الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حينما يتحول النفاق الى بضاعة مقبولة !

محمد بلمزيان

2019 / 9 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


لقد حكم علينا الوضع الحالي أن نعيش في مجتمع ومحيط يتسعان للكثير من التعبيرات السياسية المنافقة والتي تكذب على الناس صباح مساء ودون خجل أو حد أدنى من المروءة والأخلاق، كيف لا وقد أصبحت هذه الظاهرة قاعدة، تترسخ بكيفية تدريجية رغم اتساع مشاعر الإمتعاض والإشمئزاز لتغول الأطراف المهيمنة على المشهد السياسي،حيث يتحول الكذب الى حقيقة،والعكس صحيح ، بفعل الإستعمال المكثف لوسائل الإعلام العمومية المختلفة للتشويش على حقائق الأمور، وبالتالي تسويق افكار تناقض الواقع، الى درجة تصل الوقاحة ببعضها الى درجة تبرئة نفسها وعدم تحملها لأية مسؤولية في هذا المصير القاتم الذي أصبحت عليه الأوضاع الإجتماعية اليوم، وازدياد حجم الغضب والاحتجاج و الهجرة والبحث عن فرص العمل بعيدا عن الوطن. إذا كانت بعض المكونات السياسية قد عمرت طويلا وتعاقبت على تدبير قطاعات عمومية لسنين طويلة، وبرهنت عن فشلها الذريع في إدارتها ومع ذلك تكابر وتبدي عنادا منقطع النظير بأنها ليست مسؤولة بالمرة عن هذه الأوضاع ومضاعفاتها، بل وتزداد غرورا لتقدم نفسها بأنها هي المنقذ الوحيد وهي القادرة على إخراج البلاد من أزماته البنيوية التي أصبحت تنخر جميع مناحي الحياة الإجتماعية، بداءا من التعليم والصحة والشغل ...
أعتقد بأن سيادة هذه الثقافة المتعفنة في المجتمع نابعة بالأساس عن استغلال هذه الأطراف السياسية لمنتسبيها في الشحن الإيديولوجي والتعصب السياسي للرأي للدفاع عن مصالحها الضيقة، بدل اعتماد ثقافة تباعدية منفتحة على جميع شرائح ومكونات المشهد الثقافي بما في ذلك المهمشة سياسيا، و غياب اعتماد مقاربة تشاركية في صياغة برامجها وحلولها المقترحة، مع العلم بأن هذه الوضعية تزداد اتساعا وخطورة في ظل أوضاع الأمية وغياب الوعي السياسي لدى شرائح كثرة من المجتمع، مما يولد تغييب الحس النقدي في مقابل شيوع ثقافة الوصاية والإستنساخ طبق الأصل لأفكار تبدو ميتة، وبرهنت العقود الطويلة بأنها غير قادرة على تحقيق التنمية المنشودة، والأحرى إخراج البلاد من الأوضاع المستفحلة، في الوقت الذي كان حريا على هذه المكونات أن تقدم استقالتها بكل هدوء للتعبير عن عدم القدرة على طرح بدائل للتنمية الموعودة، خاصة وأن استمرار العمل بقاعدة غودو الذي يأتي وقد لا يأتي أبدا ، هو تأجيل للرهان المستقبلي وضياع لوقت مهم في معادلة صعبة وتزداد صعوبة، لكون التشبث بالموقف والعناد في الدفاع عن مقاربة خاطئة وفاشلة، هوأس عدم الإحساس بالمسؤولية وبرهان على غياب رؤية وتصور للتدبير والإدارة، وهو سلوم ينطوي على الكثير من المجازفة ليس فقط بمصير المكون السياسي أو المكونات السياسية من حيث ذوبان ما تبقى من مصداقيتها في عيون الشعب ، بل وتفويت الفرص عن الأطراف والطاقات التي يمكن أن يكون في حوزتها بدائل ممكنة، وقد تشكل تصوراتها مؤشرا على تحريك المياه الآسنة في أفق صياغة واقتراحات مدروسة وعلمية، تقارب مواضيع التعليم والصحة والشغل من زوايا متبصرة، وفق رؤية متبصرة تستشرف المستقبل بأدوات منهجية واضحة المعالم وتقيم مساراتها بطريقة لا تشوبها العشوائية والإرتجال. كنا نسمع كثيرا عن تخليق الحياة العامة لكن لا نجد أثرها في المعمعان الإجتماعي، ويزداد انهيار القيم وتفاقم ازدياد ثقافة النفاق والكذب والغش، حتى أصبحت هذه الأخيرة قاعدة في حين أن الأوصاف المذكورة أصبحت نشازا وسط بحر من الظواهر المرفوضة،فلا يمكن أن نعول على واقع المدرسة العمومية بمقررات غير محسوبة العواقب على أجيال الناشئة،وما تشكله من إعاقة التربية والتعليم، وبمضونها وطرق تدريسها، وواقع البنيات التحتية المختلفة وظروف اشتغال الأطر التربوية التعليمية، وبدون الإشتغال بمنطق المردودية العلمية و التحصيلية ، ومدى دقرتها على الإنتاج والإندماج في النسيج الإقتصادي بكيفية تأخذ هذه الأخيرة ضمن العملية التعليمية كأحد الرهان لاستقطاب الطاقات والكفاءات العملية، بشكل تستثمر فيه المؤهلات والثروات الطبيعية حسب كل منطقة وجهة، ومرورا بالصحة والشغل وغيرهما من القطاعات التي تحتاج الى بلورة سياسات واضحة ، تحتصن المواطن وتجعل هذا الأخير يلوذ إليها وقت الحاجة، بما يجلعه يحس بأن حقه مكفول بنصوص قانونية، ولا أحد بمقدوره مصادرتها أو حرمانه منها كيفما كانت الظروف وبدون أي إحساس بالتمايز الطبقي والإنتماء السياسي. إذن فالتخليق والشفافية تبقى شعارات جوفاء ما لم يتم إخضاعها لمنطق الأجرأة على الأرض، وأن مداخلها تبدأ من محاسبة الضمير أولا وإخضاع بعض النفوس (الأمارة بالسوء) الى تقييم عملها وفق المردودية والنجاعة، وإنشاء جوائز تقديرية و تحفيزية على الأعمال التي تشكل أجوبة حقيقية عن الأوضاع الإجتماعية،وبالتالي إشاعة الشفافية والمسؤولية وتحويلها من بذرة مزروعة اليوم بعناية في فيافي مختلفة، ستزهر وتحولها بلا شك الى أراضي معطاء وخصبة غدا، فحينما يتحول المتحدث في الحشود البشرية وهو يعطي وعودا يعرف بأنها لن تتحقق أبدا في قراراة نفسه، ويحاول جاهدا أن يضفي طابع المصداقية والإستعجالية على تلك الوعود، بما يجعله يخطف عنوة إرادات وقناعات ربما معدومة في أغلب تلك الحشود البشرية والتي غالبا ما تكون محشودة، فإن ذلك هو بداية ضياع الطريق الصحيح، وبالتالي فإن إكساب الشرعية لأمثال العابثين باختيارات الناس هو تقويض لعملية إرساء اللبنات في مكانها المناسب ،ووضع أول عربة قطاع خارج الخط وبالتالي فإن وضع باقي العربات ستبقى رهينة لهذا الوضع المختل في التحليل الأخير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصعيد إسرائيل في شمال قطاع غزة هو الأعنف منذ إعلان خفض القوا


.. طفل فلسطيني برفح يعبر عن سعادته بعد تناوله -ساندويتش شاورما-




.. السيناتور ساندرز: نحن متواطئون فيما يحدث في غزة والحرب ليست


.. البنتاغون: لدينا بعض المخاوف بشأن مختلف مسارات الخطط الإسرائ




.. تظاهرة مؤيدة لفلسطين في بروكلين للمطالبة بوقف تسليح إسرائيل