الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اعلام الفلسفة السياسية 3 ف أ هايك الحرية من اجل التقدم

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2019 / 9 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


اتهم هايك بانه من انصار دعه يعمل ، وانه من خصوم قيام الدولة بالخدمات العامة وانه لايهتم بحتياجات الضعفاء

والواقع ان لايوجد شيىء فى كتابات هايك يبرر هذا القول ، والحقيقة انه كما هو معروف هناك مفاهيم شتى للحرية ومن بين هذه المفاهيم يتبنى هايك مفهوما بسيطا للحرية وهى الا يكون الانسان مذعنا لاارادة غيره
وللتوضيح يعقد ايك مقارنة بين ثلاثة معان للحرية متداولة :-

الحرية فى معنى معين هى مشاركة الانسان فى اختيار حكومته ووضع التشريعات
الحرية فى معنى اخر هى المدى الذى يستطيع الانسان ان يصل اليه فى القيام بفعل مدفوعا بارادته الخاصة لا بدافع خارجى
الحرية فى معنى ثالث هى مدى قدرة الفرد على اشباع رغباته

كل هذه الحريات الثلاث يرى هايك انها لا تتفق مع ما يعنيه بالحرية الفردية، فهو يرى ان الحرية تكمن فى التخلص من القيود والضوابط التى تضعها الدولة وهو هذا يسير على نفس الخط الذى سار عليه مفكرون من امثال ماديسون وتوكفيل واكتون
هايك يضع قيودا واضحة للحكومة ولا يخفى شكه وتوجسه من تزايد سطوتها
الليبرالية الامريكية المعاصرة ماهى الا ليبرالية الدولة لا ليبرالية المجتمع ذلك انها ترمى الى ارساء تدخل الحكومة الديمقراطية من اجل التقدم الاجتماعى وعدالة التوزيع

وهكذا نجمل الفارق بين هايك والمفكريين الليبراليين الامريكيين فى ان الاخيرين ياملون فى اعادة بناء المجتمع وصياغته من جديد فى حين ان هايك يؤكد على اهمية التطور التلقائى للمجتمع متابعا فى ذلك برنارد ماندفيل وادم سميث

تلك هى الصورة المجملة لفكر هايك ولنتعرف عليه نقتبس نصا من كتابه دراسات فى الفلسفة السياسية والاقتصادية يقول فيه ( الليبرالية تنبع من اكتشاف نظام قادر على ان يستثمر معرفة افراده ومواهبهم وكفاءاتهم الى الحد الذى لا يجاريه فيه اى نظام اخر نابع من التوجيه المركزى

ويسجل فى نص ثان المحور الاساسى فى مفهوم الليبرالية يتمثل فى اعمال مبادىء عامة للادارة العادلة من شانها ان تبسط الحماية على قدر معين من النطاق الخاص للافراد

وسوف ينشأ من هذا نظام من الانشطة الانسانية قادرة على تشكيل نفسها بشكل تلقائى وينبغى توجيه القوة الجبرية التى تملكها الحكومة الى توجيه اعمال هذه المبادىء فقط

حجة هايك فى ذلك ان الانسان اى انسان عاجز عن الالمام بسائر العوامل التى يتوقف عليها تحقيق اهدافه ومهما اجتهد فسوف تظل معرفته قاصرة عن الالمام بكل هذه العوامل

ومجال التخطيط الذى تقوم به الدولة ينبغى ان يقتصر نطاق تطبيقة على نقاط محددة مثل تجميع قدر من الموارد وتوظيفها داخل نسق محدد الاطار

ان هايك يرى ان الطبيعة الانسانية غير محددة وفى حالة تشكل دائم لا ينقطع ومع هذا فان مستقبل البشرية ينبغى ان يكون امره موكولا الى التطور التلقائى لان طبيعة الانسان غير ثابته

يهاجم هايك بضم الياء فى نظرية التطور التلقائى بانه ينفى عن الدولة فاعليتها الايجابية وانه لا يلقى بالا الى مسؤلياتها الاخلاقية والاجتماعية عن الضعفاء والعاجزين عن الكسب

وهى امور ابعد ما تكون عن مقصد هايك فمن حق الدولة كما يرى من واجبها ان تتدخل لكى تضمن حرية مسار التطور التلقائى ويجب ايضا ان تتدخل لتوفير الحد الادنى للمعيشة للعاجزين عن الكسب وتوفر لهم حياة كريمة

الحرية الفردية عند هايك لم تكن نتيجة تخطيط مسبق من الانسان ولكنها نشات من الناحية التاريخية نتيجة فقدان الثقة فى الحكام مما ترتب عليه وضع القيود على سلطاتهم وليست لان البشر تنبأوا سلفا بمزايا الحرية
ولكن هايك يطرح سؤال عن ماهية مزايا الحرية ويجيب انها السبيل الوحيد الى التقدم المادى والثقافى

والتقدم هو عملية تتم من خلال تشكيل وتعديل القدرات العقلية للبشر بما يترتب عليه بالضرورة قدر اكبر من الاشباع للحاجات ومدى اوسع للسعادة

المهم كما يؤكد هايك فى كتابه دستور الحرية ( الا نعيش على ثمار الماضى وان نظل نتطلع للمستقبل ، ذلك انه من خلال التوجه للمستقبل يمكن للذكاء البشرى ان يؤكد ذاته

عندما يتعرض هايك لتقييم الحرية الفردية فهو يقيمها من خلال مساهمتها فى تحقيق التقدم ، ويقول اذا افترضنا وجود بشر قادرين على ان يحيطوا بكل شيىء علما "عارف كل حاجة" فلن تكون للحرية قيمة تذكر

فالحرية تيسر لنا السبيل لمواجهة ما لانراه وما لانستطيع ان نتنبأ به ، والمجتمع الذى يشتمل على عدد من الافراد يتمتعون بالحرية خير من المجتمع الذى لا يوجد بين مواطنيه احد على الاطلاق متمتع بالحرية

وعلى الرغم من اننا نستهدف عرض اراء هايك فان لنا ملاحظتين ( الملحوظة للمؤلف انتونى كرسبنى )
1 ان تصور هايك للحرية ينطوى على تناقض فهو مرة يتحدث عنها باعتبارها قيمة جوهرية ومطلوبة لذاتها ومرة اخرى باعتبارها الوسيلة للتقدم
2- ان وجود مجتمع بعض افراده يتمتع بالحرية فى حين لا يتمتع بها الاخرون خير من المجتمع الذى لايتمتع اى من افراده بالحرية هو قول خاطىء، لان الحرية يجب ان تكون وفقا لقواعد العدالة للجميع حتى وان ترتب على ذلك بطء التقدم

ننتقل الى نقطة اخرى من اهم مبادىء هايك وهى ما يسميها ضرورة اعمال المبادىء العامة للسلوك العادل ، وهى فى تعريفه مجموعة القواعد اللازمة لتحقيق التطور

وذلك من خلال ارساء ثلاث ملامح فى القواعد القانونية التى تحكم اصدار القانون هى التعميم والتوكيد والمساوة ، وهنا نصل لسؤال ما العلاقة بين اراء هايك فى القانون وبين تصوره للحرية الفردية

الاجابة ان اراء هايك فى القانون تتفق مع تعريفه للحرية الفردية يحيث ان كل فرد فى المجتمع يكون متمتعا بحريته الفردية عندما يطيع تلك القواعد القانونية المجردة
وهو فى هذه الحالة لا يكون مذعنا لاارادة شخص سواه وانما يكون ملتزما بالارادة الموضوعية للقانون

وهذه النصوص قد تمنعه من فعل معين لا لتفرض عليه فعل شيىء محدد بالذات بحيث ان قواعد القانون تحمى المجال الخاص للفرد وتكفل للمجتمع ككل امكانية النمو والتطور التلقائى – ربما يكون ذلك ما حدا بخصومه الى اتهامه من قبل خصومه بانه من انصار دعه يعمل دعه يمر

هو فهم بعيد كما بينا عن الموقف الحقيقى لهايك ، فهو يرى ان تدخل الدولة فى المجال الاقتصادى هو تدخل ضرورى ومطلوب لضمان النمو التلقائى للنشاط الاقتصادى والحيلولة دون قيام قوى معينة كالاحتكارات والتكتلات من شأنها ان تعطل المسار التلقائى للتطور وتوجيهه وجهة معينة لمصالحها الخاصة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا زادت الجزائر إنفاقها العسكري بأكثر من 76 في المئة؟


.. لماذا تراجع الإنفاق العسكري المغربي للعام الثاني على التوالي




.. تونس: هل استمرار احتجاز المتهمين بالتآمر على أمن الدولة قانو


.. ليبيا: بعد استقالة باتيلي.. من سيستفيد من الفراغ؟ • فرانس 24




.. بلينكن يبدأ زيارة للصين وملف الدعم العسكري الصيني لروسيا على