الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحاجة للدولة ضرورة أم وهم وما علاقتها بالشعب

عادل محمد العذري

2019 / 10 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


ما هي الدولة؟ هذا السؤال يتعلق بالماهية، تحديد الدولة هو تحديد هذه الماهية. يقودنا السؤال السابق الى سؤال اخر هل ثمة ماهية يمكن الإحاطة بها وتحديدها؟ فالتعريف لا يصح الا عندما يصبح الشيء كاملاً غير قابل للزيادة أو النقصان، بحيث نحصي خصائصه أو صفاته، ثم نصدر عنه حكماً. فالدولة مفهوم قابل للتغير مما يجعل كل حكم نصدره عنها لا غيا بمجرد ظهوره، قد نطلق عليها دولة عادلة، فتتحول الى دولة ظالمة، ديمقراطية، فاذ بها تنقلب الى غير ديمقراطية، دولة وطنية، فاذا بها ترتدي الطائفية أو الحزبية. إذا لا نستطيع إصدار الحكم الا عند زوالها أو موتها، كيما نقول إنها كانت دولة عادلة أو وطنية، لكن ما فايدة تعريف ميت اندثر! خروجنا من هذا المأزق استبعاد المتغيرات لنصل الى ماهية مجردة ليس موكد وجودها الا على انها تجريد عقلي في الذهن السياسي الجمعي. إذا سلمنا بوجود الدولة قبل ماهيتها، وتم القبول به لمجرد كونه تعبيراً عن الاستقلال والسيادة. فأنه من البديهي ان نسلم بوجود أداة الدولة ونذعن له باعتبار أن هذا الوجود يفرز سلطة الأقلية على الأغلبية، أي اننا ملزمون بقبول مبدا الهيمنة والقمع. فالدولة تمثل سلطة وهي المهيمنة، وجودها مستمد من مجموعة الظروف المحددة التي تتخذ وتشكل نظاماً هرمياً، قاعدة هذا الهرم من أغلبية الشعب المستغّل أما قمة الهرم تتألف من أولئك الذين يدعون بأحقيتهم في السلطة – الواقع اليمني يعكس نموذجاً حيا لها على امتداد ساحة الوطن، بتاريخه السياسي – ناهيك عن الطريقة التي وصلت بها الى السلطة أو اللقب الذي تطلقها على نفسها، طالما قناعتها أن الشعب، يجب أن يحكم وانه لابد من وجود حاكم ومحكوم. هُنا تسعى الدولة الى تطويع كأفة المؤسسات من خلال صهرها بحيث تصبح كل مؤسسة وجه من وجودها. هذا الوجود كان من المفترض ان يؤسس لمضمون الحرية والمسؤولية اتجاه الشعب، فوجودها يلزمها بأن تفعل وتكون مسؤوله عما يكون، عندئذ تتهاوي كل المبررات في عدم تحمل المسؤولية. لقد اعتقد الشعب اليمني أن الدولة هي الوسيلة التي يمكن من خلالها أن تخدم وتنظم شؤون حياته!! واعزى لها صفات الخير في كل ما تفعله بهدف خدمة الصالح العام-أي الصالح الشعبي-مع أنها تمثل جهازاً إدارياً عاجزاً وغير ملائم مع تطلعات الشعب – واقع اليمن يصرخ بالأمثلة الحية التي عجزت عنها الدولة في خدمة شعبها-هُنا يحق لكل فرد من الشعب ان يتساءل عن الطرائق والأساليب التي يستخدمها افراد الشعب في حياتهم اليومية في معرض سعيهم لاستيعاب مجريات الأحداث السياسية في الوطن في إطار الدولة التي ينشدونها . عليهم ان يتسألوا كيف يمكن إزالة مجموعة من الاشباح الي تعتري السلطة، وترزح تحت نير التميز السلطوي، حيث يكون أفراد الشعب عليهم الطاعة والتنفيذ في كل وقت وحين تتبدل فيه أوجه السلطويين، بينما تقوم القيادات السلطوية باتخاذ القرارات التي لا تمثل إرادتهم الشعبية؟ اليس ينبغي الدعوة الى قيام نظام طبيعي مستقل يشكل فيه افراد الشعب عاملاً حاسماً ووحيدا، في عملية تنظيم وتقرير المصير، حتى ولو كان الإطاحة بمفهوم الدولة. فظاهرة الدولة والثورة عليها في تاريخ اليمن المعاصر من عام 1948م الى 2019م يعبر عن ظاهرة غير سليمة، تستحق من الشعب مراجعتها، مهما كان الاعتقاد الراسخ بانه لابد للفرد من دولة يكون تابعا لها. هل يمكن تعديل النموذج بما يخدم الشعب وليس الدولة وسلطتها؟ اليس النموذج القائم ان هناك شعب يمثل متغير تابع يخضع للدولة تمثل متغير مستقل مهما كانت مدخلاتها؟ هل يمكن تعديل النموذج ليصبح الدولة هي متغير تابع – إن كان لابد من وجودها – لشعب هو متغير مستقل يحدد مدخلاته من الحرية، والكرامة، والثروة التي تخصه، والسياسات التي تعزز من سلطته. هل يمكن خلق نموذج جديد؟ يتبرأ الشعب فيه من الدولة، ليحل محلها لنتأمل دستور الجمهورية اليمنية المقر بتاريخ 20-2-200م، الباب الأول " أسس الدولة " الفصل الأول المادة (5) جاء فيها " يقوم النظام السياسي للجمهورية اليمنية على التعددية السياسية والحزبية وذلك بهدف تداول السلطة سلمياً، وينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين التنظيمات والأحزاب السياسية وممارسة النشاط السياسي ولا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة خاصة بحزب أو تنظيم سياسي معين، ص-3". اما المادة (8) في الفصل الثاني الأسس الاقتصادية جاء فيها " الثروات الطبيعة بجميع أنواعها ومصادر الطاقة الموجودة في باطن الأرض او فوقها أو في المياه الإقليمية أو الامتداد القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة ملك للدولة، وهي التي تكفل استغلالها للمصلحة العامة – أي مصلحة الشعب-ص-6". لنقف مجددً مع المادتين على حده. في المادة (5) حددت شكل النظام السياسي للدولة القائم على التعددية السياسية، ولم تجز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لتلك القوى السياسية. فهل كانت الدولة بتصورنا لها ملتزمة اخلاقياُ فيما اقرته في دستورها؟ حتى يلتزم الشعب اتجاهها بالطاعة العمياء. فيما يتعلق بالمادة (8) والخاص في ثروة المجتمع نجد فيئة الدولة التي احتكرت السلطة هي التي احتكرت الثروة واستحوذت عليها وحرم منها المالكيين الحقيقين وهم افراد الشعب. ليتم بعد ذلك الانقلاب على الدولة، كما حدث في 2014م. ليجد نفسه الشعب في إطار دولة جديدة لا تؤمن بالدستور وشكال النظام السياسي كما ورد في المادة (5) ويذعن الشعب للدولة وسلطتها القهرية، ويسلمها مقاليد السلطة والثروة، تحت مسمى الدولة، تعبث به كيفما شاءت، ويخسر الشعب معركته مع كل دولة تولد في حياته لا يرضى عليها. وبذلك يتضح مفهوم زيف الدولة. هنا يبرز أهمية نضال الشعب من اجل تحطيم القيود التي تكبله لان حرية الشعب ما زالت في خطر، والدولة لم تتغير، بل تكررت صور الاستغلال والفقر والحرمان والتعاسة لدي الشعب. ولن يتغير حالة الا عندما يصبح مصدر السلطة وصاحب الثروة. وهي قيم ليست مجردة في ذاتها، وإنما مطلب شعبي، ُيعبران عن أحاسيسه وأمانيه وطموحاته واحقيته في الحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد