الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنقاذ اليمن أَوْلَى من إسقاط الكهنوت الحوثي!

منذر علي

2019 / 11 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لئن كانت الحكومة الشرعية اليمنية قد غلطت، في غفلة من العقل، ومنحت دولة الإمارات موافقتها على دخول اليمن ضمن التحالف العربي، فاستغلت الإمارات تلك الموافقة لمآربها الاستعمارية الخاصة، فلماذا لا تسحب الحكومة الشرعية تلك الموافقة ، وتطالبها بالخروج الفوري من اليمن؟
هل الحكومة الشرعية متعددة الو لاءات؟ هل الحكومة الشرعية معطوبة بالجهل السياسي وعدم الكفاءة والفساد ، والارتباك، لا تعلم كيف تتصرف إزاء وضع سياسي معقد كهذا؟ هل الحكومة الشرعية تتلذذ بالاستباحة والإذلال؟
وإذا كان ثمة فريق من الحكومة اليمنية الشرعية مُدجن، Domesticated ، أو مُقيد، Restricted، من قبل الحكومة السعودية ، الحريصة على علاقاتها الملتبسة بالإمارات ، رغم تناقضات المصالح بينهما ، فلماذا تقبل العناصر الوطنية في الحكومة اليمنية هذه القيود الضارة بالسيادة الوطنية؟
هل يُعقل أنْ تسعى الحكومة الشرعية لتحرير اليمن من سيطرة طائفة يمنية محلية متخلفة، عبر الاستعانة بقوى استعمارية خارجية متخلفة، كل ما تسعى إليه، هو السيطرة على اليمن وتقسيمه وتقاسمه؟
أليس هذا تسويغًا قبيحًا للاغتصاب السياسي؟ أليس هذا مُنتهى الغباء السياسي؟

لا ريب أنَّ الشعب اليمني يريد التخلص من الهيمنة الطائفية المحلية الكهنوتية الغبية ، ويريد أن يحقق الحكم الرشيد، وإرساء أسس الحرية والعدالة والتقدم في وطنه، والخروج من قبضة التخلف ، ولكن تلك الأهداف النبيلة لا تتحقق عن طريق قوى العبودية والتخلف والاستعمار. أيعقل أن نقبل بالاستعمار الخارجي من أجل التحرر من قوى الهيمنة الداخلية ؟ أيُعقل أن نضحي باليمن ؟

من سوء الحظ أنَّ اليمن لا يقع جغرافيًا بجانب فنلندا والنرويج والدانمرك والسويد ، وإنما يقع بجانب ، السعودية والإمارات والبحرين ، أكثر الأنظمة السياسية عفونة و عدوانية وهمجية على مر التاريخ الإنساني.

ولذلك سيكون على الحكومة الشرعية اليمنية أن تعيد ترتيب أولياتها بالسعي للحفاظ على سيادة و وحدة اليمن، قبل الشروع في إسقاط الهيمنة الطائفية المحلية.
والخطوة الأولى، العاجلة ، التي ينبغي على الحكومة الشرعية أن تتخذها ، هي أنْ تتقشف، و تتخلص من حمولتها العفنة من الكسالى والمنتفعين والعملاء والتافهين وعديمي الكفاءة السياسية، والإدارية في كل مفاصل الدولة ومؤسساتها العسكرية والمدنية ، الداخلية والخارجية، وتعمل على التنسيق مع سلطنة عمان، وقطر، والكويت، و روسيا الاتحادية، والصين والاتحاد الأوربي ، تمهيدًا لانسحابها من السعودية إلى سلطنة عمان، ثم العمل على عقد اتفاقيات استثمارية مع الصين وروسيا الاتحادية والاتحاد الأوربي في المناطق المحررة ، مثل سقطرى والمهرة وحضرموت ، وشبوة ومأرب، والجوف ، وتعز . وفي الوقت ذاته ، سيكون على الحكومة الشرعية أن تطلب من الأمم المتحدة بوقف التدخل السعودي والإماراتي في اليمن، على اعتبار أنَّ ما يمسى ب" التحالف العربي" قد خرج عن أهدافه المعلنة ، وتحول إلى عدوان غاشم على اليمن ، له غايات استعمارية توسعية واضحة.

على أنْ يتزامن مع هذا الإجراء السياسي الصارم والمحسوب ، المطالبة بالانسحاب الفوري للقوات الإماراتية والسعودية من كل الأراضي اليمنية ، وإلزام دول العدوان بتعويض الضحايا اليمنيين، و بإعادة إعمار اليمن، تحت إشراف الأمم المتحدة. ومن ثم سيكون في مقدور الحكومة الشرعية أن تنتقل ، بشكل تدريجي من عُمان إلى المهرة ، بعد انسحاب القوات السعودية منها ، مع أبقاء مكاتب لها في سلطنة عمان .
و يمكن للحكومة الشرعية أن تستعين بسلطنة عمان والكويت وقطر والمجتمع الدولي، وخاصة روسيا والصين والاتحاد الأوربي ، للحوار مع إيران و القوى الانقلابية في صنعاء ، وكذا للحوار مع الإمارات ومجلسها الانتقالي في عدن ، من أجل تجاوز الصراع المحلي على السلطة ، ورأب الصدع ، والسعي للمصالحة الوطنية ، درءًا للأخطار، المحدقة بالوطن.
إنني أعلم أننا بهذه الخطوات لن نحقق المُستحيل، كما حلمنا أثناء ثورة 11 فبراير 2011 المجيدة ، ولكننا سنخرج من الورطة ، وسنحقق الممكن من التوافق السياسي في الوقت الراهن ، وهو ما نحتاج إليه، من أجل صيانة وطننا من الاحتلال الخارجي ، ومنع تفتته . وبذلك سنكون حقننا العاجل وتركنا الآجل ، وسيكون هذا ، بكل تأكيد انجازًا كبيرًا في الظرف الراهن.
ولنترك الأمور الأخرى، المتصلة بالديمقراطية والعدالة وغير ذلك من الأهداف النبيلة للمستقبل. فالحفاظ على وحدة الوطن و سيادته أولى من إسقاط الكهنوت الديني الحكم في صنعاء. وحينما ننجز هذه المهمة النبيلة ، المتصلة بوقف الحرب والعدوان الاستعماري ، والحفاظ على وحدة الوطن وسيادته ، والتصالح الداخلي ، سيكون علينا، كشعب ، أن ننطلق إلى الخطوة التالية ، التي تتلخص في: الكف عن المغامرات والتعلُّم من تجربة الحرب الأهلية والعدوان ، وتعزيز اللحمة الوطنية ، والسعي لإحداث التغيير الديمقراطي المنشود، بشكل تدريجي ، ليس عبر الحروب ، وإنما عن طريق الحوار و العمل السياسي السلمي ، ودون تدخل خارجي .
وسيكون علينا العمل بثبات وصبر ومسؤولية وطنية ، من أجل إرساء الشروط الموضوعية والذاتية ، التي من شأنها أن توفر القاعدة المادية والمعنوية ، لتحقيق الحرية والعدالة والتقدم لشعبنا، ودون ذلك ، فهو انتحار سياسي، سيكون من نتيجته ضياع اليمن كما نعرفه.
وعليه لا ينبغي لنا، كشعب، أن نقبل بضياع وطننا على هذا النحو المأساوي ، وعلينا استباقًا للكارثة الوشيكة أن نفكر بطريقة مبتكرة للتخلص من الشرعية الأسيرة والعفنة للمحور الرجعي السعودي، ومن أجل التخلص من حكم الأوغاد في الداخل وأسيادهم في الخارج .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. WSJ: لاتوجد مفاوضات بين حماس وإسرائيل في قطر حاليا بسبب غياب


.. إسرائيل تطلب أسلحة مخصصة للحروب البرية وسط حديث عن اقتراب عم




.. مصادر أميركية: هدف الهجوم الإسرائيلي على إيران كان قاعدة عسك


.. الاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي لبث المنافسات الرياضية




.. قصف إسرائيلي يستهدف منزلا في مخيم البريج وسط قطاع غزة