الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصادق كيتو - المحارب الشجاع

سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي

2019 / 10 / 17
سيرة ذاتية


نقف اليوم عند بوابة التاريخ لنتحدث عن كفاح رفيقنا القائد الثوري الجسور الصادق جابر كيتو الذي حارب بقوة سياسات المركز العنصري الإقصائي مناهضا بفكره تسلط النظام الإنقاذي الإسلاموعسكري ساعيا وراء تفكيك السودان القديم في نسخته الإنقاذية الأكثر تشوها من أجل نسج سودان جديد طبقا لقيم ومبادئ الديمقراطية والحرية والعدالة والسلام والمواطنة المتساوية، وكان الرفيق الصادق كيتو واحد من عظماء حركة التحرر الثوري السوداني والسناري وقد كافح في ساحات المدن والقرى والمنافي وإتخذ الكلمة الحرة سلاحا لتحرير السودان من قيود القهر الذي مورس علي شعبه طوال حقبة حكم الإنقاذ، وكان الرفيق كيتو من قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان، فكم تعلمنا منه أدب الثورة وفنون العمل السياسي حين إلتقيناه في الحركة الشعبية بولاية سنار عقب توقيع إتفاقية "نيفاشا" في العام 2005م وبموجبها إنتهى أطول فصل للحرب الأهلية في بلاد السودان وافريقيا قاطبة وعندها عادة الحركة الشعبية لتفتح دورها وتعمل كتنظيم سياسي وفقا لما نصت عليه إتفاقية السلام والدستور الإنتقالي آنذاك، تعرفنا وقتئذن علي قادة كبار يؤمنون بمشروع السودان الجديد ويناضلون بصدق لبناء دولة سودانية متماسكة ومتحدة تحتضن ألوان التنوع التاريخي والمعاصر دون فرز وترسخ الديمقراطية والسلام الشامل ومن بينهم القائد جيمس واني إيقا والقائد مالك عقار والقائد ياسر عرمان والقائد ين ماثيو والقائد وليام قوبيك وأبونا القائد فلنتينو والأستاذ الصحفي دينق أكوج والقائد الصادق كيتو والعم حسن سليمان وغيرهم من القادة الكبار الذين رصوا بوعي أحجار البناء التنظيمي للحركة الشعبية في الريف والمدينة ويعتبر الإحتفاء بهم إحقاق حق ووفاء لما قدموه للحركة والسودان الجديد، فقائد ككيتو لن يسقط إسمه أبدا من ذاكرة شعبه ورفاقه الأحرار وإن رحل عن عالمنا فهو "عين" نستبصر بها منعطفات الطريق الوعر الذي مشيناه معا وفكر نستخلص منه حقائق العالم العلماني النوراني الذي تشكل وتطور بالعلوم والمعارف البشرية، ويظل الرفيق الصادق كيتو واحد من رواد مدرسة السودان الجديد التي تقدم مشروع فكري نوراني لتجديد العقل الجمعي السوداني وبلورة برنامج سياسي وإقتصادي نهضوي متجدد لبناء دولة سودانية جديدة، فقادتنا ساعدونا كثيرا بفكرهم وبددنا غيوم الإسلاميين في سماء السودان لكنها لم تنتهي إلا بأمر الشعب السوداني، وكان الكفاح مع الرفيق الصادق كيتو حينها تجربة من مجايلة وترافق إستفدنا منها وإكتسبنا منها مهارات جديدة وحملنا إرث القادة كمنهج تحليل فكري وسياسي يتطور من حين لآخر وقد ساعد علي تجديد الرؤية والتنظيم والمضي نحو تحقيق حلم الرفيق القائد جون قرنق في بناء سودان جديد حر وديمقراطي.

كان الرفيق الصادق كيتو علامة بارزة في تاريخ الحركة السياسية والثورية وتعرفه المجالس الشعبية والرسمية كمناضل صلد وسياسي صنديد ساهم في تمديد كفاح السودانيين والحركة الشعبية دفاعا عن حقوق وحريات الشعب حتى غادر الدنيا في منفاه بدولة جنوب السودان يوم 4 سبتمبر 2013م إثر علة مرضية لم تمهله طويلا ليترك مكانه فارغا في المسرح العام، وقد كان للرفيق الفقيد بصمة كبيرة في تاريخ بناء تنظيم الحركة الشعبية إنطلاقا من مدينة كركوج بولاية سنار منتصف الثمانينات إبان العمل الحركي السري حيث كانت أجهزة السلطة الإنقاذية وقتها ترفع رماح الخطب الجهادية وتطبق سياسات الكراهية والعنصرة وتقمع المعارضين السياسيين وكانت تزج بهم فيما عرف بـ"بيوت الأشباح" سيئة السمعة من أجل الهيمنة علي مفاصل الدولة، ومع إشتداد حدة إنتهاكات الدكتاتورية الإنقاذية الممنهجة والمتغيرات داخل السودان إنتقل الرفيق الصادق كيتو لممارسة نشاطه في دولة العراق ثم دولة ليبيا ثم عاد إلي دولة السودان لتاسيس مكتب الحركة الشعبية في محلية الدندر مع عدد من رفاقه وكان عضوا بارزا في مجلس تحرير ولاية سنار ضمن كوكبة من الرفاق/ت وتم تعينه بعدها نائبا عن الحركة الشعبية في المجلس التشريعي الولائي بعد توقيع إتفاقية السلام بين الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة الخرطوم وتدرج الرفيق الصادق كيتو تنظيميا وأصبح عضوا في مجلس التحرير القومي للحركة الشعبية، ومع إنفصال جمهورية جنوب السودان في العام 2011م وإندلاع الحرب الثانية في النيل الأزرق وجبال النوبة/جنوب كردفان ومحاصرة جهاز الأمن لمقرات الحركة الشعبية وحظر نشاطها وقتل وإعتقال عشرات الرفاق حمل الرفيق الصادق كيتو حقائبه ورحل إلي دولة جنوب السودان ليجاور القائد العظيم جون قرنق دي مبيور الذي أطلق نداء الثورة وصار ملهم الجنوب والشمال فعلي خطاه واصل الرفيق كيتو كفاح التحرير رغم ما يعانيه من مرض وألم فراق الوطن وظل يقاوم حتى إنتقل إلي الرفيق الأعلى مودعا جميع أهله ورفاقه الذين تفرقوا في جل عواصم العالم بحثا عن حياة كريمة وهامش حرية تمكنهم من طرح قضايا السودان من جديد خاصة مسألة السلام وحقوق الإنسان وقضية الديمقراطية ووضع المهمشين في المعسكرات والأرياف وأطراف المدن وغيرها من مشكلات السودان القديم، وفي سودان الثورة هل سيتمكن النازحيين واللاجئيين والمنفيين قسرا من العودة إلي بلادهم؟ وهل ستتخذ الحكومة قرار إعادة رفاة المناضليين السودانيين من الخارج لوضعهم في المكان الصحيح وبالشكل الذي يليق بهم بدأ بالقائد علي عبداللطيف ومرورا بكل مناضل حرمته السلطات الدكتاتورية من أن يرقد بسلام تحت أرض الوطن الذي كافح لتحريره وإنتهاءا بالصادق كيتو؟.

إننا ندعوا رفاقنا في الحركة الشعبية والأصدقاء من التنظيمات الحرة لإفتتاح عهد السلام والعدالة والديمقراطية باحياء وتخليد ذكرى رفاقهم وأبطال الثورة السودانية الذين ناضلوا بشدة وصمدوا من أجل أن نعيش جميعا في دولة مواطنة بلا تمييز، فهؤلاء فرسان السودان الجديد قدموا حياتهم لوطنهم دون أن يضعوا حساب لما لاقوه من عذابات السجون والمنافي والترهيب وكان حلمهم إنهاء معانات شعبهم وبناء مستقبل جيد للأجيال الجديدة، وثورة ديسمبر المجيدة وفرت فرصة كبيرة لتحقيق السلام الشامل والديمقراطية وهيكلة كافة مؤسسات الدولة والغاء عادة الإستبداد من التاريخ السوداني، وجمهورية جنوب السودان التي يرقد فيها القادة جون قرنق والصادق كيتو مهيئة لرسم خارطة السلام لجمهورية السودان، وأرواح القادة قرنق وكيتو تحلق الآن فوق سماء مدينة جوبا من أجل مدينة الخرطوم، فما أقوى وأمتن من رباط الفكر والثقافة والتاريخ بين بلدين وقائدين وما أنبل وأسمى من كفاح شعوب تنادي بالحرية والسلام والعدالة والديمقراطية، وفوق ذلك ندعوا شعبنا لمواصلة ثورتهم العظيمة حتى يتم السلام فهو الوفاء للشهداء الذين فارقوا الحياة وهم ممسكين ببيارق الثورة ويرفلون بهمة عالية في ساحات الكفاح ويدفعون مواكب الحركة الوطنية السودانية نحو معارك التاريخ الكبرى التي لا يخوضها إلا الفرسان الشجعان الحالمين بوطن من صلصاله تصنع الحياة الكريمة لشعبه، هؤلاء الأبطال باقون في قلوب الناس وفي دفتر التاريخ الوطني التحرري وتظل صورهم وأسمائهم وسيرهم تشكل جداريات لذكريات خالدة وهم كعصافير الحرية والسلام لا تقيدهم موانع التواصل ولا يحتاجون "جوازات سفر" لعبور الحدود الجغرافية الجديدة التي فرضتها ظروف إنفصال الجنوب عن الشمال وتواصلهم "مفتاح السر السحري" لبناء إتحاد سوداني بين دولتين مستقلتين وفقا لأسس جديدة تحقق كافة مصالح وتطلعات الشعبين الشقيقين، وعناق الخرطوم وجوبا سيكون جسرا لإتحاد افريقيا من القاهرة إلي كيب تاون، لذلك يجب علينا فتح أعيننا وعقولنا لنقرأ تاريخ أبطالنا الثوار كيما نتذود منهم بفن السياسة وأدب الثورة والوطنية بكل معانيها ونتسلح جيدا بتعاليم مدرسة السودان الجديد من أجل بناء مستقبل السودان المدني الديمقراطي الموحد.

فلتنزل الرحمة والسكينة والسلام علي روح الرفيق الصادق كيتو في عالمه الجديد، وصبرا جميلا لأسرته ورفاقه وكل معارفه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم