الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلقة العاشرة.حراك الشهب السوري من الحلم بالتغيير إلى الكارثة

منذر خدام

2019 / 9 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


الفصل الرابع
قضايا الحوار من وجهة نظر النظام
1-مقدمة:
نستعرض في هذا الفصل وجهة نظر النظام من القضايا الرئيسة للأزمة السورية، من خلال التركيز على ما جاء في خطابات الرئيس بشار الأسد، وعلى ما قاله بعض مثقفي السلطة في هذا المجال.
بودي القول بداية أن النظام طرح الحوار منذ الأشهر الأولى لتفجر الأزمة، وتم في حينه تكليف فاروق الشرع ترأس لجنة تحضر للقاء تشاوري. وكان من المفترض ان يدعى إليه طيف واسع من المهتمين بالشأن العام من المعارضة والموالاة، لكن الدعوة اقتصرت على ممثلين عن احزاب الجبهة التقدمية، وبعض رجالات الفكر والثقافة من المستقلين، في حين غابت عنه المعارضة بمختلف أطيافها.
اللافت أنه قبل انعقاد اللقاء التشاوري في مجمع صحارى برئاسة فاروق الشرع كما أشرت، كانت المعارضة غير الحزبية قد عقدت مؤتمراً لها في فندق سمير أميس في شهر حزيران، حضره ما يزيد على مئتي شخصية من فنانين وأكاديميين وكتاب وناشطين سياسيين، ومن شباب الحراك الشعبي، وكان لي الشرف بترأس هذا المؤتمر، لم توجه الدعوة لأحد ممن شارك فيه، الى لقاء صحارى التشاوري، وكان ثمة انطباع في حينه أن لقاء صحارى التشاوري هو رد النظام على لقاء سمير أميس للمعارضة غير الحزبية. مهما يكن فإنني اعتقد انه كان من واجب المعارضة تحدي النظام بحضورها، وطرح وجهات نظرها، بدلا من إعلانها المسبق مقاطعة لقاء صحارى التشاوري، والذي بناء عليه، كما روج النظام في حينه، لم تدع لأنها رفضت فكرة الحوار مع النظام من أساسها.
وبالفعل رفضت المعارضة فكرة الحوار مع النظام في حينه بضغط من بعض أوهامها التي تفيد بأن النظام قاب قوسين او ادنى من السقوط، فلماذا تساهم في اعطائه فرصة لإصلاح نفسه بدلا من تغييره بصورة جذرية وشاملة.
من جهة أخرى فإن النظام ذاته، وكما تبين لاحقا، لم يكن جادا حقيقة بالحوار، بدليل أنه لم ينفذ شيئا من توصيات لقائه التشاوري.
بقي أن أقول كلمة للتاريخ أن ما صدر عن لقاء صحارى التشاوري من توصيات تضمنها البيان الختامي الصادر عنه، لم تكن أقل أهمية من توصيات مؤتمر سمير أميس للمعارضة غير الحزبية، لجهة شموليتها، ودقة تفاصيلها، والمشروع التنفيذي الذي أعده لها.
لكن قبل البحث في مخرجات لقاء صحارى التشاوري، لا بد من الرجوع قليلا إلى بدايات انتقال السلطة إلى بشار الأسد، وننظر في خطاب توليه السلطة في تموز من عام 2000، وما طرحه من رؤية إصلاحية لتطوير النظام الذي اسسه والده الراحل حافظ الأسد، وماذا تحقق منها.
2- رؤية بشار الأسد الاصلاحية
في العاشر من شهر تموز لعام 2000، كما هو معلوم، بدأ بشار الأسد حكمه لسورية بإلقاء خطاب أمام مجلس الشعب، بعد تأديته لليمين الدستورية27). وإذ ويشغل موقع الرئاسة، فهو يشغله لأن " الله، منذ أن خلقه ، أراد له أن يشغل هذا الموقع"، حيث " رغب الشعب" ، وحيث أراد "والده وأسرته" أن يكون، وفي الموقع الذي صمم على " التمسك به وصونه " ليكون قوياً على حد قوله. كلام لا يحتاج إلى تعليق فالكل يعلم كيف جاء إلى موقعه، بإرادة " والده وأسرته" وتأييد من السلطات الأمنية والاقتصادية الحاكمة، وبتحضير مسبق لبعض الشروط الدولية والاقليمية. كل ذلك ليس مهما اليوم، بل ما هو مهم وينبغي متابعته هو الخطاب الاصلاحي الذي جاء به كنوع من غطاء أيديولوجي لتقديم نفسه للرأي العام المحلي، والعالمي.
لقد تحدث بشار الأسد مطولاً عن مشروعه " للتطوير والتحديث " وطالب جميع السوريين بدعمه والمساهمة فيه. فالتطوير بحسب قوله هو" الهاجس الأساسي لكل مواطن في هذه البلاد وفي مختلف المجالات". ولذلك ينبغي العمل في ثلاث محاور أساسية:
المحور الأول - ويتضمن طرح أفكار جديدة في المجالات كافة، سواء بهدف حل مشكلاتنا ومصاعبنا الراهنة، أو بهدف تطوير الواقع الحالي.‏
المحور الثاني - يتضمن تجديد أفكار قديمة لا تناسب واقعنا، مع إمكانية الاستغناء عن أفكار قديمة لا يمكن أن نجددها، ولم يعد ممكنا الاستفادة منها، بل أصبحت معيقة لأدائنا.‏
المحور الثالث - ويتضمن تطوير أفكار قديمة تم تجديدها لكي تتناسب مع الأهداف الحاضرة والمستقبلية، وكل عمل بحاجة إلى قياسات لتحديد نسبة الإنجاز والتقدم فيه، ومن المفيد في هذا المجال أن نستند إلى مجموعة من المعايير.‏
المعيار الأول - هو عامل الزمن الذي يفترض بنا أن نعمل على استغلاله بحده الأقصى بهدف تحقيق الإنجازات التي نتطلع إليها بأقصر مدة ممكنة.‏
المعيار الثاني - وهو طبيعة الواقع الذي نعيش فيه والظروف المختلفة التي تحيط بنا، الداخلية منها والخارجية.‏
المعيار الثالث - وهو الإمكانيات المتوافرة بين أيدينا للانطلاق والوصول إلى الهدف المحدد آخذين بالحسبان أن الإمكانيات ليست معطيات ثابتة بل هي قابلة للتعديل باستمرار من خلال جهودنا وفعاليتنا.‏
المعيار الرابع - وهو المصلحة العامة وفيها تلتقي كل المعايير السابقة ومن خلالها تتحدد. وهي معيار وهدف في وقت واحد. إذ ما قيمة أي عمل نقوم به لا يكون رائده المصلحة العامة؟".
ولا ينسى بشار الأسد، بعد كل الذي حدده لنفسه أعلاه، من محاور للعمل عليها، ومعايير لمعايرة مدى النجاح في تحقيقها، ان يحدد الأدوات التي ينبغي ان توصله إلى اهدافه، ويذكر من أهمها:
اولاً " الفكر المتجدد واعني به الفكر المبدع الذي لا يتوقف عند حد معين ولا يحصر نفسه في قالب واحد جامد".
وثانياً، " النقد البناء " ، وهو لا يكون بدون " موضوعية " على عكس " النقد الهدام" الذي
يغلب في أحيان كثيرة على " طروحاتنا لأسباب مختلفة ".
وثالثا"، " المساءلة " وينبغي ان تكون " متكاملة وتبدأ من المواطن وتنتهي بالمؤسسات"
ورابعاً، " الضمير والوجدان " اللذين "تعكر صفاءهما بفعل الظروف والعوامل المختلفة التي
تحيط بكل فرد".
ويشير بشار الأسد في خطابه ذي الصبغة المدرسية إلى التغيرات السياسية التي جرت في العالم، ونجح والده في تحييدها عن سورية، وأنه سوف يتابعها بدوره، لكن المجال الاقتصادي الذي " يتغير ويتموج بحدة"، عليه ان يركز جل اهتمامه عليه، لنقله من وضعية" اقتصاد له أسواقه المفتوحة أمامه، إلى اقتصاد مطلوب منه المنافسة ". وسبب هذا التموج في الاقتصاد بحسب رأيه هو " إصدار قوانين ومراسيم تتسم أحيانا بالتجريبية، واحيانا اخرى بالارتجال، وفي البعض منها كانت تأتي كرد فعل على حالة معينة"؟!! وهي المسؤولة عن " الصعوبات " التي يعاني منها الاقتصاد السوري اليوم، بحسب رأيه.
ومن المواعظ الاقتصادية ينتقل بشار الأسد إلى الحديث عن "الشفافية"، ويرى أن هذا المصطلح الذي يطرح بشكل متواتر مؤخرا في الحوارات والمقالات مناسب جدا وهو يؤيده. لكن من خلال " فهم واضح لمضمون المصطلح، وللأرضية التي يمكن أن يبنى عليه ". ولا ينسى أن يتابع محاضرته بالقول " الشفافية قبل أن تكون حالة اقتصادية أو سياسية أو إدارية وغيرها، فهي حالة ثقافية وقيم وتقاليد اجتماعية ". ولكي يبرهن على استحالتها في مجتمعنا يتساءل " هل أتعامل بشفافية مع نفسي أولا، ومع أسرتي ثانيا، ومع محيطي القريب والبعيد والدولة والوطن ثالثا. فمن يستطيع أن يعطي جواباً بالإيجاب يعرف معنى الشفافية، وهو من يستطيع أن يقدر أبعادها ويمارسها في أي موقع كان". واضح أنه يريد ان يقول الشفافية غير ممكنه في مجتمعنا، ومن النافل القول، من ثم، أنها غير صالحة في السياسة ولا في الإدارة، ولا على مستوى قيادة الدولة.
يتابع بشار الأسد محاضرته، فيقول: "بعض العادات والتقاليد والمفاهيم أضحت عائقا حقيقيا في طريق أي تقدم"، وينبغي " التركيز على المعوقات التي تبقيه على حاله دونما تغيير إلى الأفضل" لكنه كالعادة لا يحدد ما هي هذه "العادات والتقاليد والمفاهيم" البالية، التي ينبغي التركيز عليها.
ويعود الأسد للحديث من جديد عن الاقتصاد، كمدخل للحديث عن الديمقراطية، فيربط تطويره "بتحديث القوانين وإزالة العقبات البيروقراطية" من أمام تدفق الاستثمارات الخارجية والداخلية. بالإضافة إلى ذلك لا بد من التأكيد على دور المؤسسات، والتي هي قبل كل شيء " الفكر المؤسساتي" الذي يؤمن بأن كل مؤسسة تمثل كل " الوطن" مهما كان حجمها، ويؤمن أيضا بالعمل " الجماعي"، وهو عمل لا ينفصل عن" الفكر الديمقراطي". ويتساءل إلى " أي مدى نحن ديمقراطيون، وما هي الدلائل على وجود الديمقراطية او عدمها؟". ويتابع تساؤلاته هل الديمقراطية هي في الانتخابات، ام في حرية النشر، ام في حرية الكلام، ام في غيرها من الحريات والحقوق"، ويجيب سيادته " ولا في واحدة من كل ذلك"، بل في " ممارسات ديمقراطية تنبني على فكر ديمقراطي"، لكن ليس فكرا "غربياً"، فلا يجوز أن " نطبق ديمقراطية الآخرين على انفسنا". الديمقراطية التي تلائمنا هي الديمقراطية التي تنبثق عن تاريخنا وثقافتنا". يتجاهل سيادته، ان تاريخنا كله هو تاريخ الاستبداد وثقافته.
وبما ان" الفكر الديمقراطي والفكر المؤسساتي مترابطان" حسب رأيه، ينبغي إذاً، البدء بالإصلاح الإداري، فهو اليوم "حاجة ملحة"، فقصور الإدارة من أهم " العوائق التي تعترض مسيرة التنمية والبناء، ولا بد من محاربة " المقصرين، والمسيئين، والمهملين، والمفسدين" .
ينتقل الخطاب من الشأن الداخلي إلى الشؤون العربية والدولية، ونحن بدورنا نتوقف عن متابعته. ومع ان الخطاب مليء بالمواعظ والارشادات ذات الصبغة المدرسية، وغير متعينة في الواقع خارج إطار قوالبها اللفظية، باستثناء قضية واحدة جاء قوله فيها حاسما واضحاً فهو لا يريد الديمقراطية الغربية، بل الديمقراطية التي تنبع من "ثقافتنا وتاريخنا"، أي باختصار استمرار الاستبداد.
وتنفيذا لما جاء في خطاب القسم لبشار الأسد انشغل هو ومجلس الشعب بإصدار القوانين والمراسيم التشريعية التي تجاوز عددها الثلاثين قانونا ومرسوما خلال السنة الأولى من حكمه، حتى صارت موضوعا للدعابة والتندر، خصوصا لجهة عدم تنفيذها من قبل الجهات المعنية. وبالتوازي مع اصدار القوانين بدأ العمل على الاصلاح الاقتصادي، دون اعداد استراتيجية لذلك، وبرامج تنفيذية، ففشل. لينتقل بعد ذلك للعمل على الاصلاح الإداري، أيضا بصورة ارتجالية وبدون أية خطط وبرامج إصلاحية ففشل أيضاً. لقد كان فعليا بحاجة لهذا الفشل، بل عمل عليه، بحسب ما كان يتحدث به مقربون منه، لكي يعزوه إلى استمرار وجود كثير من رجالات والده في السلطة، فيشكل ذلك ذريعة للتخلص منهم، وهذا ما حصل فعلا في المؤتمر القطري الذي عقد في عام 2005.
بعد ان تخلص بشار الأسد من رجالات والده في السلطة، وجاء برجاله، بدأ الحديث عن التنمية البشرية، كمدخل للإصلاح، مستلهما تجربة ماليزيا لكنه سرعان ما توقف. لقد راهن كثيرا على نجاح الخطة الخمسية العاشرة لتنمية الاقتصاد والمجتمع، وهي الخطة الوحيدة التي اعدت خلال سنوات حكمه العشر الأولى، لكنها فشلت أيضا في تحقيق معدل النمو المستهدف، وهو سبع في المئة في نهاية السنة الخامسة من تطبيقها، فما تحقق فعلا لا يزيد عن نحو واحد في المئة نموا صافيا( بعد حذف النمو السكاني)، او نحو ثلاثة في المئة نموا قائما. اللافت في هذا المجال انه تم رصد نحو ثلاثمئة مليار ليرة سورية لتطوير الجزيرة السورية فلم يتم إقامة ولا مشروع من المشاريع التي لحظتها الخطة"، ولم يُسأل أحد عن هذا التقصير والسرقة الموصوفة؟
ينبغي الاعتراف، أنه وتنفيذا لما جاء في خطابه الاصلاحي من ضرورة تطوير الفكر الاصلاحي والثقافة الاصلاحية، تم تشكيل فرق بحثية علمية كثيرة لدراسة مختلف جوانب القصور في الواقع الاجتماعي السوري. فتشكل فريق لدراسة تطوير التعليم بكل مراحلة، وفريق لدراسة الحالة السكانية ومشكلاتها، وكيف يمكن حلها، وفريق لدراسة حالة الفقر في سورية، وغيرها من فرق بحثية عديدة، لكن كان من أهمها فريق لدراسة مسارات التنمية في سورية حتى عام 2025. لقد وضعت جميع مخرجات هذه الفرق البحثية العلمية في الدرج وأهملت، ولم ينفذ منها شيء.
إن سبب فشل النظام خلال السنوات العشر التي سبقت تفجر الأزمة في عام 2011 هو بالضبط تجاهله لإصلاح المجال السياسي، أي في استمرار الاستبداد والفساد. لقد كنت مشاركا في جميع الحلقات البحثية العلمية التي طلبت السلطة تشكيلها، بصفتي باحثا أحياناً، ومناقشاً لمخرجاتها في أغلب الأحيان. لقد كان واضحا بالنسبة لي، ان أي إصلاح في سورية لا يبدأ بإصلاح المجال السياسي سوف يفشل، وكنت أقول ذلك دائما، لأن الفاعل الرئيس فيه هو الانسان، وهو بالضبط ما عمل الاستبداد على تخريب شخصيته. وإن إصلاح شخصية الأنسان السوري لا يكون بدون الحرية، التي بغيابها تغيب المسؤولية، فيغيب معها القانون والمحاسبة، وهذا يعني عمليا اعلاء سلطان الفساد.
مع بدء تفجر الأزمة السورية، ادرك قادة النظام على ما يبدو أهمية إصلاح المجال السياسي، فتم إصدار قانون للأحزاب، وقانون جديد للانتخابات، وتم اعداد دستور جديد وغيرها، لكنها هي الأخرى جاءت مفصلة على قد نظام بشار الأسد، كما كان الحال في عهد والده؟! ومن الجدير التذكير به أن الرئيس بشار الأسد في جميع خطاباته اللاحقة لتوليه الحكم في سورية بقي أمينا لنهجه في القاء محاضرات تحلق في فضاء التنظير، والارشاد، والمواعظ دون أن تقارب الواقع، حتى أخذ الاعلام يصفه بالرئيس البعيد عن واقع ما يجري في بلاده.
3- لقاء صحارى التشاوري، ومحاولة تشخيص أسباب الأزمة، والمخارج منها.
" بقرار من الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية تمت الدعوة إلى لقاء تشاوري في الفترة ما بين أيام ١٠ و١١ و١٢ تموز لعام 2011، لمجموعة من رجال السياسة، والفكر، والمجتمع والناشطين الشباب، من مختلف الأطياف الشعبية، والتوجهات السياسية في الوطن"، بحسب ما جاء في نص الدعوة، لتدارس وتشخيص أسباب تفجر الأزمة في سورية، ومن ثم تحديد المخارج المحتملة منها.
لقد ناقش اللقاء التشاوري طبيعة المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد، والمعالجات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية المطلوبة مع استشراف الآفاق المستقبلية، والاهتمام بالقضايا المعيشية للمواطنين.
وكان مخططا ان يمهد اللقاء التشاوري إلى انعقاد مؤتمر وطني شامل للحوار، ولذلك عمل منظموه على إبقاء الاتصالات مع الأطراف والشخصيات الاجتماعية، والقوى السياسية السورية في داخل الوطن وخارجه كافة، للتحضير المشترك له، على ان يعقد فور إكمال هذه الاتصالات. لكن الاتصالات لم تستكمل والمؤتمر لم ينعقد، وبقي اللقاء التشاوري في صحارى وحيدا، رغم ذلك فقد صدرت عنه توصيات في غاية الأهمية، هي في حقيقتها تشخيص لأسباب الأزمة في سورية، واعتراف بها(28).
استمع المشاركون في اللقاء إلى وجهات النظر " المختلفة والمتنوعة والثرية" التي ركزت على أهمية إرساء التعددية الفكرية والسياسية، باعتبار ذلك مناخاً صحياً ومحفزاً للعمل والعطاء. وفي ختام المؤتمر أكد المجتمعون على القواسم المشتركة الآتية:
1- إن الحوار هو الطريق الوحيد الذي يوصل البلاد إلى إنهاء الأزمة.
2 : إن الاستقرار في البلاد ضرورة وطنية عليا، وضمانة لتعميق الإصلاحات.
3 : إن التسامح قيمة مثلى للخروج من الوضع الدقيق السائد.
4 : رفض الاعتداء على الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة، ومن أي جهة تبادر إليه.
5 : ضرورة الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين، ومعتقلي الرأي الذين لم تشملهم مراسيم العفو السابقة، والذين لم يرتكبوا جرائم يعاقب عليها القانون، والتأكيد على أن حق إبداء الرأي غير قابل للانتهاك، ومصون تحت سقف الوطن والدستور، وأن الحريات العامة حق لكل المواطنين.
6 : التوصية بإطلاق سراح جميع الموقوفين خلال الأحداث الأخيرة ممن لم تثبت إدانتهم أمام السلطات القضائية.
7 : ضرورة إعلاء قيمة حقوق الإنسان وصونها وفق أرقى المعايير الدستورية والإنسانية والعصرية والتوصية بإنشاء مجلس أعلى لحقوق الإنسان في سورية.
8 : إن المعارضة الوطنية جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني السوري.
9 : إن هيبة الدولة جزء من التفويض الوطني، وهي تهدف إلى الحفاظ على كرامة وأمن الوطن والمواطن.
10 : إن توجه اللقاء هو من أجل إقامة دولة الحق والقانون، والعدالة، والمواطنة، والتعددية، والديمقراطية، التي تعتمد صناديق الاقتراع أساسا للتفويض السياسي.
١١ : إن سورية وطن للجميع وهي بلد التعددية بأنموذجها الأمثل.
١٢ : رفض أي تدخل خارجي بشؤون سورية الداخلية وعلى رأسه ما يدعى بمبدأ التدخل الإنساني المستخدم كذريعة للنيل من مبدأ السيادة، وهو المبدأ المقدس غير المسموح بالمس به إطلاقاً.
١٣ : تطبيق مبدأ سيادة القانون، وإنفاذه بحق كل من ارتكب جرما يعاقب عليه القانون، ومحاسبة الجميع دون استثناء.
١٤ : تسريع آلية مكافحة الفساد.
١٥ : التأكيد والبناء على ما تم إنجازه بمسؤولية تاريخية.
١٦ : إيلاء الاهتمام بجيل الشباب السوري والاستماع إلى صوته وإلى متطلباته.
١٧ : إن تحرير الجولان يعتبر من القضايا الأساسية ومن الأهداف الوطنية التي تمثل إجماعاً وطنياً.
١٨ : التأكيد على الثوابت الوطنية والقومية المتصلة بالصراع العربي الصهيوني وتحرير الأراضي العربية المحتلة وضمان الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني.
وقد ناقش اللقاء التشاوري مشاريع القوانين المطروحة على جدول الأعمال، وهي قانون الأحزاب وقانون الانتخابات، وقانون الإعلام، وأخذ بالحسبان المداخلات والملاحظات المتصلة بهذه القوانين للتوصل إلى توافق وطني بشأنها، وبنتيجة هذه المناقشات تم الاتفاق على أن تطلب هيئة الحوار من اللجان المكلفة إعداد مشاريع هذه القوانين الثلاثة وتقديم الصياغة الأخيرة لها تمهيدا لإصدارها في ضوء ما ورد سابقا وبأقرب وقت ممكن.
وتدارس اللقاء التشاوري مواد الدستور، وعكس النقاش وجهات نظر مختلفة صحية ووطنية بما في ذلك مسألة المادة الثامنة من الدستور، ووجد أن تعديلها يستدعي حتماً تعديل العديد من مواد الدستور فضلاً عن مقدمته، ولذا أوصى بإنشاء لجنة قانونية سياسية لمراجعة الدستور بمواده كافة، وتقديم المقترحات الكفيلة بصياغة دستور عصري وجديد للجمهورية العربية السورية يضمن التعددية السياسية، والعدالة الاجتماعية، وسيادة القانون، والحقوق الأساسية للإنسان، ويمكن المرأة، ويرعى دورها، ويصون حقوق الطفل ويحدد حقوق وواجبات المواطنين على قدم المساواة بين الجميع.
بعد ان انهى لقاء صحارى التشاوري أشغاله، وصدر بيانه الختامي، التقيت صدفة بأحد الأعضاء البارزين في لجنة الحوار التي شكلها النظام، وشغل نائب رئيسها ، وبادرته بالقول إذا بدأ النظام بتنفيذ ما ورد في البيان الختامي للقائكم التشاوري من توصيات بالجدية الكافية، اعتقد ان الحراك الشعبي سوف يتوقف، قياسا إلى ما كان يطرحه من مطالب. أجابني وهل تعتقد ان النظام جاد بالحوار فعلا، إنه يحاول كسب الوقت لا أكثر. لم يفاجئني جوابه نظرا لمعرفتي بطبيعة النظام، و لخبرتي الطويلة به. ومن المعلوم أن فاروق الشرع قد أكد ذلك في مقابلة مطولة مع جريدة الأخبار اللبنانية، بعد أن تم عزله من منصبه. وكما يقول مقربون منه، من بين أسباب عزله مطالبته بتنفيذ توصيات لقاء صحارى التشاوري(29).
4- فاروق الشرع ورؤية من داخل النظام.
فاروق الشرع من رجالات الصف الأول في النظام، وشغل خلال مسيرته السياسية مناصب عديدة، كان آخرها منصب نائب رئيس الجمهورية. لقد عرف عن فاروق الشرع نزاهته وحكمته، وعدم فساده، وعندما وقف إلى جانب بشار الأسد منذ البداية، فلأنه وجد فيه فرصة كبيرة لتغيير سورية إلى الأفضل، لكنه منذ مطلع عام 2011 بدأ يخيب أمله فيه، كما نقل عنه بعض المقربين منه.
لقد تابع فاروق الشرع عن كسب الحراك الشعبي في سورية، وكان على دراية بألاعيب السلطة، وكيف أنها حاولت وسم الحراك منذ اللحظة الأولى بالتآمر، وبالإرهاب، وانه ينفذ اجندات خارجية، بأوامر من هذه الجهات. يقول فاروق الشرع: " في بداية الأحداث كانت السلطة تتوسل رؤية مسلح واحد أو قناص على أسطح إحدى البنايات، الآن السلطة وبكل أذرعتها تشكوا- حتى إلى مجلس الأمن الدولي- كثرة المجموعات المسلحة.." ويتساءل الشرع بمرارة مستنكرا " هل يحق لأي كان أن يدخل الوطن في عنق الزجاجة لا يخرج منها إلا بكسره؟"، وهو يشاهد القتل والتدمير ينتشر في كل مكان. وإذا كان صحيحا ما قال به فاروق الشرع من أن من واجب الدولة" توفير الأمن للمواطنين " ، لكنه الواجب الذي لا ينزلق إلى "انتهاج الحل الأمني" للأزمة. ومع انه سعى صادقا أن يكون الحل سوريا – سوريا، وكان هذا بالضبط "ما هدف إليه اللقاء التشاوري في صحارى" لكن الأمور "لم تسر في هذا الاتجاه" بحسب قوله. السبب في ذلك هو أن النظام كان قد حسم أمره فيما يخص الحل العسكري، وبحسب الشرع فإن الرئيس لا يخفي رغبته " بحسم الأمور عسكريا حتى تحقيق النصر"، وان قصة الحوار التي دعا إليها لم تكن سوى مسرحية. يقول الشرع " عندما توليت من موقعي كنائب للرئيس إدارة ملف الحوار في تموز 2011 قبلت هذا التكليف انطلاقاً من قناعتي وقناعة هيئة الحوار الوطني كلها بأن الخطوة حقيقية، وليست مجرد تكتيك". ويتابع قوله " أنا هنا لا أنكر أنه قد يكون البعض منا تصرّف وكأنه يعتبر أن لا لزوم لها، وأوحوا للقيادة بذلك، فتنصلتْ منها، بحجة أن المعارضة في الداخل والخارج اعتبرتها إحدى مسرحيات النظام، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى الإجهاز على الحوار السياسي وفتح الباب على مصراعيه لحوار الرصاص والمدافع". وفي تشخيصه لأسباب الأزمة يقول الشرع: «لا يمكننا أن نغفل العناصر الداخلية المرتبطة بالوضع الاقتصادي وبالسياسات التي اتبعت على مدار السنوات الأخيرة على الأقل". كما أننا لا نتجاهل حقيقة أن هناك "حاجة إلى تغيير ذي مغزى في مؤسسات الدولة وأجهزتها كافة. التغيير الحقيقي هو الذي يقوم على معالجة المسائل الملحة وفق الأولويات الضرورية ".
وبخصوص رؤيته للحل يقول فاروق الشرع : >. يضيف الشرع: «المشكلة تكبر وتتعمق عندما يعتقد البعض أن الحسم أو الكسر ممكن. ليس صحيحاً على الإطلاق أن بإمكان كل هذه المعارضات أن تحسم المعركة على أساس إسقاط النظام، إلا إذا كان هدفها إدخال البلاد في فوضى ودوامة عنف لا نهاية لها. ولا أرى أن ما تقوم به قوات الأمن ووحدات الجيش سيحقق حسماً، سيما أننا ندرك، من دون أية أوهام، خطورة العمل الجاري الذي يستهدف تدمير سوريا: >(30).
5-حقيقة الحوار الذي تنشده السلطة
" تمهيدا لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني، وضمانا للحفاظ على وتيرة وتسارع الإصلاحات وفق برنامج الإصلاح الوطني الشامل الذي يقوده السيد الرئيس بشار الأسد، وبهدف تحقيق أوسع مشاركة جماهيرية حول الرؤية المستقبلية لبناء سورية في مختلف المجالات، تنطلق الاثنين القادم، الخامس من أيلول 2011، جلسات الحوار الوطني على مستوى المحافظات، وتستمر حتى العشرين منه، على أن تحدد اللجان التحضيرية في المحافظات التاريخ الذي تراه مناسباً لانعقاد الجلسات وصولا إلى المؤتمر الوطني المركزي"(31)
هذا ما جاء بالحرف في نص إعلان دعوة " القيادة السياسية" إلى الحوار الوطني " الشامل " الذي نشرته جميع الصحف السورية ووسائل الإعلام السورية الأخرى على مدى أيام قبل الخامس من أيلول لعام 2011. ولم تكتفي "القيادة السياسية " بتجاهل القوى المعارضة الوطنية الديمقراطية، والحراك الشعبي، وعدم دعوة ممثلين عنها، للمشاركة في الإجراءات التحضيرية لعقد مؤتمر الحوار الوطني، بل وحددت القضايا التي ينبغي أن يركز عليها الحوار في موضوعات ثلاث هي: " محور الحياة السياسية والإصلاح السياسي المنشود، والمحور الاقتصادي الاجتماعي، ومحور احتياجات المحافظات". ولم يغفل الإعلان بطبيعة الحال الحديث عن تشكيل لجان تحضيرية لتنظيم، وقيادة الحوار مع أنه أبقاها مجهولة القوام والأشخاص، وحدد لها
أجالا زمنية تنتهي بحدود العشرين من شهر أيلول، على أن ترفع ما يتم التوصل إليه من مقترحات إلى جهة، بقية مجهولة هي الأخرى، يرجح أن تكون هي عينها القيادة السياسية التي صدر عنها إعلان الدعوة بداية. وقد حدد الإعلان الهوية السياسية لمن سوف تتم دعوته للمشاركة في الحوار بأنهم من" أحزاب، ومستقلين، ومعارضين".
هكذا إذا وبعد أن شارفت انتفاضة الشعب السوري على توديع شهرها السادس، وبعد كل الدماء التي سالت في شوارع سوريا من جراء قمع النظام للشعب المطالب بحقوقه، وبعد سقوط آلاف الشهداء من المدنيين والعسكريين، واعتقال عشرات الآلاف من السوريين رجالاً ونساءً وشيوخاً وأطفالاً، تدعو " القيادة السياسية " للحوار وتصفه بـ " الشامل" أيضاً. لن أقول إن دعوتها جاءت متأخرة، في تكرار فج صار ممقوتا لخطاب معارض يرد على كل خطوة تخطوها السلطة، بل أود التعليق على ما يأتي :
بداية؛ يتضح أن "القيادة السياسية " التي صدرت عنها الدعوة، قد تخلت عن هيئة الحوار التي شكلتها في السابق لقيادة وإدارة الحوار ونظمت لقاءا "تشاوريا" عقد في دمشق في شهر تموز الفائت غابت عنه المعارضة بكل أطيافها. لقد تجاهلت السلطة تماما البيان الختامي الذي صدر عن اللقاء التشاوري في صحارى، بل حملت بعض أطراف لجنة الحوار التي شكلتها المسؤولية عن الخطاب الذي صدر عن بعض المشاركين فيه، والمطالب بضرورة " تفكيك النظام الاستبدادي"، أو بسحب الخيار الأمني، واللجوء إلى الحلول السياسية.
وثانيا؛ تجاهلت الدعوة وجود أزمة عميقة وشاملة تعاني منها البلاد، في تأكيد واضح على خطاب السلطة المعروف والقائل بأن سورية تتعرض لمؤامرة خارجية شرسة، لذلك لم يكن مفاجئا أن تقترح " القيادة السياسية" صاحبة الدعوة ضرورة مناقشة كيفية " مواجهة المؤامرة الخارجية" كموضوع رئيس من مواضيع الحوار الذي تنشده السلطة.
والمثير للضحك الساخر ثالثاً؛ هو طريقة دعوة الأشخاص الذين وقع عليهم الاختيار للمشاركة في الحوار، فأغلبهم مسجلون في حزب البعث، مع ذلك لم تفرض عليهم الهوية التي سوف يشاركون من خلالها في الحوار، في تطبيق عملي لاحترام الرأي( أليس كذلك!!) فكانوا يسألونهم هل نسجلكم " موالين، أم مستقلين، أم معارضين". واللافت إن أغلب من تمت دعوته من الشخصيات الوطنية، قد رفضوا هذه الدعوة المتأخرة جداً، حسب رأيهم. وحتى بعض الحزبيين أو الموالين الذين وافقوا على المشاركة بالحضور( لتجنب بعض الحرج؟!!) قرر عدم المشاركة بالحوار ، وأنه سوف ينسحب في الوقت المناسب.
ورابعاً، وهذا اعتراف بأهمية ما جاء بورقة الدعوة، رغم التحفظ على بعض أفكارها، كان يمكن لهذه المبادرة للحوار الصادرة عن "القيادة السياسية"، أن تفتح أبواب التاريخ الايجابي لها، ولغيرها لو صدرت عنها في بداية الحراك الشعبي في شهر آذار، إذ في حينه طالبها عدد من المعارضين للمبادرة إلى عقد هكذا مؤتمر وطني في بيان شهير صدر بتاريخ 22/3/2011.
ما أود التأكيد عليه، هو أن النظام اراد تحميل المعارضة مسؤولية عدم المشاركة في الحوار، فهو كان يدرك انها لن توافق على حوار يحدد هو موضوعاته وآلياته ونتائجه. فهي اعلنت مرارا أنها لن تشارك في أي حوار لا يستهدف تفكيك النظام الاستبدادي، بما يؤسس للانطلاق بعملية بناء النظام الديمقراطي البديل. وحتى في هذه الحالة لا بد من خلق ما تسميه المعارضة بالبيئة المناسبة للحوار، تقوم على أساس اعتراف السلطة بضرورة الانتقال إلى النظام الديمقراطي، وان تتحمل المسؤولية عما تسببت به من معاناة للشعب السوري، خصوصا لجهة استخدام العنف ضد المتظاهرين، ويكون ذلك من خلال تشكيل لجنة ذات مصداقية للتحقيق في كل جرائم القتل والاعتداء على المدنيين والعسكريين ومحاسبة المتسببين والمسؤولين عنها، والتخلي عن الخيار الأمني نهائيا، بما يعنيه من سحب جميع القوات الأمنية والعسكرية من الشارع، والسماح للناس بالتظاهر السلمي، وإطلاق سراح جميع الموقوفين السياسيين على خلفية الأحداث الأخيرة وما قبلها. بعد القيام بهذه الخطوات وتنفيذ الإجراءات المطلوبة من السلطة، فأن المعارضة سوف تكون جاهزة لقول ما لديها مباشرة للسلطة، بعد أن قالته لها بصورة غير مباشرة مراراً(عبر وسائل الإعلام). الوقت ليس وقت عقد مؤتمرات حوار وما شابه، بل وقت اتخاذ إجراءات وتنفيذ مطالب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
27-خطاب القسم لعام 2000 ،موقع وكالة سانا للأنباءwww.sana.sy
انظر ايضا http://www.rkatana.ahlamontada.com تاريخ الدخول 29/10/2018
28-البيان الختامي الصادر عن لقاء صحارى التشاوري، http://www.discover-syria.com تاريخ الدخول 29/10/2018
29-مقابلة فاروق الشرع المنشورة في جريدة الأخبار اللبنانية،www.al-akhbar.com (17/12/2012)
30-المرجع السابق
31 -أهم اخبار الصحف العربية والوكالات الأجنبية. Https://wikileaks.org








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التجسس.. هل يقوض العلاقات الألمانية الصينية؟ | المسائية


.. دارمانان يؤكد من الرباط تعزيز تعاون فرنسا والمغرب في مكافحة




.. الجيش الأمريكي يُجري أول قتال جوي مباشر بين ذكاء اصطناعي وطي


.. تايلاند -تغرق- بالنفايات البلاستيكية الأجنبية.. هل ستبقى -سل




.. -أزمة الجوع- مستمرة في غزة.. مساعدات شحيحة ولا أمل في الأفق