الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعلام و تشكيل الوعي السياسي الفلسطيني

هشام عبد الرحمن

2019 / 11 / 16
القضية الفلسطينية


شكل الاعلام الفلسطيني منذ تأسيسه ومنذ انطلاق ثورتنا الفلسطينية حالة نوعية، إستطاع بما توفر له من أدوات بسيطة وكوادر بشرية محدودة تميزت بالانتماء والابداع والمعرفة والتطور، أن لا تقل أهمية وقوة عن كل وسائل النضال العسكري كما ان المؤسسات والمنصات الاعلامية بأنواعها سواء في مواقع التواصل الاجتماعي او المواقع الاخبارية او القنوات المرئية والمسموعة والمقروءة، يتوجب عليها ان تنحاز للحقيقة والوطن قبل ان تنحاز لرواية التنظيم او الحزب . كما يلعب الخطاب الإعلامي الفلسطيني , دورًا مؤثرًا في بناء العلاقات الاجتماعية وتحديد الهويات الاجتماعية والثقافية للشعب الفلسطيني ، فهو عملية مستمرة ومعقدة تتفاعل فيها وعبرها قوى ومتغيرات محلية ودولية تعكس أوضاع المجتمع وثقافته والمرحلة التاريخية التي يعيشها .
في الحقيقة يشكل الخطاب الإعلامي الفلسطيني, أهمية قصوى كأداة رئيسية في تشكيل الوعي المجتمعي اتجاه قضية ما . أيضاً لقدرته على تشكيل الرؤى والتصورات الخاصة بفهم الواقع، من وجهة نظر مرسل الخطاب وقبوله، أو حتى رفضه . ولا شك أن الاتفاق على فكرة الهيمنة عبر الإقناع وتحقيق إجماع وتعدد شكلي داخل المجتمع، أو ما يعرف بالهيمنة الناعمة، هو ما دفع مدارس التحليل النقدي للخطاب نحو الاهتمام بتحليل الخطاب الإعلامي، إذ يعكس ويجسد كل من المجال الإعلامي والخطاب الإعلامي عملية الصراع والهيمنة عبر الإقناع وتزييف وعي الجماهير. من غير الممكن إنكار الدور الذي لعبه الإعلام في التقلبات السياسية التي شهدتها المنطقة العربية عموما، وربما كانت منظومات التواصل الجماهيري (تلفزيون إنترنت، فيسبوك وتويتر) الأكثر تأثيرا في صناعة الرأي العام وتغيير المزاج الجماهيري وقولبته على النحو الذي يسعى إليه مستخدمي هذه الأجهزة أو بصورة أدق المسيطرين عليها ومالكيها وليس بعيدا عن ذلك في تزييف الوعيّ وتوجيهه ما كتبه باسكال بونيفاس في كتابه «المثقفون المزيفون – النصر الإعلامي لخبراء الكذب»، إذ «يفضح باسكال بونيفاس، استحواذ فئة من الصحافيين والمعلقين والخبراء، على الفضاء الإعلامي والثقافي الفرنسي وقلبهم الحقائق، بهدف توجيه الرأي نحو اقتناعات أيديولوجية أحادية البعد . فالوعي بالتعريف هو جملةٌ من المعتقدات والأفكار والتصورات والقناعات المتغيرة التي تتعين في النهاية بمواقف عمليةٍ وأنماطٍ من السلوك. إنه، أي الوعي خطابٌ مضمرٌ في الذات، وسلطة تحمل الذات على الممارسة. والوعي قد يكون وعي أخلاقي أو وعي سياسي , كما ان الوعي هو ما يكون لدى الإنسان من أفكار ووجهات نظر ومفاهيم عن الحياة والمجتمع من حوله، لكن قد يكون الوعي وعياً زائفاً، وذلك عندما تكون أفكار الإنسان ووجهات نظره ومفاهيمه غير متطابقة مع الواقع من حوله، أو غير واقعي. ويرتبط الوعي السياسي الفلسطيني لبى حد كبير بالعلاقة القائمة بين الايدلوجيا والسياسة . فالوعي هنا يرتبط بالقدرة على تقييم النظام السياسي ومكوناته وتفاعلاته مع كافة القضايا الاجتماعية والسياسية , بالاضافة لنظرة المواطن الفلسطيني لواقعه وقضاياه المختلفة . الوعي السياسي الفلسطيني يختلف عن المستوى الوعي العربي والإسلامي من حيث الشكل والمضمون" " بسبب الخصوصية السياسية والاقتصادية والثقافية للمجتمع الفلسطيني في ظل الاحتلال والحصار وخصوصية القضية الفلسطينية . ويجب الإشارة هنا إن الوعي السياسي الفلسطيني مرتبط بهذه المرحلة بالانتماء السياسي إلى الفصائل والقوى السياسية الفلسطينية بمعنى أن الوعي السياسي لدى الشباب الفلسطيني ينعكس من خلال مايزود به الشباب من الأحزاب السياسية مما أدى إلى وجود حالة من التناقض فيما يتم طرحه من أفكار وقضايا ومواقف سياسية . الوعي السياسي لدى مجمل شرائح المجتمع الفلسطيني عامة نتاجا لوعي ذاتي و موضوعي، منبثقا و مرتبطا بالمحيط السياسي الاقليمي و الدولي، و في حين كان يجب لهذا الوعي ان يرتبط بالوعي الاجتماعي للمجتمع الفلسطيني هنا ياتي دور النخبة أو الصفوة من خلال الحزب السياسي باعتباره هو التنظيم القادر على تنظيم المواطنين ووضع الرؤى والاستراتيجيات التي تعزز وعيهم بقضايا الديمقراطية والانتماء . وفي المجتمع الفلسطيني ككل المجتمعات لابد للنخبة من دور فاعل , ومؤثر علي الواقع السياسي , وقد شكلت التنظيمات النخبة القيادية التي أدت الي خلق حالة من الوعي السياسي للمجتمع الفلسطيني . وهكذا نرى أن لكل من وسائل الإعلام ، والنخبة ، رسالة مشتركة تهدف إلى تطوير اجتماعي للمجتمع ، وليس هذا التطوير إلا عملية تغيير حضاري ، يقوم بها الشعب لمراجعة اتجاهاته وقيمه ، ولذلك لم يعد الإعلام مجرد إعطاء معلومات ، أو نشر المعارف التنموية بين الناس ، وإنما المقصود عملية التحفيز والحث وتغيير الاتجاهات ، وهنا يكمن الدور الأساسي لوسائل الإعلام الذي يتركز في بناء الإنسان والمشاركة في بناء المجتمع ، بحيث تتبدى طبيعة العلاقة بين الرسالة الإعلامية وبين خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعي اليوم لدينا عشرات القنوات و الوسائل الإعلامية المختلفة، ولدينا مئات الإعلاميين بمختلف صنوفهم وتوجهاتهم، ولكن كل هذه الأرقام الكبيرة ليس بوسعها أن تصنع الحقيقة وليس بإمكانها أن تصنع وعياً فلسطينياً يمكن له أن يرتقي لمستوى الوعي الوطني الذى يحقق لنا الاستقلال والتحرر الوطني . وهكذا يكون الوعي الزائف هو الابن الشرعي للكذب والتضليل ، بينما الوعي الحقيقي هو الابن الشرعي للإعلام التنموي الصادق الذي لا يسوق الكذب أو التضليل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تعتزم فرض عقوبات على النظام المصرفي الصيني بدعوى دعمه


.. توقيف مسؤول في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس- لحساب الصين




.. حادثة «كالسو» الغامضة.. الانفجار في معسكر الحشد الشعبي نجم ع


.. الأوروبيون يستفزون بوتين.. فكيف سيرد وأين قد يدور النزال الق




.. الجيش الإسرائيلي ينشر تسجيلا يوثق عملية استهداف سيارة جنوب ل