الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من ساحة التحرير .... مواقف وبطولات شعب المعجزات ........

رائد شفيق توفيق
ِ Journalist and writer

(Raid Shafeeq Tawfeeq)

2019 / 11 / 5
الادب والفن


برغم ضنك معيشته

ساحات الشرف مليئة بمواقف وبطولات ما كان لاي منا ان يتخيلها لكنها حصلت حقيقة فقد تحدث احد المتظاهرين قالئلا : تجاذبت الحديث يوم امس مع احد ابطال التكتك الذي مضى عليه اياما ينقل الجرحى والمتظاهرين الاخرين الى حيث يحتاجون وفقا للموقف اضافة الى نقل المواد والاحتياجات للمتظاهرين الابطال بحيث انه بات على اتصال دائم بي لانقل له تطورات الموقف لكي يتحرك وفقا لذلك ويتسائل دائما هل آتيكم بشيء تحتاجونه ؟ هل ينقصكم شيء لاحضره لكم ؟ اتصاله هذا لا ينقطع حتى وهو يقدم خدماته للمتظاهرين الاخرين وفقا للموقف الذي هم فيه ؛ هذا العمل متواصل منذ الصباح حتى الليل ما بين نقل جرحى ونقل مواد واحتياجات المتظاهرين الى اي مكان يطلب منه الذهاب اليه فيتعب تعبا شديدا لكنه لا يشكو من ذلك شانه في ذلك شان اخوانه المتظاهرين في كل مجالات نشاطهم بل تجده سعيدا برغم التعب الشديد وعندما نتصل به يرفض الاتصال ويعود ليتصل هو لكي لا يكلفنا اجرة الاتصال ، في احدى الواجبات حيث كنا نقوم بنقل بعض مواد للمتظاهرين وكان منزل هذا البطل في طريقنا ، فقال امي جهزت طعام لناخذه معنا ؛ ذهبنا الى منزله وكان قريبا منا وخرجت الينا امه التي ما ان رايتها حتى احسست انها امنا جميعا فكلهن لهن نفس القلوب المليئة بالحب والحنان وهي كبقية الامهات العراقيات بسيطة تتفجر طيبة في حركاتها والتفاتتها وفي نبرة صوتها الذي كان ينبض بالفرحة ويغمرنا بالدعاء بالنصر والسلامة لجميع الثوار ، تنظر الينا بحنان وشوق كاننا قدمنا اليها من مكان بعيد ثم اخذ هذا البطل الكريم في كل شيء يتحدث الى امه على انفراد بضع دقائق ومن ثم انطلقنا الى ساحة التحرير وفي الطريق سالته هل هناك خطب ما في العائلة ؟
قال :لا كل ما في الامر اني اعمل سائق على هذا التك تك وهو لامرأة تدعى (ام سيف) في حيينا ، اعطيها كل أسبوع 50 الف دينار لكني لم استطع ان اجمع للمرأة اي قرش من اصل المبلغ الاسبوعي وكما تعلم ظروف الثورة ولن اتخلى عن اخوتي ووطني .
سكت قليلا ثم قال : يجب ان اخذ امي الى الطبيب واشتري لها العلاج فقلت لها ساعود اليك بعد ان اوصل المواد للتحرير فقالت لي وهي تضحك غير آبهة لمرضها لاتهتم لذلك ولا ترجع للبيت ابق مع اخوتك في التحرير ودع الامور لله فانا لا اعاني من شيء الان واذا مت ففداء لتراب الوطن لكن طلبي ان تشيِّعوني في ساحة التحرير .
سالته قائلا : هل انت المعيل الوحيد للعائلة ؟
قال : امي واخواتي يخبزن للناس باجور ويبعن (طرشي ) واليوم طبخت امي هذا الطعام للمتظاهرين بعد ان انجزت عملها في الخبز وبيع ال(طرشي) وقالت لا تحمل هم ال(50) الف الاسبوعية انا سادفعها ل(ام سيف) حتى لو استدين المبلغ لا تشغل بالك .
هل لكم ان تتصوروا تضحية سائق التك تك هذا ، فالتك تك ليس ملكه ومطلوب منه اجور اسبوعية وامه برغم ضيق حالها تقول له لاترجع وانا ساتدبر اجور التك تك .


ماجدة في الخطوط الامامية ..

ينادونها اماه ( يمه ) باللهجة العراقية امراة في الخمسينات من العمر الا انها بعزيمة شباب مضى عليها سبعة ايام مرابطة في الخط الامامي على جسر الجمهورية
هذه الماجدة مع الشباب توزع بينهم الماء والطعام ،تحيطهم وتحميهم بنفسها من قذائف الغاز والدخان سال احد الابطال ، ام من هذه المرأة؟ فقالو له لا نعرف لكننا نناديها (يمه)
فهي تخاف علينا كامهاتنا طلبنا منها ان ترجع الى الخلف قالت : بلهجتها العراقية الجميلة : ((ادري بيكم ما تكعدون ،واخاف عليكم ، ما أمن اعوفكم وحدكم))

سؤال ...
سأله احد زملائه الثوار: منذ متى لم تذهب الى بيتكم ؟
قال: لو كان عندي بيت وعمل ما خرجت ثائرا متظاهرا

اطباء ومسعفون ...
ملابس ملطخة بالدماء

الدكتورة سارة مزهر : اتصلت ببناتنا ليأتوا لها بملابس لان معطفها الطبي وملابسها (بنطلونها ، قميصها ... الخ ) مليئة يالدم وبرائحة الدم واهي منذ نحو ساعة تتامل ملابسها وتتسائل ، اذا غسلت بقع دم المتظاهرين هل سيبقى لملابسي هذه قيمة ؟ ؛ اذا غسلت معطفي الطبي هل ستكون له قيمته عندما البسه في ساحة التحريرمرة اخرى؟.. هي لم تحظ بدقيقة واحدة استراحة منذ سبع ساعات كاملة وهي تقوم باسعاف الابطال بمختلف اصاباتهم ، جروح .. حروق .. رضوض ..اختناق ..كسور.. وبعض الاصابات لم تر مثلها من قبل اضافة الى فقدان بعض الابطال لاحد الاعضاء مثل العين او اليد او الرجل .. حمدت الله لان اليوم لايوجد شهداء برغم ان عدد الجرحى كبير وهناك من استدعت حالته نقله الى المستشفى .

ليس لامي غيري

بعد الساعات الطويلة تلك باشرت (د . ساره) بجمع كم كبير من النفايات وتنظيف المكان وما ان جلست لتسريح حتى ادخل احد الثوار الجرحى مصاب براسه والدم غطى وجهه وهي تباشر اسعافه ، قال لها : دكتورة لا تتركيني اموت فامي ليس لها غيري ، ما جعل دموعها تتدفق كانها جريان نهر وانتابتها غصة البكاء لكنها كتمتها ،اكملت اسعافه ودموعها تجري من هذا الموقف وحيد امه ولم يتخل عن الوطن ؛ مصاب ويخشى على امه لانها وحيدة .. تظاربت مشاعرها واختلطت دموعها بدمه وهي تسمع منه هذه الكلمات بحيث انها اوصت الجميع عليه وشيعته وهو ينقل الى المستشقى بنظرات من فقدت اخاها ودموع لم تستطع ايقافها .

حامل وتقاتل
ماجدة حامل نقلت الى خيمة الاسعاف تختنق من القنابل الغازية هرولت (د.ساره) لاسعفتها بالاوكسجين وحالما استعادت وعيها اول ما نطقت سالت الدكتورة : ابني ابني هل يتاثر بهذه الغازات ؟
قالت : لا .. وهطلت دموعها مرة اخرى .. امراة حامل تتظاهر مع الثوار وتناصرهم

صبية العراق

صبي بعمر الزهور جاء لتغير له (د.ساره) الضمادات وهو مصاب برجله ويده وراسه وصدره وبرغم ماساوية الموقف ودموعها مازالت تسيل على وجنتيها ضحكت فامتزج الضحك بالبكاء وشر البلية ما يضحك .. قالت له : ماذا اضمد منك لم يبق فيك جزء سليم فشاركها ضحكتها ومسح دموعها وقال لن اعود حتى ننتصر .

تتوسل لكي يتنفس

صبي اخر نقلوه وباشرت (د.ساره ) باسعافه فحصته ليس عنده نبض ليس به جراح لكنه لا يتنفس تجمع الاطباء الاخرين لاسعاف الصبي مضت عشر دقائق ولم يستجيب لجميع محاولات اعادة التنفس اليه .. فاخذت تتكلم معه وتتوسل اليه ان يستجيب وهي ممسكة بالاوكسجين على فمه وانفه لكنه لم يستجيب نهائياً دقائق مرت كانها دهر فجأة استجاب وتنفس فاخذ الجميع يرقصون فرحا .
فقالت الدكتورة سارة مزهر : سنبقى نسعف ونتظاهر ونطالب بوطن فوالله كل دعاء لنا من المتظاهرين الذين نسعفهم ونعالجهم يبني داخلنا انسانية وانتماء لكل ركن وشخص في التحرير.


بدون قائد
ثورة بدون قائد لكن مستوى التنظيم فيها عال جدا ، كل شخص يعرف واجبه الذي يجب عليه القيام به ، لم يبق شيء النصر قاب قوسين اوادنى وبالنصر يهون كل ما حصل وما عانيناه وقسما لن تذهب دماء الشهداء التي سالت ولا تضحياتهم سدى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس


.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني




.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/