الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع المدني الفلسطيني

هشام عبد الرحمن

2019 / 11 / 21
القضية الفلسطينية


تلعب منظمات المجتمع المدني الفلسطيني على اختلاف أنواعها دورًا مركزيًّا في حماية النسيج الاجتماعي للمجتمع الفلسطيني من كافة التحديات والمخاطر التي كانت ولا تزال تهدد كيانه ووجوده، فغياب الدولة الفلسطينية أعطى المنظمات الأهلية خصوصية فريدة من نوعها ميزته عن غيره من الأقطار العربية والعالمية، حيث لعبت دورًا رائدًا في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، والتصدي لسياساته تجاه الأرض والإنسان والمؤسسات فضلًا عن دورها في مجال التنمية، كما أنها استطاعت أن تجد المساحة ليكون للمواطن الفلسطيني دوره في تحقيق المشاركة في كافة الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ الأمر الذي أدى إلى زيادة دورها وقبولها جماهيريًّا في المجتمع الفلسطيني، إضافة إلى سعيها في إرساء قاعدة المجتمع المدني الديمقراطي، من خلال تعزيز الثقافة المدنية في المجتمع الفلسطيني، وزيادة وعي الفرد لحقوقه وواجباته وعلاقته بالمجتمع السياسي، وإدراكه لمفهوم المواطنة.
إن القاعدة الأساسية لتعريف المجتمع تنطلق من ضرورة وجود الدولة القومية، إلا أن علاقة الدولة بالمجتمع المدني تخرج عن المألوف في الحالة الفلسطينية، فطوال سنوات الاحتلال لم تكن الدولة السيادية الفلسطينية قائمة بينما كانت م.ت.ف وفصائلها بمثابة الدولة بالنسبة للفلسطينيين، إلا أنها لم تتمكن من ممارسة سلطتها القانونية الرسمية في الأراضي المحتلة، في حين مارس الاحتلال عليها سلطة بحكم الأمر الواقع، وقد خاضت المنظمة والشعب الذي منحها الشرعية نضالًا وطنيًّا تحرريًّا ضد سلطة الاحتلال، وفي سياق هذا النضال نشأت وتطورت منظمات العمل المدني الفلسطيني، والتي بدورها عملت على حشد الجماهير ضد ممارسات الاحتلال من خلال قيادة العمل الوطني والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
لعبت منظمات المجتمع المدني دورًا مهمًّا في المجتمع الفلسطيني قبل إنشاء السلطة الفلسطينية، وقامت بنشاطات تنموية وخدمية، وأسهمت في التحشيد والتعبئة والتوعية وخاصة خلال فترة الانتفاضة الأولى، رغم الطابع السياسي الغالب على نشاطاتها نتيجة الظرف الخاص الذي يعيشه المجتمع الفلسطيني، ومع التحول في وضع الانتفاضة الأولى، وتراجع الدعم الفصائلي، توجهت تلك المنظمات إلى مصادر التمويل الأجنبي الذي كان مشروطًا بالموقف من عملية السلام، وبعد إنشاء السلطة الفلسطينية، توسعت منظمات المجتمع المدني، وعملت في مجالات متعددة إلا أن السلطة حاولت السيطرة عليها وعلى نشاطاتها واستيعابها من منطلق عدم الإقرار بدورها المستقل والمتمايز عن السلطة، وتحول كثير من قيادتها ونشطائها للعمل موظفين في أجهزة السلطة.
أنشئت في الضفة الغربية وقطاع غزة العديد من المنظمات والاتحادات الجماهيرية والشعبية والقطاعية، وخاصة في ثمانينات القرن الماضي، واتسعت دائرتها ونطاقات عملها بعد قيام السلطة الفلسطينية، ومن الملاحظ أن نشوء هذه الاجسام كان له أساسيان: الأول أن معظمها ولد بمبادرة من م. ت. ف والفصائل الفلسطينية كجزء من نشاطها السياسي الكفاحي، والثاني أن هذه الأجسام نهضت في إطار علاقة إقصاء متبادل مع الدولة المحتلة، رغمًا عن إدارتها، ولتشكل بديلًا للدولة الوطنية الغائبة، في تقديم العديد من الخدمات للمجتمع الفلسطيني.
إن هذين الأساسين هما جذر التصور القائل بأن منظمات "المجتمع المدني" أو الأهلي الفلسطيني هي ضمانة الديموقراطية الفلسطينية، وهذا ما يمكن ملاحظته بأن الكثير من هذه المنظمات قام في مواجهة الدولة المحتلة، وفي موازاتها، لا بالتنسيق معها وبدوافع سياسية أساسًا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التجسس.. هل يقوض العلاقات الألمانية الصينية؟ | المسائية


.. دارمانان يؤكد من الرباط تعزيز تعاون فرنسا والمغرب في مكافحة




.. الجيش الأمريكي يُجري أول قتال جوي مباشر بين ذكاء اصطناعي وطي


.. تايلاند -تغرق- بالنفايات البلاستيكية الأجنبية.. هل ستبقى -سل




.. -أزمة الجوع- مستمرة في غزة.. مساعدات شحيحة ولا أمل في الأفق