الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الأوضاع فى لبنان

حمدى عبد العزيز

2019 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


أعتقد أن دوافع الغضب والثورة فى لبنان موجودة وضاغطة منذ زمن وتتمثل فى :

1 - الإنضغاط الإقتصادى لشرائح شعبية واسعة فى لبنان نتيجة هيمنة أباطرة رأسمالية الطوائف اللبنانية وسياساتها الكمبرادورية المنصاعة لوصفات صندوق النقد الدولى والمؤسسات المالية الدولية ، والتى تسببت فى تصاعد نسب البطالة بين الشباب اللبنانى ، وفى إرتفاع أسعار الكهرباء والطاقة ، والمعاناة من نقص الخدمات الحكومية وارتفاع تكلفتها ، وتصاعد الضرائب بشكل تعجز عن تحمله الشرائح الشعبية اللبنانية ..

2 - هيمنة الطائفية على النظام السياسي اللبنانى ، فى حين تجاوزها غضب الجماهير الشعبية اللبنانية وتجاوز حساباتها ، وربما كانت هذه نقطة تفرد هامة تطرحها الفعاليات الإحتجاجية اللبنانية ..

وفى الوقت نفسه يبدو أن هذا تعبيرا عن واقع أن الواقع الشعبى اللبنانى قد سار إلى تجاوزها ، بمعنى أنه قد أدرك وترسخت قناعته بأن الطائفية قد باتت تمثل قيدا على الحياة السياسية اللبنانية بما توفره من هيمنة عائلات أباطرة الحروب الطائفية على المجتمع اللبناني ومجاله العام ..

3 - تفشى الفساد السياسي والمالى مع متلازمة هيمنة مصالح كبار عائلات المحاصصات الطائفية علي إدارة الدولة والمصارف والإقتصاد اللبناني ، وإدارة عمليات تهريب وغسيل الأموال ، ووجود العديد من الشبهات الفاضة حول طرق إدارة الموارد والمال العام ..

المظاهرات عارمة ، وأغلبها من الشباب اللبنانى الذى يعانى البطالة وضياع الأمل فى مستقبل أفضل ، إلى جانب جموع هائلة من المواطنين اللبنانين الذين ضجوا من تحمل الضرائب وارتفاع فواتير الكهرباء والخدمات الأخرى ، كذلك أصابهم الضجر من هيمنة النخب الطائفية ، وماترتب على ذلك من فساد ومحسوبية ..

وتكمن خطورة الوضع اللبناني الحالي في أنه وحتى الآن لا يمكن الجزم بأن هذه المظاهرات والإحتجاجات - وفى سياق مايمكن أن يكون حدا معقولا لما ينبغى بحسابات واقع هذه الفعاليات - قد أفرزت قيادات يمكنها أن تعبر عن مطالب المتظاهرين وأن تنظم مخرجات هذه الفعاليات إلى مطالب محددة تتجاوز تلك العمومية المفرطة التى تتمثل فى شعارات مثل (إسقاط النظام ) ، و (كلن يفلو) ، (كلن يعني كلن) ، وترجمتها إلي شعارات أكثر وضوحاً ، وتحديداً وأكثر عمقاً ، وأن تتشكل - كحد أدنى - لجان من قلب هذه المظاهرات تصوغ المطالب والأهداف التى تطرحها جماهير هذه الفعاليات العارمة وتعبر عنها سواء فى حال إستمرار الضغط من أجل إنجاز هذه المطالب ، أو إجراء المفاوضات المصاحبة لتشكيل واقع سياسي جديد يأخذ فى الإعتبار مصالح ومطالب وأمانى الجماهير المتظاهرة المحتجة ..

ربما كان ضروريا فى هذا السياق أن يؤخذ فى الإعتبار أهمية الحفاظ على إستقلال لبنان فى مواجهة واقع إقليمى ينتظر أن يتعامل مع الأوضاع اللبنانية كجسر لاصطياد غنائم تنتظر فرصة إصطيادها منذ زمن أهمها لبنان ذاتها كمسرح لإحراز نقاط تعاظم النفوذ الإقليمى لقوى دولية تستهدف لبنان المقاومة ضد مخططات الهيمنة الصهيونية والإستعمارية الحديثة ، وثانيها استهداف إعادة توجيه وتوظيف تلك المظاهرات والإحتجاجات والأوضاع الناجمة عنها واختزالها بما يحولها نحو هدف مغاير تماما لما أرادته الجموع الموجودة فى الساحات اللبنانية يتلخص فى نزع الشرعية السياسية عن حزب الله بما يعنى إنهاء دوره كعامل ردع حاسم فى مواجهة الأطماع الصهيونية فى لبنان ..


هناك قناعة واضحة فى مصر وعالمنا العربى وكذلك فى عديد من البقاع الجغرافية فى العالم بعدم جدوى الأحزاب والتنظيمات السياسية ، وبروز أجيال تكره التنظيم السياسي وتفضل التعبير السياسي المباشر على مواقع التواصل وساحات التظاهر والإحتجاج ..

ربما كانت هناك بعض المبررات المتعلقة بعدم تحقق الفاعلية السياسية للقوى السياسية الشعبية المنظمة سواء كان ذلك بفعل وطأة الممارسة السلطوية الأبوية الإستبدادية الخانقة لكل أشكال العمل الشعبى الديمقراطى المستقل عن السلطة فى الكثير من البلدان ، أو تحت تأثير مايترتب على ذلك من طول فترة الإحتباس السياسي داخل المقرات والأطر التنظيمية ، أو حتى بفعل توظيف ديمقراطيات الصندوق الانتخابى فى خدمة المال السياسي ، وبالتالى إحكام هيمنة النخب الإجتماعية المهيمنة إقتصادبا على صنادبق الإنتخابات ، فضلا عن وجود الكثير المتراكم من الخبرات الأليمة عن التلاعب بالصناديق الإنتخابية واستخدامها فى تكريس السلطوية السياسية وفى أفضل الأحوال إجراء بعض عمليات التدوير والتبديل داخل سياق النخب المهيمنة وسط مظاهر تزييف واضحة لإرادات الناخبين ، وبالتالى عكوف أبناء الطبقات الشعبية والمتوسطة عن المشاركة الفعلية فى التعبير السياسي القانونى المنظم سواء بالمشاركة الفعالة فى الإستحقاقات السياسية ..

ربما كان ذلك ، وهى أسباب تستحق المناقشة
وتستحفق أن نطرح حولها ماتستحقه من أسئلة جادة ، للوصول إلى إجابات تشكل إلتقاطا لأطراف من تلك الخيوط المتشابكة حول أزمة العمل السياسي فى بلادنا ..

لكن هناك بعد آخر
يتضح الآن فى كل حالات الحراك الشعبى
وهو هذه الحالة من حالات التخطى لكل ماهو حزبى وتنظيمى كأن العمل المتنظم لعنة وشبهة ينبغى التبرؤ منها ..

ولعل الكثر شهود على ذلك فى الكثير من عمليات الحراك الجماهيرى وكافة أشكال التظاهر والإحتجاجات فى مصر فى الفترة من يناير 2011 وحتى 30 يونيو 2013 وربما فيما تلاها من تظاهرات متقاطعة ..

وكمثال سمعنا من يتحدث بفخر عن أن عبقرية 25 يناير 2011 تكمن فى أنها بلا قيادة سياسية ، وبلاتنظيمات سياسية تقودها وبأن عظمتها تكمن فى عفويتها ..

واعتقد أن هذا الإنكار لأهمية العمل المنظم
والتبرؤ من التنظيم الحزبى السياسي ، على إعتبار أن ذلك ينزه الحراكات الشعبية عن الغرض السياسي (وكأن العمل السياسي أو الشعبى العام ينبغى أن يكون مجردا من الأغراض السياسية ، وهذا غير صحيح علميا علي الإطلاق) ..

هذا الإنكار ، وهذا الفهم للعمل السياسي المنظم على إعتبار يشكل مظهرا من مظاهر ذلك البعد الذى يكمن فى بروز إتجاه وقفت وراءه منذ تسعينيات القرن الماضي مؤسسات الهيمنة الغربية التى أرتأت فى سياق تكملة سياسات التكيف الهيكلى ، وقتل العمل السياسي للطبقات الشعبية هو طرح فكرة منظمات المجتمع المدنى - ليس كاتجاه لدعم الديمقراطيات الشعبية - وإنما كبديل للحياة الحزبية وخاصو فى دول الأطراف التابعة ، ومنذ تسعينيات القرن الماضي وحتى تاريخه يتم العمل على إحلال مفهوم فكرة العمل المدنى الذى يعتمد على قصر أنشطة العمل العام على تأدية الخدمات الإجتماعية والحقوقية بديلا عن فكرة العمل السياسي المنظم ..

وبالتالى لكل الأسباب التى ذكرت وللبعد الدولى الأخير فأننا أصبحنا أمام فهم جديد للثورات والحراكات الشعبية يعتمد على التظاهر بعيدا عن التنظيم السياسي ، وبتجنب وجود مشروع سياسي وتنظيمى تلتف حوله جماهير تلك الثورات البرتقالية والإحتجاجات ، إلا من بعض الحركات الإحتجاجية التى تقتصر مشروعاتها وتتمحور حول مجرد الإحتجاج ، وقيادة سياقات الدوافع المطالب الحقيقية للجماهير التى تشارك فى الإحتجاجات والمتظاهرات والتى تتكون قاعدتها الأساسية من أبناء الطبقات الفقيرة والوسطى الذين يعانون من البطالة وانعدام فرص التشغيل أو أولئك المستخدمون الذين يعانون من إرافاع أسعار السلع والخدمات وباهظية الرسوم والضرائب ، تلك الدوافع والمطالب التى يتم إلحاقها من أول وهلة بشعار إسقاط النظام ، دونما إدراك لمسئوليات طرح هذا الشعار وتبعاته ..

لأن الأمر على هذا النحو لايفضي إلى نظام جديد
بمعنى تتطور جديد فى علاقات الإنتاج ، وبالتالى علاقات القوى الإجتماعية وعدم تغير مراكز الهيمنة الإجتماعية بالرغم من تبدل بعض الرؤوس والأشكال السياسية
وتكون النتيجة
هى نفس النتائج مماثلة لنفس النتائج الصحية والنفسية التى تصاحب حالات الإجهاض

ذلك هو درس تونس
ومصر والسودان والجزائر
وسوريا ، والعراق
مع الإقرار بوجود تنوعات وتباينات تطرحها الظروف الخاصة بكل بلد على حدة
وأخيرا نأمل ألا يتكرر فى لبنان ..


بصراحة وبعيداً عن موضة الإحتفاء بالحفاظ علي عفوية الميادين والساحات والتغزل في تلقائيتها
فإن أسوء السيناريوهات تظل غير مستبعدة ، وهي ركوب مشاريع سمير جعجع وما شابهه ذلك من مشاريع علي موجات الإحتجاج الشعبي اللبناني وتوظيف نتائج الوضع الثوري اللبناني لا لصالح إنهاء الطائفية وهيمنة عائلاتها الكبيرة ، ولا لصالح إنتاج علاقات إجتماعية أكثر عدلاً كما يحلم غالب شباب ورجال وبنات الساحات الذين يمتلكون أنبل الدوافع بنفس القدر الذي يفتقدون فيه القدرة علي التنظم السياسي وصياغة وتجسيد مشروع ثورة حقيقية ..

وبنفس القدر الذي يمكن أن يكونوا فيه وقوداً لمشروع آخر يتم نسجه بين جدران منظمة يستعد رجالها للإنقضاض واصطياد ثمار هذا الوضع الثوري لتنشيط الطلب علي علي مشاريع دولية وإقليمية تكون لبنان جسرها الجديد ..

لبنان نقطة ارتكاز جيوسياسي بالنسبة لشرق الأبيض المتوسط مستودع ومضخ الطاقة الجديد ، الذي سيعيد رسم الأولويات والصراعات في المنطقة

لبنان علي الرغم من كونه لايشكل كدولة منصة هيمنة إقليمية محلية إلا أنه يشكل النقطة الحرجة في المنطقة العربية ، والهيمنة علي المنصة اللبنانية تعني الكثير من المكاسب والمغانم لهؤلاء الذين يريدون إنهاء عنصر الردع اللبناني للذئب الصهيوني المتحفز لالتهام خاصرة لبنان في قفزة واحدة
، وكذلك لهؤلاء الذين يطمحون في قتل القضية الفلسطينية بضمان التفوق والتفرد الجيوسياسي للدولة الصهيونية وبداية فصل جديد في استراتيجية خط شرق قناة السويس تكون فيه الدولة الصهيونية هي القوة الإقليمية المركزية في الشرق الأدني ..

لا أختلق فزاعات لهؤلاء الشباب والرجال والنساء الشرفاء الحالمون التواقون لتغيير ثوري يضمن للبنانين العيش بكرامة في وطن يتجاوز الطائفية والمناطقية والإبتزاز الإقتصادي ، ويحقق الإنعتاق من الفقر والبطالة ، والفساد الذي تصنعه وتحميه في لبنان هيمنة رأسماليتها الطائفية الوضيعة ..

بل لأنني واحد من الملايين الذين كانوا شهودا علي وضع ثوري مصري في 25 يناير 2011 لم ينتهي إلي ثورة بل أفضي إلي إخفاق لازلنا نعاني أثره اليوم ، لأننا اكتفينا بالتغني بعفوية الإندلاع الشعبي ودوافعه النبيلة ، وتباهينا بعبقرية اللاقيادة ، واللا تنظيم ، واللا مشروع سياسي ، وكأن الوضع الثوري كاف وحده لإنتاج ثورة بتجاوز شروطها الذاتية والموضوعية ..

وبشكل عام ، وبعيدا عن الخوض في تفاصيل المشهد اللبناني ، ومع إحترامي الشديد ، بل وعظيم مشاعر الإجلال لدوافع الإحتجاج والغضب ونبل هؤلاء الغاضبين والمحتجين الأنقياء الذين ينتمون إلي شرائح إجتماعية تعاني بالفعل من شتي أنواع الإنضغاط الإقتصادي والتهميش الإجتماعي والسياسي

إلا أنني أتعجب من موجات الحراك الشعبي التي يري كثير من منظميها وروادها وناشطيها بأن التنظيم السياسي رجس من عمل الشيطان ..

لدرجة اعتبار مجرد ظهور أي دعوة للتنظيم أو التسيس شبهة يجب نفيها وتطهير الساحات المحتشدة بالمتظاهرين والمحتجين منها ..

كما لو كانت الثورة لاتولد إلا عبر العفوية والتلقائية ، والشعارات المرسلة التي لاينبغي أن ترتبط بأي مشروع سياسي منظم ..

لاتوجد ثورة بلامعالم
، ولامشروع سياسي
وبلاتنظيم يعبر عن اصطفاف سياسي يمثل مصالح الجماهير المتضررة من الأوضاع القائمة..

إلا إذا كان هناك جيل جديد من الثورات ..
ثورات اللهو الخفي .. مثلاً ..

حتي ذلك اللهو الخفي
نستطيع إكتشاف أنه ما يشكل مسارات جديدة للهيمنة ، وإعادة إنتاج سياقات جديدة للإنضغاط والإنسحاق إرتباطا بمصالح هيمنات إقليمية ودولية ..

إعادة توظيف الغضب الشعبي في اتجاه ثورات مضادة إستباقية لإجهاض إمكانات ثورات حقيقية قادمة تتشكل أجنتها .. ظاهرة تستحق الإنتباه والعناية والدراسة من جميع قوي التقدم من أبناء منطقتنا العربية المنكوبة ..



نحن الذين أخفقنا في 25 يناير 2011 ، ثم صنعنا إخفاقاً ثانياً في يونيو 2013 ، لانريد لكم أن تقعوا في إخفاقاتنا ..

أخيرا
________
حزب الله ، وواجب قراءة اللحظة اللبنانية الراهنة ..
____________________________

بداية أعتبر نفسي من نصراء المقاومة اللبنانية ، في كل معاركها من أجل حماية وحدة لبنان ووحدة أراضيه ، ونضالها المجيد في مواجهة المخططات الإستعمارية في منطقة الشرق الأوسط ، وأعتبر أن حزب الله قد شكل عنصر ردع مهم للدولة الصهيونية والقوي الدولية التي تستهدف إستقلال لبنان وسلامة شعبه وأرضه ..

ولكنني في نفس الوقت لاأستطيع التغافل علي أن المقاومة اللبنانية بصدد منعطف خطير ، لابفعل إزدياد عامل التآمر الإقليمي المحلي من قبل الأنظمة العربية والعدو الصهيوني أوالدولي الممثل في أمريكا وحلفائها ، فهذه تحديات تعيشها لبنان والمقاومة منذ ردح من الزمان
وانما هذه المرة بفعل تراكم مشاكل وأخطاء داخلية تخص الخيارات التنظيمية والسياسية الداخلية ، أري أن المقاومة اللبنانية أصبحت تعاني تداعياتها ،

وأري أيضاً أنه آن ضمن مايكشف عنه المشهد اللبناني الحالي أنه قد الآوان لإعادة النظر في استراتيجيات المقاومة في لبنان قبل فوات الآوان ..

فأولا / علي المقاومة اللبنانية أن تبحث عن حلول هيكلية وسياسية تتجاوز بها طائفيتها الهيكلية ، وأن تعمل علي توسيع هياكلها العضوية لتجاوز ذلك الوضع الطائفي ، بل أن تعمل علي توسيع أفق العمل المقاوم ليتخطي مجرد إسناد المهمة والتفويض بالمقاومة لحزب الله ، لتصبح المقاومة شأناً شعبياً لبنانياً عاماً ، وأن تكون للمقاومة كلمتها علي المستوي العملي الواقعي في مسألة أنهاء الطبيعة الطائفية الأسرية في الشأن الوطني العام .. هذا بعدما وضح بما لايدع مجالاً للشك أن الشعب اللبناني كحاضنة لتلك المقاومة يريد إنهاء مسألة الطائفية السياسية والمناطقية ..

ثانياً / المقاومة اللبنانية تواجه مشكلة حقيقية وهي أنها عندما تعاطت المقاومة اللبنانية مع الشأن السياسي اللبناني فإنها تعاطت معه كصفقة تغطي احتياج اللحظة التي حكمت ذلك الخيار في أن يكون النظام غطاءً شرعياً في مواجهة المؤامرات الإقليمية والدولية ، وفي سياق ذلك قبلت أن تكون إحدي دعائم نظام التوازن الطائفي القائم علي التكامل السياسي بين أجنحة الهيمنة الطائفية ذات الطبيعة الرأسمالية الرثة ، مقابل أن يمنح هذا التكوين الغطاء الشرعي الرسمي لسلاح المقاومة ..

ثالثاً / ، وبالتالي أصبح الرأس السياسي لتلك المقاومة ممثلاً في القيادة السياسية لحزب الله يتموضع كجزء من مكونات النظام السياسي والسلطة معاً ، يتحمل معها مسئولية السياسات التي نجم عنها إفقار غالبية شرائح الشعب اللبناني في حين تتصاعد معدلات ثراء عائلات أباطرة الرأسمالية الطائفية ، واتساع معدلات البطالة والفساد المالي إلي درجة لم يعد معها الشعب اللبناني يستطيع التحمل دون هذا الإنفجار الذي ملأ الساحات اللبنانية في وقت لم يكن ينبغي فيه للرأس السياسية التي تمثل المقاومة في الحكومة الإكتفاء بمجرد تسجيل بعض المواقف داخلياً وبصوت مكتوم بحيث لايؤدي إلي أية شروخ أو اهتزازات داخل التوازن السياسي الذي يشكل السلطة والنظام واللبناني ، في حين افتقدت جماهير الشعب اللبناني لأي حضور ملموس لحزب الله علي مستوي التعاطي مع القضايا الإقتصادية والإجتماعية ، بماتطلبه تلك القضايا من اشتباكات حاسمة ، وانحيازات واضحة ..

لقد اختار حزب الله - في ظل ضغوط، اللحظة التاريخية وتحدياتها الأمنية - أن يتجنب التعاطي الواضح مع القضايا الإقتصادية والإجتماعية ، ولا أقول يتعايش معها - لحساب ضمان الغطاء الشرعي للمقاومة وتركيز كل الجهد والتفرغ التام لخط المقاومة الوطني ..

وكامتداد طبيعي لتلك الأزمة وذلك السياق تفاقمت مشكلة حزب الله بأن اختار زعيمه الشيخ حسن نصرالله خطاب الدفاع المبدئي عن النظام ، لدرجة أنه يمكن الإعتبار أن خطابه الأول كان يتطابق سياسياً مع خطابي سعد الحريري ، وميشيل عون مع بعض الإختلافات الغير جوهرية التي تحافظ علي استبقاء نفس خط التكامل السياسي بين أطراف نظام أمراء الطوائف اللبنانية وفقاً لصياغة اتفاق الطائف ..

لقد آن الآوان لأن تترك المقاومة اللبنانية ذلك التمركز الطائفي ، وأن تستبق الوقت لخلق روابط هيكلية واسعة بسائر أبناء الشعب اللبناني والإنتقال في العلاقة مع الشعب اللبناني من وضعية اعتباره حاضنة للمقاومة ليصبح هو الضمانة الوحيدة لسلاح المقاومة وظهيرها وعمقها السياسي ، ومصدر قوتها وتجددها وتطورها إلي أن تصبح سلاحاً ودرعا قويا في أيدي اللبنانين لا مصدر مكانة لطائفة أو لسلطان أوهيمنة ما ولو كان ذلك علي غير قصد ، أو كان ناتجا عن إعادة تصريف فائض القوة ..

الشعب اللبناني يليق به أن يكون سيد المقاومة ، والأب الشرعي لسلاحها ومقاتليها ..
الموقف خلاصته
أن السابع عشر من أكتوبر 2019 والأيام التالية له لابد أن تكون شهودا علي قراءة جديدة وذكية تجري داخل جدران حزب الله ..
وتلك ضرورة اللحظة ، التي لايملك حزب الله رفاهية إهمالها ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل