الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إذا كان بيتك من زجاج فلا ترجم بيوت الناس بالحجارة

كامل عباس

2006 / 5 / 19
الصحافة والاعلام


ما من شك عندي في ان الدكتور فيصل قاسم إعلامي ناجح وذكي جدا وموهوب أيضا , والدليل على ذلك هو الجمهور العربي العريض لبرنامجه الشهير – الاتجاه المعاكس –والذي قدم فيه وما يزال يقدم شخصيتان كل منهما باتجاه ,يرغي ويزبد الواحد منهما وتنتفخ أوداجه فيبدو كديك رومي يحاول جندلة خصمه , مما يثير أبن الشرق العادي الذي يعيش بأحاسيسه ومشاعره وعواطفه أكثر مما يعيش بعقله , لكن ذلك لا ينطلي على المثقفين العرب الذي يحاول الدكتور التعامل معهم في كتاباته الالكترونية بنفس الطريقة , على سبيل المثال لا الحصر مقاله المعنون
( العمالة شقيقة الاستبداد ) والمنشور في نشرة – كلنا شركاء – تاريخ 16 /5/ 2006 وهو ما يترجم في الساحة السورية الآن بالسجال بين مثقفيها حول علاقة الداخل بالخارج , وها هو الدكتور فيصل يشارك به ولكن على طريقة تقديم برنامجه , والذي لايصح هنا ويجعل معارضيه يردون التهمة عليه , وربما فخر بها كونها عمالة وطنية وليست خارجية . لايمكن ان ينظر لكلامك يا دكتور في هذه اللحظات الصعبة على المثقفين السوريين , انه بريء مثل قولك (( لهذا يجب على بعض المعارضين العرب الذين يتبجحون بعلاقاتهم واتصالاتهم الخارجية بجهات فيما وراء حدود الوطن ألا يولولوا ولا يثيروا الزوابع الإعلامية عندما يجد أحدهم نفسه وراء القضبان بعد جولة أمريكية أو أوروبية.))
جذر المسألة عندي انها خلاف في الرأي بين تيارين علمانيين يقفان على نفس الأرضية , أرضية حب الوطن والتضحية من اجله كي يزدهر ويتطور وتكون خيراته ملك لكل ابنائه , وليست ملكا لفئة او قلة في المجتمع , يدفعها جشعها نحو مزيد من الاستغلال لطبقاته الشعبية . ولكل جهة منهجها التي تنطلق منه وتعتقد انها على صواب
التيار الأول
ينظر هؤلاء للنظام العالمي الجديد بانه انتصار مؤقت للأمبريالية الأمريكية وحليفتها الصهيونية , وهو درجة أعلى من النظام السابق في الاستغلال المتوحش والذكي بنفس الوقت , ويناضلون من اجل عولمة بديلة لا تقوم على الهيمنة الأمريكية , وهم بالتالي ينظرون الى كل من ينسق مع امريكا عدو لوطنه , واقل ما يقال عنه انه يضعف بلاده , ويسهل على الأمبريالية نهب ثرواتها , باختصار ينظر هؤلاء لأمريكا والغرب نظرة الى مستعمر طامح بثروات العرب ومتحالف مع عدوهم الاستراتيجي اسرائيل, وخير دليل على ذلك ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من تشريد وعزل وحصار وتجويع واقتلاع من الجذور بزيتونه ورجاله .
يضم هذه التيار في سوريا , شيوعيين في الجبهة وخارجها , وقوميين في الجبهة وخارجها أيضا . يتوازى مع هذا التيار فريق عريض من الحركة الوطنية الاسلامية السورية , تنظر الى امريكا وحلفاؤها نفس النظرة وتحض على الجهاد ضدها , كونها الشيطان الأكبر والعدو الأول للعرب والمسلمين , وهؤلاء يختلفون فيما بينهم على الديمقراطية , فبعضهم يطرح تأجيلها في الواقع السوري حتى تنقشع الغيمة وتخف الضغوط الخارجية على سوريا , وبعضهم يرى ان خير طريقة لمواجهة الخارج في الظروف الحالية هي الديمقراطية للشعب وقواه الوطنية تحديدا .
التيار الثاني
ينظر هؤلاء الى النظام العالمي الجديد بانه متقدم على النظام السابق بكل المقاييس , ولو لم يكن كذلك لما فرض وجوده , وهو نتاج حضارة الجنس البشري ككل , واذا كان الشرق نقطة الانطلاق في تلك الحضارة فقد استلم الغرب زمامها فيما بعد لأسباب بنيوية خاصة بالتطور , والمهم بالنهاية هو الانسان على هذا الكوكب بغض النظر عن جنسه ولونه وقوميته وعرقه ودينه , باختصار ينظر هؤلاء الى امريكا والغرب بانها نتاج الحضارة ويميزون بين المستوى الرسمي والشعبي الذي يدعم الانسان وحقوقه الاقتصادية والسياسية في كل مكان , اكثر من ذلك يجد هؤلاء بان التخلف والجهل والاستبداد هو المعيق أمام التقدم الاجتماعي ,
يعيب هؤلاء على الجهة الأولى نظرتهم للوطنية نظرة تسييج الحدود وخلق جيش مدرب ومسلح وقوي يحمي الوطن , لأن الظرف تغيرت في ظل عصر المعلوماتية ووسائل الاتصال الحديثة التي احالت العالم الى قرية واحدة لا تستطيع ان تعيش بمعزل عنها , وان خير طريق للعمل من أجل قضايانا الوطنية وفي مقدمتها فلسطين هو العمل من خلال الشرعية الدولية وخلق رأي عام عالمي متعاطف مع قضيتنا .
نواة هذه الجهة ولبها المحرك في الساحة السورية , مثقفون من اصول شيوعية وقومية
غيروا قناعاتهم الفكرية والاشتراكية والأيديلوجية وتبنوا الفكر اللبرالي كمرجعية لهم , وهم مشتتون سياسيا وأضعف بكثير من التيار الأول ومختلفون فيما بينهم ايضا , فبعضهم يرى ان الحل في سوريا عبر الاستقواء بالخارج , وان جبروت الاستبداد البعثي في سوريا مثل جبروت شقيقه في العراق لايمكن ان يرحل عبر قوى الداخل فقط . وبعضهم الآخر يرفض الاستقراء بالخارج , ويرى ان التغيير يجب ان يتم من الداخل بشكل هادئ وسلمي وتدريجي , وهم يقبلون مساعدة الهيئات الدولية ومنظمات حقوق الانسان وكل القوى الشعبية الأمريكية والأوربية من اجل دفع البلاد لتفكيك نظامها "الشعبي الديمقراطي " بشكل سلمي وبطريق مختلف عن طريق العراق .
يتوازى مع هؤلاء أيضا فريق من الحركة الوطنية الاسلامية . يريد نهضة سورية لها طريقها الخاص المستمد من تاريخها وتراثها العربي الاسلامي . ولكنه لاينظر الى امريكا والغرب نظرة عدائية ويرى انه يمكن الاستفادة من تطورهم التكنولجي والعلمي ويقبلون مساعدتهم لنا ضمن شروطنا .
باعتقادي ان السجال النظري بين التيارين مفيد جدا , وهو يدفع اكثر باتجاه مقاربة الحقيقة خصيصا اذا تخلى اأصحاب الرؤوس الحامية في الجهتين عن عنجهيتهم وأقروا بما يمكن ان يقدم لنا الواقع والتطور اللاحق للمنطقة والعالم , ومن واجب كل غيور على مصلحة سوريا – التي تعاني من ازمة حقا , وخاصة مع المجتمع الدولي - أن يدفع الجميع للوصول الى توافقات تجعل سوريا قوية بشعبها وقواها السياسية في مواجهة الخارج وباتجاه الخروج من الأزمة واخذ دورها الصحيح في النظام العالمي الجديد .
بكل اسف اقول أن الكتابة على طريقة مقال الدكتور فيصل قاسم تصب الزيت على النار ولا تساعد على ذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تضرب إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية؟ • فرانس 24


.. إدانات دولية للهجوم الإيراني على إسرائيل ودعوات لضبط النفس




.. -إسرائيل تُحضر ردها والمنطقة تحبس أنفاسها- • فرانس 24 / FRAN


.. النيويورك تايمز: زمن الاعتقاد السائد في إسرائيل أن إيران لن




.. تجدد القصف الإسرائيلي على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة