الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس والأسئلة المؤرقة

عذري مازغ

2019 / 10 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


لم أستطع أن أستصيغ طريقة لتهنئة الشعب التونسي في نجاح انتخاباته، ببساطة لان النجاح في إقامة اقتراع ديموقراطي ليس في نظري هو المطلوب، لقد نجحت تونس بالفعل في شيء خارق، كسرت ما يسمى عندنا في المغرب بالثابت وأسست لوعي التحول والإختيار وهو في الحقيقة شرط أساسي لدينامية تتوخى التقدم، لكن التقدم أحيانا إن لم يكن بخطى واقعية تستنطق ميكانيزم الحياة الاجتماعية ليس تقدما، رئيس مستقل هو ما اختاره الشعب التونسي، وه بالفعل إدانة صريحة لكل الأحزاب، وهذا ملهم في حد ذاته، لكن هذا الرئيس، كيف سينشيء حكومته؟
هل ستكون حكومة تكنوقراط وهذا في اعتقادي ما يتماشى مع أطروحاته الدعائية في الإنتخابات حين بشر بموت الأحزاب (وهذا حقيقي حين يلتجيء شعب لاختيار مستقل) أم ستكون حكومة تحالفات؟ وطبيعي أني أستحضر هنا بعض إشارات له في حوار سابق في تأسيسه النظري للدولة الجديدة التي بشر فيها بموت الأحزاب حيث بدأ تنظيره الأولي بما يوحي أنه يؤسس لديموقراطية تشاركية، لكن باستنطاق أساس تلك الدولة التي شرع لها بدا انه يؤسس عمليا لنظام الحزب الواحد كما بينا في مقال سابق أو بعبارة أخرى يؤسس لديكتاتورية الدولة من خلال مؤسساتها التشريعية (http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=649678) لكن هذه الدولة الديكتاتورية على أساس تشريع قانوني جديد تفترض نظريا انتظار كل فترة الرئاسة لبناء مؤسسات الدولة "الجديدة" أو نظريا أيضا تفترض وضع دستور جديد وقوانين تشريع جديدة والدعوة لانتخابات جديدة سابقة لأوانها بناء على تأطير القانون التشريعي الذي سيؤسسه الرئيس الجديد وهنا أفترض نظريا أيضا أن تعلن الأحزاب بمحض إرادتها عن موتها بسبب تهميشها عمليا من المواطن التونسي، لكن هناك إشكالات أخرى مطروحة بإلحاح:
في حالة الاحتمال الأول، البدء بتأسيس مفهوم جديد للدولة من خلال تشريعات جديدة خلال مدة الرئاسة، هل سينتظر الشعب التونسي مشكل ازماته الإجتماعية والاقتصادية والسياسية حتى تأسيس الدولة الجديدة؟
في حالة الاحتمال الثاني: تأسيس دستور جديد وتشريعات جديدة والدعوة لانتخابات سابقة لأوانها، هل مكونات المجتمع التونسي الطبقية ممثلة في الاحزاب الحالية ستوافق على هذا التأسيس، هل بالفعل ستعلن موتها لولادة مرحلة جديدة؟
أتمنى صادقا أن يكون الأمر كذلك حتى لا ينتظر الشعب التونسي فترة رئاسة كاملة لحل مشاكله
الإمتحان الأول للرئيس الجديد هو في الإجابة على هذه الإشكالية
فيما إذا اختار حكومة تقنوقراط (ولنكن مبهورين فعليا باحترام إرادة الناخب) على أساس أن تكون حكومة تدبير لبرنامجه الوحيد في حملته الإنتخابية الذي هو تشريع للحقوق في صالح المواطنين، هنا يطرح السؤال الآخر، ماذا سيكون دور البرلمان باعتباره تجمع أحزاب..؟ البعض يقول سيكون له دور الرقابة والمحاسبة ، يعني أن تكون كلابا تنبح ، هل ستقبل هذه القوى عمليا بممارسة دور النباح؟
الإشكال المطروح هو هل سينفذ الرئيس الجديد وعوده بإقامة دولة حق وقانون: القانون في خدمة الشعب بعبارة أخرى كما في وعوده الانتخابية، وهل هذه التشريعات التي ينوي تحديثها سترضي برلمان الكلاب النابحة، أقصد البرلمان الذي يراقب ويحاسب وهو بدئيا برلمان احزاب وقوى اجتماعية ولوبيات اقتصادية ليس في مصلحتها التنازل عن امتيازاتها الطبقية (الأحزاب أردنا او لم نرد هي أحزاب تعبر عن طبقات اجتماعية)؟ إذا نجح الرئيس في هذا الأمر فالمسالة ليست فقط مسالة انتخاب بل ثورة سياسية، ويبقى السرال المطروح هو: هي ثورة بمذاق من؟
بعض الواقعية تفترض ان نطرح مثل هذه الأشئلة
مع اعتقادي البسيط، البدأ في الرئاسة الجديدة بحكومة وفاق شيء رائع، لكن في الحقيقة ستخل بالوعود الإنتخابية للرئيس أو على الأقل ستنبذ استقلاليته وهذا هو الخطير في مشروعه نحو تأسيس دولة ديكتاتورية (وانا شرحت لماذا هي دولة ديكتاتورية) إذ لا معنى للاستقلالية في تحالفه مع حزب معين لأنه موضوعيا سيتحالف مع حزب سيسانده في تشريعاته الجديدة، ظاهريا يبدو أن حزب النهضة هو المستعد حاليا للتوافق معه، وهو كما أظهرت تجربته سابقا لم يحل المشاكل الإجتماعية والسياسية التي تتخبط فيها تونس بقدر ما كان يرمي إلى نفس التشريع ولو بشكل مبهم، ونظريا حزب النهضة سيكون مسرورا جدا لتأسيس دولة مؤسسات ديكتاتورية على الطريقة الأردوغانية (ظاهريا تبدو ديموقراطية، لكن باطنيا ليست) لأنها تناسب مفهوم الخلافة في الاسلام، ما معناه أن الرئيس الجديد ليس مستقلا كما يبدو وطبيعي أن طموحه مشروع، لكن بكل صدق نلومه على غياب وضوحه.
في سياق مضاد، مع حزب ليبيرالي أو غيره سيكون الأمر سيان، يعني أن الرئيس ليس مستقلا في كل الأحوال . وطبيعي جدا أن في السياسة ليس هناك حياد، ليس هناك حسب مهدي عامل موقع من خارج المواقع كلها .
لا أدري كيف أيضا سيتعامل الرئيس الجديد مع مؤسسة الجيش باعتبارها ليست فقط تحمي الوطن بل أيضا تحمي الدستور، مع أن تجربة أردوغان رائدة في هذا المجال؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط