الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تنشئة المواطنة في الجامعات الفلسطينية

هشام عبد الرحمن

2019 / 11 / 19
القضية الفلسطينية


* تنشئة المواطنة في الجامعات الفلسطينية
التنشئة في إحدى تعريفاتها الحديثة، هي "عملية بناء الإنسان ليكون مواطنًا نشطًا في عالمه الكبير، وهي عملية تنتهي إلى دمج الفرد في نظام اجتماعي سياسي محدد المعالم، وذلك من خلال تزويده بالثقافة الاجتماعية التي تهيئه للقيام بأدوار مختلفة، وفي الوقت ذاته تحمل التنشئة في طياتها القدرة على تجاوز هذه الثقافة الاجتماعية، لما تحمله من جانب إدراكي، ولما يمكن أن تحمله من أفكار تحررية .
من هنا يكمن دور التنشئة ومؤسساتها المختلفة في إعداد المواطن ليكون مواطنًا كاملًا، يتمتع بكل الحقوق التي يكفلها له القانون، ويتساوى مع غيره من الفرص تتيحها له مكانة المواطنة.
وترى بعض الدراسات أن هناك إجماعًا بين التربويين والسياسيين على أن التنشئة قد تؤدي إلى قهر الإنسان، أو تؤدي إلى تحريره من ذلك القهر من خلال تربيته ليكون إنسانًا قادرًا على التمتع بحقوقه، وتتحول طبيعته من مواطن بحكم الولادة، إلى مواطن فعلي يطلق طاقاته نحو الإنتاج، وله صوت مسموع في شئون مجتمعه ؛ لذا وحتى تكون المواطنة مبنية على وعي لابد أن تتم بتنشئة مقصودة تشرف عليها الدولة، يتم من خلالها تعريف الطالب المواطن بالعديد من مفاهيم المواطنة وخصائصها، مثل: مفهوم المواطن، والحكومة، والنظام السياسي، والمجتمع، والشورى، والمشاركة السياسية وأهميتها، والمسئولية الاجتماعية وصورها، والقانون، والدستور، والحقوق والواجبات وغيرها من مفاهيم المواطنية وأسسها .
تنشئة وغرس قيم المواطنة: تأتي أهمية التنشئة للمواطنة من حيث إنها عملية متواصلة لتعميق الحس والشعور بالواجب تجاه المجتمع، وتنمية الشعور بالانتماء للوطن والاعتزاز به، وغرس حب النظام والاتجاهات الوطنية، والأخوة والتفاهم والتعاون بين المواطنين، واحترام النظم والتعليمات، وتعريف الأجيال بمؤسسات بلدهم، ومعالمه الحضارية، وأنها لم تأت مصادفة، بل ثرة عمل دءوب وكفاح مرير؛ ولذا فإن من واجبهم احترامها ومراعاتها، وهي بهذا حصيلة مجموعة من الجهود التي تقوم بها مؤسسات المجتمع الرسمية وغيرها الرسمية. التعليمية وغير التعليمية، وهي عملية مستمرة بحيث ينبغي العمل بشكل دائم على تكوين المواطن وتنمية وعيه بنظام حقوقه وواجباته، وترسيخ سلوكه وتطوير مستوى مشاركته في ديناميكية المجتمع الذي ينتمي إليه . في ضوء ما تقدم يمكن القول بأن أهمية تنشئة المواطنة تتمثل في أنها:
تسهم في الحفاظ على استقرار المجتمع.
تدعم وجود الدستور الوطني، والدولة الحديثة.
تنمي قيم الديمقراطية، والمعارف المدنية.
تنمي مهارات اتخاذ القرار والحوار واحترام الحقوق والواجبات لدى الأفراد ويمكن تحديد هدف التنشئة من أجل المواطنة بأنه "تدريب النشء على القيم والمهارات اللازمة لجعلهم مواطنين مشاركين مشاركة ديمقراطية فعالة، ولتنظيم علاقات الأفراد يبعضهم البعض، وعلاقة الأفراد والمجموعات بالمجتمع
كما يمكن إيجاز أهداف التنشئة من أجل المواطنة في النقاط التالية :

- تزويد الأفراد بفهم إيجابي وواقعي للنظام السياسي في مجتمعهم.
- تعليم الأفراد في المجتمع القيم وأهمية مشاركتهم في القرارات السياسية.
- إفهام الأفراد لحقوقهم وواجباتهم.
- فهم الأفراد للنظام التشريعي في مجتمعهم واحترام وتقدير القوانين والأنظمة.
- الإيمان بالمساواة بين الرجل والمرأة.
- فهم التعامل الدولي بين المجتمعات المختلفة والتعرف على النشاطات السياسية الدولية.
- معرفة وسائل المشاركة في النشاطات الوطنية القومية.
- فهم الحاجة للخدمات الحكومية والاجتماعية.
- احترام دستور الدولة.
- الالتزام بمبادئ الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
- توجه الأفراد في المجتمع نحو المواطنة الصالحة.
- القدرة على إصدار الأحكام في المشكلات الاجتماعية وطرق معالجتها.
- تحسين العلاقات بين الأفراد.
- الإيمان بالمساواة بين أفراد الشعب الواحد، وبين شعوب الأرض.
- اكتساب الثقافة السياسية الملائمة التي تجعل المواطن قادرًا على أداء دوره السياسي بوعي ومسئولية.
- الإيمان بالطريقة العلمية في التعامل مع قضايا الإنسان والمجتمع السياسي.
- الاعتزاز والانتماء والولاء للأمة.
في ضوء ما تم عرضه من أهداف التنشئة لتنمية قيم المواطنة، فإنه يمكن تلخيص أهداف التنشئة من أجل المواطنة في الجامعات الفلسطينية في النقاط التالية ::
1. تنمية معارف طلاب الجامعات الفلسطينية بنظام الحكم ومسئولياته، والعمليات السياسية، وأهم المؤسسات في المجتمع الفلسطيني.
2. تشجيع طلاب الجامعات الفلسطينية على التمسك بالقيم الأساسية للمواطنة، مثل الحرية، المساواة، وحقوق الإنسان، والعمل التطوعي، وغيرها.
3. توعية طلاب الجامعات الفلسطينية بـ:
مفهوم المواطنة ومكوناتها ومهامها، وحقوق وواجبات الطالب الجامعي في المجتمع الفلسطيني.
أهم قضايا المجتمع الفلسطيني ومشكلاته، وتشجيعهم على المشاركة في إيجاد حلول لها.
الأدوار المستقبلية لمسئوليات العمل، والشعور الوطني بما يسمح لمعايشة الفرد وتفاعله مع المجتمع الفلسطيني في حاضره ومستقبله.
4. تنمية الاتجاهات الإيجابية نحو المجتمع الفلسطيني ومؤسساته، والتشجيع على المشاركة السياسية.
5. إكساب الطلاب قيم المواطنة، والتي تعتبر الركيزة الأساسية للمشاركة الإيجابية والفعالة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
أما قيم المواطنة فالمقصود بها أنها قيم ثابتة تتمثل في قبول الاختلاف والمشاركة في التنمية المجتمعية والانتماء إلى كيان الوطن الواحد والاعتزاز به. وأخيرًا تحمل المسئولية المجتمعية. إن المواطنة الصالحة بقيمها الثابتة لها أن تذيب جميع الحواجز بين فئات المجتمع مما يسهم في تنمية المجتمع من خلال القضاء على التهميش والعنصرية وتقوية مفهوم اليد الواحدة وبالتالي التمتع بحياة كريمة، إن تمتع أي بلد في العالم بهذه القيم سيجعل منه بلدًا منتجًا، حيث إن المجتمع كله متفاعل في تحريك عجلة النمو والتطوير دون الشعور بالنقص أو الإقصاء؛ لذلك المواطنة تشمل دلالات متعددة تمتد للإحساس والشعور، وممارسة السلوك النابع من إحساس الفرد ووجدانه؛ لذلك ترتكز المواطنة على القيم المحورية التالية :
أ- قيمة المساواة، وهي تتمثل بالحقوق التي يتمتع بها الفرد من الحق في التعليم والعمل والجنسية والمساواة أمام القانون والقضاء، وأن يمتلك الأدوات القانونية اللازمة لمواجهة أي انتهاك لأي من حقوقه.
ب- قيمة الحرية، التي تنعكس في العديد من الحقوق مثل حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، وحرية التنقل داخل الوطن، والمشاركة المجتمعية في حل المشكلات العامة التي تواجه المجتمع، وحرية الاحتجاج حتى لو كان موجهًا ضد الحكومة، وعقد المؤتمرات والاجتماعات ذات الطابع السياسي والاجتماعي.
جـ- قيمة المشاركة وتتعلق بالعديد من الحقوق مثل الحق في تنظيم حملات الضغط السلمي على الحكومة أو بعض القرارات السياسية الصادرة عن الحكومة، وممارسة كل أشكال الاحتجاج السلمي مثل التظاهر، والتصويت في الانتخابات العامة، وتأسيس والاشتراك في الأحزاب السياسية.
د- المسئولية الاجتماعية، وتتضمن مجموعة من الواجبات مثل الخدمة العسكرية للوطن، واحترام القانون، والقيام بالواجبات تجاه الدولة مثل دفع الضرائب.
المواطنة تتعدى حدود شعور الإنسان بأنه فرد في الوطن لتشمل عمق اتصاله بوطنه والدفاع عن قضاياه الوطنية، والمشاركة في تطويره، والسعي دائمًا للنهوض به، وأن يكون عنصرًا فعالًا في البناء؛ لذلك يجب أن يتمتع الفرد بمجموعة من الخصائص التي تساعده على إدراك المواطنة، وهي :
1- الحرية والمساواة، والتي يترتب عليها أن يمارس المواطن حرية التفكير، وحرية التعبير، وحرية الحركة والتنقل، وكما يتطلب منه الشجاعة والجرأة التي تمكنه من المشاركة في المسائل العامة، وتقييم أداء من يتقلدون الوظائف العامة.
2- التحضر والكياسة والتسامح، والتي ترتبط بعمق علاقاته مع أفراد مجتمعه، وما يصدر عنه من قول أو فعل، وتعاملاته.
3- التضامن والولاء، ويتمثل في الإحساس بالانتماء للوطن والمواطنين، والدفاع عن قضايا المجتمع والمساهمة الفعالة في تطوير المجتمع.
4- لابد هنا من القول أن من الآليات اللازمة لتفعيل ممارسة هذه القيم عمليًّا وليس مجرد شعارات ترفع في الخطب والندوات والمحاضرات- ضرورة أن تكون القيم السائدة في المجتمع واضحة جلية أمام الجميع، وخاصة واضعي الخطط ومتخذي القرارات على مختلف المستويات في الدولة، لمراعاة دعمها وتعزيزها أثناء وضع تنفيذ الخطط التنموية الشاملة، من خلال توفير مقومات ودوافع ذلك، كالعدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص وسيادة القانون وغيرها، ليشعر الجميع بالفخر والاعتزاز والانتماء للوطن، وترجمة هذا الشعور عبر القيام بواجبات المواطنة على أكمل وجه من قبل جميع المواطنين دون استثناء، مقابل تمتعهم بحقوقهم تحت مظلة ميزان العدل والمساواة ومصلحة الوطن العليا.

• من رسالة دكتوراة للكاتب بعنوان : تأثير إعلام الفصائل على قيم المواطنة لدى الشباب الفلسطيني
(دراسة ميدانية على طلاب الجامعات الفلسطينيية في قطاع غزة)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير