الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق - الوعي الثوري من وثبة كانون الأول 1948 إلى وثبة تشرين 2019

جاسم محمد كاظم

2019 / 11 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


العراق - الوعي الثوري من وثبة كانون الأول 1948 إلى وثبة تشرين 2019
يدون التاريخ عبر مسيرته الخالدة بان أول الثورات الحقيقة في العراق انفجرت في عام 1948 حيث قاد الحزب الشيوعي العراقي أول انتفاضاته مدروسة ومنظمة ضد السلطة الملكية كرد فعل ثوري ضد توقيع اتفاقية بورت سموث بين رئيس الوزراء الشيعي صالح جبر وارنست بيفن وزير الخارجية البريطاني .
ومن دراسة الواقع العراقي آنذاك من كل نواحيه الطبقية الاقتصادية والسياسية ونمط توزيع السكان .
يتكون المجتمع العراقي من 5 خمسة ملاين نسمة وتتشكل الدولة الناشئة من المدن البسيطة التي تضم بوادر البرجوازية وطلاب الاعداديات والكليات البسيطة والعمال والكسبة .
يقع نفوذ الأسرة المالكة في حكم المدن التي تضم 25% من السكان في العاصمة والألوية والمتصرفيات والاقضية وتحكم بقوة الجيش والبوليس بينما يقع السواد الأعظم من السكان في القرى والأرياف التي تحكم من قبل الإقطاعيين بنسبة 75% من السكان يعانون الجوع والمرض والفقر والحرمان .
تقدر ميزانية الدولة آنذاك ب 90مليون دولار تتوزع على حفنة من الأسر يتربع في قمتها أسرة الملك المقدسة تليها بقية الأسر المتحكمة برئاسة الوزارات والوزارات وكبار ضباط الجيش نزولا نحو الأسر الإقطاعية التي تتحكم باقتصاد البلد الزراعي وحياة السكان .
وتأخذ بغداد مركز السيطرة لأنها العاصمة السياسية والمدينة التي تقع فيها كل الوزارات ومؤسسات السلطة والهيئات التنظيمية والمعاهد التعليمية ومقرات الأحزاب وتعتبر مركز الوعي الأول بينما يسيطر الفقر وغياب الوعي التنظيمي وانتشار الأفكار الخرافية للمذاهب الدينية على بقية مدن العراق الأخرى .
شكلت انتفاضة 1948 مظهرا اقلق النظام الملكي وهدد كيانه بالزوال وتجاوز المتظاهرين الخط الأحمر لإسقاط الملكية التي استعانت بقوات الجيش لقتل المتظاهرين حين هتفوا للجمهورية العراقية .
احتقنت بغداد بكتل الحشود على الدعوات التحريضية التي أطلقها الشيوعيين مابين صفوف السكان في المقاهي والساحات العامة والطلبة .
وسرعان ما تشكلت القيادة الواعية التي تحمل النفس الثوري والفكر التنظيمي والتخطيط للمواجهة ومعرفة ساعة الحسم في مواجهة عدو مدجج بالسلاح .
انقسمت بغداد إلى ساحة قتال مابين شعب اعزل لو قدر له الزمن من اكتساح خطوط الدفاع لألقى بعفن الملكية في مياه دجلة ولسحل العملاء في شوارع وأزقة بغداد مثلما سحقت هراوات المتظاهرين عظام الشرطة التي وقفت بينهم وبين عبور الجسر .
لكن الشي الذي افشل وثبة كانون المجيدة هو عدم انحياز الجيش للمتظاهرين بل أن رشاشات ومدافع مدرعات كتيبة الهاشمي بدأت بحصد الحشود التي عبرت جسر المأمون بموقعة فريدة في تاريخ الثورات سميت بموقعة الجسر .
وصل إلى سمع عملاء التاج البريطاني هتاف الحشود وصياح الثورة وتهديد السحل لنوري العيد وصالح جبر وبهجت العطية .
خلت أجواء وثبة كانون من فتاوي الدجال المخدر لأعصاب الجمع ولم تحتمي سلطة المليك بلصوص الدين الباثين سمومهم وسط الحشود وأدركت كل شرائح المجتمع العراقي بان عائلة فيصل الأول الفاسدة أخلاقيا يجب أن ترمى في مياه دجلة مهما ادعت من ارتباطها المقدس بالدين والأنبياء .
واحد وسبعين سنة 71 عاد تاريخ بغداد من جديد بكتل الحشود بعد أن تغير الزمن كثيرا في عراق اليوم وفقد التاريخ عصر الوعي الثوري وانتشرت خفافيش الظلام مع انتشار البث الفضائي وألنت الفائق السرعة وجيل الفيس بوك بصورة معاكسة لزمن الوثبة الأولى حين كان الراديو سيد الموقف ولا وجود للتلفزيون بعد ولم يستطيع الكل شراء الجريدة البخسة الثمن حيث يتجمع الثوار على صوت النداء والهتافات المدوية .
ما ينقص ثوار تشرين غياب القطب المدافع عن مصالح الفقراء ويقف في وجه رأس المال العالمي المنفلت كما كانت موسكو المطرقة والمنجل من قبل حيث أصبح عالم اليوم عبارة عن خاتم بيد سيد البيت الأبيض عندما عاد العملاء واللصوص بشكل جديد في زمن بيعت مناصب السلطة في المزاد العلني على المتنفذين وكبار السراق وأحكمت خمسة عوائل قذرة في عراق اليوم سيطرتها على أموال النفط والثروة و قطعت أوصال الدولة العراقية ومحت كل منجزات الجمهورية التي كانت حصيلة جهود أجيال كاملة من العمل المستمر للقضاء على اللصوص في الداخل والخارج بدئا بتأميم الأملاك الخاصة إلى تأميم النفط .
ستة عشر سنة من الخرافة الشيعية والسرقات المنظمة للثروة العامة أفرزت في نهاية المطاف وعيا معاكسا لوعي السلطة وكما يقول المثل بان الجوع أشهى المقبلات بداء الفقر المدقع في العراق محرك الثورات لجيل قادم استشعر الضياع التام عندما وجد أن الثروة الوطنية مهما زاد كمها من دفق النفط فأنة لن يحصل منها على دينار واحد لأنها مقسمة سلفا بين العوائل الخمسة الحاكمة في ظل ميزانية انفجارية بلغت 160مليار دولار .
أفرزت الوثبة الأولى اهتزاز السلطة الملكية واستشعارها الزوال وهروب العميل الشيعي صالح جبر إلى بريطانيا ونقض معاهدة بورت سموث بعد أن فقدت الثورة 400 من أبطالها في موقعة الجسر الخالدة ليتكامل الوعي الثوري بعد ذلك بعشر سنوات بانتصار الزعيم عبد الكريم قاسم حين حول الثوار هتاف الوثبة إلى حقيقة وسحلوا عملاء الملكية في شوارع بغداد الحارقة .
فمن ينتصر لثوار وثبة تشرين اليوم وهل يعيد الزمن نفسه ونرى ثوار بغداد البواسل يسحلون اللصوص والعملاء الجدد المحتمين برصاص مليشيات الأجرام والموت الإيرانية ..............؟.

///////////////////////////
جاسم محمد كاظم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأيادي الخفية
رائد محمد نوري ( 2019 / 11 / 11 - 12:52 )
انتفاضة تشرين تقود العراق حسب قراءتي الواقع إلى المجهول لأنها تخفي مظهراً من مظاهر الصراع بين أمريكا وإيران وإلا فبم تفسر عدم امتداد شرارة الثورة إلى كردستان والأنبار وتكريت ؟!


2 - إنه جيل يختلف عن جيلكم أخي جاسم
بارباروسا آكيم ( 2019 / 11 / 11 - 23:44 )
أخي العزيز
أنا أتمنى من صميم قلبي مغادرة ثقافة السحل
و التمثيل بجثث الأحياء و الأموات
على كل حال ..
الوعي الجديد و بذرة الأمل المتمثلة بهؤلاء الشباب
إنهم بعد كل مظاهرة ينظفون الشوارع
لأول مرة نشاهد نساء وسط ميدان محتشد بالشباب
لأول مرة نشاهد إمرأة تطلب الزواج من سايق تكتك

هذا هو ما حققه جيل البوبجي
هذا الجيل لم تطلب منه واشنطن أو موسكو أو لندن التحرك
بل إحساسه بالمسؤولية هو الذي دفعه للتحرك

و المطالبة أخي العزيز بقيادة للجماهير يعني إعادة مفهوم الراعي و الرعية و إعادة إنتاج صيغ الوصاية
Big Brother
Patriarchat
الخ الخ
هذا الجيل يختلف بإهتمامته و متطلباته عن كل أجيال العراق السابقة
و السبب الرئيسي هو الأنترنيت

أنا بالمناسبة أفهمهم لأنني أتابعهم

تحياتي و تقديري أخي العزيز


3 - لاح العزيو رائد
جاسم محمد كاضم ( 2019 / 11 / 12 - 09:03 )
ا الشي المهم بانها كسرت احتكار وهيمنة قوى الاسلام السياسي على اللسطة الف تحية ت


4 - الاخ العزيز بارباروسا
جاسم محمد كاضم ( 2019 / 11 / 12 - 09:06 )
هذا الجيل هو نتاج الواقع انة فرانكشتاين الذي تمرد على سيدة وخلق لنفسة شخصية مغايرة الف تحية ة


5 - ما كان مخيفا الي ما هو مرعب
محمد البدري ( 2019 / 11 / 14 - 09:40 )
قلبي مع شعب العراق ولبنان كلاهما في الشارع وخوفي اكبر عليهما.
قديما في العام 48 لم يكن هناك سوي الانجليز في العراق والفرنسيين في لبنان وقوي سياسية بوعي ونضج طبقي وثقافي واجتماعي كثيف رغم هزال التعداد السكاني. الان وبكل اسف فهناك كل من هب ودب وعلي رأسهم الامريكيين والايرانيين والسعوديين مع استقطابات طائفية حادة ومدببة وتوجه عالمي استبدادي نموذجه الاعلي في تولية رئيس صيني مدي الحياه لم يجروء احد علي فعلها الا في زمن الاساطير
قلبي معهم في بيئة مخيفة


6 - كل التحية اخ محمد
جاسم محمد كاظم ( 2019 / 11 / 19 - 04:41 )
شكرا لكلماتك الرائعة اخمحمد البدري وسنحقق ماعجز عن احقبقة الاخرون الف تحية

اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي