الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنثروبولوجيا المسرح

حسام الدين مسعد
كاتب وقاص ومخرج وممثل مسرحي ويري نفسه أحد صوفية المسرح

(Hossam Mossaad)

2019 / 11 / 7
الادب والفن


كلمة “أنثروبولوجيا” معناها اللغوي هي دراسة الإنسان. ونتيجة لتنوع الأنشطة التي يقوم بها الإنسان، تبنى الأنثروبولوجيون التعريف اللغوي لعلمهم؛ ولذلك يحاولون دراسة الإنسان وكل أعماله، أي كل منجزاته المادية والفكرية، أي الدراسة الشاملة للإنسان .
و تعددت مجالات الانثروبولوجيا وفروعها :الأنثروبولوجيا البيولوجية ,الأنثروبولوجيا الفيزيقية السّمات الفيزيقية للإنسان .
الأنثروبولوجيا الاجتماعية ,الأنثروبولوجيا الثقافية ,ويمكن دراستها بطريقتين
الأولى، هي الدراسة المتزامنة: أي في زمن واحد، أي دراسة المجتمعات والثقافات في نقطة معينة من تاريخها .
الثانية، هي الدراسة التتبعية أو التاريخية: أي دراسة المجتمعات والثقافات عبر التاريخ
وتتناول الأنثروبولوجيا الثقافية، بمعناها العام، الحياة الثقافية للمجتمعات الإنسانية. وفي هذا الإطار العريض، يتجه علماء الأنثروبولوجيا الثقافية إلى الاهتمام بالفنون المهارية وتصميماتها، وتقنيات تصنيعها.

ولهذا فإن الأنثروبولوجيا هي أكثر العلوم التي تدرس الإنسان وأعماله شمولاً على الإطلاق. وهناك دلائل وشواهد عديدة على هذا الشمول؛ فالأنثروبولوجيا تجمع في علم واحد بين نظرتي كل من العلوم البيولوجية والعلوم الاجتماعية، ثم إن الأنثروبولوجيا تهتم بالأشكال الأولى للإنسان وسلوكه بدرجة اهتمامها نفسها بالأشكال المعاصرة؛ إذ يدرس الأنثروبولوجي كلاً من التطورات البنائية للبشرية ونمو الحضارات ,واهتمامه بالجماعات والحضارات الإنسانية المعاصرة.
ويعد الإيطالي أيوجينيو باربا، هو صاحب التوجه المعروف بـ “أنثروبولوجيا المسرح”، الذي دوّن تجربته واطروحاته في كتابه “مسيرة المعاكسين” .
التحق باربا في بداية ستينيات القرن الماضي إلى مختبر غروتوفسكي في مدينة “أبولو” البولندية وتتلمذ على تجاربه. وفي العام 1964أسس مسرح “الأودن” في أوسلو، ثم انتقل في العام 1966 إلى الدنمارك، وواصل فيها تجاربه الرائدة، وفي العام 1979 أنشأ “المدرسة العالمية للأنثروبولوجيا المسرحية” التي أسهم فيها أكثر من مئة مسرحي من جميع أنحاء العالم. يعرّف باربا أنثروبولوجيا المسرح بأنها دراسة التصرفات البيولوجية والثقافية للإنسان وهو في حال العرض المسرحي، أي حين يستخدم حضوره الجسدي والذهني حسب مبادئ مختلفة عن تلك التي تتحكم بالحياة اليومية، وذلك لأن الممثل يستخدم جسده في الحياة اليومية المعتادة بنوع من التقنية المشروطة بثقافته ووضعه الاجتماعي وطبيعة مهنته، في حين يستخدمه في العرض المسرحي بطريقة أخرى، وتقنية مختلفة كلياً. ويسمي باربا النوع الثاني من الاستخدام بالتقنية الخارجة عن المعتاد، ويرى أن المسافة التي تفصل بين التقنيتين في الغرب غالباً ما تكون غير واضحة وغير مدركة، في حين يوجد اختلاف واضح بينهما في الهند مقرّ به وله اصطلاحاته مثل “لوكادهارمي” و”تاتيادها مي”. ويكمن الاختلاف في أن التقنية اليومية تتبع عادةً مبدأ بذل الجهد الضئيل، أي بمعنى الحصول على النتيجة القصوى من خلال توظيف أدنى حد من الطاقة. لكن في التقنية الخارجة عن المعتاد يحدث العكس، اذ تعتمد على البذخ في الطاقة. ولذلك يعبّر المتلقون في المسرح الياباني عن شكرهم للممثلين في نهاية العرض بعبارة “أنت متعب”، إشارةً منهم إلى أن الممثل الذي أثار اهتمامهم وأمتعهم وترك تأثيره فيهم متعب لأنه لم يوفر شيئاً من طاقته، بل فاض في استخدامها. ويستدرك باربا فيميز بين حيوية الممثل وحيوية البهلوان، الأول يستخدم التقنية الخارجة عن المعتاد بهدف منح المعلومات، ووضع الجسد في شكل مطلوب، أما الثاني فإنه يستخدم مهارةً فائقةً تصبو إلى إثارة الانبهار وتحويل الجسد. وبتأثير من المسرح الشرقي، الياباني خاصةً، لايفرق باربا بين الممثل والراقص، بل يشير إلى أن التمييز بينهما يبدو للفنان الشرقي نوعاً من العبث، في حين أن التمييز القاسي ما بين المسرح والرقص هو علامة من علامات الثقافة الغربية، يكشف عن جرح عميق، وفراغ في تراثه يجازف بجذب الممثل دائماً صوب خرسان الجسد، ويدفع الراقص إلى الولوع بالمهارة والبراعة الفائقة.

واذا عقدنا مقارنه بسيطه لإيضاح الفارق بين مسرح بريخت ومسرح باربا وتحليل تقنيات الإخراج المسرحي بينهما نجد ان باربا يعمد الي المقايضه التي تقوم علي تبادل الاداءات الثقافيه فيتم تبادل مسرحيه في مقابل الأغاني والرقصات وقد اتسمت هذه المقايضات في عمل باربا باساس عملي اكثر منه جمالي يهدف إلي التبادل الثقافي مع البيئات الريفيه والحضريه المختلفه
******
مصادر المقال
كتاب المسرح والإنسان وتقنيات العرض المسرحي المعاصر
تأليف /دكتور مدحت الكاشف ..مصر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-