الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هل يصح بالفعل أن يطلق علينا - إنسان -
دعد دريد ثابت
2019 / 10 / 8مواضيع وابحاث سياسية
ستنتهي مذبحة شباب العراق، شباب الثورة ضد الظلم والإستبداد، كما أنتهت مذابح كثيرة غيرها سواء في العراق أو في أي بقعة في العالم آجلاً أم عاجلاً، كما ستنتهي حياتنا العبث في هذا الوجود ذو النكتة السمجة. وماذا سيبقى؟ أو بالأحرى ماذا نكون قد فعلنا، لنجعل حياتنا في هذه الفترة الزمنية القصيرة جداً، كجرة شهيق وزفير مابين ولادة وموت بالنسبة لعمر الكون وزمنه اللامتناهي، ماذا نكون قد أدينا بحياة ولو قليل من مغزىً؟
ثورة لم يتوقعها أحد منا ولا حتى أعتى أجهزة مخابرات، ثورة شجاعة فتية لشباب بل صبيان، حُرموا من كل شئ والبسوا ثوب آبائهم وأجدادهم من الخوف والإنذياع والإنقياد، حتى ملوا هذا اللباس ولم يتبقَ لهم غير حياتهم ليقدموها تضحية في سبيل حياةٍ لوطنٍ آمنٍ قد يحياه أبنائهم والأجيال التي تليهم، لأننا كلنا نعلم أن الكثير منهم قتلوا ولن يكون لهم مستقبلاً ولا عائلات أوأطفال، بل أرادوا أن يكونوا الشموع التي ربما ستنير لسلفهم ماحرموا هم منه وعاشوا ظلاماً حالكاً في حياتهم القصيرة هذه.
ولكن هل ستنفع هذه الشموع من هو أعمى؟ وماهو دورنا؟ وهل نقف متفرجين، ربما نذرف بعض الدموع ونتألم قليلاً، لتعود وتسير حياتنا بعجلتها الروتينية الغبية، واللاأبالاة والإعتياد على البطش والتنكيل شئ إعتدناه وألفناه. كما حدث سابقاً، ويحدث اليوم وسيحدث دائماً.
الإعتياد على الظلم واللأبالية، ماأقساها وأقبحها من مفردتين، تجرد البشر أمامي من أسمى معانيهم، الا وهي الأخلاق والإنسانية. فحتى في عالم الحيوان يحاول بل ينجح مثلاً الجاموس الأفريقي في إنقاذ عجل صغير من براثن الأسود المفترسة، ولايتركه بالرغم من إحتمال قتل أحدهم. ولكن هيهات حين تتكاتف وحدة الصف، تخشاها حتى الأسود وتهرب مولولة من ذعرها.
نشرت الكثير على صفحة التواصل الإجتماعي وماعدا قلة من الأصدقاء العرب، أختفى معظمهم. لا أريد مواساة المعزين، ماأريده هي مواقف ومشاركة وإبداء رأي فيما يحدث.
قد يقول البعض أو الجميع، وماعلينا، نحن عشنا مآسينا بما فيه الكفاية ولليوم، هم يتدبرون امرهم، وهذا ليس من شؤوننا، ولماذا تطلب منا المشاركة وهي تعيش العيشة الرغدة في المانيا ولم تشاركنا في اتراحنا، وتريد منا أن نؤيد أو حتى نبدي رأينا؟
أرد وأوجز، من رافقني من بداياتي، يعلم بأني لم اترك شعباً عاني وأضطهد، ثار وقُتل ولم أدون عن هذا الشعب وانشر صوراً ومقالات. عن ثورة الشعب المصري ضد حسني مبارك ومن بعده، عن سوريا، عن شعوب الامازون، عن الشعب الفلسطيني، عن الشعب الألماني ووو. لاتحدني قومية ولا دين. أدون لأن الألم يمزقني من الظلم ومن سطحية ولا أبالية البشر تجاه أنفسهم وتجاه بعضهم البعض. أقول ربما تهز كلماتي وتمس أرواحهم وتوقظ الضمائر.
أما عن انني مرتاحة وأعيش رغيد العيش، فأنتم واهمون. فحياتي كل يوم بل كل لحظة هي صراع من اجل البقاء. ولأنني صريحة وارفض الرياء والتملق وبيع ضميري، عانيت وفقدت الكثير مما لايحتمله كائن من يكون، ولكني اعود وأقول، بما أني مرتاحة الضمير، فمشاكلي هي ذرة صغيرة مقارنة بهذا الكون المتحشرج بالحزن والألم والموت.
فأتناسى كل الصعوبات وأعتزل عالماً لايسير الا بأقنعة مادية وسطحية يخبئون خلفها قزامة وكآبة حيواتهم، لأعود لعالمي الأزرق، عالم الفيس، وأحاول أن أحث الإنسان فيكم.
فماذا أرى؟ لاشئ. غاضبة أنا أناشد الحكومات الأوربية على نشر أخبار العراق على الأقل، إن لم يريدوا التدخل، وماذا تفعل الشعوب العربية، لاشئ.
ماعدا مظاهرة بسيطة في سوريا رأيتها على الفيديو، لم أسمع موقف عربي حكومي رسمي واحد يندد بما تفعله حكومة العراق البلطجية. لماذا؟ لأن شعوبهم ساكتة ولايعنيها الأمر. حتى على صفحات الفيس لاأرى أثر لأي خبر أو تنديد، الا في بداية إشتعال الثورة من أصدقاء قلة معدودين، وهي بالفعل لم تزل في البداية، فلم تتم اسبوعها الأول بعد، والكل غاط في شخيره.
قد تتفكرون وتقولون ولكن العنف في كل مكان حولنا، لماذا نحتج ونخرج مظاهرات تأييد لشعب العراق؟ نعم القتل والإضطهاد في كل بقعة، ولكن شلال الرصاص والقسوة والعنف الذي يحدث في العراق لم يحدث في اي دولة، وخاصة من حكومة أنتخبت ديمقراطياً وليس ديكتاتور يحكمها، أي على هذه الحكومة ووفق الدستور والقانون الذي بموجبه تحكم العراق أن تسمح للشعب بالتظاهر ولاتحجب الإنترنت، ومن مساء يوم 6 تشرين الأول اصبحت خطوط التلفونات شبه معطلة.
فمنذ الأمس أحاول الإتصال بأحد الأصدقاء الذي كان يوافيني من أولى أيام الثورة بتطورات الوضع وعدد الخسائر، لم أستطع الا بشق الأنفس التكلم معه لدقائق، وتبدأ المعاناة. فتتكرر الجملة التي قالها عدة مرات وتسحب مني وحدات رصيدي في خلال ثوانٍ مبالغ كبيرة.
وماتوصلت لفهمه حسب ماقاله الصديق الموثوق به، أن بالإضافة لخطورة الحال، فإن الوضع المعنوي سئ جداً . فالمشاركة كانت فقط في اليومين الأوليين من كل مناطق بغداد، وتراجعت حتى لم يعد ممكناً الوصول لساحة التحرير، ليصبح شباب مدينة الثورة هم أغلب المشاركين، ليحاصروا ويرموا بالغازات السامة، ويفقدوا الكثير من القتلى الشهداء والمصابين والمعتقلين.
وأكمل الصديق عن ان بقية مناطق بغداد فد تهاونت وأنقسم الشعب فيما بينه، وعادت الناس لوظائفها بالرغم من إنهم أُبلغوا بمطلب الثوار بعد أن اُغلقت نوافذ الشوراع الرئيسية من قبل المتظاهرين الشباب لتكون ذريعة للموظفين، بإعتصامهم عن الذهاب للعمل لتكون ورقة ضغط على حكومة الإجرام والغدر هذه.
لم يكن تشتيت وحدة الصف هذا وحده كافياً، بل يتهم بقية سكان بغداد شباب مدينة الصدر بالهمجية وانهم السبب في عمليات سطو وسرقة وتخريب للبلد. هذا كله أدى الى شعور بالإحباط والعجز التام وخاصة بعد إنعزالهم عن قنوات النت وعدم مساندة الرأي العام الدولي لمطالبهم وثورتهم وهم عزل الا من أرواحهم التي حسب ماقال لي الصديق، انهم قدموا مافيه الكفاية الى الآن، وإن موضوع إسقاط الحكومة لم يعد وارداً أبداً، مادام سكان بغداد والعراق ماعدا محافظتي الناصرية والديوانية ساكتين بل ويتهمونهم بالعمالة والإجرام.
برأيي الشخصي، أن هذه التحريضات ومحاولة إنهاء هذه الثورة العارمة وتضحيات الشهداء والمصابين، كان سببها سكوت الرأي العام العالمي والعربي وعدم التحرك رسمياً ولا شعبوياً لمساندة هذه التضحيات والتنديد بهذا القتل المتعمد اللا مثيل في قسوته، الا في حالة الحروب الفعلية والتي يكون الطرفان فيها مسلح، وليست حكومة ضد شعبها وبهذا الإسلوب التنكيلي البشع او في حالة الحروب الأهلية والتي تكون كل الأطراف فيها أيضاً مسلحة وليس كما يحصل الآن مع شعب أعزل.
إذا العالم كله مسؤول ونحن جزءاً منه، ومادمنا نتمسك فقط براحتنا وعرقنا وحدودنا، ومن بعدي الطوفان، فسنغرق كلنا بهذا الطوفان في يومٍ ما.
ولكني سأبقى كما غيري من الضمائر الحية، أذرو الرماد في الأعين لحين صحوها وتفتيح بصيرتها مهما غلا الثمن، ومهما حاولت حكومات عميلة وشعوب مخدرة ، سيسطع ضوء الحقيقة في زمنٍ ما.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الأدميرال ميغويز: قدراتنا الدفاعية تسمح بالتصدي للأسلحة التي
.. صدامات بين الشرطة وإسرائيليين عند معبر كرم أبو سالم
.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية ليلية تستهدف مناطق في مدينة ر
.. احتجاجات حرب غزة تقاطع حفل تبرعات للرئيس بايدن
.. ضربات إسرائيلية على مدينة حلب تسفر عن مقتل 38 شخصا من بينهم