الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحاصصة باقية ..حتى لو انتخبنا أولياء الله !

طاهر مسلم البكاء

2019 / 11 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


يقدم العراقيون منذ الأول من تشرين باقة عزيزة من غرة شبابه ،شهداء في طريق انتفاضة لأصلاح واقعه الفاسد ،ولكن ما مدى نجاحها اذا علمنا انها ليست الأنتفاضة الأولى بعد عام 2003 ،رغم شموليتها وخصوصيتها في عدم السماح لأحزاب السلطة بركوب موجتها العاتية ،لقد كانت ثورة الشعب عام 2015 قبلها ،والتي ايدت من المرجعية وعموم الشعب وأجبر اعضاء البرلمان على التظاهر بتأييدها أيضا ً،ثم سرعان ما دخلتها عناصر الأحزاب و حولتها الى غير اتجاهها ،فبنتائجها تم اقالة كل مسؤول غير منتمي للأحزاب ليستبدل بآخر من عناصرها،ليعقبها ازدهار بارز للمحاصصة بأعلى نسبها ،حتى وصلت الى الأقسام والشعب الصغيرة في مؤسسات الدولة ،وكان العراقي يعيش نقص نفسي واضح أمام الفاسدين ،وخاصة عند ممارسته لشعائره الدينية،فهو يردد قول الحسين بن علي رمز الثورة والشموخ على مر العصور :هيهات منا الذلة ،في وقت يخضع فيه العراقيين لشلة من الفاسدين سرقت ثروات بلادهم واهدرت المال العام وجعلتهم في عوز وحيرة :
- اعضاء الحكومات المتعاقبة احتاطوا لنهاية قد تكون مماثلة لما حصل لصدام ،فأحتفظوا بجنسيات أجنبية رغم عدم سماح الدستور،وبنوا فللا ًوقصورا ً في لندن وباريس وبيروت وعمان ودبي وغيرها .
- مخصصات الرئاسات الثلاث هي بالتريليونات وهي تزداد بالتراكم ،وتقدر العملة المهربة بملايين الدولارات، بينما هناك خمسة ملايين عراقي تحت خط الفقر وملايين النازحين ،وبلد يموت فيه الأقتصاد والأعمار وتنتشر البطالة .
- بدأ الشعب ينسج الأحلام بعد ان شعر ان طرقه بالأحتجاج غير ذات جدوى وأنه عاجز عن التغيير،مع انه كان هو الشعب الأكثر ثورات ضد السلطة في الشرق الاوسط ،فالملوك الثلاثة الذين حكموا العراق قتل اثنان منهم ،هما الملك غازي والملك فيصل ،وعبدالكريم قاسم قتل و رميت جثته في دجلة و ليس له قبر ،وعبدالسلام عارف قتل باسقاط طائرته و ليس له قبر،وعبدالرحمن عارف دفن في الاردن ،بعد ان أطيح به و سلبت سلطته،واحمد حسن البكر مات مسموما و دفن بصمت ،وصدام حسين اعدم و نبش قبره مرتين و لا يعرف احد اين حلت جثته .
- لقد قدم فرسان العملية السياسية العراقية الحالية الذين سيطروا على مقاليد الامور بعد ذهاب صدام حسين، اسوأ مثل الحكم لدولة في التاريخ الحديث،واسائوا استخدام الموارد العراقية الهائلة ،المعروفة على مستوى العالم ؟
- فقد رتبوا مرتبات وأمتيازات لأنفسهم غير موجود مثيل لها في العالم ،فعندما يُقال او يستقيل الوزير ،يعود نائبا في البرلمان،او يحول الى مناصب مهمة أخرى وقد يصبح ممثلا ً للعراق في الخارج .
- اهملت الزراعة والصناعة والسياحة وكل موارد العراق الأخرى ،واصبح البلد يعتمد على مورد النفط فقط ،ويشتري كل حاجاته من الخارج .
- يوظف البرلماني لاربعة سنوات أو أقل ،وبعدها يستلم راتب تقاعدي مدى الحياة ومابعد الممات ،كما انه يستقر خارج العراق ولايسمع عنه شيئا يزعج فؤاده .
- غابت الثقة بين الشعب والحكومات،فالسياسي ورجل الدين, استمروا يضحكون على الشعب بوعود معسولة بينمايسرقونه في وضح النهار .
- دعوات الأنفصال قائمة على قدم وساق رغم ان دعاة الأنفصال يعيشون على خيرات الشعب المنهوبة ،وتمتلئ بطونهم بها الى حد التخمة .
أن طبقة الأحزاب والسياسيين الفاعلين هي المستثمر الوحيد في كل المشروعات التي انطلقت منذ 2003 وحتى اليوم، حتى لو كانت تقف خلف واجهات شركات محلية أحياناً، أو عالمية أحياناً أخرى،ولايوجد رادع لهم حتى وصل بهم الحال الى التناحر والتقاتل على المغانم فيما بينهم ،بينما ترمى الفتات للشعب.
يصعب في واقع الحال قيادة العراق الى بر الأمان وسط التجاذبات والأمواج العاتية التي تجتاح البلاد ،حيث التأثيرات الخارجية للدول الطامعة كأمريكا وبريطانيا ودول اوربا وجارات العراق ممن تحاول تثبيت موطئ قدم فيه ،فيما يقوده أناس همهم الأول مصالحهم الشخصية ،غير آبهين بما يهدد ثروات البلاد وأمنها .
استشعر العراقييون عظيم الخطر الذي يتهدد بلادهم ، وينظرون الى انهم اليوم ليسوا بحاجة الى سراق لاخبرة لهم في ادارة البلاد بقدر ماهم بحاجة الى ابطال وقادة ينتشلون البلاد من كل هذه المخالب الطامعة،ينتشلونها بحسن سياسة وتدبير فهم سئموا وكرهوا الحروب التي لم تجلب سوى الدمار والخراب والفقر .
أما ديمقراطيتهم فقد ضاعت وسط حدة الصراع بين الكتل والطوائف والمليشيات الحاكمة، لكسب الاصوات التي تزداد حدة وبطرق مخزية ومعيبة واجرامية احيانا، كلما اقترب موعد الأنتخابات . حيث يجرى صرف مئات الملايين من الدولارات على شيوخ ورؤساء العشائر والمتنفذين والوصوليين، واكثر منها على الدعايات الانتخابية ووسائل الاعلام المختلفة، وشراء ذمم عدد كبير من الصحافيين ومقدمي البرامج والاقلام الماجورة. اما توزيع الهبات والهدايا على الفقراء والمعدمين فقد بلغت من التفاهة والمهازل حدا مخجلا ومهينا. فالبعض وزع وجبات من الكباب والشاورما والآخر كارتات موبايل او ادوات منزلية تافهة .
ولا يسعى الفائز بالانتخابات اطلاقا الى تنفيذ وعوده الكاذبة بتقديم خدماته للناس وتحقيق مطالبهم، وانما يسعى من خلال خدمته البرلمانية ، لان يصبح مليارديرا ًبسرعة البرق، خاصة وان هذا المقعد محمي من قبل أحزاب تقف على اساس متين وهو النظام السئ الصيت والمعروف بنظام المحاصصة الطائفية والعرقية ،ولايوجد مثيل لما يجري في العراق ،حيث وصل الأمر الى ان الساسة لايعرفون البرامج السياسية والأقتصادية ولايكلفون أنفسهم معرفتها ،فهم غير معنيين بسمعة البلاد وتقدمها ومستقبلها .
يقولون ان نظامنا ديمقراطي ويأتي عن طريق الأنتخابات ، حسنا ً ولكنه متهيكل على مجموعة أشخاص حفظ الناس اسمائهم ووجوههم ،سواء في الشمال أوالوسط أو الجنوب ، هؤلاء يحتكرون المناصب العليا في الدولة وفق نظام المحاصصة الملعون الذي بدأ خجلا ً ثم اصبحت الأحزاب والكتل تجاهر به على رؤوس الأشهاد ،حقيقة لم نسمع بمثل هكذا نظام، فقد يكون مبتكر ،فهو يعطي امتيازات فلكية لأولئك القادة الذين فصلّوا العراق على مقاسهم ،اما باقي العراقيين فقد حصدوا ممارسات ديمقراطية بائسة لم تغيير شيئا ً من واقع الحال ، فاليوم لايوجد شئ أعز على العراقيين في مناقشاتهم اليومية وأحلامهم من التغيير، ولكن هذا التغيير لن يأتي ،ونقول ذلك اعتمادا ً على واقع الحال الذي عشناه منذ 2003 والى اليوم ،فهؤلاء الذين يتربعون على السلطة اليوم، باقون دون تغيير ،حتى ولو انتخب العراقيون أولياء الله الصالحون ،وذلك لأن القوانين الأنتخابية مرتبة لبقائهم الى مالا نهاية ، كما ان امتيازات هؤلاء السادة مرتبة وبالزيادة دون النقصان ،اما ماحصده العراقي حتى الأن فهو نظام مبتكر ليس اشتراكي ولارأسمالي ،وصل به الأمرالى فرض الضرائب والرسوم والأقتطاع من رواتب الموظفين دون خدمات ،وان يبحث في جيوب العراقيين ان كان هناك فيها بقايا نقود !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إسرائيلية ضد إيران في أصفهان.. جيمس كلابر: سلم التصعيد


.. واشنطن تسقط بالفيتو مشروع قرار بمجلس الأمن لمنح فلسطين صفة ا




.. قصف أصفهان بمثابة رسالة إسرائيلية على قدرة الجيش على ضرب منا


.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير تعليقا على ما تعرضت له




.. فلسطيني: إسرائيل لم تترك بشرا أو حيوانا أو طيرا في غزة