الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زيزف

رولا حسينات
(Rula Hessinat)

2019 / 11 / 7
الادب والفن


-احرصي على زراعة البذور جيدًا ثلاثة، ثلاثة...لا تخدعي نفسك وتضعي واحدة ثلاث بذرات إن ماتت واحدة تعيش الأخرى، وإياك أن تغرسيها إلى عمق كبير؛ فإنها لن تخرج... عليك أن تغرسيها برفق على بعد واحد سنتميتر إلى واحد ونصف لكن لا تتجاوزي الاثنين.
تأففت ورفعت ظهرها وقالت: يكفيك يا رجل لقد مضى علي أكثر من خمس عشرة سنة وأنا أسمع منك الكلام نفسه كلما بدأنا موسم الزراعة، وفي كلّ مرة نجني المحصول، في أيّ موسم لم نجنِ شيئًا أخبرني هاه؟
ضحك من أعماقه وقال: فقط للتذكير يا زيزف، إني أمازحك ونسيت أن أخبرك أنّ البذور هذه السنة ستكون بإذن الله أفضل من السنوات الماضية، وسيكون المحصول وفيرًا، كما تعلمين من حديثنا مع أبي حسن وأبي علي عن الزراعة في معرض سهراتنا، فقد نصحوني بهذا النوع.
- هل جربوه؟ جاءه سؤالها مقاطعًا.
- لا، لم يجربوه لكنهم سمعوا عنه؟
- إذًا لماذا تكون أنت فأر التجارب؟
- ماذا؟ أنا لست فأر تجارب يا امرأة، ولكن لكثرة ما تحدثوا عنه أعجبني.
-ولمِ لم يزرعوه؟!
-يا امرأة كفي عن ذلك.
- لست امرأة أنا زيزف. ألم تعرفني أم نسيتني مع بذورك هذه؟
- ما الذي يرضيك لأخبرك به؟!
- قل لي لماذا لا تعطنا سعاد ميراثنا ونرتاح من هذا القرف والفقر الذي نعانيه؟
- إن كانت ستعطيك لكان أبوك أعطى أخته فردوس! ألم تعلمي ما جرى لحالها؟ -لا لم أعلم ما الذي جرى؟
- لم أخبرك لأنك تسمعين ما تريدين فقط. اسمعي يا زيزف الحكاية...وأخذ يسرد عليها ما حدث مع زوج فردوس رسمي، وكيف أنّهم عرضوه على أفضل الأطباء ولكنهم لم يجدوا له دواءً، جلبوا له الشيخ صالح ليقرأ عليه، ولكنه لم يفلح قرأ بدل المرة سبع مرات ولكنه لم يحرك ساكنًا، وها هي وأولادها يقومون على خدمة المسكين، وهو من غير حول منه ولا قوة، ولو أنّ لديها المال لأخذته إلى بلاد الأجانب، أليس الطب هناك أفضل من عندنا؟
صمتت طويلاً وهي تسمعه: أحقًا ما تقول يا رجل؟ لقد انقطعت أخبار عمتي فردوس عنا منذ زمن بعيد، لا أدري ما الذي حدث؟ ولكني سمعت سعاد تقول: ليس لديكن عمة، انسين أمرها، لم نسأل نفسينا حينها فقد كنا مشغولات بالمدرسة الداخلية، في الحقيقة لم نعلم لماذا؟ ولم نسأل. قالتها بصوت مكتوم.
- ولكن ها قد عرفت، ربما ستعرفين أكثر في الأيام المقبلة.
- وما الذي سأعرفه؟
- ستعرفينه بالوقت المناسب.
- ماذا؟ لقد أتعبتني.
- ولماذا أطيل عليك، اجلسي لأخبرك.
بشغف جلست حينما أمسك يدها وقال: لقد رووا لي أنّ رسمي زوج عمتك قد مات.
- ماذا؟ ألم يكن مريضًا قبل قليل.
- نعم، كنت سأخفي عنك الأمر، لكنه مات والأمر الذي لم يعرفه أحد منكم أنهم ماتوا وهم نيام، ماتوا بحريق عظيم لم يعرف أحد سببهـ ولم يبقِ على شيء.
- ماذا من الذين ماتوا جميعهم؟ من تقصد؟
- لا تنفعلي يا عزيزتي، عمتك وأولادها جميعهم ماتوا حرقًا، لقد اندلع في الليل البهيم حريق عظيم، الغريب أنَّ أهل القرية لم يستطيعوا اطفاءه لقد كان الماء يشتعل، أتصدقين لقد اشتعل الماء نفسه! ولم يعرف أحد لماذا؟ الغريب أنّهم سمعوا صوتًا مجلجلاً كانت ضحكات ارتجفت لها أجسادهم، وحتى هذا اليوم لم يقرب أحد بيتهم...
#رواية سوق الجن
#معرض سيلا الجزائر 2019/2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع