الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وعد بلفور...وعد قطعته السلطة الفلسطينية على نفسها

عمر يوسف

2019 / 11 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لو ترك الأمر للشعوب العربية، لتحررت فلسطين من ساعتها، ولكن حكومات أذناب الاستعمار تبقي التجويع والتجهيل سوطا يجلد كل من أراد متنفسا فلا تتحرك شعوب عظيمة. لا يعني ذلك أن فلسطين غائبة، كلا! بل هي حضور القلب، كل قلب ينبض بالحرية.

تعاني الشعوب العربية من الظلم والاضطهاد حيثما وجدت، لكن الفلسطيني يتفرد دائما نموذجا يجمع كافة أشكال الظلم الموجودة على وجه المعمورة، ولا يقتصر الأمر على الاحتلال.
تفرقة حزبية؟ حدث ولا حرج، حكومة عسكرية؟ هذه السلطة الفلسطينية تفيد من الاحتلال فتفرض نفسها بالبطش ووضع اليد ودونما انتخابات حرة، الفقر، البطالة، المخدرات، الواسطة والمحسوبية؟ باعها طويل في ظل ذات السلطة، السجون؟ يمنة ويسرة، إن نجوت من سجن الإسرائيلي لم تنج من سجن السلطة، وإن نجوت منهما معا عمدت ذات السلطة للتنسيق الأمني لتمكن الإسرائيلي من القبض عليك، يأسرونك طفلا ويطلقونك شيخا. الفساد؟ نكتة سمجة السلطة مصدرها، فقد غدا الركوب على موجة الوطنية عذرا مقبولا لكل ما تقوم به.

تكالب الحكومات العربية؟ صفقة القرن خاتمة صفقات مستمرة منذ عقود لتتحدث عن نفسها، فجميع الحكومات العربية بلا استثناء كانت سببا في الاحتلال الإسرائيلي واستمراره حتى اليوم. تكالب الحكومات الأجنبية؟ كوشنر يقول إن الخطر في فلسطين "إرهاب" فلسطيني ينبغي قمعه. ضيق الأرض بما رحبت؟ الجواب دائما فلسطين. قانون؟ تحاكم أيها الفلسطيني بين فكي كماشة، فهذه محكمة "عدل" إسرائيلية تصفق لقاتلك وتدعو وزيرتها لقتلك في رحم أمك، وهذه محكمة "عدل" فلسطينية تنسق مع الإسرائيلي لجلبك في غضون ساعة بدلا من اثنين وسبعين ساعة للقوات الإسرائيلية، على لسان محمود عباس بكل بجاحة!

لجوء؟ كان الفلسطيني سيدا في بلاده ولا يزال، ووقف على أعتاب اللئام من حكومات عربية تذله بسبب هويته الفلسطينية سواء عند منح تأشيرة سفر أو تجاوز حدود بلاد العرب، أو التفوق أو الدراسة أو الزواج، ففلسطينيتك تهمة، لأن شرفك يعري من لا شرف لهم أمام أنفسهم أولا.

هذا محمد الخضري طبيب فلسطيني يتلقى أفظع أنواع التعذيب في السجون السعودية، والمملكة مشغولة بالترفيه عنه وعن سواه من فلسطينيين يقبعون في زنازينها، هذه هبة اللبدي تشارف على الموت فما يكون من الأردن إلا طلب تحسين ظروف اعتقالها إلى جانب آخرين، وهذه تمثيليات الوطنية تمرر كل ما أريد تمريره من وراء حجاب. القائمة تطول، وكل ما بحثت عن وجه ظلم واضطهاد وجدته في فلسطين، من العدو وبني الجلدة على حد سواء.

القصة هنا قديمة ببعد قوادة جديد، ففي بلدة الديوك بلغت السلطة الفلسطينية مبلغا لا خسة بعده في التآمر على الأرض والعرض. بدأت الحكاية عندما استولى الإسرائيليون على ما يربو على إحدى عشر ألف دونم من الأراضي الفلسطينية جوار منطقة الديوك وعجزت عما بقي بفضل ما بقي من صمود ما بقي من أهلها، فما كان من حكومة السلطة الفلسطينية برئاسة رامي الحمدلله إلا أن أصدرت قرارا بمصادرة ستة آلاف وثمانمائة دونم من أراضي منطقة الديوك في أريحا.

أريحا أول مدينة في التاريخ، تلك التي يدعي الإسرائيلي احتلالها كأرض بلا شعب. الشعب الذي ينكرون عليه الوجود في هذه المنطقة يشمل ست عشائر بدوية فلسطينية تضم السمارات والبلالات والفهيدات والرمالية والنويرات والعساكرة، عشائر مكثت في المنطقة منذ مئات السنين وتملك صكوك ملكية الأرض منذ العهد العثماني يليه الانتداب الإنجليزي والحكم الأردني قبل الإمعان في التقسيم. ومع ذلك، فقد ضرب باحتجاجات أصحاب الأرض عرض الحائط، بل وقامت السلطة الفلسطينية باعتقال عشرات الشباب من تلك العشائر لدرء اعتراضات أصحاب الأرض.

وبينما يحاول عباس أن يدفع البريطانيين لقول "سوري" بمشهد سمج كذلك، وقل من يعترف بشرعية الدولة الفلسطينية، يصادر الإسرائيلي الأرض التي صادرتها له السلطة بالوكالة، ويأتي القرار دونما سياق، وليد أمر تبلغه الحمدلله، هاك "اللي فيه النصيب" وسهل لنا الأمور، فلم يهاجم الإسرائيلي فلسطينيا في كل حين عندما يقوم بمهمته قفاز من نفس بني الجلدة على أكمل وجه في ظل تجاسر الدم على بعضه؟

من الذي وقع على القرار؟ ليس رئيس الحكومة كلا، فقد كان جزءا من الاتفاق ألا يدرج اسمه، وقع القرار شخص يدعى "كميل" لم يسمع به أو يره أحد، ومع ذلك فقد نفذ القرار، فأين يتخذ في بلاد العالم قاطبة قرار من قبل لا مرئي بلا صفة وينفذ؟ في فلسطين بالطبع!

اليوم يدعي محمد شتية الرئيس الجديد لحكومة الاحتلال بالوكالة أن أبوابه مشرعة في وجه الفلسطينيين، وليس صادقا وإن بالغ في الأداء، ليس صادقا ما لم يرد ما صادرته السلطة الفلسطينية لأصحاب الأرض، فقد لا يدرك الغر أن الفلسطيني لا ينسى فكيف إن جمع فلسطينيته بالبداوة؟

إن كنت حرا فموقف الحق لا يحتاج المراء، إن كنت عربيا، فاليوم فلسطين والعراق حيث يهاجر "يهود متدينون" إليها بالآلاف والخليج حيث توقع اتفاقية "تاريخية بعدم الاعتداء". إن كنت مسلما فهذه قدسك وإن كنت مسيحيا فهذه قبلتك.

أما إن كنت أردنيا، فسيادة بلادك على المحك عندما يقتل مواطنون أردنيون في عقر دارك من قبل إسرائيليين ويمر الأمر دونما حساب، وعندما يتملك إسرائيلي مناطق تراثية في عقر دارك دونما سؤال، وعندما يعتقل مواطنوك من قبل الإسرائيلي دون أن يبالي بوجودك، وعندما تصدر محكمتك قرارا بملكية الأرض للديوك إبان حكمك المنطقة ويتصرف الإسرائيلي والسلطة معا وكأن محكمتك بلا قيمة.

كما أنكر الإسرائيليون على الفلسطينيين ملكية أراضيهم فمنعوا دخولهم لبلادهم ثم استولوا على أراضيهم بحجة "ملكية غائبين" فرضوها قسرا، ينكر أحرار الأرض كل زيف إسرائيلي صودر بموجبه أي شبر، ولا نحتاج لمحاكم ظلم تأخذ بيد الظلمة، فعندما يملأ الحق قلبك، تندلع النار إن تتنفس!

في ذكرى وعد بلفور الثانية بعد المائة لا تزال السلطة الفلسطينية قفاز الاحتلال المرتزق، ولا يزال الفلسطيني الحر شامخا، يعلو الظلم فيجدد العهد بتحرير كل شبر من الأراضي المسلوبة وأخذ الثأر من كل ظالم، ليس بقانون مجحف، بل بيد مضرجة بدماء طاهرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير