الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا نحن بلا ليبراليين ؟

جليل البصري

2006 / 5 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حدثان كبيران قد دفعاني الى الكتابة حول هذا الامر الاول الاوراق البيضاء التي صوتت في مجلس النواب على ترشيحات الرئاسات الثلاث ، والثاني هو تصريح السيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني حول الامر ..
ففي التصويت داخل مجلس النواب العراقي على المرشحين لمناصب رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة المجلس تفاوت في عدد الاصوات يبدأ بـ 198 وينتهي بـ 159 من مجموع 266 مصوتا كان موجودا في القاعة .
واذا حاولنا تحليل ما جرى فاننا نجد ان البقية قد وضعت اوراقا بيضاء في صندوق الاقتراع ، وهي علامة لنوع من الاحتجاج لا ترقى الى الوقوف موقف الضد ، أي انها قد تعتبر من باب تسجيل المواقف .. ولا يقف تحليل الارقام عند هذه النقطة فحسب ، فان حاصل طرح 194 من 266 وهو التصويت على رئاسة الوزراء يعني ان هناك 72 ورقة بيضاء ويقل هذا الرقم قليلا أو يزيد كثيرا في الحالتين الاولى والثالثة . واذا استثنينا وجود (25) عضوا في القائمة العراقية صوتوا باوراق بيضاء في الحالات الثلاث ، وهو ما اعلنته القائمة رسميا .. واذا ما أخذنا بنظر الاعتبار ان التصويت على الرئاسات الثلاث جاء بعد مفاوضات مريرة دامت اكثر من ثلاثة اشهر بين الكتل الكبيرة الثلاث التي تقاسمتها وهي (الائتلاف العراقي والتحالف الكردستاني وجبهة التوافق) ، واذا ما عرفنا ان مجموع نصيب هذه الكتل الثلاثة هو 226 مقعدا فاننا نتوصل الى استنتاج واضح وصريح هو ان الكتل الصغيرة الاخرى واعضاء من الكتل الكبيرة الثلاث قد صوتوا بالاوراق البيضاء ايضا ، وهذا يعني ان هناك تيار لا باس به غير متبلور لكنه متفق في اهم مرحلة في العملية الديمقراطية وهي التصويت ، يشكل حضورا في مجلس النواب بل ويشكل حسب النظرية الكمية الكتلة الثانية فيه .. لكن الاهم في ذلك كله ان هؤلاء يمثلون كمية متنامية تحكمها بدرجات متفاوتة ثوابت اخرى غير الولاءات الطائفية او القومية ، وهو ما يمكن ان يعني بداية الطريق نحو تبلور ملامح لتيار ليبرالي جديد .
الحدث الثاني هو التصريح الذي اطلقه رئيس الجمهورية جلال الطالباني عندما تحدث صراحة عن غياب التيار الليبرالي وعدم وجود احزاب ليبرالية ديمقراطية بعد التحرير على عكس الفترة السابقة .. وبذلك يكون الرئيس الطالباني قد اصاب بجرأة مقتل الوضع الراهن .. فوضع مثل وضع العراق يمتاز بالتعددية الاثنية والدينية والطائفية ، لابد ان يكون لديه احزاب وحركات ليبرالية ديمقراطية الى جانب مكوناته السياسية القومية والدينية التي لا نستطيع الغاء وجودها او ضرورته ، تقوم هذه الاحزاب بدور فعال ومؤثر كقاسم مشترك للمكونات المختلفة التي لا ترغب ان تطرق العملية السياسية من باب الولاءات او الانتماءات القومية والدينية والطائفية ، لتخلق توازنا هاما يخفف من حدة الخلافات بين الاطراف الايديولوجية الاخرى ويمثل قاعدة صلبة للديمقراطية في البلد ويضمن حرية الفرد .
ان نظرة الى حقبة النضال ضد صدام حسين وظهور العشرات من الاحزاب والحركات والكتل الليبرالية والديمقراطية ، يوضح لنا ان ظهورها كان تعبيرا عن ضرورة النضال المشترك ضد الديكتاتورية ومن اجل الديمقراطية التي كانت هي الهدف الرئيسي بل نستطيع القول انه الوحيد ، لكن هذا لم يكن يعني ان لدينا كم كبير من الليبراليين ناهيك عن مستوى ليبرالية هؤلاء .
لكن مرحلة ما بعد صدام افرزت اصطفافات اخرى بعد ان توسعت الساحة وظهرت الاصطفافات والاهداف القومية والطائفية الى الواجهة ودفعت الانتخابات المبكرة بهذا الاتجاه .. وباتت المصالح الحزبية بعد سقوط الدكتاتورية هي صاحبة الاولوية بعد ان كانت للديمقراطية قصب السبق .. وأمام الامكانات الاعلامية والمادية الضخمة التي تملكها هذه التيارات تراجع صوت الليبرالية الضعيف اساسا .. ولم يعد بالامكان الحديث عن تيار ليبرالي متبلور بعد ان انخرطت رموز كثيرة لهذا التيار في اللعبة الطائفية والقومية .
انه لمؤسف جدا ان نكون بلدا ديمقراطيا بدون ليبراليين لان البقية لوحدهم لا يملكون لغة المشترك المقبول ، فهل سنبقى بدون ليبراليين أم ماذا ؟ .. هذا ما ستجيبنا عليه الاحداث .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا حققت إسرائيل وحماس؟


.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: لم نتهم حزب الله بشأن مقتل باسكا




.. قطر: لا مبرر لإنهاء وجود مكتب حماس | #نيوز_بلس


.. بكين ترفض اتهامات ألمانية بالتجسس وتتهم برلين بمحاولة -تشويه




.. أطفال في غزة يستخدمون خط كهرباء معطل كأرجوحة