الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية شهيد

رائد شفيق توفيق
ِ Journalist and writer

(Raid Shafeeq Tawfeeq)

2019 / 11 / 18
الادب والفن


كثيرة هي قصص البطولة والفداء التي سطرها ويسطرها ابطال العراق في ساحات التحرير في عموم العراق وجميعها متميزة لكن بينها حكايات متفردة في تميزها واليكم واحدة منها.
كان خبر استشهاده صادما لاصدقائه وزملائه في ساحة التحرير ولمن عرف حكايته برغم ان الجميع يعلمون انهم مشاريع استشهاد .
هو شاب أحب الحياة بآمال عريضة ووعي كبير ولد عام 1993 ببغداد وترعرع في المناطق الشعبية ، عاش يتيما اذ توفي والده وهو ما يزال فتى غضا فاضطر الى العمل في سوق (جميلة) حمالا ليعيل عائلته حيث يسكن قريبا من هذا السوق ، ومع ذلك لم ينقطع عن الدراسة حتى اكمل دراسته الجامعية من دون اية سنة رسوب وتخرج من الجامعة التكنلوجية -قسم علوم حاسبات ( مبرمج ) ، وشانه شان العراقيين الشباب بقي بلا تعيين في دوائر الدولة فعمل كاتبا للعرائض ( عرض حالجي ) امام احدى مديريات المرور في بغداد وقبل وفاة امه باسبوع حصل على وظيفة مبرمج حاسبات في جامعة أهلية .
كان شاعرا يقول الشعر الشعبي والشعر الفصيح حتى شبهه من يعرفه بمظفر النواب ؛ كان ثائرا على كل اشكال الفساد التي تعتري العراق بحيث انه شارك في جميع الحركات الاحتجاجية والتظاهرات التي حصلت في العراق ضد السلطات الفاسدة واحزابها
بدء من تظاهرات 25-2-2011 في ساحة التحرير ضد فساد نوري المالكي وحكومته وتعرض حينها للضرب بالهراوات مع بقية المتظاهرين من قبل قوات مكافحة الشعب وليست قوات مكافحة الشغب واعتقل خلال تظاهرات عام 2013 التي طالبت بتقليص امتيازات المسؤولين الحكوميين والنواب، وشارك في تظاهرات عام 2015 ضد الفساد الحكومي عندما كان حيدر العيادي رئيس حكومة واعتقل مرة ثانية عندما شارك في تظاهرات الحادي والثلاثين من تموز في بغداد التي انطلقت لمؤازرة تظاهرات محافظة البصرة بعد مقتل المتظاهر منتظر الحلفي كما شارك في تظاهرة أصحاب البسطّيات بعد حملة إزالة نفذتها السلطات القمعية الحكومية واعتقل مرة أخرى عام 2018 على خلفية اشتراكه في تظاهرات المناطق الفقيرة شرقي بغداد (المعامل والحسينية وجسر ديالى)، وبعد اطلاق سراحه كشف لمقربين منه عن تلقيه تهديدات على صفحته في فيسبوك لثنيه عن الاستمرار في المشاركة بالاحتجاجات فقد تلقى حينها رسائل من حسابات وهمية تُظهر صورة الُتقَطت له أثناء تواجده في الُمعتقل وتحذره من الاستمرارفي التظاهر والاحتجاج .
عرِف بالجرأة الشديدة فقد كان كثير الإشتباك مع إعلاميي النخب الحاكمة واحزابها ، وكتب باسمه الصريح وصورته في أوقات الاستراحة اثناء الاحتجاجات يفضح العديد من الإعلاميين الافاقين المتلونين لانه كان واضحا في مواقفه من أوضاع البلاد وسياسات السلطة الفاسدة الغاشمة ، وطالبهم بالتوقف عن المداهنة وتزييف الحقائق والتطبيل للمسؤولين للحصول على مكاسب على حساب المصلحة العامة والمواطن كما انه كان يحث الشخصيات العامة على إبداء مواقف أكثر حزما تجاه الفساد باشكاله والتوقف عن مجاملة السلطات وتسويف المواقف ومع ذلك فقد قال عنه احد الاعلاميين ان من استهدفهم واختلف معهم يعترفون بنقائه ونزاهته وحسه الوطني العالي .
كتب قبل وفاته رسالة وجهها الى الحشد الشعبي امتدح فيها تضحياتهم وحذرهم فيها من مخطط ُ لزجهم مواجهة المنتفضين وقمع التظاهرات هذه الرسالة كتبها بعد ساعات من تصريح نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي (ابو مهدي المهندس) اذ صرح بإن قواته ( الحشد الشعبي ) ستتدخل في الوقت المناسب لمواجهة التظاهرات ؛ وجاء في رسالته الى الحشد : مثلتم العراق والشعب العراقي خير تمثيل ووقفتم وقفة الابطال اثناء محاربتكم (داعش)
وقفة نفتخر بها ، ونرفع رؤوسنا ولولاكم لما انتصر العراق على الارهاب هذا الانتصار العظيم ..كان في كل بيت مقاتلا حشداوياً ونفخر عندما يرجع احدهم الينا مصاباً او شهيدا ؛ كانت دعواتنا لكم كلما ذكرنا العراق بأن ينصركم ويحميكم كنتم خير ممثل عن الشعب ؛ الشعب الحقيقي القابع في فقره ؛ الى الآن بيوتات شهدائكم من صفيح وأراملهم وايتامهم يأكلهم الجوع والفقر وما زالت أمهاتهم يتحسفن على ابنائهن بسبب شعور عدم رد الجميل.
والآن الحكومة وقياداتكم تحاول زجكم في مواجهة مع الشعب، نفس الشعب الذي دافعتم عنه بأرواحكم نفس الشعب الذي قاتلتم وأصبتم من اجله ؛ يحاولون أن يجعلوكم قتلة ومنبوذين .. ابقوا كما كنتم في صفوفنا، فالشعب باقٍ ويتذكر والحكومات الى زوال .
تزامنت اصابته مع انضمام طلبة المدارس والجامعات واستجابتهم إلى دعوات العصيان المدني والإضرابات التي أطلقها الناشطون احتجاجاً على ارتفاع أعداد ضحايا الانتفاضة التشرينية ، ولم تكد تنطلق الاحتجاجات حتى تسّربت مشاهد ضرب القوات الأمنية لحشود المحتجين، وفيما انتشرت مشاهد صادمة لضرب الطالبات نشر صفاء السراي واحدا من تلك المشاهد على صفحته وكتب بغضب ضد اعتداء القوات الامنية على طالبات مدرسة عتبة بن غزوان في الصالحية اذ قال: إن ما يجري عار.. عار كبير وقلة شرف ومرؤة أن تضرب بنت في الشارع يا عديمي الشرف والاخلاق.
اصيب مساء الاثنين يوم 28 تشرين الأول 2019 بشظية قذيفة في رائسه ،وسط ساحة التحرير، اثناء استمرار القوات الأمنية بإطلاق القنابل الغازية والدخانية وقنابل غاز الاعصاب بكثافة على الساحة وأجرى له الأطباء عملية أزالوا فيها شظية القنبلة الغازية من رأسه وأوقفوا النزيف لكن حالته بقيت حرجة ؛ استشهد عند منتصف الليل متاثرا باصابته ووصل جثمانه إلى ساحة التحرير بعد أذان الفجر برغم حظر التجوال وطاف به
أصدقاءه وثوار تشرين تحت نصب الحرية الذي يتوسط الساحة الذي تحّول إلى رمز للاحتجاجات العراقية وشيعوه هناك ثم حمل جثمانه الطاهر على سيارة نقل جماعي (كوستر)، وتقدم التشييع عجلات (( التوك توك)) فيما هتف المشّيعون باسم ((ثنوة)) والدة الشهيد بهتاف (( رافع راسه يا ثنوة ابنج )) .
سيذكر التاريخ قصة صراعه مع الخونة والعملاء وتدرسه الاجيال القادمة وهم فخورون بهذا البطل الذي تصدى لجريمة القرن الواحد والعشرين (( القاتل ابن ٨٠ والمقتول ابن ٢٠)) يحمل شهادة الهندسة من الجامعة التكنولوجية عمل حمالا في الشورجة في زمن ((عادل)) ولا عدالة ، طالب بحقوقه فقتلوه حفظا للنظام الفاسد .
فارقه اصدقاءه بدموع جاريات إلا ((ثنوه)) كان الفراق لديها بمعنى اللقاء .
انه الشهيد صفاء السراي
كثير من المفردات بقيت على حالها كما كتبها الشهيد البطل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام إيراني يناقض الرواية العراقية حيال -قاعدة كالسو- وهجما


.. شبّه جمهورها ومحبيها بمتعاطي مخدر الحشيش..علي العميم يحلل أس




.. نبؤته تحققت!! .. ملك التوقعات يثير الجدل ومفاجأة جديدة عن فن


.. كل الزوايا - الكاتب الصحفي د. محمد الباز يتحدث عن كواليس اجت




.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله