الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق ينتفض في وجه الفساد

عبدالقادربشيربيرداود

2019 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


تخطى العراق ماضيه الماساوي، ودخل المستقبل (عصر ما بعد الحقيقة) كباقي دول العالم، ولكن بشكل يختلف عن الكثيرين، حيث تم تجميد عضويته في منظمات حقوق الانسان الدولية؛ لتجاهله واستخفافه الكبيرين بحياة المدنيين، من خلال الاعتداءات المرفوضة والمدانة دولياً أثناء الحراك الاجتماعي لليوم الأول من (أكتوبر) للتنديد بتفشي الفساد والبطالة، وانهيار الخدمات العامة، والنقص المزمن في الكهرباء ومياه الشرب. وتصنيفه كذلك من الدول الأكثر فساداً عالمياً؛ لبروز ثلة من العصابات السياسية التي لا تعير أي اهتمام للدستور، بل تنظر إلى نفسها على أنها فوق القوانين، وفوق كل مواد الدستور العراقي. فهم حيتان الفساد، أصحاب النفوذ المطلق والسيطرة التامة على الكثير من مفاصل الدولة، ساندتهم في طغيانهم وعنجهيتهم قوى غير عقلانية، وغير منضبطة مندسة، ومتمرسة في ترويج شائعات مغرضة لإثارة الفتن والبلبلة داخل المجتمع العراقي؛ لأن الشائعات هي أخطر حروب الجيل الرابع من فنون الحروب الحديثة في العالم، متخذين بعض مفاصل (السوشيال ميديا) لتحقيق مآربهم الخبيثة، لقدرة تلك المواقع على تدمير الوعي المجتمعي، وحجب الرؤية الصحيحة، وتغييب الحقيقة؛ كونها تشكل عالماً سرياً افتراضياً، بعيداً بعض الشيء عن الحقيقة والواقع.
خدعنا رغماً عن أنوفنا بذلك الكم الهائل من المعلومات المزيفة، البعيدة عن الحقيقة، وأجبرنا قهراً على تصديقها، وتداولها لأننا - شئنا أم أبينا - محاطون بطُوفان معلوماتي يفوق ما يمكننا التعامل معه؛ لوجود أخبار كاذبة تقود إلى حماقة البشر، وتصرفهم على نحو غير منطقي، ليقف العراق خلالها على أعتاب مرحلة من الفوضى السياسية، تهدف إلى سياسات عمياوات، وتحريض وزيادة الاحتقان في الشارع المشتعل الغاضب، حتى صار حجم الاحتقان في حلقاته المتقدمة في بداية الحراك الاجتماعي واقع مرعب وخطير جداً؛ لتغيير قواعد اللعبة، وتغيير منهج التعامل مع مشكلات وأزمات البلد حين خرجت ألوف المتظاهرين من كل طبقات المجتمع؛ كل يحمل همه وشكواه، وبطريقة سلمية، يحدوهم الأمل بأن تنظر الحكومة بعين الأبوة لمطالبهم المشروعة؛ خدمية واجتماعية واقتصادية وسياسية، وبشكل عفوي، وبدون قيادات أو أجندات خارجية، لأن الشباب الثائر خرق جدار اللامبالاة، ونفد صبره الخرافي، فالطبقة السياسية منذ احتلال العراق سنة 2003 تعاملت مع الشعب الصابر بفوقية واستعلائية؛ ليشكل ذلك الحراك الاجتماعي الذي كفله الدستور العراقي وفق (المادة/ 38) جرس إنذار للأحزاب والعصابات السياسية التي امتصت دماء العراقيين ببرود أعصاب، وسيطرت على المال العام بغير وجه حق.
ما إن يُفتح ملف الفساد حتى تبدأ الضغوط، الاعتقالات، حالات التغييب القسري في صفوف العُزَّل من الناشطين، أصحاب الرأي الحر والإعلاميين الميدانيين؛ كمراسلي قناتي (دجلة) و(الحدث) الفضائيتين، والاغتيالات والقتل المتعمد من قبل قناصين مجهولي الهوية والمصدر، حيث وقع في صفوف المتظاهرين العشرات من الشهداء، والعبث بهم وبمطالبهم الدستورية، رافقتها أوصاف غريبة لا تليق بالشباب المتظاهر الأبي؛ لتحريف سلميتهم، والطعن في وطنيتهم، كونهم مندسين تارة، وفوضويين تارة أخرى، وهناك من وصفهم بالإرهابيين، ومن أطلق عليهم صفة مجاميع غير مرخص لها بالتظاهر؛ لتكميم الأفواه، واتباع سياسة الترهيب والسلاح بدل لغة الحوار، فصارت تلك المظاهرات أكبر تحد للحكومة الأوليغاركية بامتياز، فأية معالجة ترقيعية لهذه الأزمات التي تفاقمت لتصل إلى عواقب كارثية بوجه المواطن؛ ستولد إحباطا أكبر، وأية مناورة أو محاولة ضعيفة لامتصاص الغضب؛ سيفرز النتائج ذاتها؛ لأن المتظاهرين ومنذ الوهلة الأولى حذروا من محاولات تمييع المعركة ضد الفساد، ونوهوا إلى أن الإصلاحات بكل أفرعها يجب أن لا تهدف إلى مقايضتهم، والتستر على الجناة من مفسدين وقتلة، لأن الشباب لم يتوقفوا عن الحلم والمطالبة والمقارنة بدول يعيش شبابها حياة حرة كريمة؛ مستلهمين قيم (ثورة الحسين) في إحقاق الحق، ونصرة المظلوم... وللحديث بقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد