الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تقرع طبول حرب أهلية جديدة ؟!

محمد بلمزيان

2019 / 11 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


هل بدأ شبح الحرب الأهلية يطل برأسه على لبنان مرة أخرى ؟ سؤال وجيه يطرح نفسه بكل قوة في ظل التطورات الحاصلة على الأرض، ولا أعتقد بأن وصفة سهلة أو حتى وصفات كثيرة يمكن أن تداوي جراح أو جرحات لبنان المتراكمة منذ زمن طويل، والتي تتغذى من طبيعة المجتمع المبني على المذهبية والطائفية في أبعادها المتنوعة ، والأكثر فرزا في تركيبة المجتمع والدولة في لبنان. طرحت هذا السؤال وأنا أتابع التطورات الجارية في الحراك اللبناني والمظاهرات التي اكتسحت المدن وتتسع جذوتها كالنار في الهشيم، وتذكرت بعض الخلاصات التي توقف عندها المفكر اللبناني الشهيد مهدي عامل حينما أصر على تسمية الحرب الأهلية، بأنها ليست حربا لبنانية بقدرما هي حربا في لبنان، في ثنايا كتابه المعنون ب ( في الدولة الطائفية ) Iهذا الكتاب الذي صدر أواخر ثمانيات القرن الماضي أثار جدلا واسعا في الأوساط الفكرية في حينه، كنت قد اطلعت على بعض محتوياته في تلك المرحلة التي كانت قد وضعت الحرب أوزارها فتوجت بما يسمى باتفاق الطائف بالعربية السعودية سنة1989، جمع ثلة من المكونات السياسية التي تمتح جميعها من مرجعية طائفية ودينية، تتناحر فيما بينها من أجل الظفر بالسلطة السياسية، بالرغم من ما تتسم به بعض مراحل الهدنة المغشوشة والمشوبة بالحذر من قبل المكونات ذات الأصول الطائفية القديمة والمذاهب الدينية والقبلية المتنوعة. ومع مرور الزمن تيقنت من مقولة صاحب مقدمات نظرية ، وتسمية الحرب الأهلية الجارية في لبنان بأنها حربا مفروضة عليه من عوامل خارجية أكثر أكثر منها عوامل داخلية، فسحت بذلك المجال واسعا لكي تنبت جذورا في التربة اللبنانية، مغذية بذلك المشاحنات السياسية التي تطفو على السطح بين مرحلة وأخرى. فأصبحت القوى السياسية بمنظماتها المختلفة مرهونة بوصايا وإملاءات خارجية وبتأثير قوي من الجهات الإقليمية والدولية التي تحاول تحصين مكاسبها في المنطقة في ظل المتغيرات الدولية السريعة التي تفرض حسابات جديدة في ظل البحث المحموم على مواقع قدم في الخريطة الجيوسياسية . لبنان ينتفض ويرفع شعار البحث عن الدولة المدنية في ظل دولة طائفية! فهل يستوي هذا الشعار في ظل طبيعة هذا المجتمع الطائفي المبني على الولاءات لهذا الطرف أو ذاك في ظل انقسام حاد بين مؤيد لهذا الطرف أوذاك، مع العلم بأن حوصلة ما سمي باتفاق الطائف كان قد خرج بتوصيات مهمة في إطار البحث عن حل مشكلة الطائفية في البلد، لعل أبرزها هو البحث عن كيفية بناء دولة مدنية والتخلص من الدولة الطائفية القائمة على الولاءات المذهبية التي تغذي الصراعات الدموية التي تندلع بين الفينة والأخرى، فبعد ثلاثة عقود مرت مياها كثيرة تحت الجسر، لكنها لم تغير شيئا من واقع وطبيعة الدولة الطائفية والتناحر المذهبي والدامي والذي تتجلى عناويته الكبرى بين السنة والشيعة، أو بتعبير آخر بين المملكة العربية السعودية وإيران ، رغم الإتفاقات المرحلية التي تحاول لملمة الجراح ، والتي لا تصمد طويلا أمام هبوب عواصف النزاعات وتمايز التصورات بين تلك المكونات التي تحاول أن تنصهر في بوتقة الدفاع عن مصالح المواطن البسيط، لكن هذا الأخير ضاع في متاهة هذا الصراع الطائفي الذي أرخى بظلاله على الحياة اليومية للمواطن، وأصبح يطالب بحقوقه في الشغل والأمن الإجتماعي وحرية التعبير،اذن فكل المؤشرات تدل على أن تباشير اندلاع حرب بين المكونات والفصائل المشكلة للمشهد اللبناني واردة في ظل سياسة كسر العظم الجارية على الأرض، فيما أن الشارع يبقى هو الذي سيحسم المعركة الجارية ولو لفترة معينة زمنية، لصالح هذا التيار وضد ذاك،فهل سينجح المكون الشيعي بإقناع المتظاهرين بالهدوء والعودة الى منازلهم وبالتالي توجيه ضربة قوية للطرف السني الذي سارع الى تقديم استقالة حفاظا على ماء الوجه في ظل تصاعد المظاهرات ومظاهر العصيان المدني التي أصبحت تلوح في الأفق إن لم نقل انها مسألة وقت فقط؟ أم أن هذا التيار الهادر سوف يجرف الكل، لكن وفق أية مآلات سوف تؤدي تلك المفاجآت مع غياب قوى سياسية قادرة على حسم السلطة السياسية وانتزاعها من مخالب النظام القديم المؤسس على المنطق الطائفي والولاءات السياسية والإصطفافات العرقية والدينية المعرفة في تركيبة المجتمع اللبناني، فكل الإحتمالات واردة في ظل تنامي المد والغليان الشعبي وإصرار السلطة على تقديم وعود لامتصاص الغضب الشعبي وإعادة ترتيب البيت الداخلي لمواجهة التطورات المستقبلية، لكن كيف ما كان الحال، وبغض الطرف عن طبيعة السيناريو الذي سينجح لتجاوز هذه العاصفة، فإن شبح عودة الغليان ستظل قائمة طالما بقيت تركيبة المجتمع اللبناني مبنيا على الطوائف، وطالما بقيت دهنية المجتمع اللبناني مشحونة بالثقافة الطائفية والإصطفاف العرقي والديني، ستبقى هذه الوضعية ترهن مصير البلد بين فترة وأخرى، ولن يتحول الى الدولة المدنية، إلا عبر تغيير منظومة تعليمية وثقافية وعبر مسار تاريخي مهم، لانتشال الفكر الطائفي من الثقافة الجمعية للمجتمع وإرساء ثقافة مدنية بقوانين تستوعب الجميع في ظل دولة بمفهومها المدني ، وهذا يحتاج الى مسار طويل ومقاربة يجتمع حولها الكل لتجاوز الوضع الراهن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار