الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الوطن العربي يصبح اللص مديرا أو وزيرا أو حاكما

راني ناصر

2019 / 9 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


الحضارات والأديان السماوية وغير السماوية تنظر للذي يستغل منصبه السياسي لاختلاس قوت العباد وخيانة الأمانة العامة باحتقار، وتعتبر ما قام به عملا قذرا، وحالة شاذة، وجريمة يعاقب عليها القانون؛ أما في الوطن العربي فالمعادلة مقلوبة، حيث ان الاختلاس حالة عامة ومقبولة؛ فاللص يعتبر السياسية جسرا للثراء، وعملا يُكافئ عليه بتبوئه أعلى المناصب في الدولة.

في دول القانون الديموقراطية يعتبر القانون المطبق على جميع الشرائح الاجتماعية وسيلة لإرساء الديموقراطية وتطويرها، وطريقا للارتقاء بمجتمعاتها نحو التقدم والازدهار، لأن دولة القانون هي الوعاء الحاضن لشبكة من المؤسسات الفعالة التي تعمل على محاربة الفساد وتطوير الاجراءات التشريعية والقانونية اللازمة لدرء أي خروقات أو سد أي فجوات تتسبب في إهدار المال العام واستنزاف موارد الدولة.

ولهذا فإنه من النادر السماع عن قادة من دول العالم الأول متهمين بالاختلاس او الفساد بسبب وجود آليات قانونية تثنيهم عن ارتكاب هذه الجريمة، لأن سيادة القانون حاضرة بقوة في حالات النهب كما كان الحال مع الرئيس السابق للبرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا المسجون حاليا 12 سنة بسبب اختلاس المال العام، وخليفته ديلما روسيف التي اطيح بها وهي على هرم السلطة بسبب تلاعبها بالحسابات العامة؛ حيث يعتبر ذلك دليلا على نضج هذه الشعوب وعدم قبولهم بحكام يسلبون أموالهم، ويحولون مؤسسات دولهم الى أوكارا للنهب والرشاوى ونشر الفساد.

تتسبب الأنظمة الدكتاتورية التي هي المنظومة الأساسية والوحيدة في الدول العربية باستثناء تونس حاليا الى احتكار الطبقة الحاكمة لثروات وموارد الدولة، وتوظيفها لتوطيد دعائم حكمها عبر تمكينها لطبقة معينة من المجتمع من مزاولة السرقات، او عبر الرشاوى التي تقدمها النخبة الحاكمة لشريحة معينة من الناس مما يحول مؤسسات الدولة الى مرتعاً لنشر الفساد وانحلال الاخلاق في المجتمع.

ولهذا تتفشى في الدول العربية ظاهرة "اللصوصية" التي تنخر بنيانها وتدمر مجتمعاتها وتُفشل تنميتها المستدامة، ويصبح اللص فيها مديرا، أو وزيرا، أو حاكما؛ فظاهرة اللصوصية تبدأ من اعلى هرم السلطة وتنتهي بقاع المجتمع، ولهذا لم يكن غريبا ان يجاهر الرئيس السوداني المخلوع عمر البثير بكل قبحٍ ووقاحة من وراء قفص الاتهام بأن الملايين التي كانت بحوزته ليلة احتجازه ملكا له وليس للدولة، وليس غريبا ان تتصدر الدول العربية قائمة الفساد العالمي عاماً بعد عام، وليس غريبا ألا نجد تقارير تقيس الحجم الحقيقي للفساد، أو ثروات حكامها نتيجة لغياب الشفافية والمؤسسات والهيئات المعنية بمراقبة ومكافحة الفساد في هذه الدو ل.

فبحسب تقرير مجلة فوربس الأمريكية عن بعض أغنى الحكام العرب لعام 2011 (هذه الأرقام المعلنة فقط ولكن الأرقام الحقيقة قد تكون أكبر بكثير الآن) قدرة ثروة آل سعود ب1.4 ترليون دولار، وحاكم الامارات خليفة بن زايد ب14 مليار دولار، وحاكم دبي راشد بن راشد آل مكتوم ب4 مليارات دولار، وملك المغرب محمد السادس ب5 مليارات دولار، وامير قطر السابق حمد آل ثاني ب 2.5 مليار دولار، وسلطان عمان قابوس بن سعيد ب700 مليون دولار، وامير الكويت صباح الأحمد ب400 مليون دولار.

لا يمكن للامة العربية النهوض في ظل حكام ظلاميين يستنزفون ثرواتها، ويفسدون مجتمعاتها، ويحولون اقطارها الى مسرحاً لهبوطها وانحلالها؛ فصلاح السلطة أساسي لصلاح المجتمع، وهذا درس يجب ان نتعلمه من تاريخنا الذي نقوم دائما بالتغني به والتباكي عليه، فبعد ما فتح المسلمون القادسية واتو بغنائمها للصحابي الجليل عمر بن الخطاب بكى وقال" إن قومًا أدوا هذا لأمناء” ، فأجابه علي رضي الله عنه:”عففت فعفّوا ولو رتعتَ يا أمير المؤمنين لرتعت أمتك “








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلتنا: مقتل شخص في غارة استهدفت سيارة بمنطقة أبو الأسود ج


.. مشاهد جديدة من مكان الغارة التي استهدفت سيارة بمنطقة أبو الأ




.. صحفي إسرائيلي يدعو إلى مذبحة في غزة بسبب استمتاع سكانها على


.. هجوم واسع لحزب الله على قاعدة عين زيتيم بالجليل وصفارات الإن




.. شمس الكويتية تسب سياسيي العراق بسبب إشاعة زواجها من أحدهم