الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


23 سنة: ولادة بلون مغاير

يوسف القرشي

2019 / 11 / 18
كتابات ساخرة


باسم الذي انبت روحي على أرض العدم وأخرجها إلى الوجود، باسمي وباسم اسمي، باسم السلام، سلام تام بوجودي أنا الإمام
مساء ليس كجميع المساءات لأنه مساء كل المساءات مساء ولادة جديدة بلون مغاير تضخ دماء أخرى في شرايين الحياة تزرع الأمل في سراديب البؤس.

عشنا الكثير وعرفنا الكثير من الأيام والأشخاص وكل ما عشناه لا يحكمه منطق الربح والخسارة، وحتى وإن كان كذلك فنحن لم نربح شيء حتى نقول أننا خسرنا يوما ما شيئا آخر.. كل ما في الأمر أننا نتعلم في مدارس الحياة، لأن الحياة تعلمنا أنه يصعب علينا أن نتعلم منها، والحياة أصبحت تدعونا لكي نتعلم ونفيد ونفهم أكثر ونستفيد.

الحب الذي أراه أن يكون تجاه الحياة هو حب لأمل أكبر والأمل الأكبر فكرة أسمى عن الحياة، في اعتقادي مايزال لم يغرب شيء لأن غدا سيسطع كل شيء، يجب أن نتوقع كل السيناريوهات التي ستقع مستقبلا بكل أمل في معترك الحياة سواء كانت ستعجبنا أو لا تعجبنا، وكذلك يجب أن نتوقع أنه قد لا يقع شيء بالبتة، فقط سيبقى حبنا للحياة ما استطعنا إليها.

ليس دائما كلمة ”أنا“ تعني الأنانية أوالنرجسية المتعالية في التعاطي مع كل ما يصادفنا أثناء اليومي، حتى لا نسقط في فخ أن كل من قال ”أنا“ يدخل في خانة ”لخارج عن جماعا شيطان“، قد تعني في الكثير من الحالات تلك الأنا الديكارتية -نسبة لديكارت- باستحضار كل ما يميز الذات عن غيرها أنا التفكير أنا التفكيك أنا الشك في كل ما كان قبلها من صياغات نمطية وقوالب أديولوجية، في محاولة لإعادة النظر في فكرة ما أو سلوك ما، فالذات التي ليست لديها قدرة قلب الطاولة على كل ما يقيدها ويشكل لها أغلال تقتل القدرة والمهارة داخلها هي بدورها تقتل نفسها بنفسها.

أرى في الحب اليوم هو الدواء الشافي والعلاج الناجع لكل الأمراض التي تعاني منها الإنسانية جمعاء، وليس الحب فقط تلك العلاقة العاطفية التي تربط بين إثنين وحتى وإن كان كذلك، فيجب أن يكون الحب من أجل الحب يحرر الحبيب والمحبوب في آن معا ويخرجهما من دائرة الحب المؤقت المرتبط بمصالح وأهداف سواء ايجابية أو سلبية، ليدخلهما عظمة سر الحب التي هي دائرة الأبدية والخلود، ويبقى هذا الحب جزء من الكل -الحب- الذي هو قيمة أنطولوجية سامية تربط الإنسان بالعالم والوجود ككل، حب ينبعث من الإنسان تجاه الحجر و البشر، الحيوان والنبات.. فهو تلك الكعبة التي تدور حولها كل القيم الأخرى باعتباره أبو القيم وأم الفضائل، لذلك لم يبقى لنا الوقت لكي نكره أحد كل أوقاتنا نفكر فيها كيف نحب الجميع لأن بالحب نضمن العيش للجميع.

لا حب لنا إلا على ايقاع الحرية والاختلاف فالحرية هي الضامنة لفعل الحب تبدأ بالشجاعة نفكر ونحاول أن نفعل كل ما نحبه، وتنتهي بالمسؤولية أي أن نكون أوفياء لما فكرنا فيه أو قمنا به ونتحمل مآلات كل شيء. والإختلاف وحده الضامن كذلك لحق الآخر بالقبول والإحترام فلو أراد الله أن نكون متشابهين لخلقنا متشابهين، لذلك فإن عدم احترام الإختلاف وفرض الفكرة على الآخرين يعني عدم احترام النظام المقدس الذي ارساه الله.

عندي اليقين أن الخطأ ليس بداية لنهاية قدرة الذات بقدرما ما هو مؤشر للعمل، لإعادة النظر في الكثير من الأمور التي قد تشكل عائق أمام السفر لعالم الممكنات، وكل عائق ليس مناسبة لكسر الذات، بل لبنائها بتجاوز كل العقبات باعتباره-الخطأ- وسيلة لتصحيح المسار والوجهة كمحور الوجود الإنساني، لأننا كبشر نتعامل ونتعاطى مع الأحداث بنسبية عكس المعرفة الإلهية التي تتسم بالمطلق وتحيط بكل شيء، والإنسان إذا أحاط بشيء غابت عنه أشياء كثيرة، لذلك الخطأ وارد ولابد منه، فنحن في آخر المطاف لا نملك الحقيقة كوننا كائنات أرضية خاضعة للخطأ وعدم الخطأ يعني حياة الملاك.. لن أعتبر يوما الخطأ فرصة لكسر الذات، بل مؤشر حي للعمل لأن الذي لا يخطئ لا يعمل أساسا ٠٠

لماذا نيتشه بالنسبة إلي؟ لأنه الوحيد الذي لم يرشدني إليه أحد وكذلك لأنني لست بحاجة إليه أو أن أكون من اتباعه ”لقد فهمني ذاك الذي لم يتبعني“، بل بحاجة إلى مطرقته كونها دائما مدفوعة نحو الحجر التي قد تمكننا من هدم كل ما بناه السابقين من عمارات فكرية وعقائدية وأخلاقية وثقافية غير قادرة على خلق استعداد داخل الإنسان ليصبح سيد الأرض، وتحطيم كل ما عاف عليه الزمن ويجرنا إلى الماضي ويدعونا لنعشش في أكواخه، وكذلك كل فكرة قديمة تفوح منها رائحة عفن السنين تحول بيننا وبين أن ننظر للمستقبل ونفكر فيه، فنحن اليوم بحاجة لانقاذ المستقبل وليس الماضي الذي مضى، بحاجة كذلك لمطرقته لنخلخل الثبات في التحجر و التشابه في الثقافة الذي يعني الموت والعدم الاختلاف يعني الحياة والوجود باختصار نيتشه يعني حب الإنسان لقدرته وطاقته كإرادة للقوة.

قد لا أعجب أحدكم بفكرة أو رأي طرحته فهذا ليس مشكلا ولا عائقا، بل هو الأصل ما دمنا نحاول أن نقول ما نريد ”أحاول أن أكون إذن سأكون“ فهذا كوجيطو أصبح مفعوله ساري في كل ما أفكر فيه، فقط لأنني شبيه بتلك النحلة التي تأتي بعد العصر عندنا، تتصادف معنا ونحن نحتسي الشاي بالنعناع نعتقد أنها تزعجنا بتواجدها معنا، لكن هي فقط تود أن تشاركنا ما نأكله، وكل ما أكلته كان هدفه هو إنتاج العسل لا غير، فقط لو كان هناك تهريج اجتماعي أو حفلة تنكرية سنأتي بالتي لا يقبلوها أحد لتعكر صفوتها الواهمة، سنحفر في كل ما ليس للجميع القدرة أن يتحدث فيه.

فكل التفكير اليوم أرى يجب أن يتجه نحو اللامفكر فيه ٠٠ أن نسافر بعقولنا إلى اللامكان إلى الأمكنة التي يكرهها الجميع ٠٠ أن نشتم بعقولنا الروائح الكريهة التي تفوح من الحقائق المغضوب عليها ٠٠ أن نتسلح بكل الأدوات ونلبس أحدية الآخرين ونمشي مسافة غير محددة داخل شوارع عقولهم ٠٠ ألا نكون من هؤلاء ولا هؤلاء، بل من أولئك الذي لا أولئك لهم.

لا أرى في الآخر الجحيم ولا الجنة، بل الصداقة لأنها الطعم الذي تتغذى عليه الذات والعزلة تعني الموت في غياب الصداقة، لكن أسمى صداقة أن نتخذ ذاتنا هي الصديق الأول، وبعدها الآخر فالأصل أننا نميل إلى تكوين علاقات صداقة كبداية، لكن سنغدو غرباء في آخر المطاف كنهاية، لذلك يستوجب منا أن نكون علاقة صداقة مع ذواتنا أولا، وإذا لم نتمكن من تكوين الصداقة مع عزلة ذواتنا واعتناقها سوف نجعل الآخر هنا كأداة لحمايتنا من العزلة، لأن أصل الصداقة أن نصبح غرباء من جديد هي مركبة لكل منا وجهته ومساره وهذا هو قانونها الخاص.

هذه المرحلة بالذات بالنسبة إلي مرحلة الإشباع النظري أو كل ما هو مفقود فينا، وحين يأتي الوقت المناسب سنعلن التمرد على كل شيء فقط مسألة وقت، وكل ورقة ستأتي في وقتها المناسب في حاجتها إلى مقصلة ناضجة بنضج الفكرة والمرحلة كذلك.

وأخيرا الصورة لا علاقة لها بالمنشور وهذا أخر درس ممكن أن نتعلمه، فأهم ما يجب أن يلفت انتباهنا هو المضون ومحتوى الشيء في زمن أصبح المضمون لا مهتم به ولا مفكر فيه، عوض الجري وراء الشكل أو الصورة،انتهى.
انتهى ولم ينته ولن ينتهي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان


.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق