الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
صناعة الجهل -1
أيمن عبد الخالق
2019 / 10 / 29الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
صناعة الجهل
(AGNOTOLOGY)
"الرأسمالية ستجعل كل الأشياء سلعًا، الدين والفن والأدب، وستسلبها قداستها"...كارل ماركس
من الطبيعي أن تكون هناك صناعات علمية متعددة تنفع الإنسان وتطور المجتمعات البشرية، ولطالما كان العلم والعلماء منارة حضارية يستنير بها الإنسان في هذه الحياة، ويسير على ضوئها في مسالك حياته الفردية والاجتماعية.
ولكن من الغريب حقا أن نكتشف أنه يوجد بيننا من يسعى لتأسيس صناعة أخرى لتأسيس الجهل وترويجه بين الناس بأسلوب علمي ممنهج، ويسميه علما وصناعة!، وهذه هي صناعة الجهل(AGNOTOLOY).
وقد عرفه مؤرخ العلوم الأمريكي "روبرت بروكتر" بأنه: (العلم الذي يدرس صناعة ونشر الجهل بطرق علمية رصينة)
إذن فالجهل ليس انعدام المعرفة فقط، بل هو منتج يتم صنعه ونشره لأغراض معينة، غالبا ماتكون سياسية أو تجارية أو ايديولوجية دينية.
وبالتالي يمكن أن نستكشف أن صُنّاع الجهل هم الثالوث المشهور الذي يؤثر على الرأي العام، ويسعى دائما للهيمنة على الشعوب المستضعفة، والسيطرة على مقدراتها، وهم الساسة المستبدون والرأسمالية الانتهازية، والمؤسسة الدينية المتشددة.
وقد تم اكتشاف (صناعة الجهل) بنحو رسمي ممنهج في تسعينات القرن العشرين، وذلك عندما تم اكتشاف الدور التضليلي الكبير لأشهر شركات التبغ الأمريكية(BRAWN & WILLIAMSON) التى دفعت أموالا طائلة لبعض الباحثين ليثبت أن تسبيب السجائر للسرطان إنما كان متعلقا بالفئران، ولاعلاقة له بالإنسان.
وأيضا ماحدث لشركة "كوكاكولا" بعدَ هُبوطِ مَبيعاتِها بنسبةِ 25%، نتيجة اكتشاف كمية السكر الهائلة في مشروباتها وأنها تسبب السمنة، فقامَتْ الشركة بِدَفْعِ ما يُقارِبُ خمسةَ ملايينَ دولار لِباحِثينَ أكاديميينَ، لِتَنْفيذِ مُهِمَّةِ تغييرِ فهمِ المجتمعِ حولَ أسبابِ السمنةِ، وذلكَ بتَقليلِ دَوْرِ المشروباتِ الغازيةِ في انتشارِ السمنةِ وتَوْجيهِ اللَّوْمِ إلى عَدَمِ مُمارَسَةِ التمارينِ الرياضيةِ! .
هذه “الأبحاثُ مَدْفوعَةُ الأَجْرِ والتي يقوم بها علماء متخصصون باعوا ضمائرهم للشركات الكبرى؛ لتزييف الحقائق وإثارةِ الشكوكِ في ذِهْنِ الفردِ حتى يُعيدَ تَشكيلَ مَوْقِفِهِ بِما يَتَناسَبُ مع أَجِنْدَةِ هذه الشركاتِ.
وتعتمد صناعة الجهل على عدة قنوات مختلفة تصب كلها في اتجاه واحد وهو تعطيل العقول وحرمان الناس من التفكير المنطقي المستقل، وبالتالي تضليلهم، ومنعهم من رؤية الحقيقة كما هي في الواقع.
وهذه القنوات يمكن إرجاعها إلى أربعة أساليب كلية استراتيجية، وهي الإلهاء والتعقيد، والتشكيك، والتخويف.
وسوف نتعرض إن شاء الله في المقالة القادمة لتفصيل هذه الاسترتيجيات الأربعة، لثالوث الشرالمعروف على مر التاريخ، ولن نكتفي ـ كما هو شائع ـ بالتركيز على الاتجاه الرأسمالي الجشع، وإن كان هو في الواقع الممسك بزمام الأمور كلها، حيث إنه من يملك المال ـ الذي هو شريان الحياة ـ فغالبا ما يملك الذمم والضمائر، ويُسخّركل شيء حوله.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الجمعية الوطنية الفرنسية تدين -مذبحة- 17 أكتوبر 1961 بحق جزا
.. سامي الطاهري: الاتحاد العام للشغل أصبح مستهدفا من قبل السلطا
.. الجزائر تعين قنصلين جديدين في الدار البيضاء ووجدة
.. لبنان: هل بدأ العد العكسي للحرب مع إسرائيل؟ • فرانس 24 / FRA
.. هجوم بسكين يثير حالة من الذعر في قطارات لندن | #منصات