتغذية النزعات العنصرية و التمييز والاستعلاء العرقي و روح التسلط والعنف. لذا أرى ان مقاومة حلف اليمين مع الفاشية الجديدة بتواطؤ المحافظين، يجب ان يمضي جنباً الى جنب مع مسيرة الدفاع عن المرأة وتحررها من سطوة التسلط الذكوري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حقوق المرأة
فؤاد النمري ( 2019 / 9 / 24 - 07:28 )
يؤكد الباحثون في علم الإنسان (الأنثروبولوجيون) أن المجتمعات البشرية عاشت قبل البطريركية في عصر سيادة المرأة (المطريركية) وهو ما يعني أن البطريركية ليست نظاما تحتيا
يؤدي إلى الإنتقاص من حقوق المرأة كما أنه ليس جنوحاً إنسانيا من طبيعة الإنسان
في الأنظمة الطبقية تتوزع الحقوق في السوق وفق قيمة المنتجات

منتجات المرأة في السوق تكاد لا تذكر
هي تخلف البنين والبنات لكنها لا تستطيع إطعامهم وتلقي بوظيفة الطعام على الرجل ولذلك يسلبها الرجل معظم حقوقها

التشريع بالمساواة لا يؤدي إلى نتيجة
الدستور السوفياتي فضّل المرأة على الرجل ومع ذلك لم يحدث أن كانت إمرأة عضواً في المكتب السياسي للحزب ونسبة النساء في اللجنة المركزية أقل من 10%

المرأة المعاصرة أخذت تعمل في الخدمات لكن الخدمات لا قيمة تبادلية لها


2 - رد على الأستاذ فؤاد النمري
قصي الصافي ( 2019 / 9 / 24 - 08:49 )
أنا اتحدث عن النظام البطريركي كبنية ثقافية منبثة في كل الأنساق الفكريه نتوارثها عبر الأجيال بقيمها ومفاهيمها الذكورية، وقد قطعت الحداثة شوطا كبيراً في تشذيب تلك القيم وتحديثها في مسيرة كفاح طويلة، ألا أن رواسبها مازالت تشكل جزءًا هاماً من العقل الجمعي للشعوب وإن بنسب مختلفة. التغيير لا يمكن إذاً أن يكون فوقيا عبر دستور أو قوانين دولة. العبودية متلاً لم تعد قانونية منذ مئات السنين، إلا أنها تركت أرثاً ثقافيا ثقيلاً من العنصرية والتمييز.لا أدري إن كنت تشاطرنا العيش في العالم المعاصر وأنت تعتقد أن المرأة قادرة على الإنجاب وقاصرة عن إطعام ابنائها، ولا أدري إن كنت تدرك أن ردك بكامله يشي بمبلغ تشبع نمط تفكيرنا بمفاهيم النظام البطريركي والإستعلاء الذكوري.


3 - السيد قصي الصافي
فؤاد النمري ( 2019 / 9 / 24 - 12:33 )
سببي في التعليق على مقالاتك يا سيد قصي هو أنني أحسبك ماركسياً
لئن كنت حقاً ماركسيا فعليك أن تعترف مسبقاً أن توزيع الحقوق يتبع مباشرة نظام الإنتاج وليس المعتقدات والنظريات التي لا علاقة لها بنظام الإنتاج مثل الجنوح إلى الذكورية

رجائي هو أن تعلمني فيما إذا لم تكن ماركسيا كي أتوقف عن التعليق على مقالاتك
أما وأنني الحارس الستاليني للماركسية اللينينية فرجائي أن تتعقل في الرد على تعليقاتي حيث أنني لا أعلق إلا اعتمادا على ماركس وليس وفق معتقدات جوفاء
أنا لا أعتقد بشيء
ومحظور على البولشفي مثلي الإستعلاء


4 - إنها صفات عربية اسلامية
محمد البدري ( 2019 / 9 / 24 - 20:13 )
الفاضل الاستاذ قصي الصافي
اي خطاب عربي / اسلامي هو خطاب ابوي ذكوري بامتياز
وهذا حال الديانات الابراهيمية الثلاث وعلي رأسها الاسلام بوصفه عنصري وقبلي ويميز حتي بين من يعتقد او لا يعتقد ويعلي من قيمة الاستعلاء عرقي باعتبار العرب خير أمة اخرجت للناس.
مع ظهور النظم الجمهورية اصبح الاستبداد هو السمة الرئيسية وسلوك رؤساء الدول التي تعتقد انها جمهوريات كموروث ذكوري.
مع الحداثة بكل الايديولوجيات التي انبثقت في عصرها لم تأخذ منها النظم العربية قيد انملة لان الحداثة تدمر النظام الابوي وتستبدله بديموقراطيات ومعارضة ونظم نيابية وتقسيم عمل لا فرق فيه بين المرأة والرجل وهذا ما شهدناه بوصول نساء كثيرات الي سدة الحكم، المانيا وانجلترا نموذجا.

تحياتي


5 - الأستاذ محمد البدري
قصي الصافي ( 2019 / 9 / 25 - 08:51 )
شكراً لمرورك الكريم
اتفق مع كل ما ورد في تعليقك القيم إلا أن المقال يحاول أيضاً الكشف عن العلاقة بين النظام الأبوي كنسق فكري و ايدولوجيا اليمين المتطرف والفاشية الجديدة، والتي لم يكن منبتها المجتمعات العربية. تحياتي وتقديري


6 - رد على الأستاذ النمري
قصي الصافي ( 2019 / 9 / 26 - 05:25 )
مدهش حقا من يتهم الأخرين بعدم التعقل في ردودهم بينما يلمح أن أفكارم جوفاء
تعليقاتك دوماً لا تتعرض بالمناقشة لما يتضمنه المقال من مفاهيم وأفكار وينصب على مطالبة الكاتب برفع صوته بمناسبة وبغيرها صارخاً أن منشأ تلك الأفكار إقتصادي بحت وهذا ما تسميه نهجاً ماركسياً. لا شك أن للنظام البطريركي جذوره الإقتصادية إلا أن ذلك ليس موضوع المقال، بل ما أردت تبيانه أن النظام الأبوي كمنظومة قيمية يتوارثها الأحياء عن الأموات جيلاً بعد جيل فتصبح منبتاً للنزعات الذكورية تستثمرها الفاشية واليمين لتسويق سياساتهم السلطوية، ولا أظنك تتهم ماركس بان أفكاره جوفاء حين كتب في 18 برمير - البشر يصنعون تاريخهم ولكنهم لا يصنعونه كما يحلو لهم ... إن تقاليد كل الأجيال الميتة تثقل ككابوس على أذهان الأحياء ....انهم يستحضرون بلهفة أرواح الماضي لخدمتهم ويستعيرون منها أسماء وشعارات حربية وإزياء لتقديم المشهد الجديد من التأريخ العالمي في هذا الرداء التنكري المجيد وهذه اللغة المستعارة - أما انجلز فقد أوضح غير ذات مرة أن الحالة الإقتصادية ليست المحرك الوحيد الفعال في صناعة التأريخ بل سخر من ذلك النهج الاقتصادوي في ....يتبع


7 - تكملة رد على الأستاذ النمري
قصي الصافي ( 2019 / 9 / 26 - 06:01 )
في رسالته إلى بلوخ كتب انجلز - من الصعب أن لا يعرض نفسه للسخرية من يحاول تفسير كل شيء بالإقتصاد ، وفي رسالته إلى بورغياس كتب بوضوح - أننا نعتبر الأحوال الإقتصادية هي التي تكيف في النهاية التطور التأريخي .....، إن التطور السياسي والقضائي والفلسفي والديني والأدبي ..ألخ يقوم على التطور الإقتصادي، غير أن كل هذه تؤثر في بعضها البعض وفي الأساس الإقتصادي أيضاً. هذا لا يعني أن الحالة الإقتصادية هي السبب الوحيد الفعال، ....هناك بالأحرى تبادل على أساس الضرورة الإقتصادية-
وفي رسالة منه إلى بلوخ أيضاً كتب انجلز أنه مع ماركس يستحقون اللوم في جعل الرفاق الأكثر شباباً يعتقدون أن للعامل الإقتصادي الدور الأوحد في التأريخ، وأنه وماركس كانا مجبرين على التأكيد على الجانب الإقتصادي بإستمرار، لأن خصومهم آنذاك ينكرون أي دور للحالة الإقتصادية، وهذا ما جعل الشباب يعتقدون خطأً باننا اختزلنا محركات التأريخ بالعامل الإقتصادي فقط.
بالمناسبة الكتاب البرجوازيون اليوم يستمتعون بدحض ما يدعون أنه التفسير المادي للتأريخ على أنه إختزالي اقتصادوي،وهم بالحقيقة يفندون ترجمة المدرسة السوفيتية لنظرية ماركس الأصلية.


8 - قتل الاب في جذر البطريركية
محمد البدري ( 2019 / 9 / 26 - 10:32 )
الفاضل العزيز استاذ قصي الصافي
تحمل لنا الاساطير والادب عبر ملاحم واشعار تراث ثري اسس عليه علماء النفس والاجتماع نظريات كشفت عن دوافع غريزية لم يكن للبدائي او الانسان القديم من بد الا بان يقتل الاب تخلصا من هيمنته. ولم تاتي منظومات اخلاقية رسبتها احاسيس الندم الا بناء علي افعال مشابهة في مجالات متعددة.
كان الصراع صراع غرائز بهف تخليص اكبر قدر من النساء من ملكية الاب لهن.
لم يعرف البدائي سوي الغرائز بكافة تنوعاتها ولم يكن الاب سوي البطرك المهيمن والمسيطر علي ما يمكن لباقي افراد العشسرة من سبل لافراغ متطلباتهم الغريزية.
مرت العصور وتطورت العقول ونمت الافكار حتي وصلنا الي زمن الاديان ثم مؤسسات الحكم البطريركية الجديدة. ففي الرأسمالية اصبح راس المال وملكية هيكل الانتاج مناظرا للنساء عند البدائي ويقابل هذا الاخ الكبير الزعيم الحزبي المالك لمفاتيح اتخاذ القرار في الدولة باعتبار ان الدولة مؤنث. قتل ستالين ليس بعيدا عن تلك الحكايات القديمة.
اما في النبوات فحدث ولا حرج حيث يعترف بقوله وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ

تحياتي واحترامي مرة أخري


9 - الأستاذ العزيز
قصي الصافي ( 2019 / 9 / 26 - 19:49 )
الأستاذ العزيز محمد البدري، شكراً جزيلاً لإتاحة الفرصة لي وللقراء بالاستئناس بآرائك عبر تعليقك الذي أضفى على الموضوع عمقاً وثراءً، اختلافي الوحيد على عبارة أن البدائي لا يعرف سوى الغرائز التي تهذبت بالعقلنة وتطور الأفكار، تلك العبارة توحي وكأن الغرائز اللاعقلانية هابطة من السماء أو أن مصدرها الطبيعة البشرية، بأعتقادي أن للمشاعر الغريزية جذوراً إقتصادية إجتماعية تجد تعبيراتها في الإنحيازات اللاعقلانية والمحركات الشعورية المختزنة في العقل الباطن، والتي تتحول إلى منظومة قيمية منبثة في الثقافة الإجتماعية للجماعة.

تحياتي وتقديري

اخر الافلام

.. استقطاب طلابي في الجامعات الأمريكية بين مؤيد لغزة ومناهض لمع


.. العملية البرية الإسرائيلية في رفح قد تستغرق 6 أسابيع ومسؤولو




.. حزب الله اللبناني استهداف مبنى يتواجد فيه جنود إسرائيليون في


.. مجلس الجامعة العربية يبحث الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والض




.. أوكرانيا.. انفراجة في الدعم الغربي | #الظهيرة