الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنتفاضة الشعب العراقي وخلط الأوراق

صبحي مبارك مال الله

2019 / 10 / 30
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


إنفجرت الإنتفاضة الشبابية في الأول من تشرين الأول /أكتوبر بوجه الطبقة السياسية الفاسدة والتي أصرت على الإستمرار في نهج المحاصصة الطائفية السيئ بالرغم من التحذيرات من أن هناك أزمة تتراكم يوم بعد يوم نتيجة الإحتقانات المستمرة عند الشعب، إلا إن السلطات الثلاث تجاهلت هذه التحذيرات وإستمرت في غيها. ولم تستطع الحكومة ومؤسساتها إن تلبي مطالب المواطنين الدستورية المشروعة أو تتقدم خطوة واحدة نحو البناء والتقدم، بعد أن عجزت عن تنفيذ برنامجها المترهل الطويل والعريض وإستمرار كل ما ورثته الحكومة الحالية من الحكومات السابقة الفاشلة في إدارة البلاد وعدم معالجة الأزمات التي شغلت كل المستويات المالية والإقتصادية والصناعية والزراعية والمعاشية والتعليمية والثقافية والبطالة فضلاً عن فقدان الخدمات والبُنى التحتية. لقد فوجئت الطبقة السياسية بالإنتفاضة وسعتها وتطورها لتضم فئات وشرائح إجتماعية، لإن الإنتفاضة كانت تعبر عن ضمير الشعب وعن مطاليبه وعن معاناته، ستة عشر عاماً من الوعود والبرامج الحكومية الورقية لم تحقق شيئاً بسبب الفساد (المالي ،الإداري،السياسي ) وحكم الكتل المتنفذة التي كان يهمها مصالحها وصفقاتها غير الشرعية ، تسندها في ذلك مليشياتها المسلحة ولهذا لم يجد الشعب خيراً في الحكومات المتعاقبة ولم يلمس العدالة الاجتماعية وأهمها كرامة الإنسان العراقي وكذلك لم يهمها مصلحة الوطن ونهب أمواله وثرواته المعدنية وفي مقدمتها النفط . إن الطبقة السياسية التي حكمت العراق منذ التغيير وسقوط النظام الدكتاتوري في نيسان 2003 لم تكن مخلصة ولا نزيهة بسبب الفضائح المالية ولم تلتزم بالدستور ولم يلمس الشعب أي إجراءات لمكافحة الفساد وتقديم الفاسدين للقضاء سوى في الإعلام . ولهذا لم يحصل التغيير والإصلاح بعد الانتخابات وتشكيل الحكومة من جديد على أساس المحاصصة فبقي الحال كما هو عليه بل إزداد سوءاً ولم تف الكتل السياسية بوعودها بعد أن قطعتها على نفسها فضاعت في دهاليز السياسة وخباياها . لقد ضحى الشباب العراقي بحياته في كل الظروف والمحن منذ الحروب العبثية السابقة وحرب داعش من أجل تحرير الأرض والآن الشباب العراقي في إنتفاضته ضحى بمئات الشهداء وآلاف الجرحى ومئات المفقودين والتعرض للإعتقالات والتعذيب وهو لايملك سوى صوته والعلم العراقي وسلميته، بالمقابل تم قمع الإنتفاضة بالحديد والنار وقتل الشباب بدم بارد على أيدي مليشيات أجنبية إيرانية ومن يتعاون معهم كما بينت وسائل الإعلام ونتيجة لإستخدام العُنف المفرط الذي حذرت منه المنظمات الدولية لحقوق الإنسان والأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني في الداخل والخارج ولكن الذي حدث في الخامس والسادس والعشرين من أكتوبر فاق التصورات والتي جاءت بعكس ما إدعته الحكومة حول حماية المتظاهرين السلميين وتنفيذ الوعود والإجراءات السريعة التي عزمت عليها الحكومة ولكن العمل الفعلي جاء أيضاً حسب طريقة تشكيل اللجان، وكمثال على ذلك تقرير اللجنة التحقيقية حول إستشهاد الشباب والجرحى والذي جاء مخيب للآمال حيث لم يكشف عن الجناة وعن الآمرين بقتل المتظاهرين .لقد إستخدمت القوات الأمنية القمع في تفريق المتظاهرين سواء في الأيام الأولى للتظاهرات أو في أيام الخامس والعشرين وما بعدها ، القنابل المسيلة للدموع والماء الساخن والرصاص المطاطي والحي، ونتيجة لهذه الأفعال وإصرار الحكومة بعدم الإستقالة وعدم الإستجابة لمطالب المتظاهرين الأخرى إزداد زخم التظاهرات وسعتها ورفعت من مطاليبها .
خلط الأوراق :لقد وجدت الطبقة السياسية والحكومة نفسيهما في مأزق حقيقي وإن الملفات سوف تفتح في حالة حصول التغيير، وخوفاً من أن تأخذ العدالة مجراها، والقصاص من الظالمين و محاسبتهم على ما فعلت أيديهم، أصبح هناك طريقين أما فض التظاهرات والإنتفاضة بالقوة بعد إن أصبحت إنتفاضة شعب وليس شباب فقط وهذا له مردودات ورد فعل خطير، أو الإنصياع لغضب الشعب وتلبية مطاليبه، ومنها إستقالة الحكومة والعمل على انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة نزيهة ومهنية تستجيب لمطاليب الشعب وتهيأ للإنتخابات المبكرة بعد تعديل قانون الانتخابات والمنظومة الانتخابية. ولكن ما نراه على الصعيد العملي بدأت مثلاً الكتل السياسية المتنفذة تعمل على الإصطفاف من جديد ومحاولة تزوير الأحداث وإستخدام لغة التهديد والوعيد، وهذا ما لاحظناه من قبل كتلة فتح والقانون وعصائب أهل الحق بعد أن تم تمرير الإندساس قد يكون أجنبي أو محلي مأمورين من قيادات تريد إشعال الموقف والوضع من خلال حرق البنايات ودور/سكن/ المسؤولين فيرمون التهمة بالتالي على عاتق المتظاهرين ويحرمون المواطنين من التظاهر سلمياً تحت مادة 4إرهاب ومن المشاركة وبذلك ستكون هناك سيناريوهات من قبل قوى أجنبية تريد الشر بالعراق وشعبه أو من قبل الكتل السياسية التي تريد التخلص من المأزق ، فأخذ الحديث يدور حول دعوة الحكومة بضرب المتظاهرين بيد من حديد كما جاء في تصريح من تحالف دولة القانون، أو الرد على المتظاهرين بقوة السلاح ويأخذون بالثأر (مربع )كما جاء في خطاب قيس الخزعلي (عصائب أهل الحق) أو جر البلاد إلى حرب أهلية دموية كما حصل في سوريا قبل ثمان سنوات أو المطالبة بتدخل أجنبي أمريكي أو إيراني. وهكذا تدور عجلة خلط الأوراق ومحاولة إنقاذ حكم الكتل السياسية المتنفذة والفاسدة وبالتالي مصالحها التي لايعلو عليها شيئ. المهم الطبقة الفاسدة الآن تعمل للبحث عن مخرج وهو تثبيت الإتهامات ضد المتظاهرين والنشطاء المدنيين لكي يتم التوجه نحو إنهاء إنتفاضة الشعب، وبذلك بدأ عادل عبد المهدي يعقد إجتماعات مع القيادات الأمنية لبحث إحتمالات القضاء على الإنتفاضة بالقوة ، كما تدور الأنباء حول التعاون الأمني الأيراني العراقي في هذا المجال وتحضير قوائم بأسماء النشطاء أما تصفيتهم أو إعتقالهم، وللعلم بأن التقرير الأمني لم يشر إلى من هم القناصين الذين قتلوا أبناءنا ولم يكشف عن ولاءاتهم؟. كما لاحظنا عدم وجود شعور بالمسؤولية لدى النواب تجاه الأحداث سوى لقاءات تلفزيونية ضعيفة والآخرين منحوا أنفسهم إجازة لحين هدوء الأوضاع وكأن الأمر لايهمهم. المسألة المهمة هو مطلوب من كل أبناء الشعب العراقي مساندة التظاهرات وأن يمتد التأييد من كوردستان إلى الجهات الغربية والجنوب وترك الحزازات والمواقف القومية والطائفية، لأن التغيير والإصلاح يهم الجميع فالجميع في مركب واحد. والتأكيد على الوحدة والهوية الوطنية والتمسك بالمؤسسات الدستورية وخصوصاً البرلمان أومجلس النواب لأنها مكاسب ديمقراطية لايمكن التخلي عنها. كما إن طرح أهداف تعود بنا إلى المربع الأول مثل النظام الرئاسي أي إعادة إنتاج الدكتاتورية والقيادة الفردية التي جلبت الويلات، أو (ما نريد أحزاب ) وهذا غير صحيح لأن وجود أحزاب وطنية حقيقية تعمل لصالح الشعب تعتبر عالمياً حالة حضارية مقيدة بالدستور وقانون الأحزاب مع اننا لاحظنا هناك نفور أو رفض من تواجد قوى وطنية مخلصة ومعروفة بنزاهتها، ولكن إتساع التظاهرات وزيادة زخمها يتطلب مؤازرة وإتحاد الجميع، فالكثيرمن الآراء غير ناضجة وقد تكون لغرض إستبعاد الواعين والمثقفين من فئات الشعب. لأن التظاهرات والإنتفاضات تحتاج إلى قيادات ميدانية واعية وليس كما يحصل عند البعص تقسيم المشتركين في التظاهرات مجاميع وكل مجموعة تصرّح بإتجاه أو ترفع شعار قد يكون ضار بالتظاهرات .وعندما قرر طلبة الجامعات والإعداديات المشاركة في التظاهرات وإعلان العصيان المدني صرّح السيد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بأن ذلك يعني إنتهاك للطفولة !! هل مشاركة طلاب المدارس الثانوية والكليات إنتهاك للطفولة وتأريخ الشعب العراقي السياسي يشهد ببطولات الطلبة ومشاركاتهم في وثبة كانون 1948 وقدموا شهداء قرابين للوطن وأفشلوا مع جموع الشعب معاهدة بورت سموث وما تبعها من إنتفاضات في العهد الملكي وغيرها. كما صرّح وزير التعليم العالي بأنه لا يسمح بتسيس الجامعات والكليات !! لقد أكد الدستور وبوضوح عملية تداول السلطة يكون سلمياً وليس عن طريق الإنقلابات والقوة. الملاحظ أنه في لُجة الحماس والإندفاع قد تطرح آراء متطرفة تكون ضارة فكل وسائل النضال مطلوبة وهي العرائض والمذكرات ، الإحتجاج العلني، التظاهرات، الإضرابات والإعتصامات والعصيان المدني ولكن هذه الوسائل تحتاج إلى وعي وقيادة ميدانية ومشاركة جموع الشعب ليكون النصر حليف الشعب، ومن جانب آخر نرى البعض يحاول التشفي ليقارن بين السيئ والأسوأ أقصد النظام السابق والنواح عليه وبين نظام سيئ فاسد لم يعزل الدين عن الدولة. المهم التمسك بالديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية والدولة المدنية كما يشاركنا في ذلك شقيقنا الشعب اللبناني البطل في إنتفاضته الحالية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا