الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم الحرية والمساواة في المسيحية

طوني سماحة

2019 / 11 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


"حرية، مساواة، أخوة" صرخة أطلقها الشعب الفرنسي في بدايات عام 1789. كان لتلك الصرخة أثرها المدوي إذ أسقطت النظام الملكي الفرنسي الذي دام ما يزيد على ألف عاما، فتدحرجت رؤوس وغرقت البلاد في الفوضى القاتلة إثر إعدام الملك لويس السادس عشر اولا، ومن ثم زوجته ماري انطوانيت بعد تسعة اشهر. لكن للأسف لم تأت صرخة الشعب المدوية والمطالبة بالحرية والمساواة والاخوة الا بنظام دكتاتوري فاسد يفوق فساد الملكية. دخلت فرنسا في القرن الثامن عشر في حروب طاحنة مع جيرانها الاوروبيين الذين هالهم سقوط النظام الملكي مما قد يشجع شعوبهم على الثورة والاطاحة بانظمتهم. انتهى الامر بسيطرة نابوليون بونابرت على الحكم واخضاعه البلاد لدكتاتورية امبريالية من نوع جديد. كان على المواطن الاوروبي عامة والفرنسي خاصة ان ينتظر ما يزيد على مائة عاما على انقضاء الثورة الفرنسية كي يرى ثمارها من حريات عامة ومساواة بين المواطنين.

في السنوات القليلة التي سبقت الثورة الفرنسية كان الامريكيون يحاربون العرش البريطاني للاستقلال عنه. لعبت الكنيستان الانكليزية والامريكية دورا مهما في مساندة كل من الطرفين. بينما كانت الكنيسة الانكليزية تشدد على ضرورة احترام المواطن للسلطات القائمة المتمثلة بالملك، كانت الكنيسة الانجيلية الامريكية تشدد على مبدا المساواة بين الافراد، كما علم العهد الجديد، مع التركيز على ما يقدمه الفرد أخلاقيا واجتماعيا للمجتمع بدل الاستناد على مكانته الاجتماعية او السياسية.

ترى لماذا نمت القيم العلمانية الحديثة، المتمثلة باحترام الانسان والمساواة في المواطنة، في الغرب الاوروبي والاميريكي وليس في الشرق الهندي او الصين البوذية او اليابان الكونفوشية او الشرق الاوسط المسلم او افريقيا المتعددة الديانات أو روسيا والصين الشيوعيتين؟ في الحقيقة ان تعاليم المساواة بين البشر لم تنشأ من عدم في اوروبا او امريكا، انما هي وليدة آلاف السنوات من التراث المسيحي المتمثل تحديدا بكتاب العهد الجديد. كانت كنيسة غلاطية في عهد الرسل قد انتقلت من الوثنية الاغريقية والرومانية الى المسيحية على يد بولس الرسول. تأثر بعض مؤمني غلاطية بالمؤمنين اليهود الذين تحولوا الى المسيحية والذين كانوا ما يزالون يصرون على ممارسة ارثهم الديني والثقافي اليهودي في الاطار المسيحي، مثل حفظ الناموس والختان. كتب اليهم بولس الرسول ليصوب مسارهم الايماني من خلال التأكيد على ان الخلاص هو بالايمان بيسوع المسيح وليس بممارسات وشعائر دينية بالية. فالمؤمن بحسب بولس الرسول يصبح "ابنا لله" بالروح القدس أكان يهوديا ام امميا، ولا فرق بالمسيح بين انسان وآخر اذ "لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (علاطية 3: 28). لا بد لاي قارئ موضوعي ان يعترف ان كلمات بولس الرسول هذه تعتبر ثورية بحد ذاتها وسابقة للتاريخ بما لا يقل عن الف وثمانمائة عاما، قبل الثورتين الفرنسية والامريكية، بغض النظر عن تطبيق الكنيسة والسطلة الزمنية لهذه المبادئ. يذهب بولس ابعد من ذلك ليكتب في الرسالة ذاتها الى الغلاطييين محرضا "وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ،لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ. ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا: «يَا أَبَا الآبُ". إِذًا لَسْتَ بَعْدُ عَبْدًا بَلِ ابْنًا، وَإِنْ كُنْتَ ابْنًا فَوَارِثٌ للهِ بِالْمَسِيحِ (غلاطية 4: 4-7). وينتهي بولس في كتابته الى اهل غلاطية مشجعا اياهم ليثبتوا "فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا" (غلاطية 5: 1). لم تكن رسالة بولس الى اهل غلاطية يتيمة في التركيز على مبدأ الحرية والمساواة بين الناس. فهو وفي كتابته الى اهل كولوسي يقول " لا تَكْذِبُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، إِذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ أَعْمَالِهِ، وَلَبِسْتُمُ الْجَدِيدَ الَّذِي يَتَجَدَّدُ لِلْمَعْرِفَةِ حَسَبَ صُورَةِ خَالِقِهِ،حَيْثُ لَيْسَ يُونَانِيٌّ وَيَهُودِيٌّ، خِتَانٌ وَغُرْلَةٌ، بَرْبَرِيٌّ سِكِّيثِيٌّ، عَبْدٌ حُرٌّ، بَلِ الْمَسِيحُ الْكُلُّ وَفِي الْكُلِّ.

ذهب بولس الرسول في فهمه لرسالة الحرية والمساواة من الكتابة النظرية الى التطبيق العملي. فهو كان مسجونا في روما وتعرّف أثناء سجنه على اونسيمس العبد الفار من سيده فليمون. كان بولس على معرفة شخصية بفليمون وهو الذي نقل اليه رسالة الحياة في مدينة كولوسي. وتشاء الظروف، أو بالاحرى تشاء المشيئة الالهية ان يلتقي بولس بأونسيموس في سجنه في روما. اقتاد بولس أونسيمس العبد الفار الى معرفة المسيح، وبادله اونسيموس الجميل بخدمته في سجنه. كتب بولس الى فليمون يستأذنه الاحتفاظ بعبده الفار. كانت القوانين الرومانية آنذاك تمنح السادة السيادة المطلقة على عبيدهم الفارين بما في ذلك الاقتصاص منهم أوحتى قتلهم. لم يكن العبد آنذاك يرتقي الى مستوى البشر. لكن رسالة بولس الى فليمون تكشف صورة مخالفة لثقافة العالم السائدة آنذاك. يكتب بولس " أطلب اليك لأجل ابني أنسيموس...الذي ربما لأجل هذا افترق عنك الى ساعة، لكي يكون لك الى الابد، لا كعبد فيما بعد، بل أفضل من عبد: أخا محبوبا، ولا سيما إلي، فكم بالحري إليك في الجسد والرب معا. فاقبله نظيري" (فليمون 1: 10-17). تكتب سارة رودن في كتابها "بولس وسط الجموع" sarah Ruden/ Paul Among the People 2010 أن رسالة فليمون تؤسس للمفهوم الغربي "لقيمة الفرد، بصفته غال جدا على قلب الله ومستحق لتقدير الآخرين". في المفهوم الروماني والاممي آنذاك، كان أونسيمس يستحق القتل وهو لا يزيد قيمة عن بهيمة من البهائم. أما في المفهوم المسيحي فلقد أصبح هذا العبد على حد تعبير بولس ابنا وأخا له ولفيليمون سيده في الله.

مفهوم بولس للمساواة والحرية لم يأت نتيجة دراسات في العلوم الاجتماعية والاخلاقية. بل على العكس، بولس قبل الايمان بالمسيح، كان فريسيا مضطهدا للمسيحية، وبطبيعة الحال كان ينظر الى نفسه على انه زبدة المجمتعين الانساني واليهودي. فهو رجل حر يهودي وليس امرأة او امميا او عبدا. نظرة الكبرياء هذه انتفت عند بولس لدى لقائه بالمسيح الذي كان اول من صدم مستمعيه عندما علّم ان السامري الصالح (السامري ملعون عند اليهود) أفضل من الكاهن اليهودي المنغلق على ذاته، وأن الخروف الضال (الانسان الخاطئ) هو قيمة انسانية بحد ذاته، يستحق اهتمام الراعي (الله او المسيح) لشخصه وليس لانتمائه العرقي او الديني او الثقافي، لدرجة ان الراعي على استعداد ليترك التسعة والتسعين الآخرين في سبيل البحث عنه. وأكثر ما كان يصدم اليهود في شخص المسيح ان اتباعه كانوا في نظر اليهود من حثالة المجتمع، فبينهم العشار والزانية والخائن واللص. والمسيح لم يخجل بهم بل على العكس كان قد أتى من اجلهم "لا يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَة" (مرقس 2:17).

هناك من ينكر على المسيحية تأثيرها في بناء القيم العالمية الحديثة وتقدمِ الديمقراطيات والحريات وقيمة الفرد، لكن أي قارئ موضوعي يستطيع وبوضوح تام ان يرى ان الحرية نمت في الغرب المسيحي لان التربة في هذه البقعة من العالم كانت خصبة لها فيما تعذر عليها النمو في بقاع اخرى حيث التربة يابسة جافة ومشققة. كما ان القارئ بعمق يدرك ان المساواة والحرية ليست وليدة الثورات في التاريخ، بقدر ما هي ثمرة الرسالة المسيحية الى العالم التي نادت بمجتمع مبني على الاخاء بين الناس بغض النظر عن مكانتهم الثقافية والاجتماعية والثقافية كما رددها بولس الرسول "لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (علاطية 3: 28).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أستاذ طوني
احمد علي الجندي ( 2019 / 11 / 6 - 16:02 )
غير متاكد ادا كنت الشخص ألدي تناقشت معه في فيديو للأخ ادم المصري محارب الوهم
والفيديو كان عن حروب العهد القديم
بحيث أحبتني ان الله هو الخالق فمن حقه ان يأمر بقتل من خلقه لانهم أملاكه
للأمانة غير متاكد ان كنت انت !!!
على كل حال
1 الحرية والعدالة والمساواة قد نشأت أيضا على أراض لم تكن مسيحية مثل بعض دول اسيا واليابان
2 والحرية والمساواة لم تنتشر في القارة المسيحية ( امريكا الجنوبية التي فيها نسبة المسيحية قريبة للمئة بالمئة ) فهل فاتك ذلك
3 والحرية والمساواة حدثت مع الثورة التنويرية العلمانية في أوروبا لشعب مسيحي لمدة اكثر من الف عام
إذن الفاصل كانت الثورة العلمانية والتنوير في المقام الأول !!!!!!
4 أما الآية التي تتمسك بها فهي تتحدث عن ان الجميع سواسية أمام الرب يوم الحساب والله لا يحابي احدا ولكن لا تساوي بشكل مطلق في الحقوق والواجبات فكل إنسان له واجباته وتنوعاته والتي قد تفوق احد اخر
فالعبيد
وتفضل
أيها العبيد، أطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف ورعدة، في بساطة قلوبكم كما للمسيح
فإذا كانت العدل المطلق
أين العدل في العبودية
ان تجاوزنا انها تشرع وجود العبيد
فهي قالت حر وعبد إذن نعم ا


2 - الخلاصة
احمد علي الجندي ( 2019 / 11 / 6 - 16:11 )
فالآية او العدد يشرع وجود العبيد في المجتمع !!! نفسه
وهو أنر لا تقبله وثيقة حقوق الإنسان اليوم ولو كان للعبيد كل حقوقهم لنتجاوز مسالة إعطاء العبيد حقوقهم ..... إلى اخره
لا ننفي دور المسيحية كتعليمات سامية ودورها في الجانب الحضاري الإنساني ولكن ان ينسب الفضل كله لها وان يتم ضمنيا مهاجمة الثقافات الأخرى بحجة ان لا خير فيها او لا شيء طيب فيها الا ذكر في المسيحية
فالخير في المسيحية فقط
فهذا امر لا نقبله ابدا


3 - احمد على الجندي
طوني سماحة ( 2019 / 11 / 6 - 21:36 )
شكرا لتفاعلك مع المقال استاذ احمد
اولا ليس لي اي وجود على اي فيديو ولا معرفة لي بالاخ آدم المصري. دعني ارد على مداخلتك واحدة تلو الاخرى
واحد: -المسيحية نشات في أراض غير مسيحية مثل آسيا واليابان-. متى ازدهرت الحرية في اليابان؟ في أي سنة؟ على امتداد كم سنة؟ ما هو المرجع؟ أما بالنسبة لآسيا، فآسيا قارة كبيرة؟ أين في آسيا؟ متى ؟
ثانيا:- الفاصل كانت الثورة التنويرية.- لديك الحق. الثورة نشأت في اوروبا حيث البيئة حاضنة لأفكار الحرية. هذه البيئة مسيحية بامتياز. زد على معلوماتك ان الاصلاح الديني في اوروبا هو الذي افسح في المجال لنشؤ الحريات أذ ان الاصلاح سمح للانسان الاوروبي بطرح الاسئلة وتجاوز السلطات الدينية القائمة المتمثلة بالكنيسة الكاثوليكية. لو انعدمة البيئة الحاضنة لتطايرت رؤوس كثيرة قبل حصول التنوير. زد على ذلك ان تعليم الانجيل لا يتعارض اطلاقا مع التنوير (تابع


4 - احمد على الجندي
طوني سماحة ( 2019 / 11 / 6 - 21:52 )
النقطة الرابعة المتعلقة بالعبودية: انت لا تقرأ بموضوعية أو تريد ان تلوي ذراع الآية لتبرير موقفك. -أيها العبيد، أطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف ورعدة، في بساطة قلوبكم كما للمسيح-. اين يشرع بولس لفكرة العبودية حسب هذه الآية؟ لنفترض انني كتبت رسالة لامراة اسيرة الاتجار بالجنس احثها على عدم مقاومة سجانها لكيلا يتم قتلها. أاكون بذلك مشرعا للاتجار بالجنس. سيدي عليك اعادة التفكير جديا بالطريقة التي انت تقرأ بها. لم يقل بولس لاحد -اذهب واستعبد الناس-. زد على ذلك انك تغاضيت عن ما ذكرته في مقالي كيف ان بولس يقول لفليمون السيد ان انسيموس العبد أخ لك-. ارجوك اجبني كيف يستطيع انسان ان يشرع للعبودية وان يقول للسيد ان العبد اخ له؟
اخيرا عليك ان تعود الى روح الانجيل والا تجتزأ نصا منه لتبرر فكرا لم يقله الكتاب. رسالة المسيح من اولها لآخرها دعوة الى المحبة والحرية والسلام والتوبة . المسيحية سيدي من اولها لآخرها دعوة روحية للتجرد من حب العالم والمال والشهوة والسلطة (تابع


5 - احمد على الجندي
طوني سماحة ( 2019 / 11 / 6 - 22:00 )
ان كانت المسيحية لا مكان فيها للجنس المبتذل او حب المال والسلطة والشهوة والتخلي عن
مغريات العالم كيف لك ان تلوي ذراع آية لجعلها تقول ما لم تقله؟
اخيرا اتراك قرأت العهد الجديد؟ أتراك لاحظت كيف انه يدعو لمقاومة العنف بالسلام؟ ألم تقرأ -من ضربك على خدك الايمن در له الآخر-؟ ألم تقرأ كيف يعلم بولس -بعدم مقاومة السلطات بالعنف-؟
ان كنت قد قرأت فمن البديهي ان تدرك ان بولس ليس بصدد دعوة اتباعه للثورة ولدحرجة الرؤوس ووحمل السلاح وقتل العالم. وبالتالي انت تريد بولس ان ييبني نظاما يعادي النظام القائم هو الذي دعى الى عكس ذلك تماما
شكرا مرة اخرى لمداخلتك


6 - الاستاذ طوني سماحة المحرم
nasha ( 2019 / 11 / 7 - 03:13 )
بعد اذنك استاذ طوني اريد ان ارد على الاخ المعارض لمنطق المقال

عجيب امر بعض الناس !!!
لارضاء ما يروق لافكارهم ومعتقداتهم يعكسون التسلسل المنطقي للتاريخ
يقول المعلق: إذن الفاصل كانت الثورة العلمانية والتنوير في المقام الأول
يتناسى ان الاناءلا يمكن ان ينضح بما ليس فيه.
يتناسى ان السبب ياتي قبل النتيجة. والمولود ينجبه الوالدين ولا انجاب من فراغ
يتناسى ان ما تعانيه مجتمعات الشرق الاوسط اليوم وعدم مقدرتها تجاوز ماضيها هو اصولها الثقافية.
تحياتي


7 - احمد على الجندي
طوني سماحة ( 2019 / 11 / 7 - 03:42 )
أخير ا استاذ احمد
يفترض بقارئ اي كتاب ما، أن يقرأه بذهنية الكاتب حتى يستطيع فهمه. وبالتالي لا تستطيع ان تفهم الكتاب المقدس ما لم تقرأه بعيون كاتبه. المسيح (موضوع الكتاب وان لم يكن الكاتب) لم يأت حاملا رسالة اصلاح الانظمة البشرية بما فيها نظام العبودية. لم يطمح المسيح لتغيير نظام روما مع ان هذا النظام هو احتلال وقمع ونهب ثروات للبلدان المحتلة. كان العشارون يملأون شوارع اورشليم سارقين الشعب لمصلحة اسيادهم الرومان ومع ذلك لم ينتقد المسيح نظامهم. أيعني ذلك انه كان يشرع للظلم؟ لا يا سيدي. اتى المسيح لاصلاح الانسان والانسان اولا واخيرا.عندما يصبح الانسان صالحا، ينعكس ذلك ايجابا على المجتمع. رسالة المسيح رسالة حرية وخلاص للفرد من الخطيئة. لم تكن رسالة المسيح يوما رسالة جماعية. لم يكن المسيح ساذجا، بل كان يعرف ان الانظمة البشرية فاسدة في كل العصور وانها ان اصلحت امرا افسدت آخر. ارجوك سيدي لا تضع على فم بولس او المسيح ما لم يقولاه لا من ناحية العبودية او من ناحية امر آخر. وتقبل مني كل احترام وتقدير


8 - ناشا
طوني سماحة ( 2019 / 11 / 7 - 03:58 )
يسعدني حوارك عزيزي ناشا
مشكلة الكثيرين اليوم هي قراءة التاريخ بما يروق لهم وليس على ما هو عليه . من الواضح تاريخيا ان العلمانية نشأت في المجتمعات المسيحية وان الانظمة المسيحية لم تعارضها خاصة في الولايات المتحدة واوروبا ومن ثم يأتي قائل ليقول ان لا فضل للمسيحية على العلمانية ضاربا بعرض الحائط الجذور الثقافية والتاريخية والاجتماعية والدينية التي سمحت لقيام التنوير وتطوره في تلك المجتمعات بالتحديد دون اي بقعة اخرى من العالم. كما ان المعترض لا يقوم باي جهد ليربط بين تعاليم المسيحية ونشؤ التنوير او العلمانية. من العجيب ان المعترض لا يأخذ بعين الاعتبار ما قاله المسيح -اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله- واثر ذلك المباشر على فصل الدين عن الدولة . كذلك لا ياخذ المعترض بقول المسيح -فكل ما تريدون ان يفعله الناس بكم ، افعلوه انتم ايضا بهم- . وتاثير ذلك المباشر على مبدا قبول الآخر والتعددية في الغرب. شكرا مرة اخرى


9 - انهم لا يفهمون ألمسيحية
nasha ( 2019 / 11 / 7 - 07:05 )
معظم الناس لا يفرقون بين ما هو الذاتي وما هو الموضوعي
المسيحية جائت بفكرة الخلاص ، خلاص الذات (من الخطيئة) أي خلاص الذات من الانانية.
المسيحية تعالج الأنانية الغرائزية (الحيوانية الوحشية) التي يتميز بها الإنسان طبيعيا كباقي الحيوانات
معظم الناس يفهمون المسيحية بانها قانون أخلاقي وتعليمات فقط وهذا خطأ شائع.
والحقيقة هي أن القانون الأخلاقي والتعليمات السامية تاتي كنتيجة تلقائية بمجرد فهم معنى الخلاص في المسيحية.
المسيحية تبني الفرد وتهذبه وتهيئة ليكون فردا مستعدا للتضحية والمحبة ونكران الذات صالح لبناء
مجتمع متمدن مسالم متكاتف . انها تخلص الفرد من الانانية الغرائزية وتسبدلها بنكران الذات المعاكسة للغريزة والتي هي أساس بناء المجتمعات الكبيرة متعددة الثقافات.
القاعدة الذهبية:
فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ، لأَنَّ هذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ
تحياتي مجددا


10 - nasha
طوني سماحة ( 2019 / 11 / 7 - 13:12 )
تعليق رائع اخ ناشا، شكرا مرة اخرى


11 - الجزء الثاني
احمد علي الجندي ( 2019 / 11 / 7 - 18:29 )
فقد تقول لي
الإيمان واحد والكتاب المقدس واحد والجوهر واحد وإنما الاختلاف اختلاف طقوس
ورغم قدرتي على الرد على هذه الجزئية الا انه ليس موضوعنا
وإنما ذكرت ذلك لكي أشير إلى انه في الارثدكسية لا يخلص المسيحي الا من خلال الإيمان والعمل والتعميد والتعميد لا يتم الا من خلال رجل دين له رتبة كهنوتية معينة بشروط محددة وأي تعميد لا يمتلك هذه الشروط لا يصح ابدا
وهنا يصبح الإنسان مرتبطا بالسلطة الدينية ورجال الدين
وأما العمل وهو مصيبة أخرى يرتبط بالكنيسة نفسها فيصبح الشخص عبدا للكنيسة وكان الكنيسة دولة داخل دولة !!!
وأي انفصال عن الكنيسة او اعتراض عليها او عدم اتباع اوامرها او تقديس اسيادها واتباعها
يؤدي بك إلى الهرطقة والطرد من الكنيسة وعدم الصلاة عليك بعد موتك
ودخول بحيرة الكبريت
غير طبعا التنكيل
والتشويه والمقاطعة!!!
فأين هذا من التنوير
طبعا نضيف على ذلك ان حياة الإنسان نفسه يجب ان تكون مرتبطة بالكنيسة فزواجك من الكنيسة وأي زواج خارج الكنيسة او بالعامية سر الزواج لا يصح فالزواج المدني زنا
طبعا غير انو بالزواج عندهم شروطهم الكنيسة كان تكون زوجتك مسيحية وان تكون من طائفتك فلا يجوز ان تكون


12 - الجزء الثالث
احمد علي الجندي ( 2019 / 11 / 7 - 18:41 )
فلا يجوز ان تكون زوجتك الا مسيحية ويجب ان تكون من طائفتك وفي بعض الأوقات من نفس كنيستك
!!!
فأين هذا من التنوير
نضيف على ذلك أيضا منع الطلاق وغيرها من الأمور !!
فهل هذا تنوير
وهل هذا حرية للإنسان
وللأمانة هذا فقط في الكنيسة الارثدكسية وغير موجود في البروتستانتية التي رفعت السلطة الدينية عن الإنسان وجعلت علاقة المسيحي بربه فقط وألغت الكهنوت .... لذلك ارتبطت بثورة التنوير !!!
طبعا انت نفسك قد ذكرت الكنيسة الكاثوليكية وقلت رفع السلطة الدينية عنها
وهذه نقطة خطيرة فطبعا نحن لا ننفي وجود فساد أضر بالكنيسة الكاثوليكية وقبحها بالعامية وجود خراب من بعض رجال الدين الكاثوليكي عملوا على الإساءة للكنيسة الكاثوليكي وتحميلها ما لا تدعوا اليه في جوهرها الا انه أيضا يبقى هناك شرائع واحكام كاثوليكية مقاومة للتنوير مثل ان مفاتيح الخلاص بيد البابا
والسياسة والاقتصاد والاجتماع والعالم كله بيده فلا خلاص خارج كنيسته وأي شخص يعارضه مصيره بحيرة الكبريت في الآخرة والطرد والمقاطعة في الحياة الدنيا
!!!


13 - الجزء الرابع
احمد علي الجندي ( 2019 / 11 / 7 - 18:50 )
طبعا لم نتعرض لموقف الكتاب المقدس من الطلاب والشاذين جنسيا والعبودية
عن المقاومة السلمية
احمد الله ان تشرشل في الحرب العالمية الثانية لم يقاوم النازيين بأحكام المسيح
من
احب عدوك
من ضربك على خدك الأيمن أعطه الأيسر
باركوا لاعنيكم
.....
وإنما باليد الحديدية
ولولا ذلك لغرقت بريطانيا بالدمار والحال النازيين كل أوروبا باستثناء اجزاء من الاتحاد السوفيتي


14 - احمد على الجندي
طوني سماحة ( 2019 / 11 / 7 - 21:25 )
مرة اخرى اشكرك على المشاركة استاذ احمد
ما فاتك سيدي وانت تحاور انك خرجت عن الموضوع الاساس الا وهو مفهوم الحرية والمساواة في المسيحية، وفي الوقت نفسه فتحت محاور عديدة بحيث اصبح من الصعب تصويب الحوار. على اي حال انت اولا لم تجب عن سؤالي لك ألا وهو -أين ومتى وكيف دخلت الحرية الى اليابان وآسيا؟-
ثانيا:هناك الكثير والكثير جدا من المسيحيين الذين يتزوجون من طوائف وديانات اخرى. لكن من البديهي القول ان الزوج الناجح هو الذي يجمعه مبادئ وقيم مشتركة. أرجوك فسر لي كيف يستطيع انسان يؤمن بتعدد الزوجات ان يتشارك الحياة مع آخر يؤمن بزواج واحد آحد. أو كيف لمن يؤمن بالعنف ان يشارك الحياة مع من يؤمن بالسلام؟ وأخيرا وليس المؤمن الذي يتزوج من دينه أخذ قراره بناء على قناعاته ولا بد من القول ان لا تعليم انجيلي يجبر المؤمن على الزواج من المؤمن فقط


15 - احمد على الجندي
طوني سماحة ( 2019 / 11 / 7 - 21:36 )
التنوير سيدي ليس ان تؤمن او ترفض بان مفاتيح السماء بيد البابا. بل الننوير ان الاوروبي
اليوم بحترم عقائد الآخر دون ان يتبناها. هل علمتك المسيحية ان ترفض الآخر؟
من ثم، هل تعلم المسيحية ان من يرفض تعاليم البابا مصيره بحيره النار والكبريت؟ يبدو انك لا تستقي تعاليمك من المصادر الصحيحة. أرجوك، عندما تحاور ، استق المعلومات الصحيحة اولا
لكي يكون لك اساس متين للحوار
ثم تهاجم موقف الكتاب المقدس من الطلاب؟ غريب ما هو موقف الكتاب المقدس من الطلاب؟؟؟ ليتك قدمت مرجعا يوضح فكرك
اما عن المثلية، الكتاب المقدس واضج. موفقه من الخطيئة واحد، أكانت مثلية ام علاقة جنسية خارج اطار الزواج من رجل وامرأة. الكتاب المقدس يرفض الخطيئة، لكنه لم يجبرك على تركالخطيئة. لك الجق ان تجيا في الخطيئة او لا.، لكن عليك تحمل نتيجة خطيئتك يوم الحساب


16 - احمد على الجندي
طوني سماحة ( 2019 / 11 / 7 - 21:36 )
التنوير سيدي ليس ان تؤمن او ترفض بان مفاتيح السماء بيد البابا. بل الننوير ان الاوروبي
اليوم بحترم عقائد الآخر دون ان يتبناها. هل علمتك المسيحية ان ترفض الآخر؟
من ثم، هل تعلم المسيحية ان من يرفض تعاليم البابا مصيره بحيره النار والكبريت؟ يبدو انك لا تستقي تعاليمك من المصادر الصحيحة. أرجوك، عندما تحاور ، استق المعلومات الصحيحة اولا
لكي يكون لك اساس متين للحوار
ثم تهاجم موقف الكتاب المقدس من الطلاب؟ غريب ما هو موقف الكتاب المقدس من الطلاب؟؟؟ ليتك قدمت مرجعا يوضح فكرك
اما عن المثلية، الكتاب المقدس واضج. موفقه من الخطيئة واحد، أكانت مثلية ام علاقة جنسية خارج اطار الزواج من رجل وامرأة. الكتاب المقدس يرفض الخطيئة، لكنه لم يجبرك على تركالخطيئة. لك الجق ان تجيا في الخطيئة او لا.، لكن عليك تحمل نتيجة خطيئتك يوم الحساب


17 - احمد على الجندي
طوني سماحة ( 2019 / 11 / 7 - 21:41 )
أما بالنسبة للمقاومة السلمية، فهي خاصة باتباع المسيح ولم تلزم احدا بها. لكن دعني اخبرك ان العنف لا يولد سوى العنف. الحرب العالمية الثانية كلفت البشرية 60 مليون قتيلا (ان لم تخني الذاكرة) لكن غاندي حرر الهند دون ان يسفك دم انسان واحد. كذلك مارتن لوثر كينغ حرر ذوي البشرة السوداء بالقليل القليل من سفك الدماء
أخيرا دعني اقول لك سيدي. نعم سوف اباركك، ألعنتني ام لم تلعني. انت تؤمن بالعنف، لك ان تحيا كما تشاء. لكن اريد ان اذكرك ما قاله غاندي او ربما مارتن لوثر كينغ - ان نحن طبقنا مبدأ العين بالعين، فلن نرى في العالم سوى مجموعة من العميان والعور
اشكرك سيدي لحوارك ولك من كل تحية

اخر الافلام

.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا


.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز




.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب


.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل




.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت